web analytics

«المعاش».. وجه آخر للمنافسة بين المدنيين والعسكريين في مصر

على مدار 25 عامًا، خدم مصطفى يوسف – 50 عامًا –  في الجيش المصري برتبة صفّ ضابط  يتنقّل بين وحداته العسكرية قبل أن تنتهي خدمته، العام الماضي، بعد قبول طلبه الذي تقدَّم به للخروج من الخدمة «طبيًا»،  إذ سعى لتقديم فحوصاتٍ طبية للجهات المختصة حتى تقبل بإنهاء خدمته على أساس هذه الفحوصات، قبل سنّ التقاعد الرسمي، حتى يتسنَّى له الحصول على مرتّبه كاملًا بعد خروجه من الخدمة، بجانب المعاش.

 

يوسف، الذي تطوَّع بالجيش بعد مرحلة الإعدادية، اكتفى بنجمتين على كتفه، ليخرج من الخدمة برتبة «ملازم أول»، لتكفل كلتا النجمتين حقوقه المالية كاملة ما جعله مطمئنًا لمستقبله المالي ولذويه، يقول: «اللي يخرج طبي من الجيش، يأخذ مرتبه كاملًا بعد انتهاء خدمته، بجانب المعاش الشهري، ده تقدير الجيش لرجالته ولتضحياتهم على مدار سنوات الخدمة».

 

يصل معاش «مصطفى» إلى ستة آلاف جنيه مصري (335 دولار أمريكي)، يتقاضاها شهريًا، بجانب مرتبه الذي يتقاضاه بعد الخدمة، لخروجه «طبيًا»، ومكأفأة نهاية خدمة التي حصل عليها وصلت لـ 60 ألف جنيه (3500 دولار أمريكي)، جعلته يؤمِّن مستقبل ذوييه بشراء وحداتٍ عقارية لهم بمنطقة الهرم بمحافظة الجيزة.

 

بحسب مادة 16 قانون 90 الذي يخضع له العاملين بقطاع العسكريين، فإنه: «يُصرف للعسكريين معاشٌ أساسي وآخر متغير، ومكافأةٌ قدرها شهر عن كل سنة من سنوات الخدمة، ويُسوَّى المعاش على أساس آخر راتب اقتُطع منه احتياطي المعاش. ويدخل في حساب الراتب ما استحقه المنتفع من زيادة في راتبه حتى وإن لم يكن قد صُرف له».

 

وتنص مادة 26 من القانون على أن: «تكون قيمة معاش من وصل لسنّ التقاعد، المنصوص عليه في مادة 12 و13 من القانون، أربعة أخماس أقصى رتبته ودرجته الأصلية أو أربعة أخماس آخر راتب له، أيهما أفضل».

 

المعاش الذي يتقاضاه «مصطفي»، يصل إلى 6 أضعاف المعاش الذي حددته وزارة الصحة للطبيب «محمد عبدالعزيز»، 60 عامًا، الذي انتهت فترة عمله مديرًا لمستشفى بمحافظة الدقهلية، بعد أكثر من 39 عامًا قضاها بين جدران المستشفيات الحكومية على مدار مدة عمله.

 

يأخذ عبدالعزيز معاشًا يصل 1350 جنيه (75 دولار أمريكي) من وزارة الصحة شهريًا،  لايكفي بالطبع متطلباته الأساسية، وجعله عاجزًا عن سداد باقي مصروفات نجله الأكبر الذي يدرس الطب أيضًا بإحدى الجامعات الخاصة، ويقول: «الطبيب اللي مش فاتح عيادة، أو بشتغل شغل إضافي في مستشفيات خاصة، يموت أفضل».

 

يُفسِّر«عمرو جمال»، الباحث الاقتصادي في اتصال هاتفي مع «ساسة بوست» هذه الارتفاعات غير المسبوقة في معاشات العسكريين فيقول: «معاش الموظف المدني يرتبط بالحد الأقصى، الذي تُخصم على أساسه نسبة التأمينات، فضلًا عن كون المادة 19 توضح أنه لا يتجاوز المعاش 15% من أجر المنتفع في بداية الخمس سنوات الأخيرة، وهو 500 جنيهًا(28 دولار)».

 

ويضيف جمال: «زيادة أجور ومعاشات العسكريين هي جزء من استراتيجية تدعيم وتوطيد سلطات من هم داخل هذه المؤسسات عبر هذه الامتيازات المالية التي هي ملمح من ملامح تشكيل سلطة معنوية ومادية للعسكريين في مصر».

 

وفق مقالٍ منشور لفاطمة رمضان، الباحثة في حقوق العمال، بموقع مدى مصر فـ«المدنيون يدفعون أكثر ممَّا يدفع العسكريون كاحتياطي معاش، إلا أنّ طريقة حساب المعاشات لكلٍّ منهما تجعلهم يتقاضون أقل من خُمس  ما يتقاضاه العسكريون، سواءً في حالات الخروج للمعاش في سن التقاعد، أو في حالة المعاش المبكر لكل منهما، بالإضافة للتعويض التقاعدي للعسكري، الذي يجعله يتقاضى نفس المبلغ الذي يتقاضاه زميله في الخدمة».

 

يصل عدد الموظفين المدنيين الذين يتقاضون معاشًا شهريًا، تسعة ملايين موظف حكومي، حسب البدري فرغلي، رئيس الاتحاد العام لأصحاب المعاشات، الذي يضيف في اتصالٍ هاتفيّ مع «ساسة بوست» أن القيمة المالية للمعاشات مخالفة لما هو منصوصٌ عليه في المادة 17 من الدستور المصري: «تكفل الدولة توفير خدمات التأمين الاجتماعي، ولكل مواطن لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي الحق في الضمان الاجتماعي».

 

ويتابع: «هيئة مفوضي محكمة القضاء الإداري أصدرت حكمًا سابقًا بأحقيّة صاحب المعاش في الحصول على الـ80% من العلاوات خلال تأدية وظيفتهم دون اللجوء للقضاء، والحكومة امتنعت عن التنفيذ، وضربت  بأحكام القضاء عرض الحائط».

 

عسكريون سابقون: «حقٌ أصيل لخدمة بلادنا»

 

حسب شهادات جمعتها «ساسة بوست» من عسكريين سابقين، تراوحت رُتبهم العسكرية بين  عقيد ولواء، فمعاش العقيد يصل إلى 10 آلاف جنيه (560 دولار أمريكي)، ولواء الجيش يصل معاشه إلى 18 ألف جنيه( 1000 دولار أمريكي)، بينما أوضحت كافة هذه الشهادات تميُّز الطيارين العسكريين في مكافآت نهاية خدماتهم، والمعاشات التي يتقاضونها لأنه يدخل ضمن مكونات المعاش ما يسمونه «بدل خطر».

 

حسب قانون 90 لسنة 1975 وتعديلاته، والموجَّه للعسكريين، يبدأ المعاش بشكلٍ عام بالنسبة للضباط من «ملازم أول» في سن 44، وصولًا لـ«المشير» في سن 65، وبالنسبة لضباط الصفّ والجنود ذوي الرواتب العالية يبدأ سن التقاعد لكل من «جندي» و«عريف» و«رقيب» في سن 52 وصولًا لـ«المساعدين» في سن 65.

 

وشهدت معاشات العسكريين السابقين ارتفاعًا ملحوظًا خلال ولاية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إذ وثق «ساسة بوست» 5 زيادات في معاشات العسكريين في صورة قوانين خلال ولاية السيسي.

 

من وجهة نظر اللواء أركان حرب حمدي بخيت، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، فالحديث على أن معاشات رجال القوات المُسلحة تفوق ما يحصل عليه الموظف الحكومي كلام «أهبل» و«جناية» يستحق صاحبها المحاكمة، لأن رجال القوات المُسلحة خدموا البلد وتعرّضت حياتهم للموت في أيّ لحظة خلال فترات خدمتهم، بما يجعل المعاش أو مكافأة نهاية الخدمة «حق أصيل» وليس «منحة».

 

ويضيف «بخيت» لـ«ساسة بوست»: «رجل القوات المُسلحة يحارب على الجبهة، ويقوم بأعمال مدنية لخدمة الناس كرصف الطرق، والمشاريع التنموية في كُل محافظات مصر، بما يجعله يستحق مكافآت استثنائية تفوق الأرقام المتداولة عن أجورهم، خصوصًا إذا ما قورنت هذه الأرقام بما يحصل عليه من يخدم بالجيش بكافة بلدان العالم».

 

ويتابع: «لا ينبغي الحديث عن أي امتياز لرجل القوات المسلحة، ده حق على الدولة والمواطنين تجاهه، لأنه اختار أن يضع روحه على كفه بالخدمة في جيش مصر العظيم، ويكون سببًا في نهضة البلد».

 

على مدار 25 عامًا، خدم مصطفى يوسف – 50 عامًا –  في الجيش المصري برتبة صفّ ضابط  يتنقّل بين وحداته العسكرية قبل أن تنتهي خدمته، العام الماضي، بعد قبول طلبه الذي تقدَّم به للخروج من الخدمة «طبيًا»،  إذ سعى لتقديم فحوصاتٍ طبية للجهات المختصة حتى تقبل بإنهاء خدمته على أساس هذه الفحوصات، قبل سنّ التقاعد الرسمي، حتى يتسنَّى له الحصول على مرتّبه كاملًا بعد خروجه من الخدمة، بجانب المعاش.

 

يوسف، الذي تطوَّع بالجيش بعد مرحلة الإعدادية، اكتفى بنجمتين على كتفه، ليخرج من الخدمة برتبة «ملازم أول»، لتكفل كلتا النجمتين حقوقه المالية كاملة ما جعله مطمئنًا لمستقبله المالي ولذويه، يقول: «اللي يخرج طبي من الجيش، يأخذ مرتبه كاملًا بعد انتهاء خدمته، بجانب المعاش الشهري، ده تقدير الجيش لرجالته ولتضحياتهم على مدار سنوات الخدمة».

 

يصل معاش «مصطفى» إلى ستة آلاف جنيه مصري (335 دولار أمريكي)، يتقاضاها شهريًا، بجانب مرتبه الذي يتقاضاه بعد الخدمة، لخروجه «طبيًا»، ومكأفأة نهاية خدمة التي حصل عليها وصلت لـ 60 ألف جنيه (3500 دولار أمريكي)، جعلته يؤمِّن مستقبل ذوييه بشراء وحداتٍ عقارية لهم بمنطقة الهرم بمحافظة الجيزة.

 

بحسب مادة 16 قانون 90 الذي يخضع له العاملين بقطاع العسكريين، فإنه: «يُصرف للعسكريين معاشٌ أساسي وآخر متغير، ومكافأةٌ قدرها شهر عن كل سنة من سنوات الخدمة، ويُسوَّى المعاش على أساس آخر راتب اقتُطع منه احتياطي المعاش. ويدخل في حساب الراتب ما استحقه المنتفع من زيادة في راتبه حتى وإن لم يكن قد صُرف له».

 

وتنص مادة 26 من القانون على أن: «تكون قيمة معاش من وصل لسنّ التقاعد، المنصوص عليه في مادة 12 و13 من القانون، أربعة أخماس أقصى رتبته ودرجته الأصلية أو أربعة أخماس آخر راتب له، أيهما أفضل».

 

المعاش الذي يتقاضاه «مصطفي»، يصل إلى 6 أضعاف المعاش الذي حددته وزارة الصحة للطبيب «محمد عبدالعزيز»، 60 عامًا، الذي انتهت فترة عمله مديرًا لمستشفى بمحافظة الدقهلية، بعد أكثر من 39 عامًا قضاها بين جدران المستشفيات الحكومية على مدار مدة عمله.

 

يأخذ عبدالعزيز معاشًا يصل 1350 جنيه (75 دولار أمريكي) من وزارة الصحة شهريًا،  لايكفي بالطبع متطلباته الأساسية، وجعله عاجزًا عن سداد باقي مصروفات نجله الأكبر الذي يدرس الطب أيضًا بإحدى الجامعات الخاصة، ويقول: «الطبيب اللي مش فاتح عيادة، أو بشتغل شغل إضافي في مستشفيات خاصة، يموت أفضل».

 

يُفسِّر«عمرو جمال»، الباحث الاقتصادي في اتصال هاتفي مع «ساسة بوست» هذه الارتفاعات غير المسبوقة في معاشات العسكريين فيقول: «معاش الموظف المدني يرتبط بالحد الأقصى، الذي تُخصم على أساسه نسبة التأمينات، فضلًا عن كون المادة 19 توضح أنه لا يتجاوز المعاش 15% من أجر المنتفع في بداية الخمس سنوات الأخيرة، وهو 500 جنيهًا(28 دولار)».

 

ويضيف جمال: «زيادة أجور ومعاشات العسكريين هي جزء من استراتيجية تدعيم وتوطيد سلطات من هم داخل هذه المؤسسات عبر هذه الامتيازات المالية التي هي ملمح من ملامح تشكيل سلطة معنوية ومادية للعسكريين في مصر».

 

وفق مقالٍ منشور لفاطمة رمضان، الباحثة في حقوق العمال، بموقع مدى مصر فـ«المدنيون يدفعون أكثر ممَّا يدفع العسكريون كاحتياطي معاش، إلا أنّ طريقة حساب المعاشات لكلٍّ منهما تجعلهم يتقاضون أقل من خُمس  ما يتقاضاه العسكريون، سواءً في حالات الخروج للمعاش في سن التقاعد، أو في حالة المعاش المبكر لكل منهما، بالإضافة للتعويض التقاعدي للعسكري، الذي يجعله يتقاضى نفس المبلغ الذي يتقاضاه زميله في الخدمة».

 

يصل عدد الموظفين المدنيين الذين يتقاضون معاشًا شهريًا، تسعة ملايين موظف حكومي، حسب البدري فرغلي، رئيس الاتحاد العام لأصحاب المعاشات، الذي يضيف في اتصالٍ هاتفيّ مع «ساسة بوست» أن القيمة المالية للمعاشات مخالفة لما هو منصوصٌ عليه في المادة 17 من الدستور المصري: «تكفل الدولة توفير خدمات التأمين الاجتماعي، ولكل مواطن لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي الحق في الضمان الاجتماعي».

 

ويتابع: «هيئة مفوضي محكمة القضاء الإداري أصدرت حكمًا سابقًا بأحقيّة صاحب المعاش في الحصول على الـ80% من العلاوات خلال تأدية وظيفتهم دون اللجوء للقضاء، والحكومة امتنعت عن التنفيذ، وضربت  بأحكام القضاء عرض الحائط».

 

عسكريون سابقون: «حقٌ أصيل لخدمة بلادنا»

 

حسب شهادات جمعتها «ساسة بوست» من عسكريين سابقين، تراوحت رُتبهم العسكرية بين  عقيد ولواء، فمعاش العقيد يصل إلى 10 آلاف جنيه (560 دولار أمريكي)، ولواء الجيش يصل معاشه إلى 18 ألف جنيه( 1000 دولار أمريكي)، بينما أوضحت كافة هذه الشهادات تميُّز الطيارين العسكريين في مكافآت نهاية خدماتهم، والمعاشات التي يتقاضونها لأنه يدخل ضمن مكونات المعاش ما يسمونه «بدل خطر».

 

حسب قانون 90 لسنة 1975 وتعديلاته، والموجَّه للعسكريين، يبدأ المعاش بشكلٍ عام بالنسبة للضباط من «ملازم أول» في سن 44، وصولًا لـ«المشير» في سن 65، وبالنسبة لضباط الصفّ والجنود ذوي الرواتب العالية يبدأ سن التقاعد لكل من «جندي» و«عريف» و«رقيب» في سن 52 وصولًا لـ«المساعدين» في سن 65.

 

وشهدت معاشات العسكريين السابقين ارتفاعًا ملحوظًا خلال ولاية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إذ وثق «ساسة بوست» 5 زيادات في معاشات العسكريين في صورة قوانين خلال ولاية السيسي.

 

من وجهة نظر اللواء أركان حرب حمدي بخيت، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، فالحديث على أن معاشات رجال القوات المُسلحة تفوق ما يحصل عليه الموظف الحكومي كلام «أهبل» و«جناية» يستحق صاحبها المحاكمة، لأن رجال القوات المُسلحة خدموا البلد وتعرّضت حياتهم للموت في أيّ لحظة خلال فترات خدمتهم، بما يجعل المعاش أو مكافأة نهاية الخدمة «حق أصيل» وليس «منحة».

 

ويضيف «بخيت» لـ«ساسة بوست»: «رجل القوات المُسلحة يحارب على الجبهة، ويقوم بأعمال مدنية لخدمة الناس كرصف الطرق، والمشاريع التنموية في كُل محافظات مصر، بما يجعله يستحق مكافآت استثنائية تفوق الأرقام المتداولة عن أجورهم، خصوصًا إذا ما قورنت هذه الأرقام بما يحصل عليه من يخدم بالجيش بكافة بلدان العالم».

 

ويتابع: «لا ينبغي الحديث عن أي امتياز لرجل القوات المسلحة، ده حق على الدولة والمواطنين تجاهه، لأنه اختار أن يضع روحه على كفه بالخدمة في جيش مصر العظيم، ويكون سببًا في نهضة البلد».

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...