web analytics

أفسحوا المجال للمسرح

أخيراً ها نحن نعيش عصر المسرح فقد تحولت حياة الليبيين إلى مسرح مفتوح تشاهد فصول مسرحياته في كل تفاصيل الحياة  اليومية بشكل مباشر على مدار الأربع وعشرين ساعة.

 

من ازدحام على المصارف أو محطات الوقود أو المخابز وقفل طرق عامة وانقطاع تيار كهربائي وماء واختفاء أدوية وارتفاع جنوني للأسعار وتهريب بنزين وسلع تموينية مدعومة وأسلحة وأموال ومواشي وحتى سلاحف!.

 

مسرح الحياة اليومية الليبية يعرض يومياً صوراً حية للاقتتال المباشر وللخطف وللإعدامات الميدانية دون محاكمة ولبورصة العملات الأجنبية التي ترتفع بجنون مع كل تغريدة لمسؤول سياسي أو مالي أو زعيم عالمي يغمز بعينه نحو سلام أو حرب ليبيا، مشاهد أخرى يراها الجمهور المحلي والعالمي أيضاً لممثلين ومخرجين يحركون الكاركوز المجنون من وراء الستارة، تصور التطرف في أقصى درجاته تصور مهازل أخرى لتصريحات عبيطة من سياسيين يفترض أنهم على درجة كبيرة من الوعي، أحدهم يتحدث عن دور الوحم في جعل المرأة غير صالحة لتقلد أي مناصب سياسية، آخرون يعزون سبب موجة الانتحار التي اجتاحت مسرح المجتمع لمسببات عبيطة تقترب من الخرافة والدجل والشعوذة، ولا نريد أن نتطرق إلى المسرح الوطني الكبير جداً، وهو جلسات البرلمان والمؤتمر الوطني ولجان الدستور وغيرها من المؤسسات، عندما تبث مسرح غسيلها على المباشر حيث تقفل الناس كل القنوات الترفيهية العالمية لتتفرغ لهم مركزة على عرضهم الشيق المليء بالفجاجة والعبث والفوضى، حتى أن صامويل بيكت وبريخت وحتى المؤلف شكسبير يخرجون من قبورهم لحضور هذه العروض الحيّة التي تجاوزت تجاربهم بجدارة، متمنين أن يعودوا إلى الحياة ليعيشوا في هذا العصر حيث المادة الخصبة الفنية البكر لحطب إبداعاتهم.

 

ورغم أن البلاد لا تحتاج إلى نشاط مسرحي فهي مسرح حي بحد ذاتها، إلا أن الفنانين الليبيين لم يستسلموا لليأس ولسرقة فرصتهم في العمل من قبل مهرجي البرلمان والقنوات الفضائية وناطقي العسكر والحكومات والمليشيات وغيرهم، فنراهم بكل همة رغم ضعف الإمكانيات وانعدامها يعرضون المسرحيات في كل المدن، طبعاً مراعين في المادة المسرحية ظروف البلاد وما تعيشه من تجاذبات سياسية.

 

ففي شرق الوطن هناك مواضيع لا يجوز التطرق لها، وفي غرب الوطن الشيء نفسه، لكن كل فناني ليبيا يجمعون على ثوابت معينة كالدعوة للمصالحة الوطنية ووقف الاقتتال ونشر السلام، هناك الكثير من المشاركات في الأنشطة الخارجية لمسرحيين ليبيين من كل المدن تتم بجهود فردية وشخصية وتتحصل على جوائز وتكريمات.

 

معظم الفنانين الليبيين في بنغازي والمرج وطرابلس ومصراتة وهون ودرنة ومدن أخرى، لديهم مسرحيات ستعرض في شهر رمضان، وبالطبع قد تتعرض للإيقاف أو العقاب إن تطرقت إلى أي موضوع لا يعجب ولاة الأمور الحاليين في كل منطقة، فبقدر خوف أرباب السلطة من السلاح ومن القوة المادية يكون خوفهم من الكلمة التي عادة ما تنجح في تغيير أفكار الناس، فالقوة تهزمها قوة ولكن الفكرة لا تهزمها إلا فكرة أنقى وأعمق، وربما أرباب السلطة الحاليين لا يمتلكون أي أفكار وكل ما بحوزتهم هو بضع رصاصات وبضعة رزم من أموال الحرام واتكاءة مزيفة على وسادة أجنبي قد يسحب نفسه في أي لحظة ليتركهم في العراء.

 

فهل سينجح الفنان الليبي في تغيير الواقع عبر مسرحه السلمي؟ هل سيراه الجمهور وسط صخب الموت والدمار وتوقف الحال؟.

 

بالطبع سينجح!، ستتم رؤيته من العيون والقلوب والأرواح أيضاً، وبالطبع سيغير وجهة نظر الناس. تقول الفنانة الفرنسية إيزابيل هوبرت في كلمتها بمناسبة يوم المسرح العالمي الماضي: "يمثل المسرح بالنسبة لي الآخر وحواره، إنه غياب الكراهية، والصداقة بين الشعوب"، وحقيقةً فأنا لا أعرف تماماً ما يعنيه ذلك ولكنني أؤمن بالمجتمع وبالصداقة بين المشاهدين والممثلين وبالارتباط الراسخ بين كل الأشخاص الذين يجمعهم المسرح معاً، المسرح يحمينا يؤوينا.. أؤمن بأن المسرح يحبنا.. بقدر ما نحبه.. أذكر مدير مسرح من الطراز القديم عملت لديه فيما مضى، كان يصيح قبل رفع ستارة المسرح كل ليلة بصوته الجهوري الحازم : "أفسحوا الطريق للمسرح!".

 

أخيراً ها نحن نعيش عصر المسرح فقد تحولت حياة الليبيين إلى مسرح مفتوح تشاهد فصول مسرحياته في كل تفاصيل الحياة  اليومية بشكل مباشر على مدار الأربع وعشرين ساعة.

 

من ازدحام على المصارف أو محطات الوقود أو المخابز وقفل طرق عامة وانقطاع تيار كهربائي وماء واختفاء أدوية وارتفاع جنوني للأسعار وتهريب بنزين وسلع تموينية مدعومة وأسلحة وأموال ومواشي وحتى سلاحف!.

 

مسرح الحياة اليومية الليبية يعرض يومياً صوراً حية للاقتتال المباشر وللخطف وللإعدامات الميدانية دون محاكمة ولبورصة العملات الأجنبية التي ترتفع بجنون مع كل تغريدة لمسؤول سياسي أو مالي أو زعيم عالمي يغمز بعينه نحو سلام أو حرب ليبيا، مشاهد أخرى يراها الجمهور المحلي والعالمي أيضاً لممثلين ومخرجين يحركون الكاركوز المجنون من وراء الستارة، تصور التطرف في أقصى درجاته تصور مهازل أخرى لتصريحات عبيطة من سياسيين يفترض أنهم على درجة كبيرة من الوعي، أحدهم يتحدث عن دور الوحم في جعل المرأة غير صالحة لتقلد أي مناصب سياسية، آخرون يعزون سبب موجة الانتحار التي اجتاحت مسرح المجتمع لمسببات عبيطة تقترب من الخرافة والدجل والشعوذة، ولا نريد أن نتطرق إلى المسرح الوطني الكبير جداً، وهو جلسات البرلمان والمؤتمر الوطني ولجان الدستور وغيرها من المؤسسات، عندما تبث مسرح غسيلها على المباشر حيث تقفل الناس كل القنوات الترفيهية العالمية لتتفرغ لهم مركزة على عرضهم الشيق المليء بالفجاجة والعبث والفوضى، حتى أن صامويل بيكت وبريخت وحتى المؤلف شكسبير يخرجون من قبورهم لحضور هذه العروض الحيّة التي تجاوزت تجاربهم بجدارة، متمنين أن يعودوا إلى الحياة ليعيشوا في هذا العصر حيث المادة الخصبة الفنية البكر لحطب إبداعاتهم.

 

ورغم أن البلاد لا تحتاج إلى نشاط مسرحي فهي مسرح حي بحد ذاتها، إلا أن الفنانين الليبيين لم يستسلموا لليأس ولسرقة فرصتهم في العمل من قبل مهرجي البرلمان والقنوات الفضائية وناطقي العسكر والحكومات والمليشيات وغيرهم، فنراهم بكل همة رغم ضعف الإمكانيات وانعدامها يعرضون المسرحيات في كل المدن، طبعاً مراعين في المادة المسرحية ظروف البلاد وما تعيشه من تجاذبات سياسية.

 

ففي شرق الوطن هناك مواضيع لا يجوز التطرق لها، وفي غرب الوطن الشيء نفسه، لكن كل فناني ليبيا يجمعون على ثوابت معينة كالدعوة للمصالحة الوطنية ووقف الاقتتال ونشر السلام، هناك الكثير من المشاركات في الأنشطة الخارجية لمسرحيين ليبيين من كل المدن تتم بجهود فردية وشخصية وتتحصل على جوائز وتكريمات.

 

معظم الفنانين الليبيين في بنغازي والمرج وطرابلس ومصراتة وهون ودرنة ومدن أخرى، لديهم مسرحيات ستعرض في شهر رمضان، وبالطبع قد تتعرض للإيقاف أو العقاب إن تطرقت إلى أي موضوع لا يعجب ولاة الأمور الحاليين في كل منطقة، فبقدر خوف أرباب السلطة من السلاح ومن القوة المادية يكون خوفهم من الكلمة التي عادة ما تنجح في تغيير أفكار الناس، فالقوة تهزمها قوة ولكن الفكرة لا تهزمها إلا فكرة أنقى وأعمق، وربما أرباب السلطة الحاليين لا يمتلكون أي أفكار وكل ما بحوزتهم هو بضع رصاصات وبضعة رزم من أموال الحرام واتكاءة مزيفة على وسادة أجنبي قد يسحب نفسه في أي لحظة ليتركهم في العراء.

 

فهل سينجح الفنان الليبي في تغيير الواقع عبر مسرحه السلمي؟ هل سيراه الجمهور وسط صخب الموت والدمار وتوقف الحال؟.

 

بالطبع سينجح!، ستتم رؤيته من العيون والقلوب والأرواح أيضاً، وبالطبع سيغير وجهة نظر الناس. تقول الفنانة الفرنسية إيزابيل هوبرت في كلمتها بمناسبة يوم المسرح العالمي الماضي: "يمثل المسرح بالنسبة لي الآخر وحواره، إنه غياب الكراهية، والصداقة بين الشعوب"، وحقيقةً فأنا لا أعرف تماماً ما يعنيه ذلك ولكنني أؤمن بالمجتمع وبالصداقة بين المشاهدين والممثلين وبالارتباط الراسخ بين كل الأشخاص الذين يجمعهم المسرح معاً، المسرح يحمينا يؤوينا.. أؤمن بأن المسرح يحبنا.. بقدر ما نحبه.. أذكر مدير مسرح من الطراز القديم عملت لديه فيما مضى، كان يصيح قبل رفع ستارة المسرح كل ليلة بصوته الجهوري الحازم : "أفسحوا الطريق للمسرح!".

 


مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...