web analytics

الإخوان.. وعبد الناصر والسيسي.. قصص وحكاوي قديمة

 ما وجه التراببط بين الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي وبين الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ، وجماعة الاخوان المسلمين هو ما سوف يكشفه التقرير التالي، حيث هناك مشكلة على الصعيد الشخصى لأن التأليف للكاتب وحيد حامد صاحب مسلسل العام الماضى «الجماعة» وصاحب المسلسل الحالى وهو الجزء الثانى من «الجماعة» والذى قال فيه ـ من خلال الأحداث والحوارات ـ إن جمال عبد الناصر كان عضوا فى جماعة الإخوان المسلمين «الإرهابية» وإنه كان يدعو قادتها ـ سيد قطب وغيره ـ للاجتماع بمجلس ثورة 23 يوليو 1952، والأكثر من ذلك أن الكاتب ـ وله احترامنا ـ قد ألقى القفاز فى وجه الناصريين على امتداد الأمة العربية وخارجها، واتهمهم بما ليس فيهم، ولا أريد هنا تحويل المعركة العامة إلى شخصية، فإن ما يهمنا هو الأحداث التاريخية، وكيف يمكن تصحيح التاريخ حماية للكرامة الوطنية والقومية وحرصا على الرمز التاريخى وعلى مصداقية المعرفة وهى حق للأجيال المتعاقبة!

هل يمكن مثلا للجمعية التاريخية المصرية أن تتدخل ببيان رسمى يصحح ويستند إلى الحقائق والوثائق؟ وهل يمكن أن يتدخل القانون مطالبا بمنع عرض المسلسل لما فيه من تزييف للواقع وإساءة إلى قادة هم أساسا مواطنون لهم حقوق؟ إن القضية معقدة، ولا أريد ترديد أقاويل تربط بين هذا المسلسل وبين ما يجرى للجماعة الإرهابية الآن ولا أريد ـ احتراما لمهنة الكتابة ولأصحاب المسلسل، والتزاما بما تربينا عليه، أن أتجاوز آداب الحوار، ولهذا وبهدوء شديد وبموضوعية أقول إن هذه الحكاية عن جمال عبد الناصر وانضمامه إلى الجماعة، تعد حكاية قديمة سخيفة رددها الكثيرون من قبل افتراء على الرجل والتاريخ والثورة، ولقد سبق مناقشتها فى اجتماعات ولقاءات مغلقة ومفتوحة.. وقلنا ـ استرشادا بما كتبه فى فلسفة الثورة وما قاله فى خطبه وتصريحاته المعلنة، أنه فى مرحلة شبابه المبكر ـ ومنذ أن كان فى المدرسة الثانوية وما بعدها ـ اهتم بالشأن العام فى بلده وكعادته فإنه اقترب من أحزاب ومنظمات سياسية ـ معلنة وسرية ـ للتعرف عليها من الداخل ولقياس مدى جديتها وتركيزها على العمل الوطني.. وكانت من بينها أحزاب مثل مصر الفتاة ـ والوفد ـ وحدتو (الماركسى السري) وجماعة الإخوان وغيرها، لكنه لم يجد فيها مبتغاه لأسباب، ولذلك فإن كلا من هذه التنظيمات ادعى أنه كان عضوا فيها، والحقيقة أنه كان يختبرها ثم تركها وإن كان لم يقطع صلته الشخصية ـ وليس التنظيمية ـ ببعض قياداتها، ذلك لأنه كان يفكر ويخطط لعمل كبير، وكعادته.. كان يتميز بدرجة كبيرة من ترتيب الفكر والكتمان. وإذا عدنا إلى الوثائق، فإننا نجد حديثا أجراه الصحفى دافيد مورجان من صحيفة «صن داى تايمز» منشور فى 18 يونيو 1962 ـ فى ذكرى مرور ست سنوات على جلاء القوات الإنجليزية عن مصر ـ وبالمناسبة، فإن هذه الذكرى تحل بعد غد ـ وقد سأله مورجان عما يقال عن انضمامه إلى الأحزاب وجماعة الإخوان فشرح عبد الناصر كيف أنه فى مرحلة التكوين الفكرى والسياسى التى كان فيها يقرأ كثيرا خلال تعليمه فى المدرسة الثانوية وشارك فى المظاهرات الوطنية وعندما رأى اضطهادا لحزب مصر الفتاة انضم إليه، واستمر فيه نحو عامين لكنه أدرك أن الحزب ينحرف عما ينادى به فتركه، ثم بعد ذلك اقترب من الإخوان دون أن ينضم إليهم، ووجد التعصب الدينى مسيطرا على هذه الجماعة ورغم أنه متدين إلا أنه يرفض أن يسيطر التعصب على المجتمع ويحكمه، وفى 18 نوفمبر 1965.

التقى عبد الناصر بالشباب فى معسكر حلوان حيث جرى حوار صريح ممتد بينه وبين الشباب الذين وجهوا إليه أسئلة عن مرحلة تكوينه وهل اشترك وانضم إلى الأحزاب والإخوان؟ وقال إنه بعد المرحلة الثانوية التحق بكلية الحقوق ولكن بعد أن جاءت حكومة حزب الوفد عام 1936 وفتحت باب الالتحاق بالكليات العسكرية فإنه التحق بالكلية الحربية وبعد تخرجه استمر فى تثقيف نفسه بالقراءة والاقتراب من الأحزاب ومن جماعة الإخوان ـ وكان يعلم إن لها خلية فى الجيش ـ لكنه ضاق بالتعصب الديني، ثم لما شكل الجمعية التأسيسية للضباط الأحرار كان من بين أعضائها اثنان من الإخوان هما العقيدان: عبد المنعم أمين وأبو المكارم عبد الحي.. كما أنه كان يعرف حسن البنا وأعضاء فى التنظيم السرى المسلح (مثل يوسف طلعت وعبد الرحمن السندي) وشرح أنه بعد نجاح الثورة فى 23 يوليو 1952 طلبت منه الجماعة أسلحة لحمايتها لكنه رفض.

وبعد حل الأحزاب قالت الجماعة أنها ليست حزبا وإنما جماعة دينية تقف مع الثورة ثم إذا بها تحاول فرض وصايتها فرفض رفضا قطعيا مؤكدا أن الثورة ترفض السيطرة عليها أو تكون تحت وصاية أحد. وهكذا فإن جمال عبد الناصر ـ والمساحة تضيق ـ لم يكن إخوانيا، ولم يكن حزبيا، وإن كان قد عرك وتعرف على هذه وتلك فى مرحلة التكوين، واشترط أن يكون الضباط الأحرار ــ الثوار بعد نجاح الثورة ــ لا ولاء لهم إلا لمصر الثورة ولبناء مجتمع جديد، له انتماءاته التى حددها فى فلسفة الثورة، وما بعدها، فلماذا إذن الافتراء، ولمصلحة من هذا التشويه؟ والأهم من ذلك، كيف يمكن تصحيح الخطيئة، وكيف تبرز الحقيقة الموضوعية، للتاريخ ولمصر وأمتها، وأكرر ختاما إن الكلمة مسؤولية.

 

 

 ما وجه التراببط بين الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي وبين الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ، وجماعة الاخوان المسلمين هو ما سوف يكشفه التقرير التالي، حيث هناك مشكلة على الصعيد الشخصى لأن التأليف للكاتب وحيد حامد صاحب مسلسل العام الماضى «الجماعة» وصاحب المسلسل الحالى وهو الجزء الثانى من «الجماعة» والذى قال فيه ـ من خلال الأحداث والحوارات ـ إن جمال عبد الناصر كان عضوا فى جماعة الإخوان المسلمين «الإرهابية» وإنه كان يدعو قادتها ـ سيد قطب وغيره ـ للاجتماع بمجلس ثورة 23 يوليو 1952، والأكثر من ذلك أن الكاتب ـ وله احترامنا ـ قد ألقى القفاز فى وجه الناصريين على امتداد الأمة العربية وخارجها، واتهمهم بما ليس فيهم، ولا أريد هنا تحويل المعركة العامة إلى شخصية، فإن ما يهمنا هو الأحداث التاريخية، وكيف يمكن تصحيح التاريخ حماية للكرامة الوطنية والقومية وحرصا على الرمز التاريخى وعلى مصداقية المعرفة وهى حق للأجيال المتعاقبة!

هل يمكن مثلا للجمعية التاريخية المصرية أن تتدخل ببيان رسمى يصحح ويستند إلى الحقائق والوثائق؟ وهل يمكن أن يتدخل القانون مطالبا بمنع عرض المسلسل لما فيه من تزييف للواقع وإساءة إلى قادة هم أساسا مواطنون لهم حقوق؟ إن القضية معقدة، ولا أريد ترديد أقاويل تربط بين هذا المسلسل وبين ما يجرى للجماعة الإرهابية الآن ولا أريد ـ احتراما لمهنة الكتابة ولأصحاب المسلسل، والتزاما بما تربينا عليه، أن أتجاوز آداب الحوار، ولهذا وبهدوء شديد وبموضوعية أقول إن هذه الحكاية عن جمال عبد الناصر وانضمامه إلى الجماعة، تعد حكاية قديمة سخيفة رددها الكثيرون من قبل افتراء على الرجل والتاريخ والثورة، ولقد سبق مناقشتها فى اجتماعات ولقاءات مغلقة ومفتوحة.. وقلنا ـ استرشادا بما كتبه فى فلسفة الثورة وما قاله فى خطبه وتصريحاته المعلنة، أنه فى مرحلة شبابه المبكر ـ ومنذ أن كان فى المدرسة الثانوية وما بعدها ـ اهتم بالشأن العام فى بلده وكعادته فإنه اقترب من أحزاب ومنظمات سياسية ـ معلنة وسرية ـ للتعرف عليها من الداخل ولقياس مدى جديتها وتركيزها على العمل الوطني.. وكانت من بينها أحزاب مثل مصر الفتاة ـ والوفد ـ وحدتو (الماركسى السري) وجماعة الإخوان وغيرها، لكنه لم يجد فيها مبتغاه لأسباب، ولذلك فإن كلا من هذه التنظيمات ادعى أنه كان عضوا فيها، والحقيقة أنه كان يختبرها ثم تركها وإن كان لم يقطع صلته الشخصية ـ وليس التنظيمية ـ ببعض قياداتها، ذلك لأنه كان يفكر ويخطط لعمل كبير، وكعادته.. كان يتميز بدرجة كبيرة من ترتيب الفكر والكتمان. وإذا عدنا إلى الوثائق، فإننا نجد حديثا أجراه الصحفى دافيد مورجان من صحيفة «صن داى تايمز» منشور فى 18 يونيو 1962 ـ فى ذكرى مرور ست سنوات على جلاء القوات الإنجليزية عن مصر ـ وبالمناسبة، فإن هذه الذكرى تحل بعد غد ـ وقد سأله مورجان عما يقال عن انضمامه إلى الأحزاب وجماعة الإخوان فشرح عبد الناصر كيف أنه فى مرحلة التكوين الفكرى والسياسى التى كان فيها يقرأ كثيرا خلال تعليمه فى المدرسة الثانوية وشارك فى المظاهرات الوطنية وعندما رأى اضطهادا لحزب مصر الفتاة انضم إليه، واستمر فيه نحو عامين لكنه أدرك أن الحزب ينحرف عما ينادى به فتركه، ثم بعد ذلك اقترب من الإخوان دون أن ينضم إليهم، ووجد التعصب الدينى مسيطرا على هذه الجماعة ورغم أنه متدين إلا أنه يرفض أن يسيطر التعصب على المجتمع ويحكمه، وفى 18 نوفمبر 1965.

التقى عبد الناصر بالشباب فى معسكر حلوان حيث جرى حوار صريح ممتد بينه وبين الشباب الذين وجهوا إليه أسئلة عن مرحلة تكوينه وهل اشترك وانضم إلى الأحزاب والإخوان؟ وقال إنه بعد المرحلة الثانوية التحق بكلية الحقوق ولكن بعد أن جاءت حكومة حزب الوفد عام 1936 وفتحت باب الالتحاق بالكليات العسكرية فإنه التحق بالكلية الحربية وبعد تخرجه استمر فى تثقيف نفسه بالقراءة والاقتراب من الأحزاب ومن جماعة الإخوان ـ وكان يعلم إن لها خلية فى الجيش ـ لكنه ضاق بالتعصب الديني، ثم لما شكل الجمعية التأسيسية للضباط الأحرار كان من بين أعضائها اثنان من الإخوان هما العقيدان: عبد المنعم أمين وأبو المكارم عبد الحي.. كما أنه كان يعرف حسن البنا وأعضاء فى التنظيم السرى المسلح (مثل يوسف طلعت وعبد الرحمن السندي) وشرح أنه بعد نجاح الثورة فى 23 يوليو 1952 طلبت منه الجماعة أسلحة لحمايتها لكنه رفض.

وبعد حل الأحزاب قالت الجماعة أنها ليست حزبا وإنما جماعة دينية تقف مع الثورة ثم إذا بها تحاول فرض وصايتها فرفض رفضا قطعيا مؤكدا أن الثورة ترفض السيطرة عليها أو تكون تحت وصاية أحد. وهكذا فإن جمال عبد الناصر ـ والمساحة تضيق ـ لم يكن إخوانيا، ولم يكن حزبيا، وإن كان قد عرك وتعرف على هذه وتلك فى مرحلة التكوين، واشترط أن يكون الضباط الأحرار ــ الثوار بعد نجاح الثورة ــ لا ولاء لهم إلا لمصر الثورة ولبناء مجتمع جديد، له انتماءاته التى حددها فى فلسفة الثورة، وما بعدها، فلماذا إذن الافتراء، ولمصلحة من هذا التشويه؟ والأهم من ذلك، كيف يمكن تصحيح الخطيئة، وكيف تبرز الحقيقة الموضوعية، للتاريخ ولمصر وأمتها، وأكرر ختاما إن الكلمة مسؤولية.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...