web analytics

القصة الكاملة لفتوى مجلس الدولة بأحقية الرئيس الأسبق مبارك وزوجته فى المعاش

فى 6 صفحات من الحجم الفلوسكاب، حسمت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة الجدل القانونى حول معاش الرئيس مبارك الأسبق، وكذلك زوجته سوزان، وذلك بأحقيتهم فى المعاش والرعاية الصحية والاجتماعية اللازمة له (حراسة وأمن) طبقا للقانون.

ما انتهت إليه الفتوى فى صورتها النهائية سبقه جدل قانونى ضخم وخلافات فى وجهات النظر حول مواد القانون التى تطبق عليها الحالة داخل الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة وصلت حد الانشقاق، وتضارب الآراء ما بين رأى قانونى مؤيد بالحجة والمستندات بعدم أحقية مبارك وأسرته فى أى معاش، وآخر بالحجة والمستندات بأحقية مبارك وزوجته سوزان فى المعاش، وعلى مدار 5 أشهر تقريبا من الجلسات الممنوعة من النشر لقسم الفتوى بمجلس الدولة، واللجان السرية لبحث ملف معاش مبارك وزوجته، وجدل قانونى عنيف وصل حد الصدام، انتهت الفتوى إلى أحقية مبارك وسوزان فى المعاش، الذى هو وطبقا للقانون رقم (99 ) لسنة 1987، مبلغ (12000 جنيه سنويا مرتب )، ومبلغ ( 12000 ألف جنيه سنويا بدل التمثيل )، ويستحق معاشا يساوى مجموع الراتب وبدل التمثيل، ويؤول هذا المعاش من بعده لزوجته طوال حياتهما ما لم تتزوج، ولأولاده البنين حتى الانتهاء من دراستهم الجامعية أو بلوغهم سن الـ 28 أيهما أقرب والبنات إلى أن يتزوجن .

بدأت قصة الفتوى الأزمة يوم 17 يناير 2016 حينما ورد إلى إدارة فتوى رئاسة الجمهورية خطاب رئيس ديوان رئيس الجمهورية رقم 609 بتاريخ اليوم السابق، وهو 16 يناير 2016 ، بالإفادة بالرأى القانونى بخصوص "مدى تمتع كل من الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك وحرمه وأبنائه بالمزايا المنصوص عليها فى القانون رقم (99) لسنة 1987 والقرار الجمهورى رقم 477 لسنة 1990 )، وذلك بناء على الحكم الصادر من محكمة الجنايات بإدانته فى قضية القصور الرئاسية، وطلب رئيس الديوان فى خطابه من إدارة الفتوى استيضاح الرأى القانونى بشأن ذلك الحكم على مستحقات ومخصصات الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك وأفراد عائلته .

فى 10 فبراير 2016 عرض الموضوع على هيئة اللجنة الأولى بإدارة فتوى رئاسة الجمهورية، استعرضت خلاله النصوص القانونية فى قانون العقوبات والتأمينات الاجتماعية وانتهت إلى رأيين :-

بالنسبة لاستحقاق الرئيس الأسبق مبارك للمعاش، فإنه يستحقه، ومن غير الجائز حرمانه منه لعدم وجود نص يقرر هذا الحرمان، ولا يكون من ثم للحكم الجنائى بمعاقبة مبارك فى قضية القصور الرئاسية أى أثر أو عائق فى استحقاقه للمعاش .

والثانى بالنسبة إلى استحقاق مبارك للسكن والحراسة، فهناك رأيان قانونيان الأول يرى بأحقية مبارك فى استحقاق المخصصات الخاصة به فى ظل عدم وجود نص قانونى يقضى بالحرمان من استحقاقها، والرأى الثانى يرى عدم أحقية مبارك فى تلك المخصصات، وعلى إثر ذلك التضارب القانونى قرر رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع " النائب الأول لرئيس مجلس الدولة "إحالة الملف بالكامل إلى المكتب الفنى للجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بالمجلس .

فى نفس الوقت وتحديدا يوم 21 فبراير 2016 ورد من رئاسة الجمهورية خطاب آخر من اللواء /رئيس ديوان رئيس الجمهورية برقم 49291 مؤرخ بتاريخ 20 فبراير 2016 يطلب الرأى القانونى بشأن مدى تمتع حرم الرئيس الأسبق مبارك بالمزايا المنصوص عليها فى قانون تحديد راتب ومخصصات رئيس الجمهورية، حيث انتهت إدارة الفتوى بعد بحث هذا الخطاب إلى استحقاق سوزان مبارك للمعاش من بعد مبارك مالم تتزوج، أما بالنسبة للمميزات المادية (السكن والحراسة)، فقد حدث نفس الخلاف القانونى الذى حدث فى أمر مبارك بخصوص السكن والحراسة، الأول يرى بأحقية سوزان مبارك فى المميزات الخاصة بها طالما استحقها مبارك، ورأى آخر معارض يرى عدم أحقيتها فى استحقاق تلك المميزات المادية حتى ولو لم يصدر حكم جنائى ضدها، مادام قد حرم منها الرئيس السابق،  وعلى إثر ذلك التضارب القانونى قرر رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع "النائب الأول لرئيس مجلس الدولة " إحالة الملف بالكامل إلى المكتب الفنى للجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بالمجلس .

وبعد بحث ودراسة لملف الأزمتين انتهى المكتب الفنى لقسمى الفتوى بمجلس الدولة إلى تقرير بـ 3 آراء قانونية تم صياغتها فى 29 صفحة فولسكاب تمهيدا لعرضه على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة المقرر له يوم 6 إبريل 2016، حيث انتهى ذلك التقرير إلى 3 آراء قانونية، سوف يتم عرضهما على الجمعية فى اجتماعها للموافق على واحد منهم.

الرأى الأول

ويرى عدم حرمان الرئيس الأسبق مبارك من المعاش والسكن الملائم والحراسة والأمن والرعاية الصحية اللازمة له لصدور حكم جنائى ضده، وصرف معاشه المستحق لرئيس الجمهورية السابق حتى خلال فترة تنفيذ العقوبة الجنائية، وكذلك استحقاق السيدة حرمة المعاش المستحق ويئول لها من بعد وفاته ما لم تتزوج، وعلى الرغم من النتائج التى انتهى إليها الرأى الأول، إلا أنه حدث انقسام بشأن تحديد قيمة المعاش المستحق لمبارك، حيث انتهى رأى إلى أحقيته فى معاش 42 ألف جنيه شهريا على أساس أن القوانين المنظمة للمزايا التأمينية تحكمها علاقة تنظيمية عامة تدور فى فلك القانون العام وتخضع لأحكامه، فإن رأى آخر انتهى إلى أحقية مبارك فى معاش 24 ألف جنيه سنويا استنادا إلى رئيس الجمهورية أثناء شغله لمنصبه الرئاسى كان يتقاضى راتبا مقداره 12000 ألف جنيه سنويا أو بدل التمثيل بمبلغ 12000 جنيه سنويا، ومن ثم فإنه التزام بصريح النص فإنه يستحق معاشا يساوى مجموع الراتب وبدل التمثيل المشار إليهما، وينتفى فى شأنه مناط استحقاق الزيادة فى المعاش المقررة بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 37 لسنة 2014 .

الرأى الثانى

ويرى حرمان الرئيس الأسبق مبارك من المعاش والمخصصات الأخرى، من سكن وحراسة وأمن ورعاية صحية لصدور حكم بإدانته بعقوبة جنائية، استنادا إلى أن الرئيس الأسبق مبارك لم يلتزم بالقسم، ولم يحترم الدستور والقانون، ولم يراع مصالح شعبه بعد ثبوت تعديه على المال العام بحكم جنائى بات، ومن ثم يتعين حرمانه من جميع المخصصات المنصوص عليها فى القانون، ومن بينها استحقاقه لمعاش يساوى مجموع الراتب وبدل التمثيل الذى كان يستحقه أثناء شغله للمنصب الرئاسى دون حاجة إلى نص صريح، يقرر هذا الحرمان بحسب أنه يعتبر شرطا عاما مفترضا ومتطلبا لاستحقاق الرئيس الأسبق مبرك ولزوجته من بعده للمميزات المنصوص عليها القانون رقم (99 ) لسنة 1987.

وأضاف الرأى الثانى " … إن الحكم على الرئيس السابق مبارك بالسجن المشدد 3 سنوات فى قضية القصور الرئاسية، فإن حرمانه من تولى أى وظيفة عامة فى المستقبل هو حرمان مؤبد لا ينقضى بانقضاء العقوبة الأصلية، وإنما يدوم طوال حياته، فضلا عن تجريده من الرتب والنياشيين الوطنية والأجنبية التى كان يحملها، وتقرير عدم أهليته طوال حياته، لأن يمنح له فى المستقبل شىء من ذلك، كما أن التهمة التى قضى فيها على الرئيس السابق تعد تهمة ماسة ومخلة بالشرف والأمانة، وتؤدى للطعن فى ذمته المالية وحرمانه من جميع الحقوق التى منحها له القانون، وعلى رأسها المميزات المادية الممنوحة له بحكم القانون، وعلية فلا مجال للمماحكة فى المطالبة بحق دون أن يحرص عليه الفرد .

الراى الثالث

ويرى " …عدم حرمان مبارك من المعاش المستحق له ومن الرعاية الصحية اللازمة له ولأفراد أسرته، وحرمانه من المخصصات الأخرى التى نص عليها القانون وهى (السكن الملائم، الحراسة والأمن، وسائل انتقال مناسبة وما تطلبه من نفقات التشغيل والصيانة) لصدور حكم بإدانته بعقوبة جنائية " واتفق أنصار هذا الرأى مع أنصار الرأى الأول بعدم جواز حرمان مبارك من المعاش المستحق له والرعاية الصحية اللازمة له ولأسرته لصدور حكم جنائى بإدانته، وأن تقرير أحقيته فى المعاش والرعاية الصحية اللازمة له ولزوجته من بعده من الموازنة العامة للدولة، بعد ثبوت تعديه على المال العام بات بحكم جنائى بات، إلا أن صراحة نصوص القانون الحالية تقف عقبة أمام تطبيق هذا الأصل، إلا أنهم اختلفوا مع أنصار الرأى الأول فيما انتهوا إليه من استحقاق مبارك المخصصات (السكن الملائم، الحراسة والأمن، وسائل انتقال مناسبة وما تطلبه من نفقات التشغيل والصيانة) لأن الغاية منه كان تكريم شاغل منصب رئيس الجمهورية، فإذا ثبت بحكم جنائى بات ارتكاب رئيس الجمهورية السابق لجريمة جنائية مخلة بالشرف والأمانة أثناء شغله للمنصب الرئاسى بصدور حكم محكمة النقض بتأييد حكم سجن مبارك 3 سنوات عن تهم الاستيلاء على المال العام بالمخالفة لأحكام الدستور .

وفى 17 مايو 2016 اجتمعت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، وبعد دراسة الآراء الثلاثة انتهت إلى "..أحقية الرئيس الأسبق مبارك وزوجته من بعده فى المعاش والمخصصات المحددة فى القانون، وأرجعت الجمعية قرارها النهائى بأنها " الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة لا تملك دفعا ولا تعديلا، حيث ينحصر دورها فى الكشف عن صحيح القانون، وبالتالى، فإن حالة الرئيس الأسبق مبارك والمعروضة على الجمعية تستحق المعاش بالقيمة المشار إليها والرعاية الصحية والاجتماعية اللازمة له ( الحراسة والأمن)، حتى بعد صدور الحكم البات بإدانته فى جريمة جنائية، ويتعين صرف المعاش المستحق له حتى خلال فترة تنفيذ العقوبة الجنائية مع مراعاة قانون العقوبات، وتستحق زوجته من بعده هذا المعاش ما لم تتزوج ".

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...