web analytics

اللوموند الفرنسية: سياسة السعودية باليمن قوَّت الحوثيين وورطتها بالعمل مع جماعات مصنفة إرهابية في ال

اتَّحد عدد من جيران قطر (السعودية والإمارات والبحرين) مصحوبين بمصر واليمن ودول أخرى أصغر، في الـ5 من شهر يونيو/حزيران 2017، وقطعوا العلاقات الدبلوماسية مع قطر، ووضعوها تحت الحصار جواً وبحراً وبراً.

اتَّحد عدد من جيران قطر (السعودية والإمارات والبحرين) مصحوبين بمصر واليمن ودول أخرى أصغر، في الـ5 من شهر يونيو/حزيران 2017، وقطعوا العلاقات الدبلوماسية مع قطر، ووضعوها تحت الحصار جواً وبحراً وبراً.

ووجهت تلك الدول اتهامات عدة للدوحة، نفتها مراراً، معتبرةً أنها قُدمت من دون أدلة، بحسب تصريحات المسؤولين القطريين، وقدمت دول الحصار قائمة من المطالب، وقال وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إن "الدوحة مستعدة للتفاوض بشأن قضايا مشروعة تهم جيرانها بالخليج"، لكنه أضاف أن بعض المطالب تنافي المنطق، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز، الخميس 29 يونيو/حزيران 2017، فيما أوشكت المهلة التي حددتها دول الحصار للرد على مطالبها على الانتهاء.

الخبير في شؤون الخليج نيل بارتريك اعتبر هذه الأزمة "تمثل الفشل التام لمشروع الوحدة الخليجي". وفقاً لما ذكرته صحيفة "Le Monde Diplomatique" الفرنسية، الثلاثاء 27 يونيو/حزيران 2017.

وتساءلت الصحيفة: أي ضوءٍ تُسلِّطه هذه الأزمة على اتهامات السعودية الموجهة ضد جارتها الأصغر منها حجماً، لكن المساوية لها في الثروة، وما علاقة هذه الأزمة بالعلاقات بين كلٍّ من قطر والسعودية واليمن، حيث تنخرط الدولتان في عملياتٍ عسكرية منذ عام 2015.


الملف اليمني


وتشير الصحيفة الفرنسية إلى أنه قبل عقدٍ من الزمن، تعاملت السعودية وقطر مع الصراع بين علي عبد الله صالح والحوثيين بطريقةٍ مختلفة إلى حد كبير.

فقد شارك الجيش السعودي، قبل حملته العسكرية الحالية في اليمن، في الحروب المدمرة التي خاضها صالح ضد الحوثيين (2004-2010)، مُدمِّراً بنية تحتية هائلة، ومُتسبِّباً في الكثير من القتلى بين المدنيين.

وتضيف الصحيفة أن السعودية أمدَّت الحكومة اليمنية آنذاك بالأسلحة، من بينها صواريخ ربما يستخدمها أولئك المعارضون لتدخلها العسكري ضدها الآن، وسمحت للجيش اليمني باستخدام أراضيها للقيام بعملياتٍ عسكرية ضد المتمردين.

هذه الحروب العقيمة لم تؤد إلا إلى تقوية الحوثيين وفضح عجز الجيش السعودي، بحسب "Le Monde Diplomatique"، (ولهذا السبب لم تلتزم السعودية بنشر قواتٍ برية عبر حدودها الجنوبية في حربها الحالية ضد ميليشيات المتمردين).

ومن تلك الحروب المتقطعة التي جرت في بدايات القرن الواحد والعشرين، استنتج ياسر العوضي، نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر الشعبي العام، في مقابلة مع الواشنطن بوست، 7 يونيو/حزيران 2008، أنَّ "السعودية تهتم بهذه الحرب في اليمن أكثر من اهتمام اليمن نفسه بها". واعترف بأنَّ السعودية مارست ضغوطاً على اليمن من أجل أن "تقوم بحملةٍ" على الحوثيين.

وبحسب نبيل خوري، الذي عمل نائباً للسفير الأميركي في صنعاء بين عامي 2004 و2007، فقد "كان السعوديون تقريباً مهووسين بتدمير الحوثيين. وبسبب هذا الانشغال بالحوثيين (…) لم يكن السعوديون، ببساطةٍ، متحمسين للهجوم على تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية".

وانتقد السفير الأميركي لدى اليمن بين عامي 2007 و2010، ستيفن سيتش، دخول السعودية هذه الحرب. فقد قال في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2009: "ليس ثمة الكثير من الطرق لتشجيع الإيرانيين على التدخل في التمرد الحوثي أكثر من اصطفاف كل جيران اليمن السُّنّة لتمويل وتجهيز عبد الله صالح وعمليته التي وصفها بـ(عملية الأرض المحروقة)".


جهود الوساطة


وبينما حاولت السعودية التفوق على محاولات وساطة قطر لتحقيق المصالحة بين حركتي فتح وحماس في فلسطين، في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2006، عن طريق رعاية اتفاق مكة بين الفصيلين بعد ذلك بعام، اتخذت طريق الحرب في اليمن (ستبدأ السعودية مغامرتها العسكرية هناك عام 2009).

وبخلاف السعودية، ربطت قطر نفوذها بجهود الوساطة بين الفصائل اليمنية المتحاربة. ففي 2007، دعت القيادة القطرية إلى الدوحة أعضاء من الأحزاب المتعارضة، كان من بينهم اللواء علي محسن، الذي قاد الحملة العسكرية ضد الحوثيين (يشغل حالياً منصب نائب الرئيس في الحكومة اليمنية في المنفى)، والراحل الدكتور عبد الكريم الإرياني (مستشار صالح)، وعضو البرلمان بدر الدين الحوثي.

وتوصلت قطر إلى اتفاقٍ لوقف إطلاق النار في الـ16 من يونيو/حزيران 2007، بعد ثلاث سنواتٍ من الحروب المتقطعة، لكن هذا الاتفاق الهش انهار بعد تجدد الاشتباكات. ثم استؤنفت محادثات السلام في الدوحة، ووقَّع الطرفان المتحاربان ورئيس الوزراء القطري اتفاقاً جديداً، في الأول من فبراير/شباط 2008.

وعارضت السعودية هذا الاتفاق خوفاً من أنَّه قد يمهد الطريق لتولي قادة الحوثيين مناصب حكومية. وأراد اللواء علي محسن، الذي كانت تربطه علاقات وثيقة بولي العهد ووزير الداخلية الراحل نايف بن عبد العزيز، مواصلة الحرب، وشجَّعت أفرع من حزب الإصلاح الملك الراحل عبد الله على الانضمام.

وبعد اتهاماتٍ كاذبة اتهمهم فيها باختطاف عددٍ من المواطنين الألمان والبريطانيين والكوريين الجنوبيين في صعدة، محافظة الحوثيين، شنَّ الرئيس اليمني حرباً أخرى، أكثر تدميراً من سابقاتها، على الحوثيين.

شارك الجيشان اليمني والسعودي في هذه الحرب السادسة معاً. وأعلنت السعودية رسمياً الجهاد ضد "الأشرار" خارج حدودها التي مثَّلت واحدةً من أهم أسباب وجود الدولة السعودية منذ القرن الثامن عشر.

ووجه جيران قطر اتهامات لها بـ"إيواء الإرهابيين وجماعات طائفية"، حسب تعبيرهم، وفي تعليقها على ذلك قالت الصحيفة الفرنسية: "يتساءل المرء إذا كانت السعودية التي تقود حملة الضغط على قطر لحملها على تحويل سياستها الخارجية بالكامل محقةً في ذلك".

وأضافت أنه في عام 1990، شجعت السعودية على إنشاء "الحزب الإسلامي"، التجمُّع اليمني للإصلاح، والذي وصفته الإيكونوميست بأنَّه "فرعٌ محلي من أفرع الإخوان المسلمين" الذي تعاديه السعودية.


الدعم السعودي


وفي كتابتها عن فترة بداية الألفية الثالثة، توضح المحاضِرة الكبيرة بقسم الأمن الدولي والتنمية بجامعة سيدني، سارة فيليبس، أنَّ "الإخوان المسلمين، الذين يشكلون الأساس لجزءٍ كبير مما يُعرف الآن بحزب الإصلاح، كانوا مدعومين من جانب السعودية أيضاً. وبينما لم يعد الحزب يتلقى الأموال مباشرةً من السعودية (على الرغم من أنَّ بعض أعضائه، وأبرزهم الشيخ عبد الله الأحمر وأبناؤه، لا يزالون يتلقون أموالاً بشكلٍ شخصي)، فإنَّه يُعتقَد على نطاقٍ واسع أنَّ الحزب لا يزال يتلقى أموالاً بشكلٍ غير رسمي من شركائه الأيديولوجيين داخل السعودية".

وكان الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر من قبيلة حاشد عظيم النفوذ في المناطق الشمالية من البلاد. وباعتباره شخصيةً بارزة في حزب الإصلاح، فقد مثَّل تعايش المكونات القبلية والإسلامية التي تفضلها السعودية. وظل الشيخ الأحمر ركيزة أساسية من ركائز قيادة الحزب إلى جانب كونه أحد المقربين من علي عبد الله صالح حتى موته المفاجئ عام 2007.


سياسات مختلفة


وكما كان الحال في الحروب السابقة في اليمن (2004ـ2010)، تعاملت قطر والسعودية مع مظاهرات الربيع العربي عام 2011 بطريقتين مختلفتين جذرياً.

فكما قال غيرد نونمان، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جورج تاون في الدوحة، تعود أحد جذور الصراع الحالي إلى "استياء السعودية والإمارات من استقلالية السياسة الخارجية لقطر، بما في ذلك دعمها لحركات الربيع العربي".

فقد وقَّعت دول الخليج على اتفاقٍ، في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2011، بعد التفاوض حول استقالة صالح التي جاءت عقب مظاهراتٍ مستمرة. حدَّدت هذه الاتفاقية مستقبل صالح السياسي بعد الاستقالة، ومبادئ الحكومة الانتقالية. وانضمت أحزاب اللقاء المشترك، التي كان حزب الإصلاح قد سيطر على قيادتها، إلى الحكومة الجديدة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...