web analytics

النص الكامل لحكم إلغاء الاحتفال بمولد «أبو حصيرة» و رفض نقل رفاته إلى إسرائيل‎

جانب من المحاكمة

أصدرت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة المستشار محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، حكمًا حسمت فيه قضية الحاخام اليهودى يعقوب أبو حصيرة وطبقت المحكمة كما ورد فى حيثياتها الثوابت العلمية والتاريخية والآثرية التى قام بها علماء الغرب فى فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإنجلترا قرابة قرن من الزمان التى اتفقت على أن اليهود لم يكن لهم أى تأثير يذكر على الحضارة المصرية ولم يساهموا باى قدر فى المعارف البشرية لتاريخ الحضارة , كما طبقت فيه احكام الاتفاقية الدولية الخاصة بحماية التراث العالمى الثقافى والطبيعى فضلا عن تعرضها لدراسات فى القانون الدولى بشأن القدس العربية المطلوب نقل الرفات اليها لبيان مدى مشروعية طلب سلطة الاحتلال المبدى لمنظمة اليونيسكو, واكدت المحكمة فى خمسة طلبات صدر بها الحكم بكل الاسانيد والبحوث العميقة وافردت لكل طلب منطوق على حدة بما يحدث تكاملا فى الموضوع

واعتبرت المحكمة قرار وزير الثقافة الاسبق الصادر فى يناير 2001 باعتبار ضريح الحاخام اليهودى ابو حصيرة والمقابر اليهودية حوله من الاثار الاسلامية والقبطية معدوما وينطوى على خطأ تاريخى جسيم يمس تراث الشعب المصرى والزمت الحكومة المصرية بشطب ضريح الحاخام اليهودى ابو حصيرة من السجلات الوطنية واعلان قرار الشطب بالوقائع المصرية والزمتها كذلك بابلاغ قرار الشطب للجنة الدولية الحكومية ” لجنة التراث العالمى ” بمنظمة اليونيسكو بعد ان ابلغها وزير الثقافة بان الضريح اثر انسانى واعتبرت المحكمة ان ايداع الترجمة المعتمدة من الصورة الرسمية من الحكم وثيقة وسند فى الابلاغ لتلك المنظمة , كما رفضت نقل الرفات لاسرائيل لتعارضه مع مبدأ نبش القبور فى الاسلام , واعتبرت طلب اسرائيل المبدى لمنظمة اليونيسكو بنقل رفاته للقدس بفلسطين احادى الجانب وتجاهل للسلطات المصرية المختصة , وقد كشفت المحكمة عن الالتفاف الاسرائيلى لدى منظمة اليونيسكو بطلب نقل الرفات الى القدس لتكون المنظمة شاهدة على تكريس فكرة يهودية الدولة على الاراضى الفلسطينية وتغيير هوية القدس العربية من خلال طلب ملغوم بنقل رفات ابو حصيرة للقدس العربية وهو ما يجب ان تفطن اليه تلك المنظمة , واعتبرت المحكمة ان الترهيب بمعاداة السامية هو نوع من الترويع الفكرى الجديد وهو امر ترفضه الاعراف والتقاليد الدولية

وقد أصدرت المحكمة برئاسة المستشار محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محمد حراز ووائل المغاورى نائبى رئيس مجلس الدولة الحكم فى خمسة طلبات هى:

أولاً : بالغاء قرار وزير الثقافة رقم 57 لسنة 2001 فيما تضمنه من اعتبار ضريح الحاخام اليهودى يعقوب ابوحصيرة والمقابر اليهودية الموجودة حوله والتل المقام عليه بقرية ديمتوه بدمنهور بمحافظة البحيرة ضمن الاثار الاسلامية والقبطية لانطوائه على خطأ تاريخى جسيم يمس كيان تراث الشعب المصرى.

ثانيا : بالزام الوزير المختص بشئون الاثار بشطب هذا الضريح من سجلات الاثار الاسلامية والقبطية , لفقدانه الخصائص الاثرية بالكامل ,والزامه كذلك بنشر قرار الشطب بالوقائع المصرية.

ثالثا : بالزام الوزير المختص بشئون الاثار بابلاغ اللجنة الدولية الحكومية “لجنة التراث العالمى “بمنظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونيسكو” بشطب هذا الضريح من سجلات الاثار الاسلامية والقبطية تطبيقا للاتفاقية الدولية الخاصة بحماية التراث العالمى الثقافى والطبيعى والقانون المصرى واعمالا لمبدأ السيادة على الاقليم المصرى الكائن به هذا الضريح على ان يكون ذلك الابلاغ مشفوعا بترجمة معتمدة من الصورة الرسمية من حكم هذه المحكمة باعتباره الوثيقة والسند لهذا الابلاغ.

رابعا : برفض طلب الزام الجهة الادارية بنقل هذا الضريح الى اسرائيل استنادا الى ان الاسلام يحترم الاديان السماوية وينبذ نبش قبور موتاهم, ودون الاستجاية للطلب الاسرائيلى المبدى لمنظمة اليونسكو بنقل الضريح الى القدس اعمالا لقواعد القانون الدولى والقانون الدولى الانسانى واتفاقية جنيف الرابعة واللائحة المتعلقة بقوانين واعراف الحرب البرية لاهاى باعتبار ان القدس ارض محتلة لا ترد عليها تصرفات الدولة الغاصبة وتخرج عن سيادتها وتلافيا لاضفاء شرعية يهودية الدولة بتكريس سلطة الاحتلال الاسرائيلى بتواجد هذا الضريح على ارض فلسطين العربية.

خامسا : الغاء اقامة الاحتفالية السنوية لمولد الحاخام اليهودى يعقوب ابو حصيرة بصفة نهائية لمخالفته للنظام العام والاداب وتعارضه مع وقار الشعائر الدينية وطهارتها وذلك كله على النتحو المبين بالاسباب والزمت الجهة الادارية المصروفات.

وقالت المحكمة فى الطلب الاول الخاص بالغاء قرار وزير الثقافة رقم 57 لسنة 2001 باعتبار ضريح الحاخام اليهودى يعقوب ابو حصيرة من الاثار الاسلامية والقبطية.

وقالت المحكمة فى الطلب الاول ان المشرع الدستورى كان حريصا كل الحرص على مصريته فى التاريخ القديم وجعل من تراث مصرالحضارى والثقافى المادى والمعنوى بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى ثروة قومية وانسانية وحدد فى صراحة ووضوح ان الحضارة المصرية تتمثل فى المصرية القديمة والقبطية والاسلامية وهو ما ردده ايضا المشرع العادى سواء فى نصه القديم او الجديد ومن ثم لا يجوز اضافة مراحل اخرى للتراث المصرى غير تلك التى عناها المشرع ورمى اليها, واضافت ان المشرع اشترط ثلاثة شروط جوهرية لتعريف الاثر والقاسم المشترك بينها هو ان يتخذ الشئ المراد اعتباره اثرا من التاريخ القديم حتى ما قبل مائة عام مظهرا من مظاهر الحضارات التى اقيمت على ارض الكنانة مصر او كانت له صله تاريخية بها , وكذلك رفات السلالات البشرية المعاصرة لها مما انتجته الحضارات التى قامت على ارض مصر , فان لم يتخذ مظهرا من مظاهر الحضارات التى اقيمت على الحيز المكانى لارض مصر ولم تكن له صلة تاريخية بها , فلا يمكن اعتباره من عداد الاثار وفقا للقانون المصرى وينحسر عنه وصف الاثر , ذلك ان اعتبار شئ مما انتجته الحضارات يمثل كيانا حضاريا لشعب من الشعوب يجب ان يتعلق بتاريخ وحضارة هذا الشعب او مقدساته الدينية مما له قيمة معينة للامة

وذكرت المحكمة فى الطلب الاول ان الدراسات التاريخية والاثرية التى قام بها العلماء والمؤرخون فى العالم خاصة العلماء الفرنسيين والالمان والانجليز والايطاليين انتهت الى ان اليهود كانوا اقلية ضئيلة فى مصر الفرعونية ولم يكن لهم شأن يذكر فى مصر القديمة , ذلك ان الاثار المصرية قد خلت من ذكر اليهود وقد خلت جدران المعابد من ثمة دليل على ان اليهود كان لهم شأن يذكر فى مصر القديمة , وان تاريخ اسرائيل يبدأ من حوالى سنة 2000 قبل الميلاد بهجرة ابراهيم عليه السلام واتباعه الى ارض كنعان حيث اقاموا بها بجانب الشعوب السامية الاخرى وانهم كانوا يعيشون على شكل قبائل رحل فى الخيام وترعى الخنازير والاغنام وعندما حل القحط بها رحلوا منها الى مصر الفرعونية لا كغزاة فاتحين وانما كلاجئين من جدب كنعان وحطوا رحالهم فى حوش – فى محافظة الشرقية – ووجدوا فى مصر ضيافة كريمة وحرية واسعة واشتغلوا فى رعاية الماشية وكانوا اقلية وكانت مدة اقامتهم فى مصر لم تزد على مائتى عام حسبما جاء فى التوراة او على الاكثر لم تزد على اربعمائة عام وفقا للرأى الغالب لعلماء التاريخ والاثار,حيث ان مجيئهم لمصر كان اثناء غزو الهكسوس لمصر حوالى 1650 قبل الميلاد وخرجوا منها بعد ان ذاقوا الوان العذاب بسبب قيامهم بسلب المدن المصرية اذ سلبوا انية الذهب والفضة والملابس الثمينة للمصريين كما جاء فى سفر الخروج 12:25:26 وذلك على مرحلتين الاولى فى عهد رمسيس الاول عام 1250 قبل الميلاد والثانية بزعامة موسى عليه السلام فى عهد الملك منفتاح الاول عام 1225 قبل الميلاد خرجو ليتيهوا فى صحراء سيناء الى ان وصلوا الى الضفة الشرقية من ارض كنعان

وأضافت المحكمة فى الطلب الاول انه خلال مدة اقامة اليهود فى مصر الفرعونية لم يثبت التاريخ انهم كانوا قوم حضارة قط بل كانوا متنقلين يعيشون فى الخيام ويرعون الاغنام وقت ان كانت مصر درة الاكوان ولم يتركوا اثناء اقامتهم فى مصر القديمة ثمة اثر يذكر ,وبهذه المثابة فان كل ما له صلة او رابطة باليهود لا يمكن باى حال من الاحوال اعتباره من الاثار المصرية او القبطية او الاسلامية , والا عد ذلك تزييفا للتاريخ الفرعونى واهدارا للحضارة المصرية القديمة والقبطية والاسلامية وانكارا للتراث الانسانى ويكون لزاما على المحكمة وهى قاضى المشروعية ان تنهض الى تطهير الاثار المصرية من هذا الضريح والمقابر اليهودية الموجودة حوله,مما يكون معه قرار وزير الثقافة انذاك – فى يناير 2001 – مخالفا للدستور والقانون مخالفة جسيمة تصل به الى حد العدم لانطوائه على خطأ تاريخى جسيم يمس كيان تراث الشعب المصرى الذى هو ملك لاجيال الامة وليس ملكا لاشخاص الحكام , كما ينطوى على اهدار فادح لما انتهجه المشرع المصرى من عدم اعترافه بأى تأثير يذكر من اليهود ابان اقامتهم القصيرة فى مصر على اى شأن مما انتجته الحضارات التى قامت على أرض مصر.

وأكدت المحكمة فى الطلب الأول ايضا ان اثار الشعوب ملكا لتراثها ولا يمكن اعتبار ضريح الحاخام اليهودى يعقوب ابو حصيرة والمقابر اليهودية الموجودة حوله من الاثار الاسلامية والقبطية , اذ لم يكن لتلك المقابر قيمة او اهمية اثرية او تاريخية حيث انها ليست من مظاهر الحضارات المختلفة التى قامت على ارض مصر او كانت لها صلة تاريخية بها كما لا يجوز اعتبارها من رفات السلالات البشرية لعدم معاصرة اصحابها للحضارة المصرية فى مختلف عصورها التاريخية , واذ لم يكن لليهود ديانة وشعبا اى تأثير يذكر على الحضارة المصرية فى مختلف عصورها ولم يكن للحضارة اليهودية بصفة عامة والديانة اليهودية بصفة خاصة اى تأثير مباشر او غير مباشر على الحضارة المصرية القديمة ولا علاقة لهم بفنون الحضارات المختلفة اذ ان الاثر الدينى عند اى شعب من الشعوب لابد ان يكون متعلقا بمعتقدات وديانة هذا الشعب او على الاقل بفئة منه ذات وجود معتبر, ولم يثبت تاريخيا واثريا ان اليهود قد مارسوا هذا الدور فى اى مرحلة من مراحل التاريخ المصرى القديم منه والحديث وبالتالى فهذا الضريح والمقابر اليهودية الموجودة حوله هى مجرد مدافن عادية لاشخاص عادية مما يكون معه قرار وزير الثقافة مخالفا للدستور الذى لم يعترف بأى تأثير يذكر لليهود على الحضارة المصرية.

كما أشارت المحكمة الطلب الاول ايضا انه قد تلاحظ لديها الى ان وزير الثقافة اصدر قراره باعتبار ضريح ابو حصيرة من الاثار الاسلامية والقبطية فى 24 يناير 2001 اى بعد رفع الدعوى بستة ايام مما ينبئ عن انه لم يصدر قراره بقناعة من الدولة التى يعبر عنها بحكم مسئوليته السياسية فى منصبه بكونه اثرا حقيقيا فى الدستور والقانون والا لكانت الدولة قد اصدرت مثل هذا القرار فيما مضى والضريح مقام منذ زمن , لا ان ينتظر الوزير المذكور بضعة ايام معدودات من اقامة الدعوى وبمناسبة رفعها فيصدر قراره الطعين , وما صدر ذلك منه الا بقصد غل يد المحكمة عن اعمال رقابتها القضائية التى اناطها بها الدستور والقانون لتزن قرار الوزير الذى يمثل جهته الادارية بميزان الحق والعدل قاصدا اضفاء الشرعية على ذلك الضريح مجاملة منه للكيان الصهيونى , وتعجبت المحكمة كيف يكون الاثر اسلاميا وقبطيا حال كون ديانة صاحبه يهودية ؟ مما يثير فتنة بين الديانات , فمن ثم يكون مصدر القرار قد تنكب وجه المصلحة العامة التى يجب ان يتغياها القرار الادارى ويكون باعثه لم يمت بصلة للمصلحة العامة ويعد ضربا من ضروب تعمد مخالفة القانون مع التظاهر باحترامه مما يشوبه بعيب الانحراف بالسلطة.

واختتمت المحكمة الطلب الاول بقولها انها استبحرت فى فكر علماء التاريخ والاثار المتخصصين على مستوى العالم وما تحملته فى سبيل ذلك من كلل مضن دون ملل – فالتعرف على حضارات الشعوب ليست بالامر الهين – ,للوصول الى نقطة البحث الشائكة بقدر ما هى شائقة , ليكون الامر على رقعة واسعة من المعرفة العلمية القانونية السديدة وتتسح على اديمها بخطوات فتية لا يتسع فيها حكم قضائى عن لم شتاتها حجما وكلفة , ولم تجد المحكمة مصرفا عن اجتزاء بعض مضامينها حتى تبقيها فى اطار يقينها ولا تحرم المعرفة القانونية من تاريخ البشرية لتفاصيل تهواها بقناعة المتن بفحواها , وانه كان امام اعينها ما انتهت اليه البعثات الاثرية التى قام بها نخبة من مختلف جنسيات العالم فى ربوع ارض مصر المختلفة عبر قرن من الزمان من اكتشاف وتحليل وتفسير اوراق البردى والاوستراكا والنقوش والنصوص الكلاسيكية التى عثروا عليها لبحث عما اذا كان لليهود ثمة قيمة حضارية اقيمت على ارض مصر ام لا ؟ وتوثق المحكمة من علماء التاريخ والاثار الفرنسيين امثال : جان ايف امبرير, والاخوين اندريه برناند وايتيان برناند, وجاستون كازانوفا , وجان ماسبيرو, ومن العلماء الالمان : كلاوس بارلاسكا ,وكورت فايتسمان , وفون رانكا , ومن العلماء الايطاليين : جوزيف بوتى ,واريستيد كالدرينى , وجاكومو لامبروزو, واخيل ادريانى , ومن العلماء الانجليز : الان ويس , الان رو , الان جاردينر , وجيمس هنرى برستيد , وسير هنرى وليكينسون , وبيتر مارشال فريزر وغيرهم اخرين.

وعن الطلب الثانى الخاص بالزام وزير الاثار بشطب ضريح الحاخام اليهودى يعقوب ابو حصيرة والمقابر اليهودية الموجودة حوله من سجلات الاثار الاسلامية والقبطية والزامه كذلك بنشر قرار الشطب بالوقائع المصرية.

قالت المحكمة فى الطلب الثانى انه لما كان اصول الانسان المصرى ارتبطت بارضه وامتزجت بتراب وطنه فاينعت حضارة يزهو بها المصريون على مر العصور تيها وفخرا على العالمين , اسبغ فيها الانسان المصرى عبقرية على المكان اضحت مزارا يسعى اليه للتعرف على جوانب اشراقاته , فان المشرع المصرى اوجب شطب الاثر اذا ما فقد خصائصه الاثرية بالكامل , كما الزم المشرع نشر قرار شطب الاثر بالوقائع المصرية,حفاظا على التراث المصرى وحمايته من كل دخيل عليه.

وأضافت المحكمة فى الطلب الثانى انه عن الجهة المختصة بتنفيذ ذلك الشطب والنشر فى الوقائع المصرية فقد كان يتعين الزام وزير الثقافة بصفته رئيس المجلس الاعلى للاثار بتنفيذ ذلك الحكم ,الا انه تكشف للمحكمة انه بعد ثورة 25 يناير 2011 فان المجلس الاعلى للقوات المسلحة اصدر قراره رقم 283 لسنة 2012 باستبدال عبارة الوزير المختص بشئون الاثار بدلا من وزير الثقافة بشأن المجلس الاعلى للاثار ومن ثم فان الاختصاص قد انتقل من وزير الثقافة الى الوزير المختص بشئون الاثار بعد ان اسندت الى الاخير رئاسة المجلس الاعلى للاثار بكافة الحقوق والالتزامات واستنادا الى قرار المجلس العسكرى اصدر رئيس الجمهورية الحالى قراره رقم 189 لسنة 2014 بتشكيل الحكومة وتعيين مجلس الوزراء متضمنا تعيين وزيرا للاثار والتراث اعقبه قرار جمهورى اخر برقم 193 لسنة 2014 باستبدال عبارة وزير الاثار بعبارة وزير الاثار والتراث وبهذه المثابة يكون وزير الاثار هو المختص بشطب الضريح ونشره بالوقائع المصرية

وعن الطلب الثالث بالزام وزير الاثار بابلاغ اللجنة الدولية الحكومية “لجنة التراث العالمى “بمنظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونيسكو” بشطب هذا الضريح من سجلات الاثار الاسلامية والقبطية على ان يكون الابلاغ مشفوعا بترجمة معتمدة من الصورة الرسمية من حكم هذه المحكمة باعتباره الوثيقة والسند لهذا الابلاغ

قالت المحكمة فى الطلب الثالث ان حرص المشرع الدستورى على جذوره الحضارية الضاربة فى اعماق التاريخ التى كان من نتاجها استواء الحماية على الاثار التى هى فى الحقيقة والواقع الادلة الثابتة على عراقة هذا الوطن والشواهد على عبقرية الانسان والمكان ولم يكن المشرع المصرى بمعزل عن الحركة الاثرية فى العالم التى تمثلت فى باكورة اهتمام العالم بالتراث بابرام الدول الاعضاء الاتفاقية الخاصة بحماية التراث العالمى الثقافى والطبيعى التى اقرها المؤتمر العام لمنظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ” اليونسكو” فى دورته السابعة عشرة التى عقدت فى باريس 16 نوفمبر عام 1972 والتى صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1965 لسنة 1973 فى 30 ديسمبر 1973 بالموافقة عليها والتصديق عليها فى 2 يناير 1974 وصدر قرار وزير الخارجية فى اول اكتوبر 1978 بنشرها فى الجريدة الرسمية ومن ثم اضحت احكام تلك الاتفاقية فى نسيج التشريعات الوطنية اعمالا للدستور الذى الزم الدولة بالاتفاقيات التى صدقت عليها مصر

واضافت المحكمة فى الطلب الثالث ان المبدأ الحاكم الذى استنته منظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ” اليونسكو” فى المعاهدة الدولية المشار اليها ان الدولة التى يقع فى اقليمها التراث الثقافى والطبيعى بحكم ما لها من سيادة هى التى تقرر ما يعتبر اثرا وما لا يعد كذلك , فان اعتبرت الشئ اثرا وجب حمايته ليس فقط على الدولة التى يقع فى اقليمها الاثر , وانما يقع هذا الالتزام على غيرها من الدول احتراما وتقديرا للاثار التى تتمتع بصفة كونها تراثا انسانيا , اما اذا اعتبرت الدولة ان الشئ ليس اثرا فانه يتوجب على المنظمة الدولية وسائر الاعضاء الاطراف شطبه وعدم الاعتراف به احتراما لمبدأ اصيل فى القانون الدولى هو احترام سيادة الدولة , كما ان المشرع المصرى اوجب ابلاغ قرار شطب الاثر فى حالة فقدانه الخصائص الاثرية بالكامل للجهات التى سبق وان ابلغت بتسجيله اثرا ويثبت ذلك الاخطار على هامش تسجيل الاثر بالمجلس ,ومن تلك الجهات بلا ريب اللجنة الدولية الحكومية ” لجنة التراث العالمى ” بمنظمة اليونيسكو, ولما كان وزير الثقافة الاسبق الذى اصدر القرار عام 2001 اخطر منظمة اليونيسكو باعتبار ضريح ابو حصيرة اثرا اسلاميا وقبطيا وقيد لدى المنظمة الدولية برقم 16 نسبة الى انتماء صاحبه لليهودية واعتبرته تراثا عالميا – وهو ما لم تنكره الجهة الادارية او تقدم ما ينقضه – مما يتعين معه الحكم بالزام وزير الاثار بابلاغ لجنة التراث العالمى بتلك المنظمة بشطب هذا الضريح من سجل الاثار الاسلامية والقبطية تطبيقا لاحكام التفاقية الدولية الخاصة بحماية التراث العالمى الثقافى والطبيعى واعمالا لمبدأ السيادة على الاقليم المصرى الكائن به هذا الضريح على ان يكون الابلاغ مشفوعا بترجمة معتمدة من الصورة الرسمية من حكم هذه المحكمة باعتباره الوثيقة والسند لهذا الابلاغ

وعن الطلب الرابع برفض طلب الزام الجهة الادارية بنقل هذا الضريح الى اسرائيل ودون الاستجاية للطلب الاسرائيلى المبدى لمنظمة اليونسكو بنقل الضريح الى القدس

قالت المحكمة فى الطلب الرابع انه عن طلب نقل رفات الحاخام اليهودى ابو حصيرة الى اسرائيل : فانه لما كانت مصر مهد الدين وراية مجد الاديان السماوية وكان الاسلام الذى هو دين الدولة المصرية بمبادئ الشريعة الغراء التى عدها المشرع الدستورى المصدر الرئيسى للتشريع , يحترم الاديان السماوية ويحترم موتاهم وينبذ نبش قبورهم بما يحمله ذلك من سماحة وسلام ارسى دعائمها رسول الانسانية محمد عليه الصلاة والسلام – الذى بعث للناس كافة ليتمم مكارم الاخلاق – بقوله ” من اذى ذميا فانا خصيمه يوم القيامة ” رواه مسلم, كما انه عندما مرت جنازة على الرسول الكريم فوقف احتراما لها فاذا بأحد الصحابة يقول له : ” انها جنازة يهودى ” فقال له الرسول الكريم ” اليست نفسا ” وهذا له دلالته الساطعة على ان الاسلام يسوى بين الموتى حينما وقف رسول الرحمة المهداة للعالمين احتراما لروح غير مسلم تصعد لبارئها وبغض النظر عن ديانة صاحبها , فضلا عن ان الاسلام امر بحسن معاملة الطوائف غير الاسلامية من اهل الكتاب وعدم الاساءة اليهم والا يضاروا فى انفسهم او اموالهم , واية ذلك انه فى عهد خليفة المسلمين الفاروق عمر بن الخطاب حينما فتح ” بيت المقدس” اعطى لاهل الكتاب امانا لانفسهم وصلبانهم وكنائسهم لا تسكن كنائسهم ولا ينتقص منها ولا من حيزها ولا من صليبها ولا يضارون فى انفسهم او اموالهم

واضافت المحكمة فى الطلب الرابع انها عقدت مقارنة بين الفقه والقضاء بين كل من فرنسا ومصر بصدد النظام القانونى للجبانات والمقابر وما ينتظمها من حقوق فان الفقه الفرنسى ينظر الى الجبانات والمقابر على انها تراخيص لها صفة العقود الادارية وتتسم بطابع الاستقرار لاقامة مدافن او احواش عليها بينما يذهب القضاء الفرنسى الى ان حق المرخص له فى الانتفاع بجزء من اراضى الجبانات هو حق عينى عقارى موضوعه الانتفاع بالجزء المخصص فى الاغراض المحددة فى الترخيص بمراعاة ان رغبة الاسرة هى ان يستقر موتاهم فى المكان الذى خصص لهم اما فى مصر فان الترخيص بمثل هذا النوع من الانتفاع يرتبط باعتبارات ومعتدقات دينية واعراف مقدسة عميقة الجذور فى نفوس الكافة منذ فجر التاريخ باعتبار ان القبر هو مأوى المرء وداره التى يوارى فيها بعد انتهاء رحلته الدنيوية وكل ذلك اضفى على التراخيص بشغل اراضى الجبانات فى مصر منذ وجدت طابعا من الثبات والاستقرار لا يزحزحه الا انهاء تخصيص المكان للدفن وقلما يتم ذلك الا فيما يتعلق بالجبانات التى بطل الدفن فيها ودست معالمها

واشارت المحكمة فى الطلب الرابع الى انه لما كان الاسلام يقف موقف المتسامح والسلام مع طوائف غير المسلمين من اهل الكتاب الذين ينعمون فى مصر بكافة الحقوق والحريات العامة ومنها حرية العقيدة وكان الاسلام هو دين الدولة فان نقل رفات الحاخام اليهودى يعقوب ابو حصيرة من مصر الى اسرائيل يتعارض مع سماحة الاسلام ونظرته الكريمة لاهل الكتاب واحترام قبور موتاهم بحسبانها مأوى المرء ايا كانت ديانته بعد مماته وداره التى يوارى فيها بعد خلاص حياته الدنيوية واذ خلت الاوراق من ثمة حجة قانونية او ضرورة ملجئة تقتضى نقل هذا الرفات الى اسرائيل فمن ثم يغدو هذا الطلب غير مستند الى اساس سليم مما يتعين رفضه

واكدت المحكمة انه وعن عدم الاستجابة للطلب الاسرائيلى المبدى لمنظمة اليونيسكو بنقل رفات الحاخام اليهودى ابو حصيرة من مصر الى القدس – وهو مالم تنكره الحكومة المصرية او تقدم ما يدحضه او تعقب عليه – فان بحثه يتطلب من المحكمة بداءة التعرف على قواعد القانون الدولى والقانون الدولى الانسانى والاتفاقيات الدولية ذات الصلة لبحث ما اذا كانت الارض المطلوب نقل الرفات اليها هى ارض ملك دولة اسرائيل ام انها ارض مغتصبة تحت نير الاحتلال ؟

وقالت المحكمة فى ذلك ان المستقر عليه دوليا ومنذ الاحتلال الاسرائيلى للقدس الفلسطينية للجانب الغربى منها عام 1948 والجزء الشرقى منها عام 1967 ان سلطة الاحتلال الاسرائيلى دأبت على الاستيطان بها وتهويدها بالمخالفة لمبادئ القانون الدولى والقانون الدولى الانسانى وايته ان معظم السواد الاعظم من اعضاء المجتمع الدولى انتهى الى ان المستوطنات الاسرائيلية فى الاراضى الفلسطينية المحتلة – خاصة القدس الشرقية – تمثل خرقا لقواعد القانون الدولى , وانتهت منظمة الامم المتحدة الى ان بناء اسرائيل لتلك المستوطنات يشكل انتهاكا لاحكام المادة 49 فى فقرتها السادسة من اتفاقية جنيف الرابعة والتى تحظر على القوة المحتلة نقل مجموعات من سكانها المدنيين الى الاراضى التى تحتلها , وقد تبنى مجلس الامن بمنظمة الامم المتحدة القرار رقم 448 فى مارس 1979 واعتبرها غير قانونية بل اصدرت محكمة العدل الدولية رأيا استشاريا فى عام 2004 انتهت فيه الى ان بناء تلك المستوطنات غير شرعية وهو ما اعلنه الامين العام للامم المتحدة ذاته بان كى مون فى ابريل 2012 حيال النشاط الاستيطانى لسلطات الاحتلال الاسرائيلية , فضلا عن انتهاكها لقواعد القانون الدولى الانسانى خاصة المادة 53 من معاهدة جنيف الرابعة التى تحظر تمدير الممتلكات الخاصة الا اذا اعتبرت ضرورة للعمليات العسكرية وانتهاكا للمادة 46 من اللائحة المتعلقة بقوانين واعراف الحرب البرية لاهاى التى نصت على انه ينبغى احترام شرف الاسرة وحقوقها وحياة الاشخاص والملكية الخاصة وكذلك المعتقدات والشعائر الدينية ولا تجوز مصادر الملكية الخاصة والمادة 55 التى نصت على انه لا تعتبر دولة الاحتلال نفسها سوى مسئول ادارى ومنتفع من المؤسسات والمبانى العمومية والغابات والاراضى الزراعية التى تملكها الدولة المعادية والتى توجد فى البلد الواقع تحت الاحتلال وينبغى عليها صيانة باطن هذه الممتلكات وادارتها وفقا لقواعد الانتفاع

واضافت المحكمة فى ذلك انه فى ضوء ما تقدم من نصوص للمعاهدات السالفة وما صدر عن اجهزة منظمة الامم المتحدة يبدو جليا ان القدس هى ارض فلسطين وان سلطة اسرائيل عليها هى سلطة احتلال ويكون القصد من طلب الجانب الاسرائيلى لمنظمة اليونيسكو لنقل رفات رجل دين يهودى لتهويد القدس العربية, واضفاء شرعية دولية على ان القدس عاصمة اسرائيل وهى فى الحق والعدل وطبقا لقواعد القانون الدولى – على نحو ما سلف – عاصمة فلسطين ومما لا مرية فيه ان مثل هذه المستوطنات تنال من حق الدولة الفلسطينية المستقبلية فى السيادة والاستقلال السياسى والاقتصادى والاجتماعى وحق شعبها الاصيل مثله مثل كافة الشعوب فى تقرير مصيره , وبهذه المثابة فان الارض – القدس – محل الطلب الاسرائيلى المبدى لمنظمة اليونيسكو لنقل رفات الحاخام اليهودى اليها هى ارض مغتصبة من سلطة الاحتلال الاسرائيلى والارض المحتلة لا ترد عليها تصرفات الدولة الغاصبة ولا تدخل فى سيادتها ولا يكسبها ذلك حقا مهما طال الزمان ولا يجوز – والحال كذلك – نقل الرفات اليها.

كما اشارت المحكمة كذلك الى ان الاستجابة لطلب اسرائيل المبدى لمنظمة اليونيسكو بنقل رفات الحاخام اليهودى يعقوب ابو حصيرة من مصر الى القدس ليكون مزارا دينيا فى ارض فلسطين العربية تعد محاولة منها لان تعتبر نفسها المتحدث الرسمى الوحيد بلسان الديانة اليهودية فتتحول بذلك من كائن سياسى الى كائن دينى وهو الامر المحظور دوليا وينجلى الهدف من لجوئها لمنظمة اليونيسكو للسعى الى احراز انتصار معنوى على مصر ردا على هزيمة اكتوبر 1973 فهى تريد ان تدير صراحا من نوع جديد فى المنطقة وهو الصراع الحضارى بعد ان عجزت عن حسم الصراع عسكريا بانتصار مصر فى اكتوبر المجيد وهو ما يجب ان تفطن اليه المنظمة الدولية وتتنزه عنه , ولا مرية فى ان الادعاء الى الترهيب بمعاداة السامية – وهو نوع من الترويع الفكرى الجديد – امر ترفضه الاعراف والتقاليد الدولية.

وقد اعملت المحكمة مادار فى وجدانها باعتبارها رمزا من رموز العدالة فى مصر بانها تنشد ان تمتد روح العدالة والقانون بحيث تستظل شعوب العالم وتنعم بالعدل وقيمة القانون وانه لا يفوتها ان تشير الى ان سلطة الاحتلال الاسرائيلى اتبعت – ولاتزال – سياسة التطهير العرقى للمناطق التى كانت تستولى عليها من مواطنيها الفلسطينيين بهدف ايجاد مجتمع متجانس عرقيا يقتصر على اليهود على اساس تكريس وتبرير العنصرية الايدولوجية الاقصائية والغاء الوجود الفلسطينى واخراجه من سياق التاريخ , ولم تستطع منظمة الامم المتحدة ولا الدول الكبرى ايجاد حل عادل حتى الان , واذا لم تجد قواعد القانون الدولى الاحترام الواجب من المنظمة المنوط بها تطبيق احكامه فقد اضحى تناقضا فى دور تفعيل قواعد القانون الدولى فى الجماعة الدولية , ذلك انه قد اتسع قانون البشرية المشترك وتخطت دائرة قانون الامم المتحدة فى انفراجها كل ما عرفه التاريخ ومع ذلك فان ثقة البشر فى جدوى القانون الدولى وفعاليته فى حل مشاكلهم ثقة بدت تتناقص يوما بعد يوم ,وايته ما يحدث من الاحتلال الاسرائيلى فى الاراضى الفلسطينية المحتلة التى لا تفتأ ان تنال من هيبة القانون الدولى مما تهتز فيه القيم الاخلاقية فى العالم ,فى حين ان وحدة البشرية فى السلام والاخوة والحرية تتطلب دعامة من الاخلاق قوية ولابد للعالم من ان يهدهد من خلافاته المذهبية وان يدفن احقاه العنصرية ومن غير تطبيق عادل لقواعد القانون الدولى لفلسطين فسيبقى المجتمع الدولى باسره مهدد بازمة اخلاقية مصيرية لا دافع لها الا بتطبيق عادل وصحيح لقواعد القانون الدولى وبغير قيام منظمة الامم المتحدة والدول الكبرى المتمدينة ببسط قواعد العدل والانصاف لشعب فلسطين فلن تحقق جهود تلك المنظمة الدولية للانسان قدرا اكثر من الحرية بقدر ما يبكبلهم بمزيد من قيود العبودية ! ومما لا ريب فيه ان تقديم طلب نقل رفات الحاخام اليهودى ابو حصيرة من مصر الى القدس لمنظمة اليونيسكو هو اجراء احادى الجانب وتجاهل للسلطات المصرية الرسمية المختصة وهو ما يعد التفافا على التزامات اسرائيل الدولية واستخداما منها لمنظمة دولية لنقل رفات رجل يهودى لتكريس مفهوم يهودية الدولة على ارض فلسطين التاريخية لتكون شاهدة عليها الامر الذى تفطن فيه المحكمة بالغرض غير المشروع للاستجابة لطلب نقل رفات الحاخام اليهودى الى القدس.

وعن الطلب الخامس والاخير بالغاء اقامة الاحتفالية السنوية لمولد الحاخام اليهودى يعقوب ابو حصيرة بصفة نهائية.

قالت المحكمة فى الطلب الخامس والاخير ان المشرع الدستورى كفل حرية العقيدة وكذلك حرية ممارسة الشعائر الدينية , فالدستور المصرى يحمى هذه الحريات مادام انها لا تخل بالنظام العام ولا تنافى الاداب ,فضلا عن تمتع الطوائف غير الاسلامية من اهل الكتاب بحرية القيام بممارسة شعائرها الدينية وهذا يرجع الى سماحة الدين الاسلامى والتفهم الواعى لحرية العقيدة التى حرصت مصر على تقريرها واعلانها فى كل مناسبة , غير ان التمتع بحرية ممارسة الشعائر الدينية واقامة الاحتفال لها يلزم ان تتم مظاهره فى بيئة محترمة تتفق مع وقار الشعائر الدينية وطهارتها والا تكون سببا فى الاحتكاك بين الطوائف الدينية واثارة الفتن بينها.

وأضافت المحكمة فى الطلب الخامس ان الثابت بالاوراق ان الاحتفال السنوى المقرر لمولد الحاخام اليهودى يعقوب ابو حصيرة – وهو فرد عادى – وما يصاحبه من ممارسات ابرزها المدعى فى صحيفة دعواه واضحت من قبيل العلم العام للكافة ودون ان تدحضها الجهة الادارية تتمثل فى قيام اليهود المحتفلين الزائرين لضريح ابوحصيرة والمقابر اليهودية التى حوله باحتساء الخمر وظهورهم بملابس خليعة ومما رسات غير اخلاقية وارتكاب الموبيقات والمحرمات بما يتعارض مع التقاليد الاسلامية الاصيلة ومما لا شك فيه ان قيام مظاهر هذا الاحتفال على نحو يخالف التقاليد الاسلامية والاداب يشكل مساسا بالامن العام والسكينة العامة ويمثل خروجا سافرا على ما تتمتع به الشعائر الدينية من وقار وطهارة.

وانتهت المحكمة فى الطلب الخامس ان مظاهرالاحتفال بمولد الحاخام اليهودى ابو حصيرة تعد انتهاكا بما تتمتع به التقاليد المصرية من اداب الامر الذى ينطوى على ايذاء الشعور الانسانى للمسلمين والاقباط على حد سواء خاصة وان المسلمين والمسحيين يرون مقدساتهم الاسلامية والمسيحية تنتهك فى القدس دون مراعاة لما احتوته الاديان السماوية من قيم واحترام تمثل فى التعرض الدائم لقوات الاحتلال الاسرائيلية للمسجد الاقصى المبارك وما سبقه من قيام المتطرفين اليهود جماعة امناء جبل الهيكل بوضع حجر اساس بشكل رمزى لبناء الهيكل اليهودى الثالث المزعوم بالقرب من باب المغاربة بحكم من المحكمة الاسرائيلية بالمخالفة لما استنته محكمة العدل الدولية وخرقا للشرعية الدولية والاتفاقيات الدولية ذات الصلة, وعلى الرغم من ان القدس ارض محتلة وغير معترف – وفقا لقواعد القانون الدولى – بشرعية اى تصرف اسرائيلى فيها وهذا ما يثير مشاعر المسلمين بالمساس باقدس المقدسات الاسلامية بالحرم القدسى الشريف اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم – وما تفعله سلطات الاحتلال الاسرائيلى من توسيع الاستيطان وهدم منازل الفلسطينيين,فضلا عن المجزرة التى ارتكبتها القوات الاسرائيلية فى اكتوبر 1990 باطلاقها النار على المصلين ومحاولة احراق المسجد الاقصى عام 1996 , كما ان ما يحدث فى القدس لا يثير مشاعر المسلمين فحسب بل يثير مشاعر المسيحيين ايضا فى بيت لحم وبيت جالا وبيت جحود وما يمثله هذا الاعتداء الوحشى الذى لم يسبق له مثيل من قتل المدنيين والاطفال بقذائف الدبابات والصواريخ وطائرات الاباتشى وهدم المنازل فوق رؤوس اهلها واقتلاع اشجار الزيتون وتدمير مشروعات البنية التحتية رغم ما تبذله مصر فى صبر واناة كدعاة امن وسلام , ولا حرب ودمار , ولا قهر واستعمار , الامر الذى يكون معه اقامة تلك الاحتفالية فى تلك الظروف والمناسبات مما يمس الامن العام والسكينة العامة مما يتعين معه الحكم فى الطلب الخامس بالغاء تلك الاحتفالية السنوية بصفة نهائية لمخالفتها للنظام العام والاداب وتعارضها مع وقار الشعائر الدينية.

جانب من المحاكمة

جانب من المحاكمة

أصدرت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة المستشار محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، حكمًا حسمت فيه قضية الحاخام اليهودى يعقوب أبو حصيرة وطبقت المحكمة كما ورد فى حيثياتها الثوابت العلمية والتاريخية والآثرية التى قام بها علماء الغرب فى فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإنجلترا قرابة قرن من الزمان التى اتفقت على أن اليهود لم يكن لهم أى تأثير يذكر على الحضارة المصرية ولم يساهموا باى قدر فى المعارف البشرية لتاريخ الحضارة , كما طبقت فيه احكام الاتفاقية الدولية الخاصة بحماية التراث العالمى الثقافى والطبيعى فضلا عن تعرضها لدراسات فى القانون الدولى بشأن القدس العربية المطلوب نقل الرفات اليها لبيان مدى مشروعية طلب سلطة الاحتلال المبدى لمنظمة اليونيسكو, واكدت المحكمة فى خمسة طلبات صدر بها الحكم بكل الاسانيد والبحوث العميقة وافردت لكل طلب منطوق على حدة بما يحدث تكاملا فى الموضوع

واعتبرت المحكمة قرار وزير الثقافة الاسبق الصادر فى يناير 2001 باعتبار ضريح الحاخام اليهودى ابو حصيرة والمقابر اليهودية حوله من الاثار الاسلامية والقبطية معدوما وينطوى على خطأ تاريخى جسيم يمس تراث الشعب المصرى والزمت الحكومة المصرية بشطب ضريح الحاخام اليهودى ابو حصيرة من السجلات الوطنية واعلان قرار الشطب بالوقائع المصرية والزمتها كذلك بابلاغ قرار الشطب للجنة الدولية الحكومية ” لجنة التراث العالمى ” بمنظمة اليونيسكو بعد ان ابلغها وزير الثقافة بان الضريح اثر انسانى واعتبرت المحكمة ان ايداع الترجمة المعتمدة من الصورة الرسمية من الحكم وثيقة وسند فى الابلاغ لتلك المنظمة , كما رفضت نقل الرفات لاسرائيل لتعارضه مع مبدأ نبش القبور فى الاسلام , واعتبرت طلب اسرائيل المبدى لمنظمة اليونيسكو بنقل رفاته للقدس بفلسطين احادى الجانب وتجاهل للسلطات المصرية المختصة , وقد كشفت المحكمة عن الالتفاف الاسرائيلى لدى منظمة اليونيسكو بطلب نقل الرفات الى القدس لتكون المنظمة شاهدة على تكريس فكرة يهودية الدولة على الاراضى الفلسطينية وتغيير هوية القدس العربية من خلال طلب ملغوم بنقل رفات ابو حصيرة للقدس العربية وهو ما يجب ان تفطن اليه تلك المنظمة , واعتبرت المحكمة ان الترهيب بمعاداة السامية هو نوع من الترويع الفكرى الجديد وهو امر ترفضه الاعراف والتقاليد الدولية

وقد أصدرت المحكمة برئاسة المستشار محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محمد حراز ووائل المغاورى نائبى رئيس مجلس الدولة الحكم فى خمسة طلبات هى:

أولاً : بالغاء قرار وزير الثقافة رقم 57 لسنة 2001 فيما تضمنه من اعتبار ضريح الحاخام اليهودى يعقوب ابوحصيرة والمقابر اليهودية الموجودة حوله والتل المقام عليه بقرية ديمتوه بدمنهور بمحافظة البحيرة ضمن الاثار الاسلامية والقبطية لانطوائه على خطأ تاريخى جسيم يمس كيان تراث الشعب المصرى.

ثانيا : بالزام الوزير المختص بشئون الاثار بشطب هذا الضريح من سجلات الاثار الاسلامية والقبطية , لفقدانه الخصائص الاثرية بالكامل ,والزامه كذلك بنشر قرار الشطب بالوقائع المصرية.

ثالثا : بالزام الوزير المختص بشئون الاثار بابلاغ اللجنة الدولية الحكومية “لجنة التراث العالمى “بمنظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونيسكو” بشطب هذا الضريح من سجلات الاثار الاسلامية والقبطية تطبيقا للاتفاقية الدولية الخاصة بحماية التراث العالمى الثقافى والطبيعى والقانون المصرى واعمالا لمبدأ السيادة على الاقليم المصرى الكائن به هذا الضريح على ان يكون ذلك الابلاغ مشفوعا بترجمة معتمدة من الصورة الرسمية من حكم هذه المحكمة باعتباره الوثيقة والسند لهذا الابلاغ.

رابعا : برفض طلب الزام الجهة الادارية بنقل هذا الضريح الى اسرائيل استنادا الى ان الاسلام يحترم الاديان السماوية وينبذ نبش قبور موتاهم, ودون الاستجاية للطلب الاسرائيلى المبدى لمنظمة اليونسكو بنقل الضريح الى القدس اعمالا لقواعد القانون الدولى والقانون الدولى الانسانى واتفاقية جنيف الرابعة واللائحة المتعلقة بقوانين واعراف الحرب البرية لاهاى باعتبار ان القدس ارض محتلة لا ترد عليها تصرفات الدولة الغاصبة وتخرج عن سيادتها وتلافيا لاضفاء شرعية يهودية الدولة بتكريس سلطة الاحتلال الاسرائيلى بتواجد هذا الضريح على ارض فلسطين العربية.

خامسا : الغاء اقامة الاحتفالية السنوية لمولد الحاخام اليهودى يعقوب ابو حصيرة بصفة نهائية لمخالفته للنظام العام والاداب وتعارضه مع وقار الشعائر الدينية وطهارتها وذلك كله على النتحو المبين بالاسباب والزمت الجهة الادارية المصروفات.

وقالت المحكمة فى الطلب الاول الخاص بالغاء قرار وزير الثقافة رقم 57 لسنة 2001 باعتبار ضريح الحاخام اليهودى يعقوب ابو حصيرة من الاثار الاسلامية والقبطية.

وقالت المحكمة فى الطلب الاول ان المشرع الدستورى كان حريصا كل الحرص على مصريته فى التاريخ القديم وجعل من تراث مصرالحضارى والثقافى المادى والمعنوى بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى ثروة قومية وانسانية وحدد فى صراحة ووضوح ان الحضارة المصرية تتمثل فى المصرية القديمة والقبطية والاسلامية وهو ما ردده ايضا المشرع العادى سواء فى نصه القديم او الجديد ومن ثم لا يجوز اضافة مراحل اخرى للتراث المصرى غير تلك التى عناها المشرع ورمى اليها, واضافت ان المشرع اشترط ثلاثة شروط جوهرية لتعريف الاثر والقاسم المشترك بينها هو ان يتخذ الشئ المراد اعتباره اثرا من التاريخ القديم حتى ما قبل مائة عام مظهرا من مظاهر الحضارات التى اقيمت على ارض الكنانة مصر او كانت له صله تاريخية بها , وكذلك رفات السلالات البشرية المعاصرة لها مما انتجته الحضارات التى قامت على ارض مصر , فان لم يتخذ مظهرا من مظاهر الحضارات التى اقيمت على الحيز المكانى لارض مصر ولم تكن له صلة تاريخية بها , فلا يمكن اعتباره من عداد الاثار وفقا للقانون المصرى وينحسر عنه وصف الاثر , ذلك ان اعتبار شئ مما انتجته الحضارات يمثل كيانا حضاريا لشعب من الشعوب يجب ان يتعلق بتاريخ وحضارة هذا الشعب او مقدساته الدينية مما له قيمة معينة للامة

وذكرت المحكمة فى الطلب الاول ان الدراسات التاريخية والاثرية التى قام بها العلماء والمؤرخون فى العالم خاصة العلماء الفرنسيين والالمان والانجليز والايطاليين انتهت الى ان اليهود كانوا اقلية ضئيلة فى مصر الفرعونية ولم يكن لهم شأن يذكر فى مصر القديمة , ذلك ان الاثار المصرية قد خلت من ذكر اليهود وقد خلت جدران المعابد من ثمة دليل على ان اليهود كان لهم شأن يذكر فى مصر القديمة , وان تاريخ اسرائيل يبدأ من حوالى سنة 2000 قبل الميلاد بهجرة ابراهيم عليه السلام واتباعه الى ارض كنعان حيث اقاموا بها بجانب الشعوب السامية الاخرى وانهم كانوا يعيشون على شكل قبائل رحل فى الخيام وترعى الخنازير والاغنام وعندما حل القحط بها رحلوا منها الى مصر الفرعونية لا كغزاة فاتحين وانما كلاجئين من جدب كنعان وحطوا رحالهم فى حوش – فى محافظة الشرقية – ووجدوا فى مصر ضيافة كريمة وحرية واسعة واشتغلوا فى رعاية الماشية وكانوا اقلية وكانت مدة اقامتهم فى مصر لم تزد على مائتى عام حسبما جاء فى التوراة او على الاكثر لم تزد على اربعمائة عام وفقا للرأى الغالب لعلماء التاريخ والاثار,حيث ان مجيئهم لمصر كان اثناء غزو الهكسوس لمصر حوالى 1650 قبل الميلاد وخرجوا منها بعد ان ذاقوا الوان العذاب بسبب قيامهم بسلب المدن المصرية اذ سلبوا انية الذهب والفضة والملابس الثمينة للمصريين كما جاء فى سفر الخروج 12:25:26 وذلك على مرحلتين الاولى فى عهد رمسيس الاول عام 1250 قبل الميلاد والثانية بزعامة موسى عليه السلام فى عهد الملك منفتاح الاول عام 1225 قبل الميلاد خرجو ليتيهوا فى صحراء سيناء الى ان وصلوا الى الضفة الشرقية من ارض كنعان

وأضافت المحكمة فى الطلب الاول انه خلال مدة اقامة اليهود فى مصر الفرعونية لم يثبت التاريخ انهم كانوا قوم حضارة قط بل كانوا متنقلين يعيشون فى الخيام ويرعون الاغنام وقت ان كانت مصر درة الاكوان ولم يتركوا اثناء اقامتهم فى مصر القديمة ثمة اثر يذكر ,وبهذه المثابة فان كل ما له صلة او رابطة باليهود لا يمكن باى حال من الاحوال اعتباره من الاثار المصرية او القبطية او الاسلامية , والا عد ذلك تزييفا للتاريخ الفرعونى واهدارا للحضارة المصرية القديمة والقبطية والاسلامية وانكارا للتراث الانسانى ويكون لزاما على المحكمة وهى قاضى المشروعية ان تنهض الى تطهير الاثار المصرية من هذا الضريح والمقابر اليهودية الموجودة حوله,مما يكون معه قرار وزير الثقافة انذاك – فى يناير 2001 – مخالفا للدستور والقانون مخالفة جسيمة تصل به الى حد العدم لانطوائه على خطأ تاريخى جسيم يمس كيان تراث الشعب المصرى الذى هو ملك لاجيال الامة وليس ملكا لاشخاص الحكام , كما ينطوى على اهدار فادح لما انتهجه المشرع المصرى من عدم اعترافه بأى تأثير يذكر من اليهود ابان اقامتهم القصيرة فى مصر على اى شأن مما انتجته الحضارات التى قامت على أرض مصر.

وأكدت المحكمة فى الطلب الأول ايضا ان اثار الشعوب ملكا لتراثها ولا يمكن اعتبار ضريح الحاخام اليهودى يعقوب ابو حصيرة والمقابر اليهودية الموجودة حوله من الاثار الاسلامية والقبطية , اذ لم يكن لتلك المقابر قيمة او اهمية اثرية او تاريخية حيث انها ليست من مظاهر الحضارات المختلفة التى قامت على ارض مصر او كانت لها صلة تاريخية بها كما لا يجوز اعتبارها من رفات السلالات البشرية لعدم معاصرة اصحابها للحضارة المصرية فى مختلف عصورها التاريخية , واذ لم يكن لليهود ديانة وشعبا اى تأثير يذكر على الحضارة المصرية فى مختلف عصورها ولم يكن للحضارة اليهودية بصفة عامة والديانة اليهودية بصفة خاصة اى تأثير مباشر او غير مباشر على الحضارة المصرية القديمة ولا علاقة لهم بفنون الحضارات المختلفة اذ ان الاثر الدينى عند اى شعب من الشعوب لابد ان يكون متعلقا بمعتقدات وديانة هذا الشعب او على الاقل بفئة منه ذات وجود معتبر, ولم يثبت تاريخيا واثريا ان اليهود قد مارسوا هذا الدور فى اى مرحلة من مراحل التاريخ المصرى القديم منه والحديث وبالتالى فهذا الضريح والمقابر اليهودية الموجودة حوله هى مجرد مدافن عادية لاشخاص عادية مما يكون معه قرار وزير الثقافة مخالفا للدستور الذى لم يعترف بأى تأثير يذكر لليهود على الحضارة المصرية.

كما أشارت المحكمة الطلب الاول ايضا انه قد تلاحظ لديها الى ان وزير الثقافة اصدر قراره باعتبار ضريح ابو حصيرة من الاثار الاسلامية والقبطية فى 24 يناير 2001 اى بعد رفع الدعوى بستة ايام مما ينبئ عن انه لم يصدر قراره بقناعة من الدولة التى يعبر عنها بحكم مسئوليته السياسية فى منصبه بكونه اثرا حقيقيا فى الدستور والقانون والا لكانت الدولة قد اصدرت مثل هذا القرار فيما مضى والضريح مقام منذ زمن , لا ان ينتظر الوزير المذكور بضعة ايام معدودات من اقامة الدعوى وبمناسبة رفعها فيصدر قراره الطعين , وما صدر ذلك منه الا بقصد غل يد المحكمة عن اعمال رقابتها القضائية التى اناطها بها الدستور والقانون لتزن قرار الوزير الذى يمثل جهته الادارية بميزان الحق والعدل قاصدا اضفاء الشرعية على ذلك الضريح مجاملة منه للكيان الصهيونى , وتعجبت المحكمة كيف يكون الاثر اسلاميا وقبطيا حال كون ديانة صاحبه يهودية ؟ مما يثير فتنة بين الديانات , فمن ثم يكون مصدر القرار قد تنكب وجه المصلحة العامة التى يجب ان يتغياها القرار الادارى ويكون باعثه لم يمت بصلة للمصلحة العامة ويعد ضربا من ضروب تعمد مخالفة القانون مع التظاهر باحترامه مما يشوبه بعيب الانحراف بالسلطة.

واختتمت المحكمة الطلب الاول بقولها انها استبحرت فى فكر علماء التاريخ والاثار المتخصصين على مستوى العالم وما تحملته فى سبيل ذلك من كلل مضن دون ملل – فالتعرف على حضارات الشعوب ليست بالامر الهين – ,للوصول الى نقطة البحث الشائكة بقدر ما هى شائقة , ليكون الامر على رقعة واسعة من المعرفة العلمية القانونية السديدة وتتسح على اديمها بخطوات فتية لا يتسع فيها حكم قضائى عن لم شتاتها حجما وكلفة , ولم تجد المحكمة مصرفا عن اجتزاء بعض مضامينها حتى تبقيها فى اطار يقينها ولا تحرم المعرفة القانونية من تاريخ البشرية لتفاصيل تهواها بقناعة المتن بفحواها , وانه كان امام اعينها ما انتهت اليه البعثات الاثرية التى قام بها نخبة من مختلف جنسيات العالم فى ربوع ارض مصر المختلفة عبر قرن من الزمان من اكتشاف وتحليل وتفسير اوراق البردى والاوستراكا والنقوش والنصوص الكلاسيكية التى عثروا عليها لبحث عما اذا كان لليهود ثمة قيمة حضارية اقيمت على ارض مصر ام لا ؟ وتوثق المحكمة من علماء التاريخ والاثار الفرنسيين امثال : جان ايف امبرير, والاخوين اندريه برناند وايتيان برناند, وجاستون كازانوفا , وجان ماسبيرو, ومن العلماء الالمان : كلاوس بارلاسكا ,وكورت فايتسمان , وفون رانكا , ومن العلماء الايطاليين : جوزيف بوتى ,واريستيد كالدرينى , وجاكومو لامبروزو, واخيل ادريانى , ومن العلماء الانجليز : الان ويس , الان رو , الان جاردينر , وجيمس هنرى برستيد , وسير هنرى وليكينسون , وبيتر مارشال فريزر وغيرهم اخرين.

وعن الطلب الثانى الخاص بالزام وزير الاثار بشطب ضريح الحاخام اليهودى يعقوب ابو حصيرة والمقابر اليهودية الموجودة حوله من سجلات الاثار الاسلامية والقبطية والزامه كذلك بنشر قرار الشطب بالوقائع المصرية.

قالت المحكمة فى الطلب الثانى انه لما كان اصول الانسان المصرى ارتبطت بارضه وامتزجت بتراب وطنه فاينعت حضارة يزهو بها المصريون على مر العصور تيها وفخرا على العالمين , اسبغ فيها الانسان المصرى عبقرية على المكان اضحت مزارا يسعى اليه للتعرف على جوانب اشراقاته , فان المشرع المصرى اوجب شطب الاثر اذا ما فقد خصائصه الاثرية بالكامل , كما الزم المشرع نشر قرار شطب الاثر بالوقائع المصرية,حفاظا على التراث المصرى وحمايته من كل دخيل عليه.

وأضافت المحكمة فى الطلب الثانى انه عن الجهة المختصة بتنفيذ ذلك الشطب والنشر فى الوقائع المصرية فقد كان يتعين الزام وزير الثقافة بصفته رئيس المجلس الاعلى للاثار بتنفيذ ذلك الحكم ,الا انه تكشف للمحكمة انه بعد ثورة 25 يناير 2011 فان المجلس الاعلى للقوات المسلحة اصدر قراره رقم 283 لسنة 2012 باستبدال عبارة الوزير المختص بشئون الاثار بدلا من وزير الثقافة بشأن المجلس الاعلى للاثار ومن ثم فان الاختصاص قد انتقل من وزير الثقافة الى الوزير المختص بشئون الاثار بعد ان اسندت الى الاخير رئاسة المجلس الاعلى للاثار بكافة الحقوق والالتزامات واستنادا الى قرار المجلس العسكرى اصدر رئيس الجمهورية الحالى قراره رقم 189 لسنة 2014 بتشكيل الحكومة وتعيين مجلس الوزراء متضمنا تعيين وزيرا للاثار والتراث اعقبه قرار جمهورى اخر برقم 193 لسنة 2014 باستبدال عبارة وزير الاثار بعبارة وزير الاثار والتراث وبهذه المثابة يكون وزير الاثار هو المختص بشطب الضريح ونشره بالوقائع المصرية

وعن الطلب الثالث بالزام وزير الاثار بابلاغ اللجنة الدولية الحكومية “لجنة التراث العالمى “بمنظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونيسكو” بشطب هذا الضريح من سجلات الاثار الاسلامية والقبطية على ان يكون الابلاغ مشفوعا بترجمة معتمدة من الصورة الرسمية من حكم هذه المحكمة باعتباره الوثيقة والسند لهذا الابلاغ

قالت المحكمة فى الطلب الثالث ان حرص المشرع الدستورى على جذوره الحضارية الضاربة فى اعماق التاريخ التى كان من نتاجها استواء الحماية على الاثار التى هى فى الحقيقة والواقع الادلة الثابتة على عراقة هذا الوطن والشواهد على عبقرية الانسان والمكان ولم يكن المشرع المصرى بمعزل عن الحركة الاثرية فى العالم التى تمثلت فى باكورة اهتمام العالم بالتراث بابرام الدول الاعضاء الاتفاقية الخاصة بحماية التراث العالمى الثقافى والطبيعى التى اقرها المؤتمر العام لمنظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ” اليونسكو” فى دورته السابعة عشرة التى عقدت فى باريس 16 نوفمبر عام 1972 والتى صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1965 لسنة 1973 فى 30 ديسمبر 1973 بالموافقة عليها والتصديق عليها فى 2 يناير 1974 وصدر قرار وزير الخارجية فى اول اكتوبر 1978 بنشرها فى الجريدة الرسمية ومن ثم اضحت احكام تلك الاتفاقية فى نسيج التشريعات الوطنية اعمالا للدستور الذى الزم الدولة بالاتفاقيات التى صدقت عليها مصر

واضافت المحكمة فى الطلب الثالث ان المبدأ الحاكم الذى استنته منظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ” اليونسكو” فى المعاهدة الدولية المشار اليها ان الدولة التى يقع فى اقليمها التراث الثقافى والطبيعى بحكم ما لها من سيادة هى التى تقرر ما يعتبر اثرا وما لا يعد كذلك , فان اعتبرت الشئ اثرا وجب حمايته ليس فقط على الدولة التى يقع فى اقليمها الاثر , وانما يقع هذا الالتزام على غيرها من الدول احتراما وتقديرا للاثار التى تتمتع بصفة كونها تراثا انسانيا , اما اذا اعتبرت الدولة ان الشئ ليس اثرا فانه يتوجب على المنظمة الدولية وسائر الاعضاء الاطراف شطبه وعدم الاعتراف به احتراما لمبدأ اصيل فى القانون الدولى هو احترام سيادة الدولة , كما ان المشرع المصرى اوجب ابلاغ قرار شطب الاثر فى حالة فقدانه الخصائص الاثرية بالكامل للجهات التى سبق وان ابلغت بتسجيله اثرا ويثبت ذلك الاخطار على هامش تسجيل الاثر بالمجلس ,ومن تلك الجهات بلا ريب اللجنة الدولية الحكومية ” لجنة التراث العالمى ” بمنظمة اليونيسكو, ولما كان وزير الثقافة الاسبق الذى اصدر القرار عام 2001 اخطر منظمة اليونيسكو باعتبار ضريح ابو حصيرة اثرا اسلاميا وقبطيا وقيد لدى المنظمة الدولية برقم 16 نسبة الى انتماء صاحبه لليهودية واعتبرته تراثا عالميا – وهو ما لم تنكره الجهة الادارية او تقدم ما ينقضه – مما يتعين معه الحكم بالزام وزير الاثار بابلاغ لجنة التراث العالمى بتلك المنظمة بشطب هذا الضريح من سجل الاثار الاسلامية والقبطية تطبيقا لاحكام التفاقية الدولية الخاصة بحماية التراث العالمى الثقافى والطبيعى واعمالا لمبدأ السيادة على الاقليم المصرى الكائن به هذا الضريح على ان يكون الابلاغ مشفوعا بترجمة معتمدة من الصورة الرسمية من حكم هذه المحكمة باعتباره الوثيقة والسند لهذا الابلاغ

وعن الطلب الرابع برفض طلب الزام الجهة الادارية بنقل هذا الضريح الى اسرائيل ودون الاستجاية للطلب الاسرائيلى المبدى لمنظمة اليونسكو بنقل الضريح الى القدس

قالت المحكمة فى الطلب الرابع انه عن طلب نقل رفات الحاخام اليهودى ابو حصيرة الى اسرائيل : فانه لما كانت مصر مهد الدين وراية مجد الاديان السماوية وكان الاسلام الذى هو دين الدولة المصرية بمبادئ الشريعة الغراء التى عدها المشرع الدستورى المصدر الرئيسى للتشريع , يحترم الاديان السماوية ويحترم موتاهم وينبذ نبش قبورهم بما يحمله ذلك من سماحة وسلام ارسى دعائمها رسول الانسانية محمد عليه الصلاة والسلام – الذى بعث للناس كافة ليتمم مكارم الاخلاق – بقوله ” من اذى ذميا فانا خصيمه يوم القيامة ” رواه مسلم, كما انه عندما مرت جنازة على الرسول الكريم فوقف احتراما لها فاذا بأحد الصحابة يقول له : ” انها جنازة يهودى ” فقال له الرسول الكريم ” اليست نفسا ” وهذا له دلالته الساطعة على ان الاسلام يسوى بين الموتى حينما وقف رسول الرحمة المهداة للعالمين احتراما لروح غير مسلم تصعد لبارئها وبغض النظر عن ديانة صاحبها , فضلا عن ان الاسلام امر بحسن معاملة الطوائف غير الاسلامية من اهل الكتاب وعدم الاساءة اليهم والا يضاروا فى انفسهم او اموالهم , واية ذلك انه فى عهد خليفة المسلمين الفاروق عمر بن الخطاب حينما فتح ” بيت المقدس” اعطى لاهل الكتاب امانا لانفسهم وصلبانهم وكنائسهم لا تسكن كنائسهم ولا ينتقص منها ولا من حيزها ولا من صليبها ولا يضارون فى انفسهم او اموالهم

واضافت المحكمة فى الطلب الرابع انها عقدت مقارنة بين الفقه والقضاء بين كل من فرنسا ومصر بصدد النظام القانونى للجبانات والمقابر وما ينتظمها من حقوق فان الفقه الفرنسى ينظر الى الجبانات والمقابر على انها تراخيص لها صفة العقود الادارية وتتسم بطابع الاستقرار لاقامة مدافن او احواش عليها بينما يذهب القضاء الفرنسى الى ان حق المرخص له فى الانتفاع بجزء من اراضى الجبانات هو حق عينى عقارى موضوعه الانتفاع بالجزء المخصص فى الاغراض المحددة فى الترخيص بمراعاة ان رغبة الاسرة هى ان يستقر موتاهم فى المكان الذى خصص لهم اما فى مصر فان الترخيص بمثل هذا النوع من الانتفاع يرتبط باعتبارات ومعتدقات دينية واعراف مقدسة عميقة الجذور فى نفوس الكافة منذ فجر التاريخ باعتبار ان القبر هو مأوى المرء وداره التى يوارى فيها بعد انتهاء رحلته الدنيوية وكل ذلك اضفى على التراخيص بشغل اراضى الجبانات فى مصر منذ وجدت طابعا من الثبات والاستقرار لا يزحزحه الا انهاء تخصيص المكان للدفن وقلما يتم ذلك الا فيما يتعلق بالجبانات التى بطل الدفن فيها ودست معالمها

واشارت المحكمة فى الطلب الرابع الى انه لما كان الاسلام يقف موقف المتسامح والسلام مع طوائف غير المسلمين من اهل الكتاب الذين ينعمون فى مصر بكافة الحقوق والحريات العامة ومنها حرية العقيدة وكان الاسلام هو دين الدولة فان نقل رفات الحاخام اليهودى يعقوب ابو حصيرة من مصر الى اسرائيل يتعارض مع سماحة الاسلام ونظرته الكريمة لاهل الكتاب واحترام قبور موتاهم بحسبانها مأوى المرء ايا كانت ديانته بعد مماته وداره التى يوارى فيها بعد خلاص حياته الدنيوية واذ خلت الاوراق من ثمة حجة قانونية او ضرورة ملجئة تقتضى نقل هذا الرفات الى اسرائيل فمن ثم يغدو هذا الطلب غير مستند الى اساس سليم مما يتعين رفضه

واكدت المحكمة انه وعن عدم الاستجابة للطلب الاسرائيلى المبدى لمنظمة اليونيسكو بنقل رفات الحاخام اليهودى ابو حصيرة من مصر الى القدس – وهو مالم تنكره الحكومة المصرية او تقدم ما يدحضه او تعقب عليه – فان بحثه يتطلب من المحكمة بداءة التعرف على قواعد القانون الدولى والقانون الدولى الانسانى والاتفاقيات الدولية ذات الصلة لبحث ما اذا كانت الارض المطلوب نقل الرفات اليها هى ارض ملك دولة اسرائيل ام انها ارض مغتصبة تحت نير الاحتلال ؟

وقالت المحكمة فى ذلك ان المستقر عليه دوليا ومنذ الاحتلال الاسرائيلى للقدس الفلسطينية للجانب الغربى منها عام 1948 والجزء الشرقى منها عام 1967 ان سلطة الاحتلال الاسرائيلى دأبت على الاستيطان بها وتهويدها بالمخالفة لمبادئ القانون الدولى والقانون الدولى الانسانى وايته ان معظم السواد الاعظم من اعضاء المجتمع الدولى انتهى الى ان المستوطنات الاسرائيلية فى الاراضى الفلسطينية المحتلة – خاصة القدس الشرقية – تمثل خرقا لقواعد القانون الدولى , وانتهت منظمة الامم المتحدة الى ان بناء اسرائيل لتلك المستوطنات يشكل انتهاكا لاحكام المادة 49 فى فقرتها السادسة من اتفاقية جنيف الرابعة والتى تحظر على القوة المحتلة نقل مجموعات من سكانها المدنيين الى الاراضى التى تحتلها , وقد تبنى مجلس الامن بمنظمة الامم المتحدة القرار رقم 448 فى مارس 1979 واعتبرها غير قانونية بل اصدرت محكمة العدل الدولية رأيا استشاريا فى عام 2004 انتهت فيه الى ان بناء تلك المستوطنات غير شرعية وهو ما اعلنه الامين العام للامم المتحدة ذاته بان كى مون فى ابريل 2012 حيال النشاط الاستيطانى لسلطات الاحتلال الاسرائيلية , فضلا عن انتهاكها لقواعد القانون الدولى الانسانى خاصة المادة 53 من معاهدة جنيف الرابعة التى تحظر تمدير الممتلكات الخاصة الا اذا اعتبرت ضرورة للعمليات العسكرية وانتهاكا للمادة 46 من اللائحة المتعلقة بقوانين واعراف الحرب البرية لاهاى التى نصت على انه ينبغى احترام شرف الاسرة وحقوقها وحياة الاشخاص والملكية الخاصة وكذلك المعتقدات والشعائر الدينية ولا تجوز مصادر الملكية الخاصة والمادة 55 التى نصت على انه لا تعتبر دولة الاحتلال نفسها سوى مسئول ادارى ومنتفع من المؤسسات والمبانى العمومية والغابات والاراضى الزراعية التى تملكها الدولة المعادية والتى توجد فى البلد الواقع تحت الاحتلال وينبغى عليها صيانة باطن هذه الممتلكات وادارتها وفقا لقواعد الانتفاع

واضافت المحكمة فى ذلك انه فى ضوء ما تقدم من نصوص للمعاهدات السالفة وما صدر عن اجهزة منظمة الامم المتحدة يبدو جليا ان القدس هى ارض فلسطين وان سلطة اسرائيل عليها هى سلطة احتلال ويكون القصد من طلب الجانب الاسرائيلى لمنظمة اليونيسكو لنقل رفات رجل دين يهودى لتهويد القدس العربية, واضفاء شرعية دولية على ان القدس عاصمة اسرائيل وهى فى الحق والعدل وطبقا لقواعد القانون الدولى – على نحو ما سلف – عاصمة فلسطين ومما لا مرية فيه ان مثل هذه المستوطنات تنال من حق الدولة الفلسطينية المستقبلية فى السيادة والاستقلال السياسى والاقتصادى والاجتماعى وحق شعبها الاصيل مثله مثل كافة الشعوب فى تقرير مصيره , وبهذه المثابة فان الارض – القدس – محل الطلب الاسرائيلى المبدى لمنظمة اليونيسكو لنقل رفات الحاخام اليهودى اليها هى ارض مغتصبة من سلطة الاحتلال الاسرائيلى والارض المحتلة لا ترد عليها تصرفات الدولة الغاصبة ولا تدخل فى سيادتها ولا يكسبها ذلك حقا مهما طال الزمان ولا يجوز – والحال كذلك – نقل الرفات اليها.

كما اشارت المحكمة كذلك الى ان الاستجابة لطلب اسرائيل المبدى لمنظمة اليونيسكو بنقل رفات الحاخام اليهودى يعقوب ابو حصيرة من مصر الى القدس ليكون مزارا دينيا فى ارض فلسطين العربية تعد محاولة منها لان تعتبر نفسها المتحدث الرسمى الوحيد بلسان الديانة اليهودية فتتحول بذلك من كائن سياسى الى كائن دينى وهو الامر المحظور دوليا وينجلى الهدف من لجوئها لمنظمة اليونيسكو للسعى الى احراز انتصار معنوى على مصر ردا على هزيمة اكتوبر 1973 فهى تريد ان تدير صراحا من نوع جديد فى المنطقة وهو الصراع الحضارى بعد ان عجزت عن حسم الصراع عسكريا بانتصار مصر فى اكتوبر المجيد وهو ما يجب ان تفطن اليه المنظمة الدولية وتتنزه عنه , ولا مرية فى ان الادعاء الى الترهيب بمعاداة السامية – وهو نوع من الترويع الفكرى الجديد – امر ترفضه الاعراف والتقاليد الدولية.

وقد اعملت المحكمة مادار فى وجدانها باعتبارها رمزا من رموز العدالة فى مصر بانها تنشد ان تمتد روح العدالة والقانون بحيث تستظل شعوب العالم وتنعم بالعدل وقيمة القانون وانه لا يفوتها ان تشير الى ان سلطة الاحتلال الاسرائيلى اتبعت – ولاتزال – سياسة التطهير العرقى للمناطق التى كانت تستولى عليها من مواطنيها الفلسطينيين بهدف ايجاد مجتمع متجانس عرقيا يقتصر على اليهود على اساس تكريس وتبرير العنصرية الايدولوجية الاقصائية والغاء الوجود الفلسطينى واخراجه من سياق التاريخ , ولم تستطع منظمة الامم المتحدة ولا الدول الكبرى ايجاد حل عادل حتى الان , واذا لم تجد قواعد القانون الدولى الاحترام الواجب من المنظمة المنوط بها تطبيق احكامه فقد اضحى تناقضا فى دور تفعيل قواعد القانون الدولى فى الجماعة الدولية , ذلك انه قد اتسع قانون البشرية المشترك وتخطت دائرة قانون الامم المتحدة فى انفراجها كل ما عرفه التاريخ ومع ذلك فان ثقة البشر فى جدوى القانون الدولى وفعاليته فى حل مشاكلهم ثقة بدت تتناقص يوما بعد يوم ,وايته ما يحدث من الاحتلال الاسرائيلى فى الاراضى الفلسطينية المحتلة التى لا تفتأ ان تنال من هيبة القانون الدولى مما تهتز فيه القيم الاخلاقية فى العالم ,فى حين ان وحدة البشرية فى السلام والاخوة والحرية تتطلب دعامة من الاخلاق قوية ولابد للعالم من ان يهدهد من خلافاته المذهبية وان يدفن احقاه العنصرية ومن غير تطبيق عادل لقواعد القانون الدولى لفلسطين فسيبقى المجتمع الدولى باسره مهدد بازمة اخلاقية مصيرية لا دافع لها الا بتطبيق عادل وصحيح لقواعد القانون الدولى وبغير قيام منظمة الامم المتحدة والدول الكبرى المتمدينة ببسط قواعد العدل والانصاف لشعب فلسطين فلن تحقق جهود تلك المنظمة الدولية للانسان قدرا اكثر من الحرية بقدر ما يبكبلهم بمزيد من قيود العبودية ! ومما لا ريب فيه ان تقديم طلب نقل رفات الحاخام اليهودى ابو حصيرة من مصر الى القدس لمنظمة اليونيسكو هو اجراء احادى الجانب وتجاهل للسلطات المصرية الرسمية المختصة وهو ما يعد التفافا على التزامات اسرائيل الدولية واستخداما منها لمنظمة دولية لنقل رفات رجل يهودى لتكريس مفهوم يهودية الدولة على ارض فلسطين التاريخية لتكون شاهدة عليها الامر الذى تفطن فيه المحكمة بالغرض غير المشروع للاستجابة لطلب نقل رفات الحاخام اليهودى الى القدس.

وعن الطلب الخامس والاخير بالغاء اقامة الاحتفالية السنوية لمولد الحاخام اليهودى يعقوب ابو حصيرة بصفة نهائية.

قالت المحكمة فى الطلب الخامس والاخير ان المشرع الدستورى كفل حرية العقيدة وكذلك حرية ممارسة الشعائر الدينية , فالدستور المصرى يحمى هذه الحريات مادام انها لا تخل بالنظام العام ولا تنافى الاداب ,فضلا عن تمتع الطوائف غير الاسلامية من اهل الكتاب بحرية القيام بممارسة شعائرها الدينية وهذا يرجع الى سماحة الدين الاسلامى والتفهم الواعى لحرية العقيدة التى حرصت مصر على تقريرها واعلانها فى كل مناسبة , غير ان التمتع بحرية ممارسة الشعائر الدينية واقامة الاحتفال لها يلزم ان تتم مظاهره فى بيئة محترمة تتفق مع وقار الشعائر الدينية وطهارتها والا تكون سببا فى الاحتكاك بين الطوائف الدينية واثارة الفتن بينها.

وأضافت المحكمة فى الطلب الخامس ان الثابت بالاوراق ان الاحتفال السنوى المقرر لمولد الحاخام اليهودى يعقوب ابو حصيرة – وهو فرد عادى – وما يصاحبه من ممارسات ابرزها المدعى فى صحيفة دعواه واضحت من قبيل العلم العام للكافة ودون ان تدحضها الجهة الادارية تتمثل فى قيام اليهود المحتفلين الزائرين لضريح ابوحصيرة والمقابر اليهودية التى حوله باحتساء الخمر وظهورهم بملابس خليعة ومما رسات غير اخلاقية وارتكاب الموبيقات والمحرمات بما يتعارض مع التقاليد الاسلامية الاصيلة ومما لا شك فيه ان قيام مظاهر هذا الاحتفال على نحو يخالف التقاليد الاسلامية والاداب يشكل مساسا بالامن العام والسكينة العامة ويمثل خروجا سافرا على ما تتمتع به الشعائر الدينية من وقار وطهارة.

وانتهت المحكمة فى الطلب الخامس ان مظاهرالاحتفال بمولد الحاخام اليهودى ابو حصيرة تعد انتهاكا بما تتمتع به التقاليد المصرية من اداب الامر الذى ينطوى على ايذاء الشعور الانسانى للمسلمين والاقباط على حد سواء خاصة وان المسلمين والمسحيين يرون مقدساتهم الاسلامية والمسيحية تنتهك فى القدس دون مراعاة لما احتوته الاديان السماوية من قيم واحترام تمثل فى التعرض الدائم لقوات الاحتلال الاسرائيلية للمسجد الاقصى المبارك وما سبقه من قيام المتطرفين اليهود جماعة امناء جبل الهيكل بوضع حجر اساس بشكل رمزى لبناء الهيكل اليهودى الثالث المزعوم بالقرب من باب المغاربة بحكم من المحكمة الاسرائيلية بالمخالفة لما استنته محكمة العدل الدولية وخرقا للشرعية الدولية والاتفاقيات الدولية ذات الصلة, وعلى الرغم من ان القدس ارض محتلة وغير معترف – وفقا لقواعد القانون الدولى – بشرعية اى تصرف اسرائيلى فيها وهذا ما يثير مشاعر المسلمين بالمساس باقدس المقدسات الاسلامية بالحرم القدسى الشريف اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم – وما تفعله سلطات الاحتلال الاسرائيلى من توسيع الاستيطان وهدم منازل الفلسطينيين,فضلا عن المجزرة التى ارتكبتها القوات الاسرائيلية فى اكتوبر 1990 باطلاقها النار على المصلين ومحاولة احراق المسجد الاقصى عام 1996 , كما ان ما يحدث فى القدس لا يثير مشاعر المسلمين فحسب بل يثير مشاعر المسيحيين ايضا فى بيت لحم وبيت جالا وبيت جحود وما يمثله هذا الاعتداء الوحشى الذى لم يسبق له مثيل من قتل المدنيين والاطفال بقذائف الدبابات والصواريخ وطائرات الاباتشى وهدم المنازل فوق رؤوس اهلها واقتلاع اشجار الزيتون وتدمير مشروعات البنية التحتية رغم ما تبذله مصر فى صبر واناة كدعاة امن وسلام , ولا حرب ودمار , ولا قهر واستعمار , الامر الذى يكون معه اقامة تلك الاحتفالية فى تلك الظروف والمناسبات مما يمس الامن العام والسكينة العامة مما يتعين معه الحكم فى الطلب الخامس بالغاء تلك الاحتفالية السنوية بصفة نهائية لمخالفتها للنظام العام والاداب وتعارضها مع وقار الشعائر الدينية.

جانب من المحاكمة

: النص الكامل لحكم إلغاء الاحتفال بمولد «أبو حصيرة» و رفض نقل رفاته إلى إسرائيل‎

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...