web analytics

ترشح أبناء الأسرة الحاكمة للانتخابات… ممنوع ولا فرق بين ذرية مبارك الكبير وغيرها

حذر أستاذ القانون العام الدكتور عادل الطبطبائي من ان حكم المحكمة الإدارية الذي أجاز لأفراد الأسرة الحاكمة الترشيح للانتخابات العامة «يشكل خطورة بالغة على استقرار النظام الدستوري في الكويت، ويلغي، دون قصد حتماً، العديد من القواعد والمبادئ الدستورية المستقر العمل بها، وفقاً لأحكام المذكرة التفسيرية للدستور».

 

وقدم الطبطبائي – المستشار في الديوان الأميري أيضا – مطالعة دستورية مفصلة خلصت إلى تأكيد ان المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي ملزمة إلزام الدستور ومتممة لأحكامه، وفنّد فيها ان مفهوم الأسرة الحاكمة الوارد في الدستور يشمل جميع أفراد الأسرة الكريمة ولا فرق بين الفرع المنحدر من ذرية مبارك الكبير عن غيرهم، ويشملهم جميعاً الحرمان من الترشح للانتخابات العامة، امتثالاً لما ورد من حكم ملزم بالمذكرة التفسيرية للدستور.

 

وفي ما يلي نص الدراسة:

 

مقدمة لا بد منها:

 

أحجمت طوال السنوات الماضية عن الأدلاء باي رأي علمي مكتوب في العديد من القضايا الدستورية التي كانت مثارة في الساحة القانونية الكويتية، لأسباب يعرفها أصحاب الشأن، ولا تخفى على أصحاب الفطنة، ومع ذلك لم أكن أبخل بالرأي على من يطلبه من الزملاء والسادة المستشارين، وأهل الاختصاص، لكن ما دفعني إلى الخروج عن صمتي والمبادرة لكتابة هذا المقال – بصفتي العلمية دون غيرها – ذلك الحكم المرقم 5256 / 2016 إداري / 10، والصادر بتاريخ 03 / 11 / 2016 والذي أجاز لأفراد الأسرة الحاكمة الترشيح للانتخابات العامة، فهذا الحكم يشكل خطورة بالغة على استقرار النظام الدستوري في الكويت، ويلغي، دون قصد حتماً، العديد من القواعد والمبادئ الدستورية المستقر العمل بها، وفقاً لأحكام المذكرة التفسيرية للدستور، مما يفتح المجال واسعاً للعديد من التساؤلات التي تفت في عضد النظام الدستوري المستقر والذي لم يشكك أحد في دستوريته وشرعيته المستمدة من المذكرة التفسيرية للدستور طوال السنوات السابقة، الممتدة من عام 1963 وإلى حين صدور الحكم المشار إليه أن القيد الوارد في المذكرة التفسيرية للدستور الخاص يمنع أفراد الأسرة الحاكمة جميعاً من الترشيح للانتخابات العامة له ظروفه الدستورية والسياسية الخاصة بالدستور الكويتي.

 

إذ من المعروف أن الكويت تتبنى نظام المجلس البرلماني الواحد في حين أن هناك الكثير من الدساتير الملكية تتبنى نظام المجلسين، فيكون هناك مجلس للنواب منتخب وآخر للشيوخ أو الأعيان معين، والهدف الأساسي من وراء وجود المجلس الثاني هو السماح لأفراد الأسرة الحاكمة بالمشاركة في شؤون الحكم والسياسة عن طريق تعيين البعض منهم في مجلس الشيوخ أو الأعيان، مع اقتران ذلك بالمبدأ الذي تنص عليه عادة الدساتير الملكية من عدم جواز ترشيح أفراد الأسرة الحاكمة لأنفسهم بالانتخابات العامة، ولكن المشرع الدستوري الكويتي، مراعاة منه لأوضاع الكويت، من حيث صغر حجمها وقلة عدد سكانها، بما لا يسمح بوجود مجلس ثان معين في السلطة التشريعية إلى جانب المجلس المنتخب ( مجلس الأمة )، لذلك اضطر المشرع أن يخرج على الأصول البرلمانية المتعارف عليها بهذا الشأن، وأن يقرر أن الوزراء يمكن اختيارهم من داخل مجلس الأمة ومن خارجه، حتى يفتح المجال أمام اشراك أفراد الأسرة الحاكمة في التمرس في الحياة السياسية، مع اقتران كل ذلك بالنص على أن الوزراء يعتبرون أعضاء في مجلس الأمة – بحكم مناصبهم – مع ملاحظة أن المشرع الدستوري أغفل أن ينص في صلب الدستور على القيد الخاص بعدم جواز ترشيح أعضاء الأسرة الحاكمة لأنفسهم في الانتخابات، مكتفياً بذلك بما سوف يورده في شأن هذا الأمر بالمذكرة التفسيرية للدستور، والتي يراها متممة لأحكام الوثيقة الدستورية.

 

وبالفعل جاءت المذكرة التفسيرية لتذكر عدم جواز ترشيح أفراد الأسرة الحاكمة لأنفسهم بالانتخابات العامة، نأياً بهم عن التجريح السياسي الذي قلما تخلو منه أي انتخابات، طالما كان بالإمكان تحقيق نفس الغاية من وراء اشراكهم في الانتخابات البرلمانية، وهو الوصول إلى مقاعد البرلمان والمشاركة في الحياة السياسية، عن طريق تعيينهم وزراء، واعتبار الوزراء، بعد ذلك، أعضاء في مجلس الأمة بحكم مناصبهم.

 

هذه القاعدة الواضحة والصريحة بعدم جواز ترشيح أفراد الأسرة الحاكمة جميعاً لأنفسهم في الانتخابات العامة، انكرها الحكم الإداري المشار إليه، مسقطاً لمبدأ دستوري مستقر طوال (55) عاماً من تطبيق أحكام الدستور وما يتممه من أحكام بالمذكرة التفسيرية.

 

ومع كل تقديرنا واحترامنا للمحكمة الموقرة التي أصدرت الحكم المشار إليه، إلا أننا نختلف مع حكمها جملة وتفصيلاً لمخالفته أحكام الدستور والعرف الدستوري المستقر، والممارسات الدستورية التي استمدت حكمها من المذكرة التفسيرية للدستور، وأخيراً إجماع الفقه الدستوري في الكويت على التزامه بهذه المذكرة، وقبل مناقشتنا لهذه المسائل، نرى ضرورة مناقشة حيثيات الحكم الإداري الذي أباح لأفراد الأسرة الحاكمة الترشيح للانتخابات العامة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...