web analytics

جاري كاسباروف.. الإرادة تصنع النجاح

 

 

الإرادة هي التي تصنع النجاح الذي يبحث عنه أي منها ، فإذا ما صممت على هدفك فإنك حتما ستناله وتصبح من الناجحين ولن يستطيع احد أن يثنيك ععن هذا النجاح فكل ما عليك فعله هو أن تصمم على هذا النجاح وأن تحققه في نفس الوقت.

ويعتبر جاري كاسبروف أفضل من صم على أهدافه حتى حققها ،  وهو الذي دفع الكثيرين لكي يحزوا حذوه ويكتبوا قصص نجاح جديدة بما يفعلونه.

 

 

 

 

 

كيف تعلم أنك ذكي؟ .. كيف تدرك أنك موهوب في أمر ما؟ .. لا بد لك من اختيار في مرحلة مبكرة من عمرك، وهذا ما حدث بالفعل للفتى “جاري كاسباروف” الأذربيجاني الأصل والروسى الجنسية المولود عام 1963 فى مدينة “باكو” الأذربيجانية ، وذلك حين استطاع أن يحل معضلة لعبة شطرنج بين والديه قبل أن يبلغ السابعة، ومن يومها عرف كل من حوله أن هذا الفتى عبقرى

 

اسمه الحقيقي “جاري وينستون” , لكنه غيره إلى “كاسباروف” ليصبح الاسم أكثر روسية ويكون سريع الانتشار، واشتق “كاسباروف” هذا الاسم من اسم عائلة أمه الأرمينية ” كاسباريان

 

رغم وفاة والده وهو في سن صغيرة إلا أن والدته اعتنت بأن تصقل لديه مهارة لعبة الشطرنج ، وخاصة أن هذه اللعبة كانت مصدر دعم حكومي سوفييتي كبير وقتها بأعتبارها رمز للتفوق والذكاء الروسى ، في سن العاشرة التحق بمدرسة “ميخائيل بوتفيـنينك” للشطرنج ليحصد لقب بطولة “الاتحاد السوفييتي للناشئين” وهو فى عمر 12 عام  عمر

 

  

 

 

أتته دعوة من منظمي بطولة “سوكولسكي” للمحترفين، كنوع من التشجيع لمهارته بإعطائه استثناء لحضور البطولة رغم أنه لم يدخل ضمن التصنيف العالمي بعد، ولكن الفتى لم يفوت الفرصة فحصد المركز الأول ليحمل لقب “استاذ شطرنج” chess master  لأول مرة عام 1978 وهو فى عمر 15 عام فقط

 

جاء هذا الانتصار مذهلاً بحق , لتتوالى الدعوات عليه من بطولات عديدة، ليحصد بطولة العالم للشباب عام 1980 في “دورتموند”، ومن بعدها يتوج في “أولمبياد الشطرنج” في “مالطة” ليصبح أصغر Grand Master  وهو اللقب الأقوى فى الشطرنج وهو مازال فى الـ17 من عمره

 

توالت الانتصارات في حياة “كاسباروف” حتى استطاع أن يحتل المرتبة الأولى في التصنيف العالمي عام 1984 وهو الوقت الذي ظل يفوز فيه حتى تلقى أول هزيمة له عام 2000 من الروسي “فلاديمير كرامنيك” بعد أن ظل 22 عاماً بلا هزيمة يتربع بمفرده على عرش الشطرنج فى العالم حتى ظن الجميع أنه لا يهزم

 

عرف عن “كاسباروف” أراء السياسية المعارضة لنظام الاتحاد السوفيتى ولذلك لم يكن مدعوماً كثيراً من الحكومة بسبب ما يثار حوله من شكوك

 

وظهر ذلك جلياً فى دعم الدولة السوفيتية لمنافسة الأشهر “كاربوف” فى نهائى كأس العالم عام 1984 بالإضافة إلى أربع مواجهات أخرى توالت خلال 4 سنوات بين كلا العبقريان , وقد إستطاع كاسبورف أن يحسم 2 منهم لصالحه ومبارة بالتعادل , فيما تم إلغاء المواجهة الأولى بينهم من قبل الحكومة بعد أن أحسوا بقرب خسارة “كاربوف”

 

  

بدأ بروز كاسباروف عالميا عام 1984 عندما فاز في تصفيات بطولة العالم على لاعبين كبار مثل بطل العالم السابق سيمسلوف.

ثم استمرت سلسلة إنجازاته بالشطرنج في التصاعد، ففاز بالعديد من البطولات، واحتفظ بلقب بطل العالم في الشطرنج لسنوات عديدة، سواء في مبارياته ضد لاعبين من البشر أو في التحديات التي كان يخوضها مرارا ضد الحواسيب.

فقد التقى كاسباروف عام 2003 مع الحاسب الألماني فريتز وانتهت المباراة بينهما بالتعادل، ثم مع الحاسب ديب جونيور وانتهت المباراة بينهما بالتعادل أيضا.

وفي عام 2009 أصبح مدربا للاعب النرويجي ماغنوس كارلسن الذي اعتلى تصنيف لاعبي الشطرنج تحت قيادته قبل أن ينفصلا عام 2010 لأن "المهمة انتهت" على حد قولهما.

التجربة السياسية

بعد فوز كاسباروف عام 2005 في بطولة ليناريس قرر الاعتزال نهائيا ليتفرغ للسياسة، ودخل في الخط المعارض للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي اتهمه كاسباروف بالسعي لتكريس الحكم له مدى الحياة، وعدم وفائه بوعود تحسين المعيشة وإنهاء حرب الشيشان، وبأنه أوصل روسيا إلى طريق مسدود.

أسس حركة سياسية أطلق عليها الجبهة المدنية الموحدة، وقال إن إستراتيجيتها الراهنة هي الاستمرار في الوجود في الساحة، ليكون تكتيكها الإضرابات والاحتجاجات من غير الدخول في الانتخابات.

وانتخب كاسباروف رئيسا لتحالف معارض للكرملين أطلق على نفسه اسم حركة "روسيا الأخرى"، واتخذت من الاحتجاجات السلمية ضد سياسات بوتين منهجا مرحليا لها، وكان الهدف الذي ترمي إليه -كما حدده كاسباروف- هو إرغام الكرملين على التخلي عن خططه الهادفة إلى توجيه العملية الانتخابية.

وقد فاز كاسباروف بتأييد 379 من مندوبي الحركة بعد منافسة ضمت رئيس الوزراء السابق ميخائيل كاسيانوف ورئيس البنك المركزي السابق فيكتور غيراشتشنكو والنائب المستقل فلاديمير ريجكوف وبوريس فينوغرادوف وسيرغي غوليايف المندوب المحلي السابق عن سان بطرسبورغ.

 

 

خلال عقد الثمانينات والتطور الكبير فى علم الحواسيب , حاول العلماء أن يثبتوا للعالم أنهم يمكنهم تمثيل الذكاء البشري عبر الحواسيب ، ولكن الأمر لم يكن سهل الإثبات حتى أتت الفرصة حين بدأت الدعوة للمنافسة بين أذكى بشري وأذكى حاسوب في مبارزة معقدة من الحسابات والعلاقات الرياضية، وهنا لم يجدوا أفضل من لعبة الشطرنج لتمثيل هذه المبارزة، ولم يجدوا أفضل من “كاسباروف” ليمثل جنس البشر في هذا التحدي

 

بدأت أول مباراة من هذا النوع بالفعل في العام 1985 حين واجه “كاسباروف” 32 حاسوباً في نفس الوقت في 32 مباراة مختلفة، وانتهت بفوز “كاسباروف” في جميع المباريات

 

 

 

كاسباروف يواجة الحاسوب 

 

كاسباروف يلعب مع جهاز الكمبيوتر

 

 

 

وهو الأمر الذى نبه علماء الحاسوب أنه لا زال لديهم الكثير ليفعلوه ليتمكنوا من الفوز على “كاسبروف” ، فأقيمت مباراة أخرى عام 1989 بالحاسوب الأحدث فى العالم وقتها , ولكنه تلقى هزيمة أخرى من “كاسبروف”  واستغرق الأمر سبع سنوات أخرى لتأتي شركة ” أى بى أم ” والمعروف بأسم ” دييب بلو” والذى راهنت عليه عام 1996 لتواجه “كاسباروف” في مباراة شهيرة كانت بالغة الصعوبة انتهت بفوز “كاسباروف”، لكن مباراة أخرى بين النسخة الأحدث من نفس الجهاز الخارق أقيمت عام 1997 تمكن فيها اخيراً الجهاز صاحب حساب ملايين النقلات في الثانية الواحدة من هزيمة العقل البشري العبقرى “كاسباروف”

 

ولم تنتهى مواجهة “كاسباروف” مع الألة عند هذا الحد بل توالت مباريات اخرى كانت فيها الغلبة مرة للألة ومرة للإنسان

 

 في العام 2005 قرر “كاسباروف” حرمان لعبة الشطرنج وعشاقة من عبقريته وقرر إعتزال لعب الشطرنج لمجال السياسة والكتابة ، وذلك بعد أن فاز ببطولة “ليناريس” العريقة , وصار من يومها من أبرز معارضي النظام الروسي وخاصة حكومة “فلاديمير بوتن” والتي نظم العديد من المظاهرات ضدها، واحدة منهم أودت به لحكم قضائي بالحبس لمدة قصيرة، حينها تلقى في محبسه هدية من غريمه اللدود قديماً “كاربوف” ، كانت عبارة عن عدد من إحدى مجلات الشطرنج

 

 واتصف اللعب بتوتر وتعقيد بالغين حيث أخذ كاسباروف أولا يفوز بالمباراة، لكن بدءً من النقلة الرابعة والاربعين لم يعد الاستاذ كاسباروف يفهم منطق لعب جهاز الكمبيوتر ، الأمر الذي أدى إلى خسارته المباراة. واتهم كاسباروف بعد قليل المهندسين بالتلاعب.

 

وبعد مرور 17 عاما من تلك الخسارة ظهر أن كاسباروف خسر المباراة بسبب خلل وقع في خوارزمية الكمبيوتر.

 

يذكر أن " Deep Blue IBM " اعتبر آنذاك من أقوى اجهزة الكمبيوتر. وإنه ضم معالجا ذا 32 نواة يتصل كل منها بمعالج الشطرنج الخاص. وكان بوسعه حساب 200 مليون احتمال في الثانية. وبلغت انتاجيته 11.38 غيغا فلويس.

 

وفاز كاسباروف في المباراة مع الإصدار الأول لهذا الجهاز عام 1989 ، ثم فاز في المباراة الثانية عام 1996. لكن المهندسين استطاعوا إدخال تعديلات في البرمجيات، ما أدى إلى فوز جهاز الكمبيوتر في المباراة الثالثة عام 1997.

 

وبعد معالجة المهندسين لسير المباراة توصلوا إلى استنتاج أن الجهاز قام بنقلة غير محسوبة عديمة المنطق بسبب خلل وقع في برمجياته، ما اربك الاستاذ واجبره على تسليم المباراة.

 

إذن فإن خطأ عاديا وقع في برمجيات جهاز الكمبيوتر تسبب في خسارة الانسان في تلك المباراة المصيرية.

 

 

 

 

وفى النهاية قصة “كاسباروف” قصة أكبر من أن يختصرها مقطع قصير كهذا ، ولكننا أحببنا أن نسرد قصة عقل عبقرى، استطاع من حوله أن يعتنوا بموهبته، واستطاع هو أن يكمل مسيرته وأن يسعى لخدمة مجتمعه. لربما بحث أحد منكم عن “كاسباروف” آخر حوله شاءت الظروف السيئة من الرعاية والتعليم أن تمنعنا من اكتشاف موهبته في مجتمعنا العربي

 

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...