web analytics

ذي أتلانتك: كيف أصبح بوتين بطلاً عالمياً

نشرت مجلة ذا أتلانتيك الأمريكية تقرير مطولا عن البطولات التي حققها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكيف أنه حقق كل ما يريد متفوقا على جميع القادة العالميين حتى أنه استطاع أن يسحب البساط من تحت أقدام لرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما ولقنه درسا قاسيا بحشده للإنجاح ترامب في الانتخاباات الأمريكية الأخيرة.

وتابعت المجلة :

عاد فلاديمير بوتين إلى منصب الرئاسة، عام 2012، بعد توقف، فرضه الدستور، دام أربع سنوات. لم يكن هذا الانتقال سلسًا. لدهشته، ملأ المتظاهرون شوارع موسكو ومدنًا كبرى أخرى، في الفترة التي سبقت تنصيبه، اعتراضًا على عودته. كان ينبغي إخماد هذه المعارضة. لكنَّ الفرصة سنحت له خارجيًّا، وبات من الممكن أن يحل أزمته الداخلية وأن يحقق طموحاته الدولية في ضربة واحدة.

 

 

 

   عندما انتشرت الانتفاضات الشعبوية في أوروبا، بعد الأزمة المالية العالمية لعام 2008، شعر بوتين، وخبراؤه الاستراتيجيين ببداية انتفاضة ضخمة بإمكانها أن تقلب القارة رأسًا على عقب، وتجعل الحياة غير مريحة لمنافسيه الجيوستراتيجيين. ولاحظت ورقة بحثية، نشرها مركز الاتصالات الاستراتيجية عام 2013، وهو مركز بحثي موالٍ للكرملين، أنَّ هناك مجموعات كبيرة في الغرب تحتقر النسوية وحركة حقوق المثليين، وبشكل أعم، تحتقر الاتجاه التقدمي الذي دفعت إليه النخب في مجتمعاتهم. ولما كانت الجماهير المتمسكة بالتقاليد جاهزة للثورة، فقد كان للرئيس بوتين فرصة. كان بإمكانه أن يصبح «الزعيم العالمي الجديد للمحافظين»، بحسب ما ورد في العنوان البراق لتلك الورقة البحثية.

 

   قال التقرير إنَّ بوتين لم يتحدث قط بحماسة عن الغرب، لكنَّ التصريحات الكئيبة حول مصير الغرب صارت بالتدريج جزءًا محوريًّا من خطابه. شن بوتين هجمات سوداوية الطابع ضد منطقة الـ«يورو أطلسي» المنحلة ثقافيًا، والجافة روحيًا. وحذر من المبالغة في تقديس التسامح والتنوع. ووصف الغرب بأنه «عقيم وبلا هوية جنسية» وسخرت الدعاية الروسية من أوروبا بتسميتها «جايروبا» (أوروبا الشواذ). وكان الاتهام بالنسبية الأخلاقية من الاتهامات الأساسية التي وجهها بوتين للغرب.

 

فقد قال في مؤتمر عقد عام 2013:

 

«بإمكاننا أن نرى كيف أنَّ الكثير من دول اليورو أطلسي، يرفضون جذورهم، بما في ذلك القيم المسيحية التي كانت أساس الحضارة الأوروبية. إنهم يرفضون المبادئ الأخلاقية وكل الهويات التقليدية: القومية، والثقافية، والدينية، وحتى الجنسية… إنهم يطبقون سياسات تساوي العائلات الكبيرة، بالشركاء من نفس الجنس، وتساوي الإيمان بالله بالإيمان بالشيطان». وقال بوتين في مناسبة أخرى، إنَّ الغرب، لما خضع للعلمانية، صار يتجه ناحية «ظلمات فوضوية» و«ارتداد إلى الحالة البدائية».

   لم يفطن الكثير من المحللين لنجاعة مثل هذا الخطاب خارج حدود روسيا. لكنَّ قادة اليمين في العالم، من رودريجو دوتيرتي في الفلبين، مرورًا بنايجل فاراج في بريطانيا، وانتهاء بدونالد ترامب في الولايات المتحدة، صاروا يتكلمون الآن بنفس خطاب بوتين. عادة ما يُقلَّل من تملق أولئك القادة لبوتين، ويعزى هذا التملق إلى تلقيهم رشاوى، أو أية جهود روسية سرية أخرى. لكنَّ هذه التفسيرات لا تأخذ في اعتبارها المكانة الضخمة لبوتين. لقد وصل بوتين لمكانته تلك؛ لأنه توقع الثورة الشعبوية العالمية وساهم في إعطائها شكلاً أيدلوجيًا. أصبح بوتين، بنقده التنبؤي الكارثي للغرب، الذي يلعب على المخاوف من ضعف الاستجابة المسيحية للإرهابي الإسلاموي، رمزًا لمقاومة الإرثويين المتمسكين بالتقاليد.

 

Embed from Getty Images

 

   وقال التقرير إنَّ معظم المراقبين الغربيين افترضوا، في البداية، أنَّ بوتين لن يحظى بمعجبين من خارج اليمين. في فرنسا، ارتكزت آمال روسيا، في البداية على ماري لو بان، المنتقدة بضراوة للهجرة والعولمة، والتي يؤوي حزبها، حزب الجبهة الوطنية، منكرين للهولوكوست، وبعض من يحنون لعهد حكومة فيشي. وأقرض بنك روسي، عام 2014، حزب لو بان الذي كان يعاني من ضائقة مالية، تسعة ملايين يورو. في مقابل ذلك، أسهبت لوبان، في تأييد الأفكار الأساسية لبوتين، وصرحت بأنَّ روسيا «حليف طبيعي لأوروبا».

 

   وقال التقرير إنه لو كانت أحزاب أقصى اليمين الأوروبية حصان طروادة بوتين، فهو قد نجح في خطته وهيمن على الانتخابات الرئاسية الفرنسية الحالية. خلال حملة العام الماضي لاختيار مرشح الحزب الجمهوري الفرنسي، الذي أصبح المقر الجديد ليمينيي الوسط، تدافع المرشحون لتقديم فروض الولاء لبوتين. ابتعد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، الذي يتنافس من أجل ابتعاث مسيرته السياسية، من ماضيه المليء باغتياب الرجل القوي لروسيا. وأرسل ساركوزي رسالة، عندما توقف في رحلة لسانت بطرسبرج لالتقاط صورة تذكارية مع بوتين، وهو يصافحه بقوة ويبتسم ابتسامة واسعة. وانخفضت نبرة كلام ساركوزي في كتاب ما قبل الحملة الانتخابية الخاص به إذ قال: «لست واحدًا من أصدقائه المقربين، لكنني أعترف أنني أقدر صراحته، وهدوءه، وسلطته. ثم هو روسي للغاية!».

 

   كانت هذه تلميحات صارخة، لكنها ليست نابعة من حر رأيه. تصرف فرانسوا فيون، منافس ساركوزي، بنفس الطريقة الفياضة، وإن بدت عاطفته أقل افتعالًا. فقد بنى فيون، خلال السنوات التي قضاها رئيسًا للوزراء، من 2008 حتى 2012، علاقة وثيقة مع الرجل الذي سماه «عزيزي فلاديمير». في شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، كان ألان جوبيه، المنافس الجمهوري الذي كان يرجح المراهنون فوزه في أول الانتخابات، يشتكي قائلًا: «لا شك أنًّ هذه أول انتخابات رئاسية يختار الرئيس الروسي المرشحين فيها». لكنَّ السخرية من خصومه واتهامهم بالـ«روسيا فيليا» (المحبة المرضية لروسيا) لم يساعده كثيرًا: إذ أصبح فيون هو مرشح الحزب، بعد أن هزم جوبيه هزيمة نكراء، بفارق أكثر من ثلاثين بالمائة.

 

نشرت مجلة ذا أتلانتيك الأمريكية تقرير مطولا عن البطولات التي حققها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكيف أنه حقق كل ما يريد متفوقا على جميع القادة العالميين حتى أنه استطاع أن يسحب البساط من تحت أقدام لرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما ولقنه درسا قاسيا بحشده للإنجاح ترامب في الانتخاباات الأمريكية الأخيرة.

وتابعت المجلة :

عاد فلاديمير بوتين إلى منصب الرئاسة، عام 2012، بعد توقف، فرضه الدستور، دام أربع سنوات. لم يكن هذا الانتقال سلسًا. لدهشته، ملأ المتظاهرون شوارع موسكو ومدنًا كبرى أخرى، في الفترة التي سبقت تنصيبه، اعتراضًا على عودته. كان ينبغي إخماد هذه المعارضة. لكنَّ الفرصة سنحت له خارجيًّا، وبات من الممكن أن يحل أزمته الداخلية وأن يحقق طموحاته الدولية في ضربة واحدة.

 

 

 

   عندما انتشرت الانتفاضات الشعبوية في أوروبا، بعد الأزمة المالية العالمية لعام 2008، شعر بوتين، وخبراؤه الاستراتيجيين ببداية انتفاضة ضخمة بإمكانها أن تقلب القارة رأسًا على عقب، وتجعل الحياة غير مريحة لمنافسيه الجيوستراتيجيين. ولاحظت ورقة بحثية، نشرها مركز الاتصالات الاستراتيجية عام 2013، وهو مركز بحثي موالٍ للكرملين، أنَّ هناك مجموعات كبيرة في الغرب تحتقر النسوية وحركة حقوق المثليين، وبشكل أعم، تحتقر الاتجاه التقدمي الذي دفعت إليه النخب في مجتمعاتهم. ولما كانت الجماهير المتمسكة بالتقاليد جاهزة للثورة، فقد كان للرئيس بوتين فرصة. كان بإمكانه أن يصبح «الزعيم العالمي الجديد للمحافظين»، بحسب ما ورد في العنوان البراق لتلك الورقة البحثية.

 

   قال التقرير إنَّ بوتين لم يتحدث قط بحماسة عن الغرب، لكنَّ التصريحات الكئيبة حول مصير الغرب صارت بالتدريج جزءًا محوريًّا من خطابه. شن بوتين هجمات سوداوية الطابع ضد منطقة الـ«يورو أطلسي» المنحلة ثقافيًا، والجافة روحيًا. وحذر من المبالغة في تقديس التسامح والتنوع. ووصف الغرب بأنه «عقيم وبلا هوية جنسية» وسخرت الدعاية الروسية من أوروبا بتسميتها «جايروبا» (أوروبا الشواذ). وكان الاتهام بالنسبية الأخلاقية من الاتهامات الأساسية التي وجهها بوتين للغرب.

 

فقد قال في مؤتمر عقد عام 2013:

 

«بإمكاننا أن نرى كيف أنَّ الكثير من دول اليورو أطلسي، يرفضون جذورهم، بما في ذلك القيم المسيحية التي كانت أساس الحضارة الأوروبية. إنهم يرفضون المبادئ الأخلاقية وكل الهويات التقليدية: القومية، والثقافية، والدينية، وحتى الجنسية… إنهم يطبقون سياسات تساوي العائلات الكبيرة، بالشركاء من نفس الجنس، وتساوي الإيمان بالله بالإيمان بالشيطان». وقال بوتين في مناسبة أخرى، إنَّ الغرب، لما خضع للعلمانية، صار يتجه ناحية «ظلمات فوضوية» و«ارتداد إلى الحالة البدائية».

   لم يفطن الكثير من المحللين لنجاعة مثل هذا الخطاب خارج حدود روسيا. لكنَّ قادة اليمين في العالم، من رودريجو دوتيرتي في الفلبين، مرورًا بنايجل فاراج في بريطانيا، وانتهاء بدونالد ترامب في الولايات المتحدة، صاروا يتكلمون الآن بنفس خطاب بوتين. عادة ما يُقلَّل من تملق أولئك القادة لبوتين، ويعزى هذا التملق إلى تلقيهم رشاوى، أو أية جهود روسية سرية أخرى. لكنَّ هذه التفسيرات لا تأخذ في اعتبارها المكانة الضخمة لبوتين. لقد وصل بوتين لمكانته تلك؛ لأنه توقع الثورة الشعبوية العالمية وساهم في إعطائها شكلاً أيدلوجيًا. أصبح بوتين، بنقده التنبؤي الكارثي للغرب، الذي يلعب على المخاوف من ضعف الاستجابة المسيحية للإرهابي الإسلاموي، رمزًا لمقاومة الإرثويين المتمسكين بالتقاليد.

 

Embed from Getty Images

 

   وقال التقرير إنَّ معظم المراقبين الغربيين افترضوا، في البداية، أنَّ بوتين لن يحظى بمعجبين من خارج اليمين. في فرنسا، ارتكزت آمال روسيا، في البداية على ماري لو بان، المنتقدة بضراوة للهجرة والعولمة، والتي يؤوي حزبها، حزب الجبهة الوطنية، منكرين للهولوكوست، وبعض من يحنون لعهد حكومة فيشي. وأقرض بنك روسي، عام 2014، حزب لو بان الذي كان يعاني من ضائقة مالية، تسعة ملايين يورو. في مقابل ذلك، أسهبت لوبان، في تأييد الأفكار الأساسية لبوتين، وصرحت بأنَّ روسيا «حليف طبيعي لأوروبا».

 

   وقال التقرير إنه لو كانت أحزاب أقصى اليمين الأوروبية حصان طروادة بوتين، فهو قد نجح في خطته وهيمن على الانتخابات الرئاسية الفرنسية الحالية. خلال حملة العام الماضي لاختيار مرشح الحزب الجمهوري الفرنسي، الذي أصبح المقر الجديد ليمينيي الوسط، تدافع المرشحون لتقديم فروض الولاء لبوتين. ابتعد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، الذي يتنافس من أجل ابتعاث مسيرته السياسية، من ماضيه المليء باغتياب الرجل القوي لروسيا. وأرسل ساركوزي رسالة، عندما توقف في رحلة لسانت بطرسبرج لالتقاط صورة تذكارية مع بوتين، وهو يصافحه بقوة ويبتسم ابتسامة واسعة. وانخفضت نبرة كلام ساركوزي في كتاب ما قبل الحملة الانتخابية الخاص به إذ قال: «لست واحدًا من أصدقائه المقربين، لكنني أعترف أنني أقدر صراحته، وهدوءه، وسلطته. ثم هو روسي للغاية!».

 

   كانت هذه تلميحات صارخة، لكنها ليست نابعة من حر رأيه. تصرف فرانسوا فيون، منافس ساركوزي، بنفس الطريقة الفياضة، وإن بدت عاطفته أقل افتعالًا. فقد بنى فيون، خلال السنوات التي قضاها رئيسًا للوزراء، من 2008 حتى 2012، علاقة وثيقة مع الرجل الذي سماه «عزيزي فلاديمير». في شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، كان ألان جوبيه، المنافس الجمهوري الذي كان يرجح المراهنون فوزه في أول الانتخابات، يشتكي قائلًا: «لا شك أنًّ هذه أول انتخابات رئاسية يختار الرئيس الروسي المرشحين فيها». لكنَّ السخرية من خصومه واتهامهم بالـ«روسيا فيليا» (المحبة المرضية لروسيا) لم يساعده كثيرًا: إذ أصبح فيون هو مرشح الحزب، بعد أن هزم جوبيه هزيمة نكراء، بفارق أكثر من ثلاثين بالمائة.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...