web analytics

“سي السيد” وأمينة .. متى تنتهي الظاهرة

 

 

 

 

 ستظل أسطورة نجيب محفوظ ماثلة في أذهان المصريين حتى يوم الدين تلك الحقيقة أو / الخرافة التي استطاع العبقري يحيى شاهين أن يجسدها بكل قتدار.

وقد قدم الروائي العبقري نجيب محفوظ شخصيتين من اروع الشخصيات التي عرفتها السينما المصرية: سي السيد وأمينة. سي السيد الذي يمثل الذكر المصري بشحمه ولحمه كما لازلنا نراه إلى يومنا هذا مع فروق بسيطة، وأمينة كما لازلنا نراها اليوم أيضا والتي تمثل الأنثى المصرية. سي السيد كما رسمه الراحل نجيب محفوظ كان راجل يستعبد زوجته امينة لتلبي له مراده وتحقق له هواه بدون ان يتعب او يجهد نفسه؛ فهو الذكر صاحب الطلب المجاب والأمر المطاع والكلمات القاطعة.

 وتجد أمينة تتحمل كل الصعاب من اجل تحقيق رضى زوجها، تكد وتتعب لتحقيق اماني سي سيدها؛ فسعادة سي السيد مسئوليتها، رضاه مسئوليتها، راحته مسئوليتها، وما خلقت هي إلا لتكون آداة لتسهيل حياة سي السيد.

 

تعايش الناس بذكورهم وإناثهم وبكل وجدانهم مع شخصية سي السيد وأمينه، يمقتون تصرفات سي السيد ويتعاطفون مع امينة المغلوبة على امرها، يلقون باللوم على عاتقها؛ فهي من ارتضت هذا الذل وقبلته وصدقته وعاشته وكأن الله خلقها لتكون ذليله امام سي السيد.

وتعايش الناس مع القصة وتعاطفوا معها لدرجة أنهم اصبحوا يتهكمون على كل رجل تشتكي منه زوجته بأنه "سي السيد". وتظهر هنا سخرية القدر في قوم يتهكمون على سي السيد واسلوبه وهم في الحقيقة يجلهون إن بعضهم يمثلون سي السيد وامينة؛ هناك بعض الرجال في مصر لا يخرجون عن كونهم سي السيد والمرأة المصرية لا تخرج عن كونها امينة.

   

 

نهاية سي السيد بالضرب

 

 من ناحية اخري يري البعض أنه تمكنت المرأة المصرية وبنجاح منقطع النظير في أن تسطر اسمها في قوائم المتميزات وأن تحتل صدارة من نوع خاص.

 

وتمكنت المصريات من إزاحة الأمريكيات وتفوقن عليهن واكتسحن البريطانيات وهزمهن بجدارة وأثبتن أنهن أفضل من الهنديات وتمكن بعد 7 سنوات من أن ترتقين من المركز الخامس إلى الأول في قائمة أكثر النساء في العالم ضربًا لأزواجهن.

 

 نعم ليست مزحة أو نكتة، بل حقيقة كشفتها آخر الدراسات والأبحاث العلمية، والتي تؤكد أن سيدات مصر أصبحن أصحاب الرقم الأعلى في الضرب للأزواج متفوقات على كل سيدات العالم بمن فيهن الأمريكيات اللاتي جئن في المرتبة الثانية بنسبة تبلغ 23% والبريطانيات اللاتي جئن في المرتبة الثالثة بنسبة تبلغ 17% ثم الهنديات المسكينات في المرتبة الرابعة بنسبة 11% فقط، بينما المصريات جئن في المرتبة الأولى منذ عام 2003 بنسبة 23% وارتفعت بعد ذلك عاماً بعد الآخر لتبلغ 28% في نهاية عام ( 2012 )( 2012 )( 2012 )( 2012 ).

 

كما يري أصحاب هذا التوجه أنه قد تحولت أسطورة "سي السيد" إلى ماضي انتهي زمنه أما "أمينة" فقد ولى زمانها وراح بعد أن خلعت عن نفسها رداء المسكنة و"الغلب" وتعاطت حبوب الشجاعة وأعلنت العصيان والتمرد على الرجل، بل وأرغمته بمساعدة "قوانين الأحوال الشخصية" علي التراجع والتنازل عن سلطاته وهيمنته وشيئًا فشيئًا سحبت البساط من تحت أقدامه لتصبح الأجرأ والأكثر فاعلية وتمكنًا، وفي النهاية اكتفى "سي السيد" أن ينطبق عليه المثل "ضل راجل ولا ضل حيطة" وأن تصبح مزاياه كما تقول حواء "في الليل غفير وبالنهار أجير".

 

أنا كلمتى لا يمكن تنزل الأرض أبدا

 

نتيجة بحث الصور عن سي السيد

وهناك وجهة اخري لتسلط المرأة جاءت في فيلم "ابن حميدو" الشهير وهي لا زالت عالقة ف أذهان النساء "أنا كلمتى لا يمكن تنزل الأرض أبدا.. طيب معلش تنزل المرة دى".. هذه الجملة الساخرة التى قالها عبقرى الكوميديا الراحل، وخريج مدرسة "الفرير" الفنان عبد الفتاح القصرى، لزوجته قوية الشخصية لتدل على مدى سيطرتها عليه، وعدم قدرته على فرض رأيه أو كلمته عليها، وأن كل غضبه ينتهى فى النهاية إلى لا شىء "وينزل على فاشوش".. ويبدو أن هذه الجملة قد أصبحت بالفعل تحكم الكثير من العلاقات فى البيوت المصرية.. فالظاهر أمام الناس هو أن الرجل يسيطر على المرأة، بل وقد يضطهدها فى ظل مجتمع ذكورى، وقوانين تنحاز إلى الرجل.. وأن المرأة العربية بشكل عام مظلومة ومقهورة.. لكن الحاصل فى الواقع عكس ذلك تماما.. وصورة "سى السيد" الذى يشخط وينطر ولا ينتظر من زوجته الست "أمينة" المنكسرة الغلبانة سوى السمع والطاعة.. هذه الصورة اختفت أو كادت أن تختفى من المجتمع المصرى.. والمرأة الآن لا تكتفى بالنقاش والتشاور، لكنها فى الحقيقة ومن وراء الستار، وأحيانا من أمامه هى صاحبة القرار، وعلى الزوج أن يكتفى بالصراخ أحيانا، وبالتهديد أحيانا أخرى، قبل أن يرضخ فى النهاية لما تقوله الزوجة.

 

أسباب اختفاء الظاهرة

 

والبعض يرى أن السبب فى اختفاء ظاهرة "سى السيد" هو خروج المرأة للعمل ومشاركتها للرجل فى الإنفاق وتحمل تكاليف وأعباء الحياة ومصاريف البيت والأولاد، بل وكثير من الزوجات تفوق دخولهن دخول ومرتبات أزواجهن، وتتحملن القدر الأكبر من مصروف البيت ونفقات المدارس.. وقد يكون هذا صحيحا، أو على الأقل عاملا من عوامل تهاوى قوة الرجل وسطوته على المرأة.. لكن.. ماذا نقول عن الزوجات المسيطرات من ربات البيوت اللاتى لا تعملن ولا توفرن للأسرة أى نوع من أنواع الدخل المادى، وتعتمدن بشكل كامل على الزوج فى الإنفاق.. لماذا لا يستسلم لهن الرجل، إذا كان الأمر متعلقا بالمادة، ومن الذى لا ينفق أو من يكسب أكثر ومن يكسب أقل!.

 

 

 

أسد خارج المنزل وفأر بالداخل

 

في عصر العولمة، هل يمكن ان نجد شخصية ‘سي السيد’ من جديد؟ أم انها ذهبت مع مهب الريح، خاصة مع ظهور ظاهرة جديدة لم تكن مألوفة آنذاك، الا وهي خوف الأزواج من زوجاتهم، فهناك 120 مليون رجل في العالم يخافون من زوجاتهم، لا يجرؤ كل منهم على رفض طلباتها، وينفذ أوامرها بسرعة شديدة

 

           

 

فالخوف من الزوجة حقيقة ترصدها الدراسات العلمية، التي تشير الى ان الزوج كثيرا ما يكون أسدا خارج المنزل وفأرا في داخله، يصاب بالذعر اذا غضبت، ويرتبك اذا طلبت منه شيئا، ويعاملها بأدب ويطيع كل قراراتها، ولا يرفع صوته مهما حدث، حيث يبدو أمامها نموذجا للطاعة والمثالية.

 

و خوف الرجل من زوجته فيه انتقاص لرجولته  لكن هناك رجالا يخافون زوجاتهم  بالفعل ويدعون العكس، لكن افعالهم توصلنا الى الحقيقة المرة فظاهرة خوف الازواج من زوجاتهم تنتشر في مصر، وفي غيرها من البلدان، وهذه النوعية من الازواج يحاولون دائما التحدث عن جبروتهم في المنزل، وانهم يرغمون زوجاتهم على طاعتهم، وانهم ينفذون ما بخاطرهم من دون اخذ رأي زوجاتهم، وانهم لا يغيرون قراراتهم مهما فعلت الزوجة، وفجأة اذا رن الهاتف ووجد رقم زوجته يرتعد ويتلعثم ، ولأنه لا يستطيع ان يحققها، يكذب ويصدق كذبته ويحاول ان يوهم الآخرين بسيطرته، لكن في الحقيقة ان زوجته قد مسحت شخصيته، وجعلته خاتما في اصبعها.

 

أسباب سيادة المرأة

 

  يعود خوف الرجل من زوجته الى عدة اسباب لعل اولها ضعف شخصية الرجل وقوة شخصية زوجته، فغالبا ما تكون هذه الزوجة قد تربت بين اولاد، فقد تكون هي البنت الوحيدة بين اخوانها، وقد تتقمص شخصية اخوانها، وتكون عنيفة في تعاملها مع زوجها، ولا توجد فيها اي صفة من صفات الانوثة، فهي تتعامل مثل الذكر، تأمر وتنهى، وتسيطر وتهيمن على الاسرة ككل، فلا خروج الا بأمرها ولا سفر الا بأمرها ولا شراء ولا تبضع الا بأمرها.

وتتحكم بنوع الطعام الذي تقدمه يوميا، فلا تأخذ رأي افراد اسرتها، ولا حتى رأي زوجها، وهي بذلك تتصور انها قوية وبطلة، وانها استطاعت ان تتحكم بزوجها وتمنعه من التصرف على طبيعته.

وقد يصل بها الامر ان تتدخل في علاقات زوجها مع اصدقائه، فتختار له اصدقاءه، وتمنعه من الخروج الا اذا خرج مع ابنه. اما اذا فكر الخروج بمفرده فهي ترفض بشدة وتهدده بعقابها له، وهي تعلم نقطة ضعف زوجها، فتستغل نقاط ضعفه لإصدار العقوبة المناسبة له.

 

فارق العمر

 

من الاسباب الاخرى لخوف الزوج من زوجته الفارق العمري الكبير بين الزوج وزوجته فقد يكبر الزوج زوجته بعشرين عاما او اكثر، وهنا يخاف من غضبها ويحاول دائما ارضاءها، لعدم ثقته بنفسه وخوفه من طلبها للطلاق لأتفه الاسباب خاصة عندما يشعر انها تصغره بكثير، وان فرص الزواج امامها كثيرة، بينما يكون العكس بالنسبة إليه، واحيانا تتفضل عليه لأنها وافقت على الزواج به، فهنا يعيش ذليلا خاضعا لها.

من ناحية أخري يعتبر السبب المادي من اهم اسباب ضعف الزوج أمام زوجته لأن الرجل يعتمد اليوم على راتب الزوجة اعتمادا كليا، بل انه قبل ارتباطه بها يستفسر عن راتبها ومنصبها وطبيعة عملها وما له من مزايا مادية، ولا يقبل ان يرتبط الا بامرأة موظفة، كي تساعده في مصروف المنزل، وبعد ذلك تتحول المساعدة الى امر فرض وواجب، وحتى لا يخسر الزوج راتب الزوجة فانه يطيعها في كل ما تريد حتى لا يفقد السيولة المادية التي تغدق هي بها على منزله واولاده وعلى السفر وعلى شراء منزل فهو لا يقدر ان يقوم بكل الواجبات والالتزامات المادية بمفرده، بل هو في امس الحاجة لراتبها حتى يستطيع ان يواكب الحياة المادية والمظاهر الكاذبة في المجتمع، فيعتمد على راتبها لشراء سيارة فاخرة ومنزل كبير وسفر حول العالم، كل هذا يدفعه للتنازل عن بعض حقوقه واولها حقه في طاعته، بل يتحول هذا الحق لها فيقوم هو بطاعتها إلى أبعد الحدود وفي كل الاحوال.

 

 

 

العربي أكثر خوفا من زوجته من الغربي

 

وفي العالم العربي بصفة عامة وليس في مصر وحدها يعتبر الذعر من شريكة الحياة حقيقة لا يمكن انكارها، وعلى الرغم من عدم وجود بيانات احصائية دقيقة حول حجم الظاهرة، الا ان الدراسات العلمية تؤكد ان حجم هذه الظاهرة اكبر من مقدارها في الغرب، ويعود ذلك الى ان العلاقات الزوجية هناك تقوم اساسا على التفاهم والحب المشترك، وادارة شئون الاسرة بطريقة ديمقراطية وتوزيع الادوار والمهام بين الطرفين.

لكن الامر في الدول العربية يختلف بعض الشيء، فالرجل هو صاحب الامر في معظم الاسر ولا يوجد تبادل للسلطات بين شريكي الحياة، فنتج عن ذلك محاولة بعض النساء الانقلاب عن هذا النمط السائد في ادارة الاسرة، وبالطبع فان اول خطوة لتحقيق ذلك هي جعل الازواج يخافون منهن ويخشون بأسهن.

وقد يصل الرعب لدى الرجل العربي في بعض الاحيان الى حد الانسحاق امام شريكة حياته، وقبوله ما تفعله من دون مناقشة حتى لو وصل الامر الى الاعتداء عليه وضربه، وقد كشفت دراسة اجراها المركز للبحوث الاجتماعية بالقاهرة ان 18% من الرجال يتعرضون للضرب من زوجاتهم، وقد كانت هذه النتيجة مفاجأة للباحثين انفسهم، وهي بالطبع مؤشر واضح على أن حجم خوف الأزواج من النساء كبير جدا وليس له حدود.

 

  

 

 

سي السيد".. جمعية استرداد حقوق الرجل

 

عقدت جمعية "سي السيد" للدفاع عن حقوق الرجال في مصر أول اجتماع لاعضائها منذ تأسسيها وتضم الجمعية 620 عضوا، جميعهم من المصريين، وبينهم 23 امرأة وتهدف الى تعزيز ما ترى أنها المفاهيم الصحيحة لدور الرجال في الاسرة وفي المجتمع كما تساعد على توفير فرص عمل للرجال العاطلين.

 

واستوحى اسم الجمعية من اسم أطلقه الاديب الراحل نجيب محفوظ على احدى شخصياته، حتى صار "سي السيد" رمزا للرجل الشرقي الصارم الذي يتحكم في زوجته وأسرته بقبضة من حديد.

 لكن يبدو أن هذه الشخصية صارت من الماضي في المجتمع المصري، وهو ما سبب الكثير من المشاكل الاجتماعية، بحسب رأي رئيس الجمعية نعيم أبو عيضة، الذي اعتبر أن تراجع فحولة الرجل "جعل المرأة ترفع صوتها عليه" لان "المعركة بين الرجل والمرأة جزء من شخصيته".

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...