web analytics
غير مصنف

فيما تختلف أيدلوجيات داعش والقاعدة؟

daish

تقرير – سعيد حنوص- خاص شامل 24

ربما يعتقد البعض أن القاعدة وداعش لا يختلفان كثيراً، في المعتقدات والأيدولوجيات، لكن من يراقب الفريقين الإرهابيين سيكتشفان أن هناك اختلافات كبيرة بين الاثنين، فالقاعدة مثلا تقلل من تنفيذ العمليات الإرهابية وسط تجماعات المدنيين الكثيرة، حتى لا تكسب السخ الشعبي، ولم تكن تنفذ عمليات إرهابية كبيرة ضد الجيوش العربية، أما داعش فلا يتورع ولو لحظة في ثكب الدماء.
وتتمثل أبرز المنطلقات الفكرية للقاعدة في إقامة الخلافة الإسلامية على نهج النبوة، وتطبيق شرع الله، وممارسة الجهاد العالمي ضد من يسمونهم اليهود والصليبيين من أجل تحرير فلسطين، ومواجهة الهيمنة الغربية وخصوصاً الأمريكية على العالم الإسلامي، ونصرة المستضعفين وتخليصهم من الظلم، وهو ما لا تختلف فيه عن دولة البغدادي، أما منطلقات القاعدة الدينية والعقيدية ومصادرها الفكرية التي تتفق فيها تمامًا مع داعش فهي: فتوى أهل ماردين: وقد استند تنظيم القاعدة وغيره من تيارات السلفية الجهادية في إباحة قتال الحكام المسلمين، إلى فتوى ابن تيمية في أهل ماردين الشهيرة بـ«فتوى التتار».

إلا أن «داعش» توسعت في التكفير، وفي القتل بناء على التوسع في التكفير، كما توسعت في نظرية التترس، أو قتل من لا يبايع البغدادي، كما امتحنت الناس في عقائدهم بغرض تصنيفهم، حتى وصل بها الأمر لامتحان الظواهري نفسه في تكفير عوام الشيعة والإخوان، بما يذكر بالخوارج الأوائل الذين كانوا يدينون بـ(الاستعراض) أي استجواب الناس في عقائدهم وقتلهم بناء على ذلك.

كما أن داعش له معتقدات راسخة بدا ينشرها في العالم العربي والعالم أجمع وهي أنه لا يتورع في نشر مفاهيم القتل غير الرحيم.

إلا أن عقيدتهم في الحكّام تختلف عن عقيدة القاعدة والسلفيين الذين يرون الطاعة لولاة الأمر ما أقاموا الصلاة في الرعية؛ وهو الأمر الذي لا يراه الداعشيون كافيًا للطاعة، حيث يعتقدون أن الإسلام عقيدة يعتنقها الإنسان بالشهادتين وسائر أركان الإسلام الخمسة، ويخرج منها بالوقوع في واحد من: «نواقض الإسلام العشرة» التي أصّل لها الشيخ محمد بن عبدالوهاب في رسالة معروفة، وما يطبقونه على الحكّام أجروه على فصائل الجهاد الإسلامية في الشام، بما فيها «جبهة النصرة» حملت معهم المنهج والرؤى والأفكار نفسها، وأبت داعش الانصياع لتعليمات أيمن الظواهري، وما أعقب ذلك من طلبهم البيعة لقائدهم البغدادي! وبهذا عدّوا أنفسهم الشرعية الوحيدة للجهاد في الشام والعراق، ومن أبى البيعة لدولتهم عدّوه مرتدًا ومتآمرًا على الجهاد والإسلام، ومتواطئًا مع اليهود والأمريكان. و«داعش» تفترض وتبني على فرضياتها ما تحسبه حقائق، مثلما افترضت وصَدّقت أنها دولة الإسلام في العراق والشام، وكما تفترض ثم تعتقد أن بذل البيعة لها حق مسلم به، حتى باتت تستبيح قتل مخالفيها، مثلما فعلت بمن وقع بيدها من جبهة النصرة وغيرها من التنظيمات الإسلامية، لأنهم بحسبها مرتدون.
منطلقات داعش

يعتقد أتباع تنظيم الدولة أن الإسلام عقيدة يعتنقها الإنسان بالشهادتين وسائر أركان الإسلام الخمسة، ويخرج منها بالوقوع في واحد من: «نواقض الإسلام العشرة»، التي أصّلَ لها الشيخ محمد بن عبدالوهاب في رسالة معروفة استهلّها بقوله: «اعلم رحمك الله أن نواقض الإسلام عشرة نواقض» وفي ضوء أحدها يكفّرون الحكّام لاعتقادهم بوقوعهم في الناقض الثامن وهو: «مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: «ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين»، وما يطبقونه على الحكّام أجروه على فصائل الجهاد الإسلامية في الشام، بما فيها «جبهة النصرة» توأمهم الفكري الذي خرج وإياهم من رحم تنظيم القاعدة، وحمل معهم المنهج والرؤى والأفكار نفسها، إلى أن انشقّت «داعش» عن «القاعدة» وأبت الانصياع لتعليمات زعيمها أيمن الظواهري.

وليس لرضاهم ببقاء فلسطين محتلة بيد اليهود، وهو ما لا تريد «داعش» أن تقبل به، لأن هدفها الرئيس تحقيق حلمها بفتح جبهة نحو فلسطين، ولأن الديمقراطية الموعودة ليست في حسبانهم إلا أكذوبة ستوأد كما وئدت ديمقراطية مصر، التي انتهت بعزل مرسي وقتل «الإخوان»، وبالنسبة لـ«داعش» الموت في ساحات الوغى مجاهدين خير من مسالمة من تعتبرهم كفارًا ومرتدين كما فعل «الإخوان» الذين سالموا وعاهدوا وشاركوا في العملية الديمقراطية فلم يحصدوا إلا الموت قتلاً وسحلاً كما في رابعة والنهضة، وحيث السجون التي يعتقل فيها الكثير منهم!

تحدث طارق عبدالحليم، أحد أبرز مفكري السلفية الجهادية، عن الخلافات العقدية والسياسية بين جبهة النصرة، حليف القاعدة، وبين داعش، وقال: إن الأولى على مستويين، خلافٌ في أصل المسألة، وخلافٌ في مناطها ومن ثم تطبيقها، ومثال على ذلك أنّ كلّ مسلمٍ، بلا استثناء، يؤمن بأن مرتكب الشرك الأكبر كافرٌ. لكن يأتي الخلاف في مناطات هذا الأصل، وهو: هل هناك مانعٌ من تكفير هذا المعينّ بالذات، أو تكفير من ثبت في حقه عارض من العوارض؟ وإلى أي درجة يتعلق هذا المانع بمنع تكفيره؟ وهكذا.

فهنا يتحد الأصل، ثم تتفرق صور التطبيق. ومن الظلم البيّن والجهل المردي أن نسوّي بين المستويين من الخلاف، والنقطة الرئيسة في الاشتباك، أو الاشتباه العقدي -إن شئت- تقع في مسألة الاستعانة أو التعاون مع جهات «مرتدة» ضد مسلمين، وهذا أمرٌ جللٌ يجب ألا يتصدى له إلا العلماء بحق، إذ يترتب عليه استباحة أموال وأعراض وأموال، لا يجب استحلالها إلا بالحق. وتحديد إسلام طائفة من عدمه، يتوقف على أمرين، عقيدتها المعلنة، وتصرفاتها على الأرض، ومفهوم المخالفة هنا لا يعمل.

ما بين القاعدة وداعش

على الرغم من وجود بعض الاختلافات بين فروع تنظيم القاعدة وخلاياه في الدول والمناطق المختلفة، سواء من حيث ظروف النشأة، أو الأهداف المرحلية والتكتيكية، أو أساليب الحركة والفعل، أو أنماط التعامل مع ظروف ومعطيات البيئة المحيطة أو غير ذلك من الأمور، إلا أن كل فروع التنظيم وخلاياه تنطلق من أيديولوجية واحدة كما عبَّر -ويعبر- عنها ابن لادن والظواهري؛ ومن هنا فإن تنظيم القاعدة اليوم هو بمثابة شبكة عابرة لحدود الدول.

يتوافق تنظيم القاعدة مع داعش، في فتوى أهل ماردين، حيث استندا في إباحة قتال الحكام المسلمين، إلى فتوى الإمام ابن تيمية في أهل ماردين الشهيرة بـ«فتوى التتار». كما استندا لمفهوم التترس، أي جواز قتل المسلم إذا تترس به الكافر، كأساس شرعي لتبرير بعض العمليات العسكرية التي يترتب عليها قتل.

أما جواز قتل المدنيين، فهما يؤكدانه في كل أدبياتهما، وقد شارك أسامة بن لادن وأيمن الظواهري وآخرون، في توقيع وإصدار فتوى تحت اسم الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين، أعلنوا فيها (أن حكم قتل الأمريكيين وحلفائهم مدنيين وعسكريين، فرض عين على كل مسلم في كل بلد متى تيسر له ذلك…)، وطبقاً لهذه الفتوى فإن تنظيمي القاعدة، وداعش، يجيزان قتل المدنيين من الأعداء وحلفائهم.

واعتبر الظواهري أن البغدادي، أمير «داعش»، ابناً عاقاً له، وأصدر بياناً مطولاً قال فيه: «وفي هذا الجاني المسكين المغرر به، الذي دفعه من دفعه بدافع الجهل والهوى والعدوان والطمع في السلطة ليقتل شيخاً من شيوخ الجهاد، وهذه الفتنة تحتاج من كل المسلمين اليوم أن يتصدوا لها، وأن يشكلوا رأياً عاماً ضدها. جاء ذلك عقب اغتيال «داعش» أبا خالد السوري (أحد مؤسسي تنظيم القاعدة، الذي كلفه الظواهري بالصلح بين جبهة النصرة في سوريا والدولة الإسلامية في العراق).

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...