web analytics

في عيد الام.. أسيرات يقاومن الاحتلال

هناك ومن داخل مستشفى مائير الاسرائيليه بكفار سابا استلقت على السرير مكبلة الايدي والارجل ، نظرو لها بنظرات يملؤها الحقد متمنين موتها، وفجاه على حين غفله خرج من ضعفها حياة جديدة ارعبتهم بصوتها، صراخ طفل ممزوج بصوت حديد كبل حرية امه، براء ذاك الطفل الذى خرج من ظلمات الرحم الى ظلمات سجون الاحتلال، حرموها من تلك النظرة الاولى والحضن الاول ولم تري منه الا صوته الذى رات فيه ما يشفي عذابتها طيلة فترة اعتقالها، الأسيرة المحرره سمر صبيح وقصة من قصص الولادة داخل سجون الاحتلال ترويها للبوابة نيوز فى عيد الأم ضمن ملفنا " محل الميلاد : زنزانه ". 

 

المشهد الأول " التحقيق " 

بغير رافة يلتف حولها جنود الاحتلال، تخبرهم انها حامل فى شهرها الثالث ولكن دون جدوي، يجروها من امام منزلها الذى طوقوه واخرجو كل من فيه دون اى مراعاة لحرمات البيوت، نادى عليها كبيرهم فاجبته " انا " فاقتادها الى منزل اخر حديث البناء وامرها ان تخلع كل ملابسها وتتعرى تماما وتلبس لباس السجن الابيض، رفضت فهددوها بالقتل مشهرين الاسلحه فى وجهها فامتثلت لامرهم عنوة، اعصبوا عينيها واقتادوها من مدينتها طول كرم بالضفة الغربية الى مركز تحقيق " المسكوبية "، 66 يوما تمر عليها وكأنها 66 قرنا من الزمن، لا يهمها ما يحدث لها من تعذيب وربط لساعات طويلة بقدر ما يؤرقها جنينها، ساعات من التعذيب والتحقيق بتهمة الانتماء لحركة حماس وحيازة متفجرات وتحضير لاحزمة ناسفه، كل هذا واكثر كان فى انتظار الام الحامل الذى لم يشفع لها جنينها عندهم باى رحمة ولا انسانية.  

تبتسم صبيح وتكمل مستذكره " رغم وضعى السئ تم نقلي للتحقيق معى فى المسكوبيه وهو من اصعب مراكز التحقيقات ومن ثم وضعونى فى زنزانه تحت الارض كانت " مترين فى مترين " تسع فقط لانسان واحد والمرحاض كان فى حفره فى الارض والسقف به بعض الثقوب التى من المفترض انها للتهوية، وكان هناك تعذيب نفسي وجسدي فكان يتم ضربي تحت الرقبه واول الظهر لانه مركز الاعصاب، وكانوا يجعلونى ارى زوجى وهو يتم تعذيبه من خلال فتحه سحريه فى الباب. 

" سمر صبيح خريجة الجامعة الاسلامية دبلوم شريعة واصول الدين وقد تم اعتقالها بتاريخ 29/9/2005 وبعد اعتقالها بيوم واحد تم اعتقال زوجها رسمي صبيح اعتقالا اداريا بسجن النقب الصحرواى وهو فى الاصل ابن خالها " 

المشهد الثاني " سجن هشارون وأشهر الحمل الاولي "   

من المتعارف عليه ان مراكز التحقيق فى اسرائيل يرى فيها المرء اسوء ما فى حياته لدرجة انه يتمنى ان يخرج منها الى السجن حتى ولو حكم عليه بالاعتقال مدي الحياه، طيلة تلك الفتره كانت تتمنى ان تخرج من اجل صحة جنينها ليس اكثر من ذلك، مشاعر الامومة كانت تطغى عليها كل دقيقة لدرجة انها باتت تفكر فى التصديق على ما يقولون خوفا على حياة ابنها الذى لم تره بعد خصوصا وانه فرحتها الاولى فهو ابنها البكر.  

تنتهى فترة التحقيق وتنقل صبيح الى سجن هشارون وهو احد السجون المخصصه للنساء، 6 مرات يتم فيها عقد جلسات فى المحكمه لمناقشة قضيتها التى انتهت بالحكم عليها بعامين ونصف، كانت هناك سياسة للاهمال المتعمد لدرجة جعلت جنينها يتوقف عن الحركه وهي في شهرها الرابع من الحمل بسبب ضعف تكوينه. 

تقول صبيح " اهملونى كثيرا في زنزانتى خصوصا فى أشهر الحمل الأولى، حتى الطعام الصحي وهو ابسط حقوقى لم اكن اجده وهو ما اصابنى بضعف شديد وصل الى توقف جنيني عن الحركه في الشهر الرابع لضعف تغذيته، كما انى قد طالبت بنقلي الى المستشفى ولكن رفضو فكان التقصير متعمد من قبل ادارة مصلحة السجون الإسرائيلية ، وهذا ما اثر على صحتي طوال أشهر الحمل. 

 

المشهد الثالث " ولادة قيصرية تحت الحراسه " 

ابلغوها انها ستلد غدا ولاده قيصرية، ليلة لم تمر كمثيلتها من الليالي السابقه، ساعات كانت تمر وكانها سنوات، تفكر كيف ستكمل رحلة عذابها وتلد مولدها البكر، لا اهل ولا أصدقاء فقط جنود الاحتلال هم من سيكونو معها غدا بغرفة العمليات او بالأحرى هي ليست غرفة عمليات ولكنها ثكنه عسكرية ستلد صبيح فيها براء ابنها البكر. 

بخطوات ثابته يتخللها صوت الحديد والام المخاض في ان واحد تصعد صبيح مبتسمة الى عربة البوسطه الخاصه بالسجن، لم يتم نقلها في عربة اسعاف مجهزة ولكن تم نقلها في عربة السجن المغلقه حيث لا مكان للراحة او للتهويه وهو من اقل حقوق الانسان الذى لا يعرف عنه الاحتلال شيئا. 

 الام المخاض تزداد شيئا فشيئا، وبدا الضعف يتخلل خطواتها، تستلقي على السرير ومعها 4 مجندات ليسو في حراستها او خدمتها ولكن من اجل استفزازها بكل ما عندهم من قوة، تبدأ عملية الولاده بمخدر موضعي وليس كامل، ينظرون لها متمنين موتها على تلك الحاله، وفجاه وعلى حين غفلة يخرج من ضعفها حياة جديده تصرخ في وجوههم، براء الذي قدر له ان يخرج من ظلمات رحم امه الى ظلمة وظلم سجون الاحتلال يوم الأحد 30/4/2006. 

المشهد الرابع "ما بعد الولاده والعوده لسجن تلموند " 

يأخذ الأطباء المشرفين على عملية الولاده هذا الطفل الصغير الى الحضانه دون ان تراه امه وتظل هيا لمدة 6 ساعات تقريبا مكبله بالحديد على السرير، في حالة من الضعف الى ان احضروا لها رضيعها كي تراه، بدات المجندات الأربع في ممارسة استفزازها بالكلام والتصرفات، حتى الطعام الذى كان يقدم لها كان في اسوء حالته اما هم فكانوا ياكلون امامها ما لذ وطاب رغم انهم سيدات ويعلمن تماما ما تعنيه ان تكون المراه ام لأول مره. 

تقول صبيح " لم يكن ذلك صعبا على نفسي بقدر صعوبة اخذ ابنى منى بعد الولاده مباشرة، فكان الفراق صعبا حيث انى كنت خائفه فانا معهم بمفردى بعيده عن اهلى وزوجى وظللت على هذا الحال من الإهمال والعذاب أسبوعا كاملا لم تجرى لى اى فحصوات طبيه انا وابنى الا مره واحده فقط اخبرونى فيها بمدى ضعف حالة ابنى الصحيه وذلك لما لقيناه من عذاب واهمال طيلة فترة الحمل، عدت الى سجن تلموند لاجد في استقبالى جميع الاسيرات في السجن فبراء لم يكن له اما واحده بل كانوا كلهم أمهات له وفى خدمته ورعايته. 

وتكمل " نعم فقد ولدت طفلي براء في ظلال ظلمات السجن وظلم سجانه، من دون حضور أي من أهلي أو أقارب زوجي، بسبب تجاهل مصلحة السجون الإسرائيلية تنفيذ قراراً قضائيا سمحت فيه المحكمة لشقيقتي وزوجها الأسير في سجن النقب بحضور عملية الولادة للاطمئنان علي. 

 

المشهد الخامس " براء اصغر اسير في سجون الاحتلال " 

عام وثمانية اشهر قضاها براء في كنف امه داخل سجون الاحتلال، الوضع كان خطيرا وصعبا فهو كطفل لا يعرف سوي ما راته عينه لأول مره فهو كان يظن ان هذه هيا الحياه وان ما هو فيه هو الوضع الطبيعي، طفل لا يعرف سوي البرائه لا يفرق بين معتقل وسجان، اسائله كثيره باتت تدور في ذهن صبيح " كيف سيعيش ابنها في هذا الوضع السئ ؟ كيف ستجيبه حين يبدا الادراك ويسالها لماذا نحن هنا ؟ ". اسائله كثيره لم تكن تعرف كيفية الاجابه عليها لتنطلق رحلة تربية رضيعها داخل السجن. 

ورغم كل ما حدث رفضت ادارة مصلحة السجون ان تسمح لزوجها بان يزورها ويرى طفله ويطمئن على صحة زوجته، فقط كان يسمع اخبارهما من المحامين عبر الاتصالات الهاتفيه وهو داخل محبسه فى سجن النقب . 

تقول صبيح " كنت اعانى كثيرا فى تطعيمه فكانت مصلحة السجن تحاول تاخير التطعيم كنوع من انواع كسرة النفس اما ثايبه فكانت امى تحضرها لى فى الزيارات ولكن كانوا لا يدخلونها كامله فكانوا يمنعون الكثير منها". 

المشهد السادس "  براء وغاده صداقة داخل الزنزانه " 

يشاء القدر ان لا يحرم براء من اصدقاء لطفلولته ليجد بصحبته غادة تلك الرضيعه ابنة الاسيرة خولة زيتاوي والتي وافقت إدارة مصلحة السجون بادخالها إلى والدتها الأسيرة في السجن، بعد ان اعتقلت وتركتها وهى رضيعة،فكانت صديقة وحدته ورفيقة لعبه. 

 

 

واخيرا تختم صبيح قصتها قائله " لا شك في أن ما يواكب نشأة الطفل في شهوره وسنواته الأولى يترك آثاره في صياغة سلوكه العام لاحقاً، والأطفال الذين ولدوا في الأسر أو الذين عاشوا الشهور الأولى من أعمارهم خلف القضبان، لا تزال صور القيود والأقفال والسلاسل الحديدية في مخيلتهم، حيث تتعدد اسئلة طفلي براء مع تعلمه الكلام، اين السجن ولماذا نحن في الخارج على اعتقاد منه ان السجن هو الوضع الطبيعي. 

وبهذا يكون السجان قد نجح في حفر لغته في عقول الاطفال وربط مخيلتهم بعقلية السجن واصبحوا يحبون اقتناء الاقفال والسلاسل والعيش خلف ابواب مغلقة، بحسب سمر. وقالت: هذا بالتأكيد ما يسبب لهم صعوبة في التأقلم، فبراء لا يزال يرفض اللعب مع الاطفال، ويقول انا لا اريد سوى غادة وهي الطفلة التي اقتسمت معه عتمه السجن، وما اخشاه هو ان يكون من تاثيرات ذلك انعكاسه على  نمو طفلي البدني والنفسي وتوجيهه نحو ممارسة سلوك عنيف كالسلوك الذي تعايش معه داخل السجن، أو الميل للعنف والانتقام ممن عذبوه في طفولته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...