web analytics
غير مصنف

لاجئو سوريا في الأردن يرفضون وظائف رسمية مدعومة من الاتحاد الأوروبي.. ما الذي دفعهم لذلك؟

في مؤتمرٍ عُقِد العام الماضي في لندن، أبرم الأردن اتفاقاً مع المانحين الدوليين: سيُصدر الأردن عشرات الآلاف من تصاريح العمل للاجئين السوريين، مقابل مساعداتٍ من الاتحاد الأوروبي، والأكثر أهمية، وصول أسهل لأسواق الاتحاد.

في مؤتمرٍ عُقِد العام الماضي في لندن، أبرم الأردن اتفاقاً مع المانحين الدوليين: سيُصدر الأردن عشرات الآلاف من تصاريح العمل للاجئين السوريين، مقابل مساعداتٍ من الاتحاد الأوروبي، والأكثر أهمية، وصول أسهل لأسواق الاتحاد.

ويُطلق على مشروع تقديم المساعدة الدولية للأردن، الذي أثقل كاهله عددٌ كبير من اللاجئين السوريين، "اتفاق الأردن". وكان ذلك مُرحَّباً به في الاتحاد الأوروبي، الذي يحرص على اتخاذ تدابير من شأنها أن تساعد على وقف تدفُّق اللاجئين إلى أوروبا، حسب تقرير لصحيفةفايننشيال تايمز البريطانية.

وفي الوقت نفسه، يرغب الأردن في استكشاف مزايا عرض الاتحاد الأوروبي لتخفيض عتبة "قواعد المنشأ"، وهو ما يُخفِّض بفاعليةٍ التعريفات الجمركية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على مجموعة من البضائع المُصنَّعة أردنياً.

وتأمل عمَّان في أن يُوفِّر هذا حافِزاً للشركات الأوروبية للاستثمار في المناطق الصناعية ومناطق "التنمية" الـ18 الموجودة في الأردن، والتي تُصنِّع فيها المصانع البضائع من أجل التصدير. ومع خلق وظائف جديدة، يأمل الأردن في أن يصبح اللاجئون السوريون مصدراً للعمالة الفائِضة بدلاً من التنافس مع المواطنين الأردنيين على الوظائف الشحيحة.

ويقول عماد فاخوري، وزير التخطيط والتعاون الدولي الأردني: "تستند فكرة محاولة تحويل تحدِّي اللاجئين لفرصةٍ اقتصادية إلى الطبيعة الممتدة للأزمة. فهي تقوم على فلسفتنا أن تكون عملية توظيف السوريين مُكمِّلةً لعملية خلق الوظائف الأردنية وليست بديلاً لها".

وسبق أن أكد فاخوري أن توظيف السوريين لن يكون على حساب العمالة الأردنية.

وبحلول الأول من مايو/أيار 2017، كان لدى الأردن 659 ألف سوري مُسجَّلين رسمياً كلاجئين لدى الأمم المتحدة، وما مجموعه أكثر من مليون سوري يعيشون داخل حدودها، بمن فيهم غير المُسجَّلين رسمياً.


تفاقم البطالة


ولا يعيش معظم السوريين في مخيَّمات لاجئين، بل يعيشون جنباً إلى جنبٍ مع الأردنيين في المدن والبلدات. وشكَّل التدفُّق عبئاً على الخدمات المحلية، وأدَّى إلى احتكاكاتٍ مع المواطنين الأردنيين بسبب الوظائف الشحيحة. فقد وصل مُعدَّل البطالة في الأردن عام 2016 إلى 15%.

وجلبت الحرب في سوريا الخراب إلى طرق التجارة التقليدية للأردن، فأغلقت الحدود وعجَّلت ببحث المُصنِّعين عن أسواق تصديرٍ جديدة في الاتحاد الأوروبي.

وبعد عامٍ من مؤتمر لندن الذي عُقِد فيه اتفاق الأردن، تقول عمان إنَّها أصدرت 49 ألف تصريح عملٍ للسوريين.

ويقول عبدالله الحارس، رئيس قسم التسويق والمبيعات بشركة سيجما للمنظِّفات: "يُقبَل كلُّ طلبِ عملٍ يتقدَّم به لاجئ سوري بسبب الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي".

بالنسبة للأردن، تمثَّل الجزء الأصعب في جذب المستثمرين الذين يرغبون في التصدير للاتحاد الأوروبي. ويقول فاخوري إنَّه من بين تصريحات العمل التي مُنِحَت للسوريين على مدار العام الماضي، فإنَّ "ما لا يزيد على بضع مئاتٍ" فقط منهم يعملون في المناطق الصناعية التي ترغب الأردن في رؤية الوظائف تُخلق داخلها.


مخاوف من انهيار الاتفاق


ويقول فاخوري: "إذا ما أصبح اتفاق الأردن غير متوازن، فإنَّه سينهار. إنَّنا نرغب في موقفٍ يستفيد منه الجميع بالنسبة للاقتصاد الأردني، والمانحين، واللاجئين السوريين".

وبحسب فاخوري، فإنَّ شركةً واحدة فقط تُوظِّف اللاجئين قد نجحت في اقتحام السوق الأوروبية، وتُصدِّر البضائع إلى قبرص وإسبانيا. إلّا أنَّ ذلك، وبحسب فاخوري، "مجرد بداية".

وتُقدِّم الحكومات البريطانية، والهولندية، والألمانية المساعدة للأردن في تجهيز بضائعه للتصدير والوصول إلى المُشترين.


اللاجئون السوريون يواجهون تحدِّياتٍ في الأردن


حينما بدأت الحرب في سوريا عام 2011، نزح محمد شحادة، الذي كان يعمل في أحد مصانع أغطية الأثاث والأقمشة الكتانية، من أجل السلامة من منزله في حلب إلى الأردن المجاورة. ومثل معظم اللاجئين، شقَّ لنفسه طريقاً في اقتصاد الظل، وأصبح يبيع الملابس عن طريق عربةٍ في الشارع.

لكن العام الماضي، حصل شحادة على وظيفة ثابتة كعامل تنظيف وتقديم المشروبات في إحدى الشركات التي تُصنِّع المُنظِّفات السائلة بمنطقةٍ صناعية في ضواحي عمَّان. ولا تكفيه الـ225 ديناراً أردنياً (320 دولاراً) التي يحصل عليها لإعالة أسرته المُكوَّنة من 9 أفراد، لكنَّهم يستعيضون عن ذلك بمصادر أخرى، بما في ذلك الإعانات الغذائية للأمم المتحدة.

وخِلافاً لمعظم السوريين الآخرين الذين يعملون في الأردن – وأحياناً في ظل ظروفٍ استغلالية – فإنَّ محمداً مُوظَّفٌ قانوني. ويقول: "كان من السهل الحصول على عملٍ دائم".

وتمتلك الشركة التي يعمل فيها شحادة، شركة سيجما لصناعة المُنظِّفات – التي أسَّسها لاجئ سوري من دمشق – نحو 30 سورياً على قوائم رواتبها من بين أكثر من 60 شخصاً يعملون فيها.

ويُمثِّل شحادة وجهاً يبعث على التفاؤل نسبياً لأزمة اللاجئين السوريين الشديدة التي تجتاح الشام، وذلك مع دخول الحرب في سوريا عامها السابع، ومعاناة الأردن، ولبنان، وتركيا مع ملايين الناس الذين لن يعودوا إلى ديارهم قريباً.


العمالة الآسيوية


وفي بعض الصناعات التصديرية التقليدية، مثل المنسوجات، تُفضِّل الشركات توظيف العُمال الآسيويين عن المواطنين الأردنيين – ناهيك عن السوريين – لأنَّهم أكثر مهارة وأكثر استعداداً لقبول رواتب أقل. ويبقى هناك العديد من أرباب الأعمال سعداء بتوظيف سوريين بشكلٍ غير قانوني لتجنّب دفع الضرائب المرتفعة للرواتب في الأردن.

وفي الوقت نفسه – وبحسب فاخوري – فإنَّ بعض اللاجئين السوريين مُتردِّدين للتقدُّم بطلب الحصول على تصريح عمل بسبب التخوُّف من فقدان أهليتهم للحصول على مزايا مثل المساعدات الغذائية، أو من الإضرار بفرصهم في الهجرة إلى بلدٍ ثالث عن طريق تسجيل أنفسهم وخلق جذور استقرارٍ لهم في الأردن.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...