web analytics
غير مصنف

مطاردات المثلث الخطير… هل تنتقل مصر بالضربات الاستباقية من ليبيا إلى “معسكرات إرهابية في السودان”؟

واصلت قوات الجيش والشرطة في مصر تعزيز انتشارها قرب الحدود الغربية مع ليبيا وفي المثلث الحدودي مع ليبيا والسودان، لضمان وجود "منطقة آمنة"، في أعقاب هجوم عناصر إرهابية على حافلة تابعة للكنيسة في المنيا ومقتل 29 شخصاً من ركابها، الجمعة 26 مايو/أيار الحالي، وتوقعات هروب الإرهابيين عبر الحدود.

واصلت قوات الجيش والشرطة في مصر تعزيز انتشارها قرب الحدود الغربية مع ليبيا وفي المثلث الحدودي مع ليبيا والسودان، لضمان وجود "منطقة آمنة"، في أعقاب هجوم عناصر إرهابية على حافلة تابعة للكنيسة في المنيا ومقتل 29 شخصاً من ركابها، الجمعة 26 مايو/أيار الحالي، وتوقعات هروب الإرهابيين عبر الحدود.

وعزَّز الجيش المصري رقابته على المثلث الحدودي مع ليبيا والسودان عند منطقة جبل العوينات الجبلية الوعرة، التي تبعد حوالي 900 كلم عبر زيادة الطلعات الجوية ومراقبة الحدود بأجهزة متطورة، وزيادة أعداد وعتاد قوات الجيش فيها.

وجاءت التشديدات الأمنية في أعقاب تأكيدات مصرية رسمية تفيد بتسلل الإرهابيين الذين قاموا بالعملية عبر حدود ليبيا، وهو ما ذكره المتحدث العسكري رسمياً في بيان تبرير قصف مصر لمدينة درنة، حيث أكد "اشتراكهم في التخطيط والتنفيذ للحادث الإرهابي الغادر، الذي وقع الجمعة بمحافظة المنيا".

تشديد الأمن في المثلث الجنوبي الغربي، يطرح تساؤلات حول الجديد الذي شهدته هذه المنطقة ودفع مصر لذلك؟ أم بوصول معلومات جديدة لمصر عن مقرات إرهابية في ليبيا تنطلق منها عمليات ضدها؟ أم له علاقة بالتوتر مع السودان؟ أم بدعم الجنرال خليفة حفتر؟

أسئلة كثيرة يحاول هذا التقرير الإجابة عنها.


لماذا تشدد مصر من الإجراءات الأمنية بالمثلث الحدودي؟


فيما لا يستبعد الخبير في الشؤون السودانية، رئيس وحدة دراسات حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، "هاني رسلان"، احتمالات هروب الإرهابيين من ليبيا باتجاه السودان، وأن يكون هذا سبب تشديد مصر الأمن في المثلث الحدودي.

ويشير لأن الحدود الوعرة ذات الطبيعة الجبلية بين مصر والسودان ساهمت من قبل في تهريب السلاح عبر تجارة "الجمال" تارة، وعبر الشاحنات المحملة بالبضائع تارة أخرى، وربما ضبط ملف الحدود يفوق قدرات السودان العسكرية.


هل غيَّرت مصر استراتيجيتها بضرب الخارج؟


التشديد الأمني على المثلث الجنوبي الغربي على الحدود مع ليبيا مرتبط بحادث حافة المنيا، في رأي أحمد عبد الحليم، أستاذ العلوم الاستراتيجية بمعهد ناصر للعلوم العسكرية، "والدليل على ذلك عمليات قصف درنة ومناطق ليبية أخرى، بها معسكرات للجماعات الإرهابية".

واعتبر اللواء عبد الحليم في تصريحات لـ"هاف بوست عربي"، أن هذه التحركات المصرية "جزء من استراتيجية محاربة الإرهاب الجديدة التي نوه لها الرئيس السيسي في كلمته عقب الحادث".

التغيير ليس في الداخل فقط، ولكن في الخارج أيضاً، وهذا ما يحدث الآن.

وأشار لزيادة الدعم العسكري في الفترات الأخيرة لقوات حرس الحدود، والقوات الجنوبية لمواجهة هل التسلسل من الخارج، وهو ما ظهر بوضوح في قصف القوات الجوية 155 سيارة  تقل إرهابيين في هذا المثلث الحدودي قبل حادث المنيا بأسبوعين.

وحول تمديد التشديد الأمني للحدود السودانية لا الليبية فقط، قال إن "مصر تسعى لغلق أي ثغرات بيننا وبين دول محتمل أن يتسلل منها إرهابيون مثل ليبيا".

وأشار لأنه في بعض الأحيان تدخل هذه الجماعات من ليبيا إلى السودان، ثم تأتي من السودان إلى مصر، ولهذا السبب تم التشديد الأمني على المثلث الجنوبي مع البلدين، وشمل السودان مع ليبيا.


وما حدود العمل العسكري العابر للحدود؟


مساعد وزير الدفاع المصري السابق اللواء دكتور نبيل فؤاد يعتبر أن "هناك حدوداً للعمل العسكري، ويجب أن يكون مقبولاً إقليمياً ودولياً"، رغم دعمه للهجوم المصري الأخير على ليبيا.

وأضاف: "ليس من السهل اختراق حدود دولة بضرب جماعات إرهابية بها".

ولكنه يشير لأن "ما حدث في درنة تم بناء على تنسيق مع القائمين على حكومة ليبيا، لكن لا توجد دولة مستباحة وترحِّب بالضرب على أرضها فهناك قوانين ومعاهدات دولية تجرِّم ذلك".

ويعتبر مساعد وزير الدفاع المصري السابق، أن قصف أهداف في ليبيا "إجراء وقائي لمنع تسلل الجماعات الإرهابية في ليبيا إلى السودان، ومنها إلى مصر".


كيف تحمي مصر حدودها مع ليبيا؟


يشرح خبير عسكري مصري سابق، أن عملية تأمين الحدود مع ليبيا تنقسم إلى 3 قطاعات، من البحر المتوسط وحتى واحة جغبوب الليبية بطول 200 كيلومتر، ثم من جغبوب إلى واحة سيوة المصرية بطول 65 كيلومتراً، والثالث من سيوة حتى جبل العوينات بطول 785 كيلومتراً.

وأضاف: "هذا القسم الأخير هو الأكثر صعوبة في تأمينه بسبب طوله واحتياجه إلى طائرات استطلاعية وتفتيش بصورة متكررة، مما يشكل عبئاً كبيراً على الجيش المصري، خاصة الجزء المعروف بالمثلث الحدودي بين مصر وليبيا والسودان".

ويقول المصدر الذي فضَّل عدم ذكر اسمه أو صفته، إن هناك أكثر من 45 درباً ومدقاً صحراوياً على الحدود بين مصر وليبيا، تمتد من البحر المتوسط وحتى جنوب واحة سيوة، بمسافة نحو 265 كيلومتراً.

وأوضح أن أشهرها "وادي رأس الجدي"، و"وادي القرن"، ويتم عبرها نقل مهاجرين غير شرعيين من الجانب المصري إلى الجانب الليبي، ويمكن للإرهابيين سلوكها، وهناك متخصصون بهذه المسالك والدروب ويعرفونها جيداً.


كيف سافر الإرهابيون من درنة في ليبيا إلى المنيا في مصر؟


بسبب طول المسافة بين درنة والمنيا التي تبلغ 14 ساعة و16 دقيقة (1,253.0 كم) عبر الطريق الساحلي الدولي، وتستغرق وقتاً أطول عبر المدقات الجبلية، شكك البعض، وفق حسابات نظرية في قدوم الإرهابيين عبر ليبيا.

ولكن اللواء أحمد عبد الحليم يرى أن قطع المسافات الطويلة أمر يتم تدريبهم عليه. "المنطقة بين مصر وليبيا ليست جبلية صعبة، وإنما بها أماكن صالحة للسير، كما أن هناك اتصالاً بين الإرهابيين وبين جماعات بمصر تمدهم بالعتاد والمساعدة وقصاصي الطرق إذا لزم الأمر، ويتحركون على مراحل لا في يوم واحد"، كما يتصور البعض.

ورداً على التشكيك في تورط عناصر من خارج مصر، شرحت صفحة "نشطاء مع الجيش"، التي يُرجح أنها يُديرها عسكريون متعاطفون مع الجيش، والرئيس السيسي، كيفية تسلل الإرهابيين لمصر من الخارج، مؤكدة أن من يقول عكس ذلك "لم يدرس النظريات الأمنية".


هل شارك أجانب من داعش في هجوم المنيا؟


ما قالته مصادر أمنية لجريدة الأهرام، وأكدته شهادة طفلين نجوا، هو أن منفذي هجوم المنيا، مصريون، وأن عددهم يتراوح بين 12 و155 إرهابياً، وعقب تنفيذهم للحادث تعطلت بهم إحدى السيارات الثلاث التي كانوا يستقلونها، عقب تعثرها في الرمال فقاموا بحرقها.

ونفى سائق الحافلة "بشري كامل" أن يكون الإرهابيون غير مصريين، مؤكداً لقناة "مي سات" أو "مارمرقس" أن "المسلحين كانوا يتحدثون لهجة مصرية".


هل العلاقة بين مصر والسودان مرشحة لمزيد من التوتر؟


على المستوى الرسمي، رفض السفير "رشاد فراج الطيب السراج" نائب رئيس البعثة السودانية بالقاهرة الحديث عن تعزيزات مصر الأمنية عبر المثلث الحدودي مع ليبيا والسودان، ونفى أن يكون توتر العلاقات سبب إلغاء زيارة وزير الخارجية السوداني لمصر، التي كانت مقررة الأربعاء/ 31 مايو/أيار، "لم تلغَ، ولكن تم تأجيلها لظروف خاصة بالوزير السوداني".

ورداً على سؤال لـ"هاف بوست عربي"، عما إذا كان إلغاء الزيارة له علاقة بالتوتر السوداني مع مصر وتبادل الرئيسين التصريحات الساخنة مؤخراً، أو أن يكون تعزيز مصر وجودها في المثلث الحدودي، وتأجيل الوزير "غندور" زيارته لمصر "رسالة سياسية" من كلا البلدين لبعضهما البعض؟ اكتفى المسؤول الدبلوماسي السوداني بالقول: "ما في أي توتر بين الشعبين والحكومتين".

مصدر إعلامي سوداني فضَّل عدم ذكر اسمه، قال لـ"هاف بوست عربي": "باختصار الأوضاع سيئة، والخرطوم ترى أن الاجتماعات مع القاهرة مجرد كلام وتضييع وقت بلا طائل. الرأي العام السوداني محتقن ولا يرى أن العلاقات مع مصر إيجابية، وبدأ يضغط على الحكومة لاتخاذ مواقف قوية تجاه القاهرة".


هل تفكر مصر في توجيه ضربات لمعسكرات داخل السودان؟


يستبعد اللواء نبيل فؤاد مساعد وزير الدفاع السابق، احتمالات ضرب مصر مواقع في السودان بدعوى وجود إرهابيين بها، "لأن السودان لها وضع خاص، وكانت جزءاً من مصر سابقاً، مكانتها في قلب المصريين تختلف، كما أن حكومتها مسيطرة على البلاد ودولتها متماسكة بعكس ليبيا".

أما اللواء أحمد عبد الحليم، فيؤكد أن إغلاق الحدود مع السودان جاء بسبب وجود "جماعات مسلحة إرهابية ومعسكرات تدريب بالسودان، بسبب ضعف حكومة الخرطوم التي لا تستطيع القضاء على هذه المعسكرات".

وحول احتمالات هروب المتهمين في حادث المنيا باتجاه السودان، أو إمكانية ضرب مصر أهدافاً داخل السودان بسبب حادث المنيا، نقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤولين أمنيين  مصريين أنه "لا يمكن استبعاد القيام بضربات جوية ضد معسكرات تدريب الجماعات الإرهابية داخل السودان".

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...