web analytics
غير مصنف

هل ستتواصل تهديدات داعش للشرق الأوسط

 

مازال تنظيم داعش الإرهابي يبخ سمومه في جميع أنحاء الوطن العربي، فالتنظيم خطط لان يكون تهديده متمركز فقط في المنطقة العربية ولا يتعداها الى مناطق أخرى خارج العالم العربي، وكأن رباطاً عقد بين الجماعات الإرهابية بالا تنفذ عملياتها الخبيثة إلا في الوطن العربي فقط.

 

إن البيئة الاجتماعية في العراق ساعدت على انتشار «داعش»، فقد أفاد التنظيم من التركيبة المحافظة للمجتمع، وهذا ما لم يتوافر في تونس، حيث استطاع، مثلما أشار المختص في الجماعات القتالية في العراق آرون لوند، استغلال التركيبة الاجتماعية المحافظة في العراق «بصورة جيدة من خلال تحالفاته مع زعماء العشائر… ومن المعروف أنَّه حيثما توجد العشائرية، هناك وجود أيضًا لتنظيم داعش». كما استغل «داعش» نفور أهل السنة، من ما مارسه عليهم النظام المركزي في بغداد – الذي يصفونه بأنه النظام الشيعي الموالي لإيران- ليكسب ودهم، بل تحالفهم معه، بعد أن أصبح لهم عدو واحد، ولعل ما حدث من سقوط وانهيار سريع لمحافظة الموصل، خير دليل على حصول التقاء بين «عشائر العراق» وتنظيم «داعش». لكن هذا التحالف مهدد بالانهيار، بعد سقوط حكومة المالكي في بغداد، وبروز سيناريو إشراك السنة في الحكم.

 

إن هذه التناقضات السياسية في العراق وسوريا، يضاف إليها التركيبة التقليدية المحافظة التي تعامل معها «داعش» في العراق، غير متوافرة في بلد مثل تونس، الذي يغلب عليه الانسجام والوحدة الإثنية والثقافية وحتى الطبيعية. إضافة إلى تجذر عملية التحديث، التي تعود إلى حركة الإصلاح في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والتي تعمقت أكثر مع تأسيس الدولة الوطنية بعد الاستقلال، بزعامة الحبيب بورقيبة. وهي كلها مقومات طاردة لكل فكر متشدد. ولعل فشل حكم حركة «النهضة» بالرغم من أنها تحسب على الإسلام المعتدل، يعود إلى حصول رفض مجتمعي كبير، من قبل النخب والطبقة الوسطى، لإدخال أي تعديل على النمط المجتمعي الحديث لتونس.

البيئة الليبية

تبقى فرضية انتشار «داعش» ممكنة في مجتمع مثل ليبيا. حيث ما تزال البنية التقليدية -القبلية والعشائرية- هي المهيمنة والمسيطرة. وهي بذلك تمثل بيئة حاضنة، لمثل هذه التنظيمات. كما أن الفراغ المؤسساتي وانهيار الدولة، زيادة على انتشار السلاح والميليشيات والجماعات المتشددة وخصوصاً تنظيم «أنصار الشريعة»، كلها عوامل مساعدة على إمكان «توطين» هذه الجماعات فيها. وتالياً تحويلها إلى «قاعدة» لنشاطاتها، على غرار ما حصل في الصومال وأفغانستان. وفي هذا الإطار تشير التقارير إلى تمركز «داعش» في ليبيا، التي قد تتحول إلى دولة «فاشلة»، وتخطيطه للتمدد نحو تونس وبقية أقطار المغرب الإسلامي. وهذا ما نبه إليه وزير خارجية ليبيا محمد عبدالعزيز، الذي قال: «إن طرابلس ستطلب من الولايات المتحدة دعماً عاجلاً يشمل التعامل مع التطورات الليبية بجدية قبل أن تتحول بلاده إلى دولة فاشلة».

وأضاف الوزير في لقاء مع قناة «الحرة» أنه: «يدعو إلى انخراط دولي في ليبيا أكثر فاعلية وتوسيع بعثة الأمم المتحدة لتكون بعثة استقرار وبعثة بناء مؤسسات، مجددا تحذيره من أن بلاده تمشي في اتجاه الدولة الفاشلة وليس في اتجاه بناء دولة المؤسسات. كما أوضح أن ليبيا في طريقها إلى التحول إلى «إمارة إسلامية» تسيطر عليها التنظيمات المتشددة في حال عدم إنقاذها.

وقال إن عناصر القاعدة والأشخاص الذين ينتمون إلى المقاتلين على اختلافهم، موجودون داخل الأراضي الليبية، متهماً إياهم بالوقوف عقبة أمام المسار الديمقراطي وبناء دولة المؤسسات والقانون.

وأكد أن القضية الليبية واضحة، وتتمثل في عدم قدرة الدولة على مواجهة المجموعات المتطرفة، مشيراً إلى أن طرابلس ليست لديها الآليات لتمكنها من مواجهة تلك التحديات، مما يستدعي دعماً دولياً لتمكين الدولة الليبية من تسيير المؤسسات.

وقال: إن ليبيا لا يمكنها مواجهة تلك المجموعات في غياب الجيش والشرطة وجهاز استخباراتي فاعل، مشيراً إلى أن الوضع الأمني في ليبيا ليس مسؤولية ليبية فقط، بل مسؤولية إقليمية ودولية.

وأوضح الوزير عبدالعزيز -من جهة أخرى- أن المعلومات المتوافرة تشير إلى احتمال تدفق المقاتلين من سوريا والعراق على ليبيا في إطار الرسالة التضامنية بين الجماعات المقاتلة. وقال: إن المجموعات المقاتلة في شرق ليبيا بالدرجة الأولى إذا كانت في خطر فإن الجماعات المنتشرة في العراق وسوريا حتماً ستتضامن معها.

المغرب العربي.. مستقبل «دامس»

جاء في تقرير نشرته «بوابة الحركات الإسلامية»، تحت عنوان: «حلفاء داعش في الغرب العربي يستعدون لتأسيس دامس…. وتعاون أمني لمواجهتها»: إن «داعش» تسعى لتعويض «أنصار الشريعة» تحت اسم «دامس» بعد توحيد الفصائل الجهادية في كل من تونس والجزائر وليبيا. وهذا ما أكدته شهادات مقاتلين تونسيين عائدين من القتال في سوريا. حيث أكدوا أن تنظيم «داعش» ينوي التوسع إلى منطقة شمال أفريقيا والساحل، والتي يري فيها بؤرة خصبة لفرض أفكاره المتطرفة، في محاولة للم شمل التنظيمات الجهادية. كما أشارت إلى انعقاد اجتماعات لممثلين عن تنظيم «داعش» ببعض قيادات «أنصار الشريعة» الليبي ونظيره التونسي المحظور في العديد من المناسبات، للبحث في إمكان تأسيس فرع مغاربي لـ«داعش» يحمل اسم «دامس».

هذا ما يكشف أن منطقة المغرب العربي، أصبحت تحت مرمى الجماعات الدينية المتشددة، التي بدأت تتوحد ضمن تنظيم «الدولة الإسلامية». وخصوصاً أن أحدث التقارير الأمنية تشير إلى وجود أكثر من (5) آلاف مقاتل من المغرب والجزائر وتونس ينشطون في «داعش». وتشكل عودة هؤلاء المقاتلين تحدياً أمنياً لدول المنطقة ولأوروبا أيضاً. وقد حذرت مؤسسة «راند» الأمريكية، من تخطيط «داعش» لنقل أنشطته نحو منطقة المغرب العربي. وأصدرت المؤسسة تقريراً ركزت فيه على الإرهاب في شمال أفريقيا ونصحت بتكثيف التنسيق الأمني بين الإدارة الأمريكية ودول شمال أفريقيا لمواجهة تحركات التنظيمات المتطرفة، ومن بينها مخططات «داعش» في المنطقة.

بعبع الإرهاب

وعن تقويمه لأداء التنظيمين الإرهابيين «داعش» و«القاعدة»، رأى مالك، في تصريح لصحيفة «الصباح الأسبوعي» أن «القاعدة» بدأت تلفظ أنفاسها وحان وقت طيّ صفحتها، الذي بدأ بالإعلان عن مقتل زعيمها أسامة بن لادن»، مشيراً إلى أن «بعبع الإرهاب» الذي خدم القوى الغربية ما زال في حاجة لوجود تنظيمات أخرى أكثر تشدداً من «القاعدة» وفق تقديره. وفي هذا الإطار، رأى أنور مالك أن سيناريو «داعش» هو الفصل الجديد من هذا «البعبع» الذي يخدم مصالح أمريكا وحلفائها في ترويض الثورات وإيقاف مدّ الربيع العربي، وإعادة رسم خريطة المنطقة من خلال خريطة جديدة تبدأ بعد مرور قرن على اتفاقية «سايس بيكو» لسنة 1916.

وأضاف: «بلا شك توجد جماعات إرهابية تابعة «للقاعدة» على الحدود بين تونس والجزائر… وهناك مخطط إرهابي استراتيجي لدى «القاعدة» يتمثل في توسيع دائرة نشاطها على مستوى المغرب الكبير… وقد كانت حرب ليبيا هدية نزلت عليهم من السماء وأنقذتهم من النهاية المحتومة، وبعدما كانوا بقايا جماعات عادت لهم قوة كبيرة وخطيرة… وتوجد معلومات استخباراتية بأن هذه التنظيمات بصدد تأسيس تنظيم الدولة الإسلامية في المغرب الإسلامي «دامس» وسيبايعون البغدادي خليفة لهم.

مثلما أعاد «داعش» توزيع، بل بعثرة الأوراق، في بلاد الشام والعراق، بعدما استحوذ على أراض شاسعة في البلدين، وأصبح يمثل خطراً محدقاً بالخليج العربي وحتى إيران، فإن السيناريو ذاته، مرشح للحدوث في بلاد المغرب الإسلامي: ليبيا، تونس، الجزائر والمغرب، بعد أن أعلنت «الدولة الإسلامية»، عن نواياها في التوسع في الإقليم المغاربي عبر تأسيس كيان جديد تابع لـ«الدولة الإسلامية»، وهو «الدولة الإسلامية في بلاد المغرب الإسلامي» أو «دامس».

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...