web analytics
غير مصنف

هل يُطارد شبح الترحيل أكثر من 300 ألف مصري في قطر؟

"لم أذق طعم النوم منذ أمس وشبح الترحيل يطارد خيالي بين الحين والآخر، وحكومتنا لا يعنيها مستقبل أبنائها في الغربة قدر ما يهمها تصفية حساباتها السياسية…" بهذه الكلمات علق عبد الله لمعي، المحاسب المصري الذي يعمل في الدوحة، على قرار قطع عدد من الدول العربية من بينها مصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر.

"لم أذق طعم النوم منذ أمس وشبح الترحيل يطارد خيالي بين الحين والآخر، وحكومتنا لا يعنيها مستقبل أبنائها في الغربة قدر ما يهمها تصفية حساباتها السياسية…" بهذه الكلمات علق عبد الله لمعي، المحاسب المصري الذي يعمل في الدوحة، على قرار قطع عدد من الدول العربية من بينها مصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر.

قطع العلاقات الدبلوماسية بين مصر وقطر ربما لا يمثل أهمية لدى قطاع كبير من المصريين، إذ إن العلاقات بين الدولتين في الأساس يخيم عليها توتر أشبه بالقطيعة منذ 2013 وحتى الآن، ومن ثم فإن مستقبل العمالة المصرية هو الشغل الشاغل لعشرات الآلاف من الأسر المصرية التي يعمل أبناؤها هناك.

العديد من السيناريوهات والتساؤلات تداعب خيال المصريين المقيمين بقطر أو ذويهم بالقاهرة، عن مصيرهم بعد هذا القرار، وهل تقدم الدوحة على الانتقام بترحيل العمالة المصرية؟ وإن عادوا ماذا سيكون مصيرهم في ظل تفشي البطالة وتراجع مستوى المعيشة بهذه الصورة المتدنية؟

300 ألف عامل مصري

تعد دول الخليج قبلة العمالة المصرية الرئيسية مقارنة بالدول الأخرى، حيث يصل عدد المصريين العاملين في الدول الخليجية عامة نحو 6.5 مليون مصري، من بين 10 ملايين إجمالي العمالة المصرية بالخارج، منهم مليونان تقريبًا في السعودية، يليها الكويت والإمارات وقطر والبحرين وعمان، إضافة إلى وجود ما يقرب من مليون مواطن في ليبيا، ومليون آخرين موزعين في الجزائر وتونس والمغرب والأردن واليمن ودول إفريقيا، حسبما أشار المهندس أمين أحمد على، الأمين العام لاتحاد المصريين بالخارج.

أما عن عدد العمالة المصرية في قطر، فهناك تباين في الآراء، بين 300 – 350 ألف مصري، وبحسب وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، فإن أعداد المصريين بقطر رسميًا قد يصل لنحو 700 ألفًا، ولكن العدد المتوقع قد يفوق ضعف هذا الرقم وقد يصل قرابة 3000 ألف أو يزيد.

هذه الإجراءات التي اتخذت ضد دولة قطر لن تؤثر على سير الحياة الطبيعية للمواطنين والمقيمين في الدولة

الدوحة تطمئن

حالة من القلق انتابت الجالية المصرية عقب قرار قطع القاهرة للعلاقات الدبلوماسية مع قطر بجانب السعودية والإمارات والبحرين واليمن وليبيا وجزر المالديف، وإعطاء الخارجية المصرية مهلة 48 ساعة تنتهي اليوم لمغادرة السفير القطري البلاد، وهو ما قوبل بترقب مشوب بالقلق لدى العمالة المصرية في انتظار رد فعل الدوحة.

وعلى عكس تلك المخاوف، جاء بيان الخارجية القطرية مطمئنًا لجميع المقيمين بها، مصريين كانوا أو غير مصريين، حيث أكدت الوزارة  في بيانها أن "هذه الإجراءات التي اتخذت ضد دولة قطر لن تؤثر على سير الحياة الطبيعية للمواطنين والمقيمين في الدولة وأن الحكومة القطرية ستتخذ كل الإجراءات اللازمة لضمان ذلك ولإفشال محاولات التأثير على المجتمع والاقتصاد القطريين والمساس بهما".

وعلى الرغم من بيان الدوحة المطمئن للمقيمين لديها، فإن القلق ما زال يساور البعض، حيث تواردت بعض الأنباء هنا وهناك عن تسريح مئات العاملين المصريين وفسخ تعاقداتهم مع بعض الجهات لا سيما الحكومية، وهو ما فنده المسؤولون عن الجالية المصرية في قطر.

يذكر أن كل من السعودية والإمارات والبحرين، وتبعتهم دول وحكومات عربية فجر أمس الإثنين، أعلنوا قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وإغلاق جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية كافة منها وإليها، ومنع دخول أو عبور القطريين إلى بلادهم "لأسباب أمنية".

بيان الخارجية القطرية طمأن الجالية المصرية إلى حد ما

الأوضاع مستقرة حتى الآن

"مفيش أي حاجة حصلت والوضع مستقر" كان هذا تعليق محمد العراقي، رئيس الجالية المصرية في قطر، معلقًا على ما يتم تداوله بشأن تسريح العمالة المصرية واصفًا إياها بـ"الشائعات".

العراقي في تصريحات له أشار إلى إصابة الجالية المصرية في قطر بحالة من الهلع والرعب عقب قرار المقاطعة، وأن هاتفه الشخصي لم  يتوقف عن الاتصال من قبل بعض أفراد الجالية للاطمئنان على أوضاعهم ومستقبلهم خاصة أن كثيرًا منهم معهم أسرته وعائلته، وأن قرار العودة لمصر وترك العمل كارثة لهم بكل المقاييس.

رئيس الجالية المصرية بالدوحة لفت إلى أن بيان وزارة الخارجية القطرية ساهم بشكل كبير في طمأنة المصريين بأن لا علاقة لهم بقرار قطع العلاقات، مما ساهم في امتصاص حالة التوتر داخل أبناء الجالية.

أما فيما يتعلق بتسريح بعض المصريين من بعض الوظائف الحكومية، أشار العراقي إلى أن هذا يأتي في إطار سياسية "التقطير" التي تتبعها الحكومة القطرية في الآونة الأخيرة، بحيث يتم تسكين المواطنين القطريين في الوظائف الحكومية، وتسريح بعض الموظفين الأجانب لا يقتصر على المصريين فحسب، بل للعديد من الجنسيات الأخرى.

شبح المعاملة بالمثل

أبرز السيناريوهات التي تؤرق مضاجع المصريين في قطر أن تقدم على اتباع سياسة المعاملة بالمثل، وذلك بترحيل العمالة الوافدة لديها من الدول التي قررت المقاطعة الدبلوماسية، وهو ما يعني تشريد نحو 300 ألف أسرة مصرية على الأقل وفقدانهم وظائفهم.

ومن ثم ورغم بيانات الطمأنة الواردة من الجانب القطري، فإن وضع المصريين هناك لا يزال مجهولاً، حسبما أشار ناصر إسماعيل، رئيس رابطة المصريين في قطر، والذي استبعد في الوقت ذاته إخلاء الدوحة من العمالة المصرية في هذا التوقيت.

إسماعيل أشار في تصريحاته إلى أن تسريح هذا الكم الكبير من العمالة في نفس الوقت قد يصيب الجهاز الوظيفي القطري بالخلل، خاصة  أن نسبة كبيرة من المصريين يعلمون في قطاعات مهمة في الدولة، إضافة إلى التزامهم بالتعليمات الواردة واللوائح المعمول بها مما يجعل من تسريحهم أمرًا مستبعدًا.

رئيس الجالية المصرية بالدوحة لفت إلى أن بيان وزارة الخارجية القطرية ساهم بشكل كبير في طمأنة المصريين بأنهم لا علاقة لهم بقرار قطع العلاقات

وردًا على ما قيل بشأن صعوبة تسريح الدوحة لهذا الكم من العمالة المصرية بسبب ما يمكن أن يحدثه من خلل داخلي، يمكن القول إن هذا المبرر ليس مقنعًا لكثير من المحللين، إذ إنه من السهل وفي أقصر وقت تعويض هذا الكم بعمالة وافدة أخرى من الهند وباكستان واليمن أو حتى طهران إن تطلب الأمر، خاصة أن جزءًا كبيرًا من العمالة المصرية يعمل في مواقع إدارية من السهل تعويضها.

ومن ثم يبقى – وبحسب الآراء – قرار قطر – حتى الآن – بعدم المساس بالعمالة المصرية له أبعاد أخرى ليس من ضمنها التخوف من الخلل الوظيفي.

ما بين الترقب والقلق، ينتظر المصريون رد فعل الدوحة

هل القاهرة مستعدة لاستقبال مواطنيها؟

وفي أول رد فعل للحكومة المصرية على ما أثير بشأن العمالة المصرية في قطر عقب قرارها الأخير، أكد وزير القوى العاملة محمد سعفان، استعداد وزارته لاستقبال العمالة العائدة من قطر حال صدور قرار بتسريحهم، ملفتًا إلى أنه يتم العمل الآن على جميع البيانات بشأن حجم تلك العمالة، لتوفير فرص عمل بديلة لهم وتسكينهم فيها حال عودتهم.

الوزير في تصريحات له أشار إلى تشكيل لجنة لبحث تلك الأزمة، مؤكدًا أن هناك ما يقارب من 3000 عامل تم تسريحهم بالفعل، قائلاً "العدد قابل للزيادة لأننا لا نستطيع التحكم في قرار دولة قطر، ولكننا على استعداد لاستقبال العمالة العائدة".

وفي المقابل نفت السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة، وجود أي شكاوي من قبل المصريين العاملين بقطر عن أي عمليات إنهاء عمل أو مشكلات مع كفلائهم، وأنه ليس هناك أي معلومات عن نية أي من أصحاب العمل بتسريح العمالة المصرية هناك، مؤكدة أنها أطمأنت على أوضاع المصريين هناك وتواصلت مع رئيس الجالية المصرية بقطر.

أما عن كيفية مباشرة أوضاع المصريين في قطر عقب غلق سفارة القاهرة، أشار المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن سامح شكرى وزير الخارجية أجرى اتصالاً هاتفيًا مع نيكوس كوتزياس، وزير خارجية اليونان، طلب منه قيام سفارة  اليونان بالدوحة برعاية المصالح المصرية، بدلاً من السفارة المصرية التي سيتم إغلاقها ليحل محلها قسم رعاية المصالح المصرية داخل سفارة اليونان، وأفاد بترحيب الخارجية اليونانية بذلك.

نفت السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة، وجود أي شكاوي من قبل المصريين العاملين بقطر عن أي عمليات إنهاء عمل أو مشكلات مع كفلائهم

3.6 مليون عاطل في مصر

تصريحات وزير القوى العاملة المصري بشأن استعداد بلاده لاستقبال العائدين من قطر في مضمونها تصريحات دبلوماسية أكثر منها سياسية، إذ إن الوضع على أرض الواقع يناقض تلك التصريحات شكلاً ومضمونًا، وإلا فالسؤال الأكثر حرجًا للوزير: كيف ستوفر فرص عمل لـ300 ألف مصري مرة واحدة؟ وهل تقدر الحكومة على دفع رواتب لهم تتناسب ولو بجزء بسيط مع ما كانوا يتقاضونها هناك؟

ويمكن الوقوف على ما تمثله تصريحات الوزير من تجاهل حقيقي للواقع المعاش من خلال العودة إلى الإحصائيات الرسمية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (جهة الإحصاء الرسمية في مصر) والذي أشار في بيان له مؤخرًا أن معدل البطالة بلغ 12.44% منذ أكتوبر/تشرين الأول وحتى ديسمبر/كانون الأول 2016.

وبهذه النسبة يصل عدد العاطلين عن العمل في مصر إلى 3.6 مليون مواطن، 79.1% منهم من الشباب الذي تتراوح أعماره بين (15-29 سنة)، بينما تبلغ في الذكور ما فوق ذلك 8.5% وبين الإناث نحو 25.3%.

ويبقى السؤال: إن كانت الدولة عاجزة عن توفير فرص عمل لما يقرب من 3.6 مليون مواطن بينهم حملة ماجستير ودكتوراة، فضلاً عن فشلها في حل مئات الأزمات التي تثار بشأن تسريح العمالة الداخلية، فكيف لها أن توفر فرص لـ300 ألف مصري آخرين؟

ردود فعل متباينة

تباينت ردود الفعل حيال التخوف من رد فعل الدوحة على قرار القاهرة بقطع العلاقات الدبلوماسية معها، ومدى تأثيره على العمالة المصرية هناك، حيث اكتظت مواقع التواصل الاجتماعي بالعديد من التساؤلات والرسائل الضمنية التي تعكس حجم هذا القلق.

البعض أشار إلى أن الخطورة في هذه الأزمة ما يتعلق بالعمالة المصرية في قطر ومستقبلها:

بينما آخرون اتهموا العمال المصريين بقطر بالعمالة إن لم يعودوا إلى بلادهم، وهذا ديدن شريحة ليست بالقليلة سواء داخل وسائل الإعلام المعادية لقطر أو عبر السوشيال ميديا:

كما استنكر البعض قطع القاهرة لعلاقاتها مع قطر دون أن تطلب من مواطنيها العودة كما فعلت الدول الأخرى:

وكتب البعض يشيد بموقف قطر بشأن طمأنة المقيمين لديها:

رغم توتر الأجواء بين الدوحة والقاهرة منذ الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي في 2013 وما تخللها بعد ذلك من حملات سخرية واستهجان شنتها وسائل الإعلام الداعمة لنظام السيسي ضد قطر ونظامها الحاكم فإنها لم تتخذ أي رد فعل حيال الجالية المصرية هنالك، وسعت إلى تحييد العمال المصريين خارج دائرة الصراع السياسي بين النظامين.

ومع ذلك ورغم طمأنة الخارجية القطرية للمقيمين لديها، فحالة من الهلع والترقب ستظل تسيطر على ما يقرب من 350 ألف أسرة مصرية في انتظار ما يمكن أن تسفر عنه المواجهات بين القاهرة والدوحة، بينما تكتفي الحكومة المصرية بالتصريحات البعيدة تمامًا عن الواقع بشكله ومضمونه.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...