«واشنطن بوست»: نهاية دولة «داعش» ستكون وبالًا على الشرق الأوسط
مع احتدام معركة الموصل وتزايد الحديث عن قرب القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، بدأ المحللون في توقع مرحلة ما بعد التنظيم. ومن هذا المنطلق، توقعت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن يزداد الوضع في الشرق الأوسط تدهورًا بعد القضاء على التنظيم.
مع احتدام معركة الموصل وتزايد الحديث عن قرب القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، بدأ المحللون في توقع مرحلة ما بعد التنظيم. ومن هذا المنطلق، توقعت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن يزداد الوضع في الشرق الأوسط تدهورًا بعد القضاء على التنظيم.
كتب إميل هوكايم، محلل شؤون الشرق الأوسط في المعهد الدولي لدراسات الشرق الأوسط، في مقال لواشنطن بوست يقول إن القلق والارتباك الذي يسود الشرق الأوسط لم يكن بهذا القدر الذي هو عليه الآن، وذلك عندما اجتاح مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق.
يتساءل الناس في المنطقة عن الكيفية التي صعد بها التنظيم وإلى متى سيستمر هذا الوضع؟ يقول الكاتب إن قيام التنظيم بهدم الحدود بين العراق وسوريا دفع والده اللبناني إلى التفكير لأول مرة لترك وطنه لبنان والتوجه إلى أوروبا خشية أن يقع تحت قبضة التنظيم.
لكن كل التوقعات السابقة ثبُت خطؤها. فها هو التنظيم على وشك الفناء. ولم يتقاطر عليه الشباب العربي مثلما زعم البعض. وتمكن الأردن من صد أي تمدد للتنظيم داخل البلاد بسبب الدعم الدولي وقوة الأجهزة الأمنية. ورفض إسلاميو لبنان أفكار التنظيم الإرهابي.
إلا أنه يجب عدم الإفراط في التفاؤل، فالقضاء على تنظيم الدولة سيجعله يظهر في أماكن أخرى وبصورة مختلفة. ويدعم هذه الفرضية الخلاف السني الشيعي المحتدم الذي نشأ بفعل الغزو الأمريكي للعراق وانهيار الدولة.
يقول الكاتب إن الضرر الذي أحدثه ظهور تنظيم الدولة أصبح عميقًا ويصعب إزالة آثاره. فقد باتت الطوائف الأخرى، مثل الشيعة والمسيحيين، تعتقد أن الكثير من السنة يتبنون معتقدات التنظيم. بينما يدين العديد من السنة ممارسات التنظيم الوحشية ويعتبرون أنها لا علاقة لها بالإسلام، لكنهم يرون أن ظهوره مرتبط بمظالم شديدة.
كانت إدارة أوباما تتمنى أن يتناسى الفرقاء في الشرق الأوسط – السعودية وإيران، وبشار الأسد والمعارضة السورية – خلافاتهم وأن يتوحدوا، ولو بشكل مؤقت، ضد العدو الذي يرغب في تدميرهم جميعًا.
إلا أن حكام الشرق الأوسط لا يفكرون بهذه الطريقة. فما لم يكن الخطر على الأبواب، فإن الأمر لا يعتبر أولوية لهم. ولكن عندما أصبح الخطر كبيرًا، جاءت تحركاتهم وفقًا لحسابات خاصة بهم.
بدلًا من التعامل بشكل واقعي مع الوضع، سعت كافة الأطراف لخدمة مصالحها فقط، فكان كل ما يشغلها هو محاولة السيطرة على أكبر مساحة من الأراضي التي يجري استعادتها من التنظيم الإرهابي. وبعد القضاء على التنظيم، ستكون المنافسة على المظالم والانتصارات هي محور الصراعات القادمة.
زادت حدة الصراع الطائفي الآن عما كانت عليه قبل ظهور التنظيم في 2014. وعلى الرغم من أن معظم معاركها هي مع جماعات غير تنظيم الدولة، استخدمت إيران نبرة طائفية لحشد القوى الشيعية في المنطقة. وبسبب خشيتها من الأقلية الشيعية التي تسكن شرق البلاد، عملت السعودية على تزعم العالم السني بشتى الطرق. وقد شنت حربها على الحوثيين الشيعة في اليمن على أساس أنها دعمت تحالفًا ضد المسلحين السُّنَّة في 2014. وهذه الخطوات التي تتخذها الدولتان تهدف إلى التشكيك في شرعية الأخرى، وزيادة حدة الاستقطاب في المنطقة.
يقول الكاتب إن البيت الشيعي نفسه سيشهد تنافسًا أشد بين الميليشيات المدعومة من إيران وبين الحكومة العراقية والفصائل التي تدين بالولاء للمؤسسة الدينية التقليدية في البلاد. ويلمس الزائر إلى كردستان العراق انعدام الثقة في حكومة بغداد وحلفائها. فحتى لو تحررت الموصل، تبقى الحنكة السياسية غائبة.
أما في سوريا، فالمشهد أكثر إرباكًا. ففي الشمال السوري، يتصارع الأكراد مع فصائل المعارضة المدعومة تركيًّا، إذ تسعى تركيا لمنع قيام حكم كردي ذاتي مستقل هناك. وتشهد حلب الشرقية حملة روسية سورية مسعورة للقضاء على المعارضة هناك.
ويعتقد الكاتب أن العرب باتوا يدركون اليوم أن ظهور تنظيم الدولة جاء بسبب فشل الحكومات في التغلب على المشكلات المزمنة التي تضرب المجتمعات. فباستثناء تحركات ضعيفة في بعض البلدان، يبدو أن فكرة المواطنة والحكم الرشيد قد تبخرت.
يختتم الكاتب بالقول إن المشهد في المنطقة مرشح للتدهور. فالقضاء على تنظيم الدولة لن يكون نهاية المطاف، لكن القادم سيكون سيئًا بالنسبة للمواطن في الشرق الأوسط، ما سيتيح لأفكار تنظيم الدولة البقاء.