أحزاب الأمة في دول الخليج.. حجر في المياه الراكدة

تمثل تجربة أحزاب الأمة في منطقة الخليج العربي، في الدول التي لم تشهد تجارب حزبية سابقة مثل السعودية والكويت والإمارات، واحدا من أهم روافد عملية التحول في الأنظمة السياسية لهذه الدول؛ باعتبارها أول تجربة إسلامية تتوافق مع الطبيعة الديموغرافية لمنطقة الخليج وتحظى بتأييد المواطنين فيها، وأيضا بالنظر إلى حالة الجدل الذي أثارته في مجتمعاتها رغم قصر عمرها السياسي، وأخيرا بوصفها أول تجربة إسلامية "سلمية" تؤمن بقيم الشورى والتداول السلمي للسطلة، وتبتعد عن الأفكار الإرهابية الراديكالية.

 

ومن هنا تنبع أهمية مبادرة أحزاب الأمة بإعلان نفسها أول أحزاب سياسية سلمية في السعودية، التي شهدت تأسيس حزب الأمة الإسلامي، والإمارات التي شهدت لأول مرة هي الأخرى تأسيس حزب الأمة الإماراتي، فضلا عن حزب الأمة الكويتي الذي تم تأسيسه عام ٢٠٠٥م؛ نظرا للحاجة الماسة للجانب السياسي الذي تفتقد اليه منطقة الخليج خصوصا بعد احتلال أفغانستان ٢٠٠١م والعراق ٢٠٠٣م، التي شهدت لأول مرة تجنيد بعض القوى الإسلامية في الحرب؛ وتشهد منطقة الخليج العربي ميلاد جماعات إسلامية لا تفتقر الى وجود إمكانية العمل السياسي السلمي في دولها، الأمر الذي يفرض معه استلهام مبادرة أحزاب الأمة وتنميتها في دولها، لقيام أنظمتها العامة وتصورها على دولة راشدة تحكم في ظل الشريعة الإسلامية، بدءا من خطاباتها للدول الخليجية على مستوى الأقطار ومخاطبة الشعوب الخليجية، وصبر مؤسسيها الأوائل على الاعتقالات والتصفيات والتضييقات السياسية، ومرورا باستخدامها الوسائل السلمية فقط في التعبير عن مواقفها السياسية، وانتهاء بإدانتها التامة للأعمال الإرهابية والانقلابات السياسية، كما حدث في موقفها من الانقلاب في تركيا.

 

الأمر الآخر، هو وضوح المنهجية السياسية والرؤية العامة لأحزاب الأمة في الخليج العربي التي جميعها أعضاء في تحالف مؤتمر الأمة، الذي يرأس تنظيمه أمينه العام الأستاذ الدكتور حاكم المطيري، المفكر الإسلامي الكويتي، والأستاذ الأكاديمي في علوم الشريعة الإسلامية، وصاحب سلسلة طويلة من الكتب والمؤلفات التي تعتني بالبحث عن أمراض الأمة والحلول المستمدة من تاريخ وتجربة الخلفاء الراشدين، بوصفها أنقى التجارب السياسية التي شهدها العالم، ومن هنا فإن تجربة أحزاب الأمة تخالف كل التجارب السابقة لها، بوصفها منهجية فكرية سلمية، متداولة في المكتبات العربية في مؤلفات وكتب مؤسسي "مؤتمر  الأمة"، بوصفها تستند لمرجعين فقط هما كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. الأمر الذي يجعل من انتشارها ورواجها بين فئات الشباب العربي أمرا سهلا ومطلوبا، في الوقت ذاته، كبديل سياسي يجعل الشعوب الخليجية اكثر وعيا وقدرة على اختيار حكوماتها.

 

وأخيرا فإن الظروف التاريخية والتجارب الإقليمية تؤكد أن عملية التحول في الأنظمة السياسية للدول هي ضرورة ملحة تفرضها ظروف الواقع والضرورة السياسية، ولا شك فإن الشباب العربي لم يعد معزولا عما يجري حلوه في عالم لم يعد ممكنا فيه العيش خارج النظام الدولي الذي صنعه سلم التطور في الحضارة البشرية، الأمر الذي يفرض إتاحة المجال للقوى السياسية السلمية فقط في منطقة الخليج العربي، والعمل على دعمها وتشجيعها، تحت رعاية دولة راشدة، حماية للشباب كثورة عظيمة من ثروات الأمة، الذي لم يجد من يستوعبه غيرها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...