web analytics
غير مصنف

أسماء وابنها المزيف.. خطفته وربته 13 سنة

بدت الأمور مطمئنة لـ”أسماء” بعد وفاة زوجها ومرور 13 عاما على خطفها “ابنها المزيف”، إلا أن شك أسرة الزوج الراحل في رواية إنجابها لم تخمده الأيام، حتى كشف “فيسبوك” صدفة جريمتها القديمة وأعاد الابن المختطف إلى أسرته.

داخل قفص المحكمة، وقفت أسماء تسترجع كل شيء، لحظة خطفها ابنها الذي ربته، ومراحل نموه المختلفة، نهاية بوفاة زوجها وانكشاف جريمتها، قبل أن يقطع صوت القاضي حبل أفكارها ناطقا بالحكم “السجن سنتين، رأفة بالمتهمة لأنها حافظت على الطفل واحسنت تربيته على مدى 13 عاما ولم تدفعه للتسول”.

البداية.. 2002

في قرية شوبك بسطا بمركز الزقازيق، لم تسع السعادة أسماء وهي تزف إلى زوجها “ممدوح س.”، الذي سبق له الزواج ثلاث مرات انتهت جميعها بالانفصال. ومع تأخر انجابها ورغبة الزوج في مولود، قرر إجراء تحاليل وفحوصات، ليكتشف أنه يعاني من عقم ولا يستطيع الإنجاب، بدأ بعدها التفكير في تبني طفل، لكن معايرة أهالي القرية لطفل تبناه جاره دفعته لإعادة التفكير في الخطوة وعدم التسرع في اتخاذها.

نهاية عام 2002، كانت الفرحة تغمر أسرة “أحمد محمد” احتفالا باستقبال مولودهما الثاني، فيما كان ممدوح وزوجته يفكران في حيلة لتبني طفل وإقناع الأهالي أنهما أنجبا طفلاً.

اتفق الزوجان على افتعال مشكلة، لتترك الزوجة المنزل وتعيش في منزل والدها، وبمجرد تنفيذ المتفق عليه، بدأ الزوج يردد وسط أقاربه أن زوجته حامل، وأنه سيعيدها للمنزل بعد وضع المولود.

” أشتري عيل بره الحكومة”

في بداية شهر يوليو، توجهت أسماء إلى مركز طب كفر صقر، لتتبنى طفلا من دار الايتام الموجودة بالطابق الثاني بالمركز.

“عايزه أشتري عيل بره الحكومة”، قالتها الزوجة لأحد العاملين في الدار، إلا أن طلبها قوبل بالرفض، لعدم إتباعها الاشتراطات اللازمة للحصول على طفل، بحسب المحضر المحرر في مركز شرطة كفر صقر وقتها.

غادرت الزوجة، والغضب يسيطر عليها، وأثناء توقفها أمام الدار، تصادف خروج “شيماء” حاملة طفلها -“محمد” لم يكمل عامه الأول- على يدها، واليد الأخرى ممسكه طفلتها فاطمة، 4 سنوات.

أعجبت أسماء بالطفل، ظلت تداعبه وشعورها يراودها باحتضانه، تتبعت الأم وعيناها لا تفارقان الطفل، حاولت افتعال حوار مع والدته “كنا زمايل في المدرسة”، لترد عليها الأخيرة “أنا مدخلتش مدرسة”.

احتضنت الأم طفلها بشدة، وقبضت على يد طفلتها وتوجهت إلى السوق الذي يبعد عن المركز الطبي بضعة مترات، وأثناء شرائها مستلزمات المنزل من أحد الباعة، كانت أماني تتابعها. انشغلت شيماء للحظات وهي تحاول الحصول على شنطة سوداء لوضع المشتريات بها، قبل أن تكتشف اختفاء رضيعها.

كالمجنونة ظلت الأم تبحث عن طفلها، “إلحقوني ابني اتخطف مني”، وهرعت إلى مركز شرطة كفر صقر، للاستنجاد بهم، وخرجت قوة بصحبة الأم، للبحث عن الطفل وضبط الخاطفة التي تمكنت من الهرب.

عادت الخاطفة لمنزل والدها حاملة الطفل والفرحة ترتسم على وجهها، وأبلغت زوجها هاتفيا بموافقة الدار على تبنيها طفل: “تعالى أنا جبت العيل، الحمد لله مسئولين الدار وافقوا على الطلب واتبنيته”.

كالطفل طار الزوج فرحا: “الحمد لله مراتي ولدت وأنا رايح أجيبها من بيت أبوها”. اندهش أقارب الزوج مما سمعوه، فجميع التحاليل الطبية التي أجراها في السابق أثبتت أنه لا يستطيع الإنجاب.

سارع الزوج لاصطحاب زوجته والطفل والعودة إلى المنزل، وزور شهادة ميلاد للطفل تحمل اسمه.

في هذه الأثناء، كان أقارب الطفل المختطف يتظاهرون أمام مركز شرطة كفر صقر، لمطالبة الشرطة بالبحث عنه والإمساك بالخاطفة، وبمرور الوقت تم حفظ المحضر لعدم تعرف الأم على خاطفة طفلها، وعدم وجود شهود على الواقعة.

رحلة البحث عن الطفل

فقدت أسرة الطفل الأمل في إعادته من خلال الأمن، وأخذت على عاتقها مسئولية البحث عنه في كل مكان، بكافة الطرق الشرعية والغير شريعة، تعرضوا خلالها للنصب وفقدان كافة ممتلكاتهم.

لجأت للدجالين الذين أوهموهم بقدرتهم على إعادته مقابل مبالغ مالية، وبعد قرابة 10 سنوات من البحث، باعت الأسرة خلالها كافة ممتلكاتها (سيارتين ميكروباص، وشقة سكنية)، أنشأت فاطمة شقيقة الطفل، صفحة على موقع التواصل الاجتماعي باسم “أخويا وحشني”، وبدأت نشر صور شقيقها على صفحات المفقودين، وبمرور الوقت انتشرت صور الطفل على كالنار في الهشيم.

على الجانب الآخر، توفي “ممدوح” زوج خاطفة الطفل، وبعدها ترددت الأقاويل بأن الطفل جاء نتيجة علاقة غير مشروعة بين الزوجة ورجل آخر، وأنها أقنعت زوجها بأنها تبنته من إحدى دور الأيتام.

شك “جمال” نجل شقيق الأب المزيف في أن تكون زوجة عمه خطفت الطفل، قبل 13 سنة. تابع صفحات المخطوفين على فيسبوك، حتى عثر على صفحة “كلنا أسرة الطفل المخطوف مؤمن”، والتي نشرت فيها شقيقة الطفل صورته وهو رضيع وتفاصيل عملية خطفه.

الدليل.. “وحمة”

بعد عدة اتصالات مع مسئول الصفحة، تواصل جمال أخيرا مع شقيقة الطفل، وأبلغته أن شقيقها به شامة “وحمة” في ظهره، ولكي يتأكد الشاب من أنه هو الطفل، اشترى له ملابس “قلتله شوف الملابس الجديدة دي، وأثناء تبديلها لحظت وجود الوحمة في ظهره”.

عاود الشاب الاتصال بشقيقة الطفل، وطالبها بانتظارهم في ملاهي بمدينة الزقازيق، حيث يعمل الطفل على احدى الألعاب.

عودة الضال

ظهر السادس والعشرين من شهر مايو عام 2016، توجهت شقيقة الطفل للملاهي، لرؤيته والتأكد من كونه شقيقها أم لا، “مردتش أعرف حد، لأني شفت أطفال كتير ومفيش حد منهم طلع أخويا”.

كان أخوها يجلس بجوار اللعبة التي يعمل عليها، فوقفت شقيقته تراقبه من بعيد، حتى تأكدت من أنه هو: ” حسيت إني تائهة جوه نفسي، شفت بابا فيه وأختي الصغيرة”. اقتربت منه وتحدثت معه، قال لي “تعالى هفرجك على الملاهي وقبل مغادرتي أعطاني هدية.. إداني طوق شعر، وقال خليه معاكي هديه مني”.

عادت الفتاة الى المنزل، وأخبرت أمها بما حدث، لترد عليها الأم مؤكدة “أنا الرسول جالي في المنام من فترة، وقالي ستنا خديجة هتتصل عليكي”، معتبرة أنها رؤية بشرى بعودة التائه.

لم تكذب الأسرة الخبر، وسارع الأب بتقديم بلاغ في 29 مايو 2016، وعلى الفور تم تشكيل فريق بحث لكشف غموض الواقعة، وأكدت التحريات صحة البلاغ، وتم القبض على المتهمة والطفل المختطف.

في البداية، حاولت “أسماء” الإنكار إلا أن تحليل الـ “d n a” أثبت نسب الصبي للأسرة المبلغة، فتم تسليمه لهم، وإحالة المتهمة لمحكمة جنايات الزقازيق، التي قضت بمعاقبة المتهمة بالسجن لمدة عاميين لقيامها بخطف طفل رضيع والتزوير في أوراق رسمية.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...