الإنترنت ستختفي.. ما مصير الصحافة؟

 

إذا كانت الإنترنت قد دمرت التسلسل الهرمي الذي كان يضع المحرر في مستوى مرتفع عن القراء، وفق تعبير كاثرين فاينر رئيس تحرير صحيفة الغارديان الطبعة الأسترالية، بانتقال الصحافة الورقية إلى الرقمية، في تحول من التدفق الحر مع إمكانيات لا حدود لها وبسرعة هائلة تكاد لا تصدق._193060_google

فإن ثمة ما يولد الصدمة بإعلان إيريك شميدت رئيس مجلس إدارة شركة غوغل، أن الإنترنت ستختفي قريبا!

الصدمة التي تركها شميدت خلال مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي “دافوس” عبر استباق رؤيوي لشيوع أجهزة الاستشعار القابلة للارتداء، والتي ستصبح جزءا لا يتجزأ من عالمنا. هكذا تخيل هذا الرجل الرؤيوي مثله مثل الراحل ستيف جوبز أننا لن نلحظ وجود مثل هذه الأجهزة التكنولوجية في وقت قريب، بقوله “تخيل أنك تمشي في غرفة تتحرك كل أجزائها وتتفاعل معك وفقا لأوامرك” فأين سيكون موقع الصحيفة حينذاك؟.

لم يجد شميدت، الذي التحق بالعمل في محرك البحث العملاق منذ عام 2001، كلمة أكثر تعبيرا من “يختفي” مع أنه لا يعني الاختفاء التام للإنترنت، لأن ثمة وسائط وأجهزة ستستحوذ على حياتنا دون أن نلحظ وجودها في العقد المقبل.

لنا أن نتخيل أن أجهزة التدفئة والتبريد ستعرف دون أن نمسها متى تشتغل، كذلك أجهزة الموسيقى والأضواء قبل أن نخلد إلى النوم، فأي مصير ينتظر الجريدة الورقية.

يعيد كلام شميدت في دافوس عندما وقف قبل سنوات على منصة الدورة الأولى من قمة الإعلام في أبوظبي، عندها وضع الحل أمام العالم العربي حول معضلة تدفق المعلومات بقوله “اكتبوا”. واعتبر فيما بعد شبكة الإنترنت بأنها جعلت من العالم أكثر ديمقراطية عبر المزيد من الانفتاح والتواصل بين البشر، وأن الشبكة العالمية لديها ما يكفي حتى الآن لترقى إلى مستوى اسمها.

هذا التفاعل السحري الذي ترسمه المخيلة اليوم، يطلق معه سؤالا مخيفا عن مصير الصحافة بقدر الدهشة التي أثارها المدير التنفيذي لغوغل في دافوس أمس، لأن هذا النوع من التفاعل مع التكنولوجيا من شأنه أن يخلق عالما شخصيا للغاية ومثيرا للاهتمام.

الأمر ليس مدعاة للقلق تكنولوجيا، ولا حتى على الإنترنت لأنه سيصبح جزءا من حياتنا بشكل أكثر فعالية، القلق يتفاقم حول مصير العلاقة التاريخية بين الصحيفة الورقية وقارئها، وقبل ذلك محررها.

فإذا كان يمكن تشبيه الأمر بحس فلسفي مبسط بالقول “الشبكة ربطت العالم لإطلاق سراح العالم!”، فإن التشبيه عندما يتعلق بالصحافة سيواجه معضلة التصور والمصير.

السوق المريضة للصحافة في العالم، سيصيبها إعياء مضاف مع اقتراب عصر أجهزة الاستشعار القابلة للارتداء، وقد نجد صحيفة المستقبل أشبه بمسحة ضوئية على راحة اليد مثلا قابلة للتصفح والتحرير بشكل تلقائي يتحكم بها الإبهام وحده.

عندها سيأخذ السؤال من صحفي الزمن الورقي مساحة أكبر من جدل صراع الورقي والرقمي، لأن التكنولوجيا الحديثة تختصر الأزمنة بأكثر من أن يكون بمقدور حلول تقليدية مثل تطوير المحتوى والبحث عن مصادر إعلانية جديدة، قادرة على الصمود المؤقت.

كما أن التصورات التي يدافع عنها كاتب مثل سايمون جينكنز مثل أن الإنترنت قد يخفّف من آلام العزلة لكنه يبقى عاجزا عن علاجها، لا تبدو حلا واقعيا لزمن أجهزة الاستشعار الذي بات قريبا.

فهو يرى بأن عصر ما بعد الرقمية سيعود إلى الحقيقة، لكنه لا يعطي تصورا واضحا عن مستقبل الصحافة الورقية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...