الإيكونوميست: حصار بعض الدول الخليجية لقطر لن يكتب له النجاح لهذه الأسباب
قطر لديها ما يكفيها وستصمد فترة طويلة في هذه الأزمة إذا ما استمرت، هكذا ترى مجلة الإيكونوميست البريطانية في تقرير الخميس 15 يونيو/حزيران 2017 لها حول الأوضاع في قطر، بعد دخول الأسبوع الثاني للحصار المفروض من السعودية والإمارات على الدولة الخليجية الأكثر ثراءً، قطر.
قطر لديها ما يكفيها وستصمد فترة طويلة في هذه الأزمة إذا ما استمرت، هكذا ترى مجلة الإيكونوميست البريطانية في تقرير الخميس 15 يونيو/حزيران 2017 لها حول الأوضاع في قطر، بعد دخول الأسبوع الثاني للحصار المفروض من السعودية والإمارات على الدولة الخليجية الأكثر ثراءً، قطر.
واعتبرت المجلة البريطانية أن الأخبار عن تقشف في قطر نتيجة للحصار، مجرد نكتة ساخرة واستعانت بالهاشتاغ الساخر @DohaUnderSiege لشرح ما تقوله الإيكونوميست.
وكان هاشتاغ @DohaUnderSiege الساخر قد أغرق تويتر عقب اندلاع الأزمة الخليجية بين قطر من ناحية والسعودية والإمارات والبحرين من ناحية أخرى، للسخرية من تأثير الحصار على الأوضاع الداخلية في قطر.
ونقل الهاشتاغ ساخراً أن فندق الفورسيزنز بالعاصمة الدوحة تقشَّف فصار شلال الشوكولا يسيل بدل أن يجري، وأن بعض الضيوف أقبلوا على أطباق الكافيار لتكديس أكبر قدر ممكن قبل النفاد، وأما سبل ومخارج الهرب والإخلاء، فيتم تحضير "يخوت النجاة" لها.
نقص المواد الغذائية نكتة.. لماذا؟
المجلة البريطانية اعتبرت أن نقص المواد الغذائية في قطر نكتة ساخرة؛ لأن الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد في قطر يجعل من قطر واحدة من أغنى دول العالم.
فعندما بدأت مقاطعة جيرانها في الخليج يوم الـ5 من يونيو/حزيران، رُصد نقص بسيط في الحليب والدواجن إثر إقبال بعض السكان على شرائها بإفراط لتخزينها وتكديسها؛ خشية فقدانها من السوق، لكن محلات ومخازن السوبر ماركت عادت فامتلأت أرففها من جديد بالسلع والبضائع. ربما استغرب المستهلكون والمتسوقون أسماء منتجات الألبان التركية الجديدة وأمعنوا النظر فيها مرة ومرتين قبل شرائها، ولكن ما من حاجة ماسة للـ4 آلاف بقرة التي ينوي رجال الأعمال الوطنيون شحنها جواً إلى البلاد، بحسب الإيكونوميست.
وكانت السعودية والإمارات والبحرين ومصر، ودول عربية أخرى بضغوط سعودية، قد أقدمت على إعلان المقاطعة؛ بغية عزل قطر، إثر مزاعم بأنها تثير القلاقل والفتن في المنطقة وتمول الإرهاب وأنها مقربة جداً من إيران، وهي تهمٌ نفتها قطر كلها.
لكن الحصار الذي مضى عليه أسبوعان مذ دخل حيز التنفيذ، لم يفلح حتى الآن سوى في الإتيان بنتيجة معاكسة؛ فبدلاً من العزلة المرجوة زادت تركيا من شحنات الأغذية والمؤن التي كانت قطر تحصل عليها في الماضي من السعودية، كذلك مدت إيران والمغرب أيدي المساعدة لإرسال المزيد، وكذلك أبرمت الحكومة اتفاقاً مع عمان يتيح لسفنها بديلاً عن الرسو في الموانئ الإماراتية، بحسب الإيكونوميست.
وبعد يومين من الأزمة، دخلت تركيا على خطها؛ فقد وافق البرلمان التركي على نشر جنود أتراك إلى القاعدة التركية في قطر، كما مدت حكومة العدالة والتنمية قطر بكل الاحتياجات الغذائية جواً.
وتقول الإيكونوميست: لم تكن علاقات قطر التجارية مع جيرانها قويةً حتى قبل إغلاق الجيران منافذهم الحدودية؛ فمعظم صادراتها الثمينة من النفط والغاز التي تدر عليها أرباحاً طائلة تذهب إلى آسيا، وما زالت هذه الصادرات مستمرة على منوالها الطبيعي كالمعتاد، إذاً فمن المتوقع أن يستمر الاقتصاد القطري في النمو مدعوماً بالإنفاق العام على البنى التحتية.
ويقول وزير الاقتصاد علي شريف العمادي، للإيكونوميست، إن قطر "مرتاحة جداً" بوضعها الاقتصادي، فمدخراتها من العملة الأجنبية تعادل 250% من ناتجها القومي الإجمالي (أي ضعف السعودية)، ولذا تستطيع التكيف مع أي ضغط على عملتها. أما أسواق المال والاقتصاد القطرية، فقد تعافت واستقرت بعد الضربة المبكرة التي تلقتها بادئ الأمر.
تصنيف فيتش الأخير
ولكن، ما زال هناك سبب للقلق في الدوحة؛ فطرق التجارة الجديدة قد تستغرق وقتاً أطول وتكلفها أكثر. مؤسسة Fitch للتصنيفات الائتمانية وضعت قطر على لائحة تحذيرية، كما أن المستثمرين الأجانب ما زالوا خائفين. قد تجد البنوك أيضاً صعوبة في الحصول على التمويل؛ ما قد يعطل النمو الائتماني الذي غذى الاقتصاد في السنوات الأخيرة. أما الخطوط الجوية القطرية التي أعلنت لتوها تحقيقها أرباحاً قياسية، فقد أصابتها ضربةٌ نتيجة حظرها من المجال الجوي لكل من السعودية والبحرين ومصر والإمارات، وباتت التساؤلات الآن تلف مكانة الدوحة على خارطة مراكز ترانزيت الطيران الدولي، بحسب تقرير لصحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية.
وترى الإيكونوميست أنه إن كان مقصد السعودية والإمارات إيلام قطر حتى تنصاع وترضخ لمطالبهما، فللعلم إن مكيدتهما حتى الآن فشلت في تحقيق المرام. يصر القطريون على أنهم لا يعرفون ماذا يبغي متهموهم وماذا يريدون، فهم ينفون دعمهم للمتطرفين أو الإسلاميين، كما يزعمون أن دولاً خليجية أخرى كالإمارات هي الأخرى تربطها علاقات وثيقة بإيران، وطرح القطريون شكوكهم على القائمة التي وضعتها السعودية والإمارات التي تضم أسماء 59 شخصية و12 جماعة ذات صلة بالإرهاب. الجدير بالذكر أن بعض هذه الجهات والأسماء المذكورة في القائمة مقراتها خارج قطر وتربطها علاقات بالسعودية أيضاً.
والاسبوع الماضي، وضعت الدول الثلاث المحاصرة لقطر، إضافة إلى مصر، عدداً من الشخصيات والكيانات السياسية القطرية على قائمة الإرهاب، والتي يرى مراقبون أن بها الكثير من العوار؛ نظراً لوجود شخصيات لم تر قطر أو تمر عليها من الأساس حتى تصنف على أنها قريبة من قطر!
إن ما يغيظ السعودية والإمارات أكثر مما سواه، رفض قطر على مدار عقدين من الزمن السير على المسار الذي رسمته القوى الكبرى، فقناة الجزيرة الإخبارية التلفزيونية القطرية أفردت مساحة لآراء ووجهات نظر معارضين إسلاميين لم يكن له صوت من قبل. وكذلك، دعمت "الجزيرة" الثورات العربية عام 2011، ونقلت أصوات المطالبين بالتغيير، فيما بقيت بقية دول الخليج تتفرج وتراقب في خوف. السعودية والإمارات من جهة أخرى تفضلان تمويل ودعم القادة التقليديين والرجال الأقوياء كسيسي مصر. أما إبراهيم فريحات (من معهد الدوحة للدراسات العليا)، فيقول إن النزاع الحالي هو "معركة أخرى من معارك الربيع العربي"، بحسب الإيكونوميست.
باءت جهود وساطة الكويت وغيرها بالفشل حتى الآن، وأما الخطوة التالية التي تنويها السعودية والإمارات فقد لوحتا بالتهديد بإغلاق الشركات التي تتعامل مع قطر، لكن بلبلة الخليج وزعزعة استقراره بهذه الطريقة سوف تضران باقتصاد هذين البلدين أيضاً. يقول عماد: "أعتقد أننا إن خسرنا دولاراً فهم سيخسرون دولاراً أيضاً".
وأجرى أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح، عدة زيارات لعواصم خليجية؛ لرفع الحصار المفروض على قطر ولحلحلة الوضع المتأزم، فقد قابل الملك سلمان في جدة، وبعدها التقى رئيس الوزراء الإماراتي وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد في دبي، وولي عهد أبوظبي والحاكم الفعلي للإمارات محمد بن زايد، ثم انتقل للقاء الأمير تميم بن حمد آل ثاني، ولا جديد في الوساطة الكويتية حتى الآن.
وتحافظ قطر على هدوئها حتى الآن فيما تحشد الدعم الدولي، وقد ردت بالمثل على طرد مواطنيها القطريين من السعودية والبحرين والإمارات، أما الإعلام القطري فقد وردته أوامر بعدم تحريك الوضع أكثر، كما تستعين الحكومة الآن بمكتب محاماة جون أشكروفت، المدعي العام الأميركي السابق؛ من أجل مراقبة مساعيها لقطع دابر تمويل الإرهابيين والإشراف على تلك الجهود.
إن جذور المشكلة والنزاع ضاربة في العمق، لكن أياً من الطرفين لا يشعر بضغط يُذكر، ولهذا فالوضع حالياً يراوح مكانه دون أن ترجح كفة أي من طرفيه.
ما من أحد يتوقع انقشاع العاصفة قريباً، ولكن في نهاية المطاف سيخسر الجميع إذا ما استمرت الأزمة أكثر من ذلك.