الرئيس روحاني وتعديل الخطاب السياسي
كانت إعادة انتخاب الرئيس حسن روحانى لمدة رئاسة ثانية تأكيدا من أغلبية الجماهير على ارتياحها لخطابه السياسي، وهو ما وضع أمام قيادة النظام إشكالية إمكان تعديل الخطاب السياسى الإيراني فى اتجاه الاعتدال، بعد أن فشل الأصوليون فى الوصول بمرشحهم المتشدد إبراهيم رئيسي إلى مقعد الرئاسة، رغم ما أشيع عن دعم الزعيم خامنئي له.
الخطاب السياسى لإيران يقوم على عدد من الثوابت والمتغيرات. وتبدو الثوابت فى التاريخ والجغرافيا وطبيعة الشخصية الإيرانية ومواقفها تحت أى نظام حكم سياسي، ودور إيران التاريخي إقليميا ودوليا وموقعها الاستراتيجي. وكان دأب الإيرانيين أن يقيموا خلال تاريخهم الطويل نظاما سياسيا يوحد بين الدين والدولة، ويجعل الساسة وعلماء الدين جناحى تحليق النظام لتحقيق غاياته. واجتهدت الثورة الإيرانية فى أن تقيم نظاما، غايته إقامة دولة تمهد لظهور إمام الزمان، من هنا وضعت الأسس التى تمكنه من التعامل مع المستجدات سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي.
من ثم يتمحور الخطاب السياسى الإيرانى حول أساسين: أحدهما عقائدى يتمثل فى الخطاب الشيعى الجديد للحوزة العلمية، والآخر قومى يتمثل فى القيم التراثية للشعب الإيراني، مع الأخذ بالوسائل التقنية التى تخدم التوجهات الفكرية والثقافية الحديثة، والإدارة الثورية الفدائية المتطورة هى أداة النظام لتحقيق طفرة إصلاحية، وتقوم الإدارة الثورية على قاعدتين: الأولى تعود إلى تلقى أساس الثورة، وهو إيجاد مجتمع إسلامى نموذجي ومتقدم، كمقدمة ومنطلق لحركة إقامة الحكومة العالمية للإسلام، أما الثانية فتتعلق بجدارة الشعب الإيراني، ولياقته للقيام بهذه الرسالة العظيمة، وبالتالي يركز الإصلاح على مفهوم الإدارة الثورية.
تبدو علامات الخطاب السياسي الإيراني فى الأحداث الأخيرة فى المنطقة، حيث وجد تيار كبير من النخبة يؤكد أن الدعوة لإعادة العلاقات السياسية مع الولايات المتحدة، أو لعدم إعادتها، ليس دليلا على الالتزام بأسس ومبادئ الثورة، وإنما يتعلق ذلك بتحقيق المصلحة الوطنية فى وقت معين، بحيث يمكن أن تكون المطالبة بإعادة هذه العلاقات ضد المصلحة الوطنية، بينما تكون فى وقت آخر عين هذه المصلحة، فليس هناك ما يمنع من وجود علاقات اجتماعية وثقافية واقتصادية بين إيران والولايات المتحدة، لكن مع احترام الشروط المعلنة من جانب إيران. لقد أكدت نتائج انتخابات الرئاسة أن إيران تبدأ مرحلة جديدة من نظامها تتبلور فيه القيادة الشعبية الدينية، واستمرار جهود السلطة التنفيذية فى تأكيد أن إيران تؤمن بالسلام القائم على الديمقراطية وصناديق الانتخابات، وأن شعار إيران فى هذه المرحلة هو التدبير والاعتدال بوعي والأمل، واستمرار الخطاب السياسي الإيراني المعتدل، وأن طهران لا تمثل خطرا، ولا تسعى إلى الحرب، بل تعمل من أجل السلام والأمن الدوليين. فهى تعتبر نفسها مسئولة عن أمن واستقرار المنطقة والعالم. ومستعدة للتفاوض دون تأخير حول الثقة المتبادلة وإزالة سوء الفهم المشترك عن طريق الشفافية الكاملة.
وُلد من ناتج الصراع حول كرسي الرئاسة بين الأصوليين والإصلاحيين، شكل سياسي محدد يحمل الأمل فى الانفتاح السياسي، وهو ما يجعل استثماره فى حاجة إلى إطار وتنظيم، وإحياء منظمات المجتمع المدني، ورفع الحصار عن قيادات الإصلاحيين. ما يمثل تحولا مهما فى الساحة السياسية الإيرانية، كما أن ركوب روحانى موجة الاحتياج للتغيير على مستوى الرأى العام، وتوجيه قوى الإصلاحيين لجهة محددة، فضلا عن ظهور روحانى على أنه مرشح التغيير أمام منافسيه الداعين لإصلاح الأوضاع، دل على إمكانية تصحيح مسار النظام من خلال الانتخابات، وفتح طريق جديد للتنمية والتقدم. صحيح أن فوز روحاني جاء على أعمدة: الضغط الخارجي، وانشقاق القيادات واستياء الجماهير، وأنانية الزعيم، ودعم الراغبين فى إصلاح عميق لإدارة النظام، لكن الزعيم كان حكيما فى إذعانه للنتيجة.
شدد الرئيس حسن روحاني على سبع نقاط فى خطابه إلى الشعب بعد إعلان فوزه، وكلها تؤكد إصراره أن يكون رئيسا للجمهور ووكيلا للشعب، بمعنى أن يتجاوز كونه مجرد رئيس للحكومة إلى كونه مدافعا عن أماني الجماهير ومحققا لمطالبهم. وتمثلت النقطة الأولى فى ظهوره بمظهر القادر على الإدارة برسالته المباشرة للشعب من مكتبه الرئاسي، دون رقابة إعلامية، ودون انتظار لترتيب مسبق مع الإذاعة والتليفزيون أو نشرة إخبارية.
أما الثانية، أنه سبق بالتحية لروح معلمه آية الله هاشمى رفسنجانى وصديقه حسن الخميني ورفيقه سيد محمد خاتمي رئيس حكومة الإصلاحيين الأسبق، وزميله على أكبر ناطق نوري، ومساعده إسحاق جهانكيري.
والنقطة الثالثة، تمثلت فى أنه لم يشر إلى أى من منافسيه، لما قالوه فى حقه خلال الصراع الانتخابي بحق أو بغير حق، وهو ما يعني أنه لن يستفيد فى حكومته من أى منهم أو أنصارهم.
والنقطة الرابعة، فإنه لم يوجه الشكر لهيئة الإذاعة والتليفزيون، بل شكر شبكات التواصل الاجتماعي. وجاءت النقطة الخامسة فى تفسيره معنى أن تكون الانتخابات الرئاسية استفتاء غير مباشر على توجه النظام.
وجاءت النقطة السادسة تحمل تأكيده تنصيب نفسه رئيسا لكل الجماهير ووكيلا للشعب. أما السابعة فتمثلت فى إعلان إصراره على تنفيذ البرنامج الذى عرضه فى الانتخابات ويحمل شعار الحرية والأمن والاستقرار والتقدم.
أكد روحاني فى خطابه أن حكومته ستظل تتعاون مع السلطة التشريعية، وسيتعامل بالقانون مع كل المؤسسات العامة والخاصة والمذهبية، حتى تلك التى لا تدفع الضرائب، ومن هذه القراءة فى الخطاب السياسى للرئيس روحانى يمكن القول: إنه إذا كانت حركة الإصلاح تهدف إلى إصلاح مفاهيم وبنى وقواعد الحياة فى إيران الإسلامية، فإن روحاني سوف يسعى إلى تحويل شعار الجمهورية الإسلامية إلى واقع مضيء للعقل الوطنى والنظرة العالمية، وإعادة .تنظيم العلاقة بين النظام الديني والمجتمع العالمي، بحيث يصبح الإصلاح إستراتيجية قومية إسلامية لاشك فى أن نجاح حجة الإسلام والمسلمين حسن روحانى فى الوصول إلى رئاسة الجمهورية الإسلامية فى إيران يمثل بداية مرحلة جديدة من تاريخ نظام الجمهورية الإسلامية لأنه فتح المجال أمام دعوات التغيير، وتطوير النظام وإصلاح سلبياته، والخروج من العزلة، وإنهاء الأزمة الاقتصادية، وأدى إلى عودة ظهور الإصلاحيين ككتلة مؤثرة على الساحة، بدعم من تيار الوسط فى مواجهة الأصوليين المحافظين، ولن يتوقف تأثير نجاح روحاني عند المجال السياسي، بل سيتعداه إلى مجالات أخرى، اقتصادية واجتماعية وثقافية.
كانت إعادة انتخاب الرئيس حسن روحانى لمدة رئاسة ثانية تأكيدا من أغلبية الجماهير على ارتياحها لخطابه السياسي، وهو ما وضع أمام قيادة النظام إشكالية إمكان تعديل الخطاب السياسى الإيراني فى اتجاه الاعتدال، بعد أن فشل الأصوليون فى الوصول بمرشحهم المتشدد إبراهيم رئيسي إلى مقعد الرئاسة، رغم ما أشيع عن دعم الزعيم خامنئي له.
الخطاب السياسى لإيران يقوم على عدد من الثوابت والمتغيرات. وتبدو الثوابت فى التاريخ والجغرافيا وطبيعة الشخصية الإيرانية ومواقفها تحت أى نظام حكم سياسي، ودور إيران التاريخي إقليميا ودوليا وموقعها الاستراتيجي. وكان دأب الإيرانيين أن يقيموا خلال تاريخهم الطويل نظاما سياسيا يوحد بين الدين والدولة، ويجعل الساسة وعلماء الدين جناحى تحليق النظام لتحقيق غاياته. واجتهدت الثورة الإيرانية فى أن تقيم نظاما، غايته إقامة دولة تمهد لظهور إمام الزمان، من هنا وضعت الأسس التى تمكنه من التعامل مع المستجدات سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي.
من ثم يتمحور الخطاب السياسى الإيرانى حول أساسين: أحدهما عقائدى يتمثل فى الخطاب الشيعى الجديد للحوزة العلمية، والآخر قومى يتمثل فى القيم التراثية للشعب الإيراني، مع الأخذ بالوسائل التقنية التى تخدم التوجهات الفكرية والثقافية الحديثة، والإدارة الثورية الفدائية المتطورة هى أداة النظام لتحقيق طفرة إصلاحية، وتقوم الإدارة الثورية على قاعدتين: الأولى تعود إلى تلقى أساس الثورة، وهو إيجاد مجتمع إسلامى نموذجي ومتقدم، كمقدمة ومنطلق لحركة إقامة الحكومة العالمية للإسلام، أما الثانية فتتعلق بجدارة الشعب الإيراني، ولياقته للقيام بهذه الرسالة العظيمة، وبالتالي يركز الإصلاح على مفهوم الإدارة الثورية.
تبدو علامات الخطاب السياسي الإيراني فى الأحداث الأخيرة فى المنطقة، حيث وجد تيار كبير من النخبة يؤكد أن الدعوة لإعادة العلاقات السياسية مع الولايات المتحدة، أو لعدم إعادتها، ليس دليلا على الالتزام بأسس ومبادئ الثورة، وإنما يتعلق ذلك بتحقيق المصلحة الوطنية فى وقت معين، بحيث يمكن أن تكون المطالبة بإعادة هذه العلاقات ضد المصلحة الوطنية، بينما تكون فى وقت آخر عين هذه المصلحة، فليس هناك ما يمنع من وجود علاقات اجتماعية وثقافية واقتصادية بين إيران والولايات المتحدة، لكن مع احترام الشروط المعلنة من جانب إيران. لقد أكدت نتائج انتخابات الرئاسة أن إيران تبدأ مرحلة جديدة من نظامها تتبلور فيه القيادة الشعبية الدينية، واستمرار جهود السلطة التنفيذية فى تأكيد أن إيران تؤمن بالسلام القائم على الديمقراطية وصناديق الانتخابات، وأن شعار إيران فى هذه المرحلة هو التدبير والاعتدال بوعي والأمل، واستمرار الخطاب السياسي الإيراني المعتدل، وأن طهران لا تمثل خطرا، ولا تسعى إلى الحرب، بل تعمل من أجل السلام والأمن الدوليين. فهى تعتبر نفسها مسئولة عن أمن واستقرار المنطقة والعالم. ومستعدة للتفاوض دون تأخير حول الثقة المتبادلة وإزالة سوء الفهم المشترك عن طريق الشفافية الكاملة.
وُلد من ناتج الصراع حول كرسي الرئاسة بين الأصوليين والإصلاحيين، شكل سياسي محدد يحمل الأمل فى الانفتاح السياسي، وهو ما يجعل استثماره فى حاجة إلى إطار وتنظيم، وإحياء منظمات المجتمع المدني، ورفع الحصار عن قيادات الإصلاحيين. ما يمثل تحولا مهما فى الساحة السياسية الإيرانية، كما أن ركوب روحانى موجة الاحتياج للتغيير على مستوى الرأى العام، وتوجيه قوى الإصلاحيين لجهة محددة، فضلا عن ظهور روحانى على أنه مرشح التغيير أمام منافسيه الداعين لإصلاح الأوضاع، دل على إمكانية تصحيح مسار النظام من خلال الانتخابات، وفتح طريق جديد للتنمية والتقدم. صحيح أن فوز روحاني جاء على أعمدة: الضغط الخارجي، وانشقاق القيادات واستياء الجماهير، وأنانية الزعيم، ودعم الراغبين فى إصلاح عميق لإدارة النظام، لكن الزعيم كان حكيما فى إذعانه للنتيجة.
شدد الرئيس حسن روحاني على سبع نقاط فى خطابه إلى الشعب بعد إعلان فوزه، وكلها تؤكد إصراره أن يكون رئيسا للجمهور ووكيلا للشعب، بمعنى أن يتجاوز كونه مجرد رئيس للحكومة إلى كونه مدافعا عن أماني الجماهير ومحققا لمطالبهم. وتمثلت النقطة الأولى فى ظهوره بمظهر القادر على الإدارة برسالته المباشرة للشعب من مكتبه الرئاسي، دون رقابة إعلامية، ودون انتظار لترتيب مسبق مع الإذاعة والتليفزيون أو نشرة إخبارية.
أما الثانية، أنه سبق بالتحية لروح معلمه آية الله هاشمى رفسنجانى وصديقه حسن الخميني ورفيقه سيد محمد خاتمي رئيس حكومة الإصلاحيين الأسبق، وزميله على أكبر ناطق نوري، ومساعده إسحاق جهانكيري.
والنقطة الثالثة، تمثلت فى أنه لم يشر إلى أى من منافسيه، لما قالوه فى حقه خلال الصراع الانتخابي بحق أو بغير حق، وهو ما يعني أنه لن يستفيد فى حكومته من أى منهم أو أنصارهم.
والنقطة الرابعة، فإنه لم يوجه الشكر لهيئة الإذاعة والتليفزيون، بل شكر شبكات التواصل الاجتماعي. وجاءت النقطة الخامسة فى تفسيره معنى أن تكون الانتخابات الرئاسية استفتاء غير مباشر على توجه النظام.
وجاءت النقطة السادسة تحمل تأكيده تنصيب نفسه رئيسا لكل الجماهير ووكيلا للشعب. أما السابعة فتمثلت فى إعلان إصراره على تنفيذ البرنامج الذى عرضه فى الانتخابات ويحمل شعار الحرية والأمن والاستقرار والتقدم.
أكد روحاني فى خطابه أن حكومته ستظل تتعاون مع السلطة التشريعية، وسيتعامل بالقانون مع كل المؤسسات العامة والخاصة والمذهبية، حتى تلك التى لا تدفع الضرائب، ومن هذه القراءة فى الخطاب السياسى للرئيس روحانى يمكن القول: إنه إذا كانت حركة الإصلاح تهدف إلى إصلاح مفاهيم وبنى وقواعد الحياة فى إيران الإسلامية، فإن روحاني سوف يسعى إلى تحويل شعار الجمهورية الإسلامية إلى واقع مضيء للعقل الوطنى والنظرة العالمية، وإعادة .تنظيم العلاقة بين النظام الديني والمجتمع العالمي، بحيث يصبح الإصلاح إستراتيجية قومية إسلامية لاشك فى أن نجاح حجة الإسلام والمسلمين حسن روحانى فى الوصول إلى رئاسة الجمهورية الإسلامية فى إيران يمثل بداية مرحلة جديدة من تاريخ نظام الجمهورية الإسلامية لأنه فتح المجال أمام دعوات التغيير، وتطوير النظام وإصلاح سلبياته، والخروج من العزلة، وإنهاء الأزمة الاقتصادية، وأدى إلى عودة ظهور الإصلاحيين ككتلة مؤثرة على الساحة، بدعم من تيار الوسط فى مواجهة الأصوليين المحافظين، ولن يتوقف تأثير نجاح روحاني عند المجال السياسي، بل سيتعداه إلى مجالات أخرى، اقتصادية واجتماعية وثقافية.