السلاح النووى السعودى
أحمد المسلماني- الوطن
هل تمتلك السعودية سلاحاً نووياً؟.. يتردّد هذا السؤال منذ قرابة العشرين عاماً.. وفى كل مرةٍ.. السعودية تنفى ووسائل الإعلام الغربية تُواصل.
وفى الأيام الأخيرة.. قالت صحيفة «صنداى تايمز» فى حَسْم: إن السعودية اتخذت قراراً استراتيجياً بالحصول على أسلحة نووية.. وأضافت الصحيفة البريطانية: إن مسئولين أمريكيين أكدّوا أن السعودية قررت الحصول على سلاحها النووى من باكستان.. الحليفة التاريخية للمملكة.
من «صنداى تايمز» إلى «سى إن إن» إلى «بى بى سى».. صار الحديث عن السلاح النووى السعودى.. حديث الإعلام العالمى.
(2)
ثمّة تاريخ بشأن التقارير الصحفية الغربية حول السلاح النووى السعودى.. وخلال أكثر من ثمانية عشر عاماً جرى الحديث عن سلاح نووى سعودى قادم من الصين، وعن سلاح نووى سعودى قادم من باكستان.
فى عام 1990 اشترت السعودية من الصين (60) صاروخاً بالستياً متوسط المدى قادر على حمل رؤوس نووية. بعدها بدأت صحف غربية تتحدث عن سلاح نووى سعودى جرى تصنيعه ونقله من الصين!
وفى عام 2006 نشرت مجلة ألمانية تقريراً يزعم امتلاك السعودية سلاحاً نووياً، وهذه المرة قالت المجلة إنه قادم من باكستان.
ونشرت المجلة صوراً قالت إنها لأقمارٍ صناعية، تكشف عن مدينة تحت الأرض قرب مدينة «السليل» جنوب الرياض.. وتحتوى تلك المدينة على صواريخ نووية.
(3)
تقوم الاستراتيجية السعودية على ثلاثة بدائل.. البديل الأول هو نزع الأسلحة النووية من المنطقة.. بما فيها إسرائيل، وهى فى ذلك داعمة لمبادرة الرئيس الأسبق حسنى مبارك بشأن إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل. وأما البديل الثانى.. فهو التحالف مع دولة نووية لمواجهة القوة النووية الإسرائيلية المؤكدة والقوة النووية الإيرانية المحتملة، وهنا استراتيجية التحالف مع باكستان. وأما البديل الأخير، فهو أن تسعى السعودية نفسها لامتلاك سلاح نووى يكون تحت سيطرة وزارة الدفاع ودون حاجة للتحالف مع أحد.
وقد كانت الصدمة كبيرة من جرّاء الاتفاق الإيرانى الأمريكى، والذى لا يُغلق تماماً الطريق أمام امتلاك إيران السلاح النووى فى المستقبل.
ثم كانت الصدمةُ الثانية، وهى رفض البرلمان الباكستانى خوض «حرب سهلة» فى اليمن لا تستلزم سلاحاً نووياً ولا حسابات عالمية.
وهكذا رأت السعودية نفسها فى مواجهة خطوتين خطيرتين.. إيران تأخذ خطوة للأمام، وباكستان تأخذ خطوة للخلف!
(4)
لقد سبق للرئيس الباكستانى محمد ضياء الحق أن قال للعاهل السعودى: إن السلاح النووى الباكستانى هو سلاح نووى سعودى.
كما أن السعودية قد ساندت باكستان فى كل مراحل تاريخها.. من الاستقلال عن الهند، إلى منع استقلال بنجلاديش، إلى حرب كشمير، إلى الوقوف ضد الغرب وعقوباته على باكستان عقب إجرائها أول تفجير نووى.
تدرك السعودية بالطبع أن التحالف مع باكستان هو قرار استراتيجى لتحقيق التوازن فى المنطقة ولحصار إيران بينهما، لكنها تدرك فى الوقت ذاته أن السلاح النووى الباكستانى لا يمكنه أن يكون سعودياً حتى لو أرادت باكستان.
ولقد كان الأمير تركى الفيصل واضحاً حين هدد بامتلاك السعودية سلاحاً نووياً إذا ما امتلكت إيران السلاح النووى، حيث كان يشير إلى برنامج سعودى وطنى وليس شراء رؤوس نووية من باكستان أو غيرها.
(5)
إذن: ما الذى يريده الغرب؟ إجابتى تتكون من النقاط التالية:
1- يريد الغرب الضغط المستمر على السعودية بقصة شراء رؤوس نووية.
2- يريد الغرب أن يروج أن تنظيم داعش هو الآخر يسعى لامتلاك سلاحٍ نووى.. من أجل تسفيه القصة، ووضع المملكة والتنظيم فى سياق واحد!
3- يريد الغرب باكستان فى النهاية، وتقديرى الذى أتحمل المسئولية العلميّة عنه هو أن واشنطن تريد تفكيك السلاح النووى لباكستان، كما سبق أن فككت الترسانة النووية لكازخستان. الهدف ألا تصبح هناك دولة مسلمة نووية واحدة.. أو على الأقل.. ألا تصبح هناك دولة مسلمة «سنية» نووية واحدة، وربما يكون ذلك جزءاً من اتفاق سرى بين طهران وواشنطن.. «نزع السلاح النووى لباكستان».
حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر