العرب وإيران.. صداقة أم عداء؟
حقيقةً وفي البداية لا بد أن نوضح لماذا هذا العنوان وبهذه الطريقة بالذات! تلك الطريقة التي قد تكون مُزعجة للبعض نظرًا لأنها تحمل قدرًا من الغموض والتشاؤم!
حقيقةً وفي البداية لا بد أن نوضح لماذا هذا العنوان وبهذه الطريقة بالذات! تلك الطريقة التي قد تكون مُزعجة للبعض نظرًا لأنها تحمل قدرًا من الغموض والتشاؤم!
ولكن دعني أدعي أن العنوان مُناسب تمامًا نظرًا للتغيرات المُثيرة التي طرأت وما زالت تطرأ في واقعنا العربي اليوم، لم يعُد عالمنا العربي ذلك العالم الراكد الخالي من الأحداث المُهمة كما كان في الماضي، بل أصبح أشبه ما يكون بمياه المحيط الهادي التي لا تهدأ بالطبع، الغرض من هذا المقال كما قد تكون قد فهمت هو مجرد التساؤل، والذي بدوره سيكشف لنا الكثير مُستقبلًا.
القمة العربية الإسلامية الأمريكية!
شاهدنا جميعًا قبل أيام «القمة العربية الإسلامية الأمريكية» ولعلك قد انتابك شعورٌ بالضحك كما انتابني عندما قرأت الاسم لأول مرة، ولكن دعنا نتجاوز الاسم إلى المضمون. احتوت القمة على توقيع عدة اتفاقيات بمبالغ تجاوزت الـ430 مليار دولار بين المملكة العربية السعودية والولايات المُتحدة الأمريكية تمثلت في شراء أسلحة مُتطورة بالإضافة للاستثمار في البنية التحتية في أمريكا، كما شدد قادة القمة وفي مُقدمتهم الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» على ضرورة مواجهة الإرهاب، كما أعلنوا انطلاق المركز العالمي لمحاربة الإرهاب ومقره الرياض.
ولكن هل فعلًا الغرض من عقد القمة مُحاربة الإرهاب المُتمثل في بعض الجماعات الإرهابية كـ «داعش» أم هي عبارة عن «كارت إرهاب» لإيران العدو الأساسي للملكة السعودية في المنطقة؟ عمومًا هذا ما أعلنه صراحةً الملك سلمان في كلمته التي ألقاها في الاجتماع.
ولكن ماذا سيستفيد العرب من عداء إيران؟ نعلم جميعًا سر العداء القديم بين العِرقين الفارسي والعربي، ذلك العداء الذي قد يدُق طبول الحرب مرة أُخرى ولكن هذه المرة بالأسلحة الثقيلة وليس بالسيوف والرماح كما كان في الماضي.
نعم هُناك مشروع توسُعي لإيران في المنطقة لا تكاد تُخطِئه عين مُتابع أو مُحلل، ولكن هل الرد يكون قاسيًا إلى الدرجة التي يذهب معها جُزء عريض من المُسلمين ككبش فِداء؟ هل إعلان الحرب على «الشيعة» والتغاضي عن إجرام «داعش» سيُقدم للعرب أم سيُكلفهم الكثير؟ ولماذا لا يتحد العرب في مواجهة العدو الذي يتشدقون ليلًا نهارًا بمُعاداته والمقصود بالطبع داعش؟ كُل هذه أسئلة بحاجة لإجابات صادقة خالية من المراوغة.
لن يستفيد العرب أي شيء من الحرب مع إيران سوى خلق حالة من عدم التوازن في المنطقة، والتاريخ يُخبرنا من جديد بأن الفائز بالحرب هو أقل الخاسرين ولنا في حالة مصر المُنتصرة بعد حرب أكتوبر 73 عبرة ودرس.
هل ستستفيد الولايات المُتحدة من الحرب؟
هنا مربط الفرس، إن أكبر مُستفيد من أي حرب هي بالطبع الدولة التي تمُدها بالأسلحة، ولذلك يُصبح إطالة مُدة الحرب في صالح تلك الدولة بلا شك، ولماذا لا؟ وتلك الحرب تُدِر المليارات المُتمثلة في شراء الأسلحة والصواريخ الحديثة!
لن تتردد أمريكا في بيع الأسلحة ما دامت تُمثل تلك الأسلحة مصدر دخل أساسي للدولة، ولا يهمُها بالطبع الفائز أو الخاسر بالحرب بقدر ما يهمُها الترويج للأسلحة الأمريكية الفتاكة!
ستقف الولايات المُتحدة موقف المُشاهد ولن تشارك بقوات فعلية في أي حرب قادمة من جهة العرب مثلما أعلن الرئيس الأمريكي صراحةً، وهذا خير دليل على حِرص الولايات المُتحدة الخروج بأقل الخسائر من المعركة القادمة، وأيضًا شهد الموقف الأمريكي تحولًا جذريًا مُقارنةً بسياسات الأنظمة السابقة.
وفي الختام
إن الواقع العربي الذي نعيشه اليوم لا يُبشر بالخير مُستقبلًا، فالمُستقبل العربي بناءً على المُعطيات التي لدينا يُنذر بالدمار بدلًا من السلام، وبالفُرقة بدلًا من الاتحاد، وبالعداء بدلًا من الصداقة، فعن أي مُستقبل نتحدث!