المليشيات الشيعية والبيشمركة نزاع تحكمه اجندة سياسية
في وقت تحاول فيه القوى الكردية استرجاع أكثر ما تستطيع من المناطق المُتنازع عليها وضمها إلى إقليم كردستان خلال الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية ظهر لها شريك غير متوّقع هي الميليشيات الشيعية.
قوات البيشمركة وبالتنسيق مع قوات الجيش العراقي وقوى شيعية مسلحة تمكنت من مهاجمة نواحي جلولاء والسعدية في الثالث والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر، واستعادت السيطرة على الناحيتين، ومنذ ذلك الحين انتشرت القوات الشيعية المسلحة في الناحيتين التابعتين لقضاء خانقين ولم تنسحب منها.
وتشير تقارير اعلامية إلى أن القوات المسلحة الشيعية بدر وعصائب أهل الحق وسرايا السلام المجتمعة ضمن قوات الحشد الشعبي وكذلك “سرايا خراسان” التي يشرف عليها محسن الفضل الكويتي وتوّجه من قبل قوات الحرس الثوري الإيراني تتواجد في الناحيتين فيما تتواجد قوات البيشمركة في ناحية جلولاء فقط.
بعض المصادر أكدت بأن بعض عناصر تلك الميليشيات ينهبون ويحرقون منازل ومحلات العائلات السنية ولا يسمحون بعودتها إلى مدنها أو مناطقها السابقة، حتى أن أرتالاً لتلك الميليشيات قامت باستفزاز المواطنين في مناطق مثل كلار وكفري ضمن أراضي إقليم كردستان ما ادى إالى نشوب توترات بينها وبين البيشمركة.
وقال جعفر مصطفى مسؤول فرع الحزب الديمقراطي الكردستاني في خانقين إنه بالإضافة إلى الميليشيات الشيعية، تتواجد أيضاً قوات الحرس الثوري الإيراني بالتعاون مع كتيبة خراسان في جلولاء والسعدية.
وأعرب عن خشيته من مجيء وبقاء القوات الشيعية، وقال”تلك القوات غير منتظمة إلى أبعد مدى ولا تأخذ في الحسبان الكثير من الأمور، فهي خليط متنوع ولا تحارب من أجل الأرض والقومية بل تقاتل من أجل المذهب”.
وأكد “انهم نهبوا وأحرقوا مناطق في ناحية السعدية بأكملها ومنعوا البيشمركة أو أي مواطن كردي دخول المدينة”.
مدينتي جلولاء والسعدية تقعان ضمن حدود المادة (140) من الدستور والتي تسمى بالمناطق المتنازع عليها بين الاكراد والعرب ويقول أحمد زركوشي مدير ناحية السعدية إن الأكراد كانوا يشكلون (30) في المائة من سكان المدينة قبل ظهور مسلحي داعش فيما كان الشيعة يشكلون (10) في المائة أما السنة فهم الغالبية العظمى لكن الوضع تغيّر اليوم.
مسؤول كوردي آخر في محافظة ديالى طلب عدم نشر اسمه قال إن “المسلحين الشيعة يحاولون وبالتعاون مع إيران وبتعليمات منها تغيير ديموغرافية المنطقة وإن عدم سماحهم للعائلات السنية بالعودة وانتشارهم في المنطقة هي أولى خطواتهم لتحقيق ذلك الهدف”.
مجيد صالح المستشار الإعلامي لرئاسة برلمان كردستان قال إن الهدف من محاولة إيران والمجموعات الشيعية السيطرة على جلولاء والسعدية هو استخدامهما كورقة ضغط خلال المفاوضات والمحادثات مع الأكراد.
ويقول المسؤولون العسكريون الأكراد إنه بالإضافة إلى ناحية السعدية فإن قوة تابعة لـ”سرايا خراسان” يصل عدد عناصرها إلى 400 مسلح انتشرت داخل جلولاء في أحياء (الشهداء والوحدة ومدرسة الشروق) كما انتشرت قوة تابعة لـ”بدر” خارج المدينة.
جبار ياور الأمين العام لوزارة البيشمركة لديه رأي آخر حول الموضوع وقال إن “المسلحون الشيعة جاؤوا إلى المنطقة بالتنسيق مع الجيش العراقي وليست هناك أية قوة تشكل خطراً على المنطقة وكردستان وسكانها”.
أما شيركو ميرويس العضو القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني ومسؤول مركز تنظيمات حانقين نفى حدوث أي توترات بين الميليشيات الشيعية والقوات الكردية وقال إن مجيء القوات الشيعية كان بالتنسيق مع مسؤولي المحاور في قوات البيشمركة ووزارة البيشمركة و قد أبعدوا معا خطر داعش عن المنطقة”.
ويعتبر الاتحاد الوطني الكردستاني قريباً من إيران كما إن تحرك المسوؤلين الإيرانيين والميليشيات الشيعية يقع ضمن المناطق التي تمثل مركز نفوذ للاتحاد الوطني الأمر الذي دفع بمسؤولي الاتحاد إلى اعتبار المجموعات الشيعية معاونين وأصدقاء وليسوا مصدراً للخطر.
وحول ذلك اضاف ميرويس “هؤلاء لم يأتوا من كوكب آخر إنهم أبناء هذه البلاد”.
وتتمتع مناطق جلولاء والسعدية بأهمية بالغة من الناحية الاستراتيجية حيث تربط محافظات كركوك وديالى ومنطقة كرميان ببعضها لذلك كانت دائما ميدانا لنزاع القوى المختلفة من أجل السيطرة عليها، أما اليوم أصبحت الميليشيات الشيعية مجاورة لإقليم كردستان حيث يخشى بعض المسؤولين الأكراد تحوّل النزاع الكردي- السني إلى نزاع كردي – شيعي