web analytics

حذف آيات الجهاد في مصر

أثار قرار السلطات المغربية بمنع تدريس آيات الجهاد في سبيل الله بالمدارس التعليمية، ردود فعل واسعة؛ حيث انتقد علماء الأزهر والسلفيون القرار ووصفوه بالاعتداء على الفريضة الإسلامية والتهريج العبثي، وسط تحذيرات من خطورة الخطوة حال محاولة تكرارها في مصر تحت ذريعة تجديد الخطاب الديني. ونشرت صحيفة "هسبريس" المغربية تقريرًا حول قيام وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، في حكومة حزب "العدالة والتنمية" – المحسوبة على جماعة الإخوان في المغرب – بتطوير المناهج المقررة في مادة "التربية الإسلامية" بحذف كل الآيات والسور التي تحوي معاني الجهاد والقتال، مثل سورة "الفتح" التي كانت تدرس لتلاميذ الإعدادي. وتحتوى سورة الفتح في آيتها رقم 16 على قول الله "قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا". وأضافت الصحيفة أنه تم اعتماد آيات تحوي مقاصد جديدة مثل المحبة والحرية والتوحيد والإحسان والاستقامة، والتزكية، والاقتداء، والحكمة، والقسط، والاستجابة، بهدف التشبث بالهوية الدينية والثقافية والحضارية للمغرب والتربية على قيم السلوك المدني والمواطنة والتنشئة على قيم التعايش والتكافل والتضامن والتسامح والانفتاح واحترام الآخر، وبناء الشخصية الإسلامية المتوازنة وترسيخ عقيدة التوحيد وقيم الدين الإسلامي على أساس الإيمان النابع من التفكير والتدبر والاقتناع. تكرار التجربة في مصر وأطلق وزير الثقافة الأسبق، الدكتور جابر عصفور، دعوة لحذف الآيات القرآنية التي تدعو إلى الجهاد من مناهج الأزهر التعليمية، قائلًا: "حتى لا تكون مبررًا للتنظيمات الإرهابية، فيستقطبون من خلالها المجاهدين ويستهدفون المدنيين والأبرياء بحجة الجهاد فى سبيل الله، وعلى الأزهر ألا يعتبر نفسه سلطة دينية يسلط سيفه على رقاب المواطنين، خصوصًا الذين يخالفونه ويعارضونه". وأضاف عصفور، في تصريحاته بتاريخ 2 يوليو الجاري: "لابد أن يتماشى الأزهر مع العصر، ويسير على منوال المغرب التي قررت تعديل مناهجها وحذف الآيات القرآنية التي تحث على الجهاد واستبدالها بآيات أخرى تدعو للتسامح والغفران في المناهج الدراسية، فخطاب الأزهر لا بد أن يتسم بالسماحة والمودة واللين مع الآخرين، ولا يجوز للأزهر أن يعمل حملات دعائية للمؤسسة، سواء كانت في الشارع أو عبر الفضائيات، ولا أن يسعى إلى تلميع نفسه والظهور في ثوب جديد". الأزهر والشرع ورد الدكتور عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، على دعوة الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، بحذف آيات الجهاد، قائلًا: "أشعر بأسف شديد خاصة من مثقف مثل الدكتور جابر عصفور، وهو المعني بالمشاركة في تجديد الخطاب الديني وهذا الكلام يصيب أي إنسان بالإحباط، فهذا الحديث لا يعالج الفهم الخاطئ لآيات الجهاد وإنما يريد حذفها وهو نوع من أنواع التهريجي الفكري". وأضاف النجار، في تصريح خاص لـ"المصريون": "هذه الدعوة كمن يذهب إلى الطبيب ليُعالج من مرض أصاب جسده فينصحه الطبيب بقتل نفسه، ولو نزعنا آيات الجهاد من الكتب المدرسية، هل سيحترمنا الغرب أم سيحتقروننا، فالقرآن هو رحمة من رب العباد، وسيظل هاديًا وسراجًا منيرًا إلى أن يرث الله الأرض، وهذه الدعوة لا تعالج الفهم الخاطئ لآيات القرآن الكريم، وأحترمه وبيني وبينه صداقة شديدة ولكني أرى الحق أقرب إلي في هذه المسألة". وتابع: "القرآن ليس ملكًا للأزهر أو داعش أو الدكتور جابر ذاته، ليحذف منه ما يريد ويقر ما يريد بل هو رسالة الله للأمة الإسلامية وكلما تعرض الأزهر لهجوم زاد قوة، والإسلام ليس دينًا هشًا وإلا لكان انتهى في عقود قليلة ولكنه دين قوي محفوظ من الله عز وجل". الدكتور أحمد محمود كريمة، أستاذ الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، كان له رأي آخر؛ حيث أكد في تصريح خاص لـ"المصريون"، أنه يتفق ودعوة الدكتور جابر عصفور، قائلًا: "يجب أن يكون المنهج العلمي استقرائيًا وليس انتقائيًا، حذف آيات فقه الجهاد لا يعني حذفها من القرآن وإنما عدم إطلاع النشء عليها للتربي هذه المرحلة على فقه السلام والأمن وتعليمها فقه الجهاد يكون في المرحلة الجامعية العليا". وأضاف كريمة: "الوزير السابق قصد عدم ذكر آيات قرآنية يفهم منها على عكس مرادها وهذه حقيقة لا نختلف فيها معه؛ حيث إن هناك آيات تنبه على جرائم في قتال مشروع وأخرى في قتال غير مشروع وكل مرحلة سنية يناسبها نوع من الثقافة والمراحل العمرية الأولى لا يناسبها فقه الجهاد؛ حيث إن القتال المشروع هو الاستثناء والواضح أن البعض نظروا إلى دعوة الوزير السابق باجتزاء بعض عباراته عن السياق". الباحث الإسلامي، هشام النجار، علق قائلًا: "أرفض هذه الدعوة تمامًا؛ لأن هذا يخدم الخطاب المتطرف، وحذف الآيات يعنى عدم الشفافية ويعطي مساحة للتيارات المتطرفة لاستغلال حاجة الشباب للمعرفة وتفسيرها بحسب رؤاهم". وأضاف النجار، في تصريح خاص لـ"المصريون": "الفكر الأحادي والتفسير الأصلي لهذه الآيات والتعامل يكون بالمكاشفة ووضعها للنقاش بين الطلاب والمعلمين ووضعها في سياقها التاريخي وتنوير الطلاب حول أسباب النزول وحقيقة الجهاد هل هو حرب على البشرية وعلى الكفار أم هو حالة للدفاع عن النفس ومن يدعون لحذف هذه الآيات يتعاملون بشكل ساذج مع القضية ودعوتهم تضر ولا تنفع وأطالب المثقفين بمراجعة هذه النقاط". وتابع: "المثقف يدعو للحوار وليس الحذف كما يدعو الدكتور جابر عصفور، والخطاب التنويري هو الخطاب الثقافي وعرض التأويلات المتنوعة لهذه النصوص وإشباع نهم ورغبات الطلاب في المعرفة". وقال الدكتور عبدالمنعم فؤاد، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر: "هذه ألسنة حداد يريدون أن يقطعوا بها آيات من كتاب الله وينتقدون الأزهر ويقذفون به قذائف الباطل وظهر ذلك الآن، ويدّعون أن الأزهر مُقصر في تجديد الخطاب الديني، وإن كان الدكتور جابر عصفور قال ذلك فهو خاطئ ومخطئ وجاهل وجهل وجهول ومجهال؛ لأنه كتاب الله لا يستطيع أن يمد يده ليقتطع آيات من القرآن وأبو جهل بنفسه كان يعجبه القرآن". وأضاف فؤاد في تصريح له: "الوليد ابن المغيرة كان قمة من قمم الكفر والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه يعلو ولا يعلى عليه، وإذا كان الدكتور جابر عصفور يريد أن يحذف آيات الجهاد فعليه أن يطالب بإلغاء وزارة الدفاع في مصر لأن آيات الجهاد لحفظ الأمن والأمان ولرد العدوان فهل تقبل وزارة الدفاع أن يأتي لنا العدو ليقتلنا ونحن خانعون". واتفق معه المفكر الإسلامي الدكتور عبدالفتاح عساكر، قائلًا: "حذف الآيات التي تدعو إلى الجهاد من المناهج الدراسية بالمدارس بالمغرب، أمرٌ مخالفٌ للشريعة الإسلامية ولأوامر الله، والمغاربة لم يدركوا أن القرآن شرع الجهاد دفاعًا وليس عدوانًا". وتابع في تصريح له: "الدليل على فرضية الجهاد هو قوله تعالى "وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ"، وحذف آيات الجهاد من المناهج سيساعد على انتشار الإرهاب، وسيقوم الإرهابيون بنشر هذه الآيات وتفسيرها المنحرف للمغرر بهم"

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...