خطاب الاستشراق: الإسلام مقابل الغرب
غير أن العلاقة بين المذاهب الإسلامية، والعرب، والاضطهاد لم تنشأ بعد حادثة «11 سبتمبر (أيلول)». فللعنصرية المعادية للعرب في العالم الغربي نسب طويل وفقاً لجوريديني (Jureidini) وهاج (Hage). وفي التراث الاسشتراقي الذي حلّله إدوارد سعيد، وفي التصوّر العنصري الغربي الشائع والمسيطر، تبدو الحدود بين العربي والمسلم شديدة التشوّش. ولا شك في أن الخطاب السلبي ذا النزعة الجوهرية والمضلّل، تصاعد في أعقاب الحوادث التي شهدتها الولايات المتحدة، لكن يجب أن نتذكّر أن حادثة «11 سبتمبر (أيلول)» ما هي إلا نقطة جديدة في سلسلة متصلة من الخطاب الغربي.
أدّى التفسير الغربي للأحداث العالمية منذ السبعينيات وما تلاها، إلى ربط تاريخي للإسلام «بالتطرّف، وعدم التسامح، والعنف». وتشمل هذه الأحداث الثورة الإيرانية سنة 1979، والصراع العربي- الإسرائيلي، وحرب الخليج 1990-1991، والأنشطة الإرهابية المرتكبة باسم الإسلام في الشرق الأوسط، والفلبين، وإندونيسيا. ولقي ربط الإسلام بالتطرّف مزيداً من الدعم بالصراعات الحديثة، التي وقعت في بلدان الشرق الأوسط، مما عزّز رُهاب الإسلام القائم بالفعل في البلد.
تحدي صدام الحضارات
غير أن العلاقة بين المذاهب الإسلامية، والعرب، والاضطهاد لم تنشأ بعد حادثة «11 سبتمبر (أيلول)». فللعنصرية المعادية للعرب في العالم الغربي نسب طويل وفقاً لجوريديني (Jureidini) وهاج (Hage). وفي التراث الاسشتراقي الذي حلّله إدوارد سعيد، وفي التصوّر العنصري الغربي الشائع والمسيطر، تبدو الحدود بين العربي والمسلم شديدة التشوّش. ولا شك في أن الخطاب السلبي ذا النزعة الجوهرية والمضلّل، تصاعد في أعقاب الحوادث التي شهدتها الولايات المتحدة، لكن يجب أن نتذكّر أن حادثة «11 سبتمبر (أيلول)» ما هي إلا نقطة جديدة في سلسلة متصلة من الخطاب الغربي.
سنة 1997، أبدى سعيد قلقه من أن «التعميمات الخبيثة عن الإسلام أصبحت الشكل المقبول الأخير لتشويه سمعة ثقافة أجنبية في الغرب. وقد تحدّى سعيد نظرية «صدام الحضارات» التي أوجزها الباحث الأمريكي صاموئيل هنتنغتون، حيث صوّر الإسلام باعتباره «كياناً واحداً متماسكاً. ووفقاً لسعيد، طوّر المستشرقون، ووسائل الإعلام الغربية، وصنّاع السياسات الغربيون تعميمات معادية عن الإسلام. ومن خلال الصور التي روّج لها المعلّقون، أنكر على الإسلام أي تنوّع في الخصائص، والممارسات، والمعتقدات، وقدّم كل المسلمين والعرب باعتبارهم ذوي طبائع تحقيرية متأصّلة. ورأى سعيد أن لهذه التعميمات عواقب خطيرة، إذ تحرّض على كراهية المسلمين ومن يرتبط بالإسلام وعدم الثقة بهم، وتنشئ روابط بين الإسلام والأصولية.
لكن تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن الأحداث العالمية الحديثة والسابقة، التي تشمل المسلمين وتحليلها في وسائل الإعلام الغربية، أثّرت في المشاعر المعادية للعرب والمسلمين، فإن مثل هذه المشاعر لا يمكن فهمها بهذه المصطلحات فحسب. فلأستراليا تاريخ طويل من الإقصاء الرسمي وغير الرسمي «للآخرين». ومع أن هناك أموراً تاريخية محدّدة، تُظهر لماذا هُمّشت فئات عرقية ودينية معيّنة.
الإدماج في أستراليا المتعدّدة الثقافات
في وقت مبكّر يرجع إلى سنة 1996، كتبت الأكاديمية الأسترالية من أصول باكستانية حنيفة دين (Hanifa Deen) أن «المسلمين في أستراليا (…) مقتنعون بأن (…) الإسلام أصبح عدوّاً عالمياً جديداً (…) وأن المسلمين في حاجة إلى إعادة طمأنة بعدم اعتبارهم أعداء، وأنهم ليسوا غير أستراليين». وأكّد إدوارد سعيد أيضاً أن هناك استمراراً تاريخياً لاتجاه، بدأ في الحرب العالمية الأولى، حيث يشكّ الأستراليون غير المسلمين بولاءات الأستراليين المسلمين للأمة الأسترالية. وكانت هذه الشكوك تثار كلما وقعت أزمة عالمية أو أحداث محلية تشمل المسلمين. ومع أن بعض المسلمين الأستراليين تفاعلوا مع ذلك بحثّ جاليتهم على تعزيز الصورة الإيجابية للإسلام في أستراليا، فإن مسلمين آخرين شعروا بأن ذلك استرضاء لمن يسعون لإدامة كراهية المسلمين.
أدّت العداوة للهوية الإسلامية والتشكيك فيها، إلى الخوف والخشية والانعزال في أوساط بعض المسلمين، مما أنشأ مسافات اجتماعية بين المسلمين وغير المسلمين، وأسكت من يعتقدون «أنهم لا يمكن أن يحصلوا على (فرصة معقولة)». واختُزل المسلمون إلى الصور النمطية التحقيرية الأحادية نفسها. كما أنكر «مراقبو المسلمين» على المسلمين تنوّعهم بالإضافة إلى إنسانيتهم، باستخدام الصور النمطية لتعريف الأشخاص، وتمثيل الإسلام بصور مثل نساء محجّبات، ورجال أشراس ملتحين، وآباء بربريين، ومغتصبين، ومفجّرين انتحاريين.
أنذارات إرهابية
واجه المهاجرون والفئات الدينية المختلفة، وخصوصاً المسلمون، بعض المقاومة في عملية الاندماج في المجتمع الأسترالي مثلاً. وعلى الرغم من المصاعب التي يلقاها الأستراليون المسلمون في إثبات «أستراليتهم»، فإن هناك بعض التقنيات التي اعتمدتها الجاليات العربية والأسترالية لإثبات (أو إعادة إثبات) صورتهم. ويمثّل «التجسير» و«الترابط» طريقتين استخدمهما العرب والمسلمون للتواصل مع الجاليات العربية وغير العربية، ودعم الاتصال بين هذه الفئات ردّاً على السلوكيات الكارهة للأجانب. ووفقاً لميشال لامونت (Michele Lamont) وفيراغ مولنر (Virag Molnar) ، استُخدم هذان الأسلوبان لتعزيز حدود الفئات المحدّدة بالعرق أو الإثنية أو تجاوزها.