خيارات بوتين للرد على “صفعة اردوغان”

خاص شامل 24- تقرير أحمد إبراهيم
رغم التصريحات النارية التي أدلى بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين امس الثلاثاء عقب إسقاط تركيا للطائرة الروسية التي قالت إنها اخترقت مجالها الجوي وقوله إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان طعنه من الخلف وأن تركيا دولة تدعم الإرهاب، إلا أن أيدي الدي الروسي ما زالت مكبلة ولا تجرؤ على الرد العسكري ضد أنقرة، وذلك نظراً لقوة تركيا العسكرية والمصالح التي تربط البلدين حيث تعتبر تركيا هي معبر الغاز الروسي لأوروبا، كما أن أنقرة محمية بأكبر قوة في العالم وهي مشاركتها في “حلف الأطلسي”.
لكن الرئيس الروسي لن يسكت على صفعة أردوغان ولكنه يفكر في الطريقة التي لا تؤلم أردوغان، ويكون للأخير رد آخر عليها، لكن ما هي خيارات خيارات أردوغان المحتملة:
الرد الدبلوماسي، ويبقى الخيار الأول والأقل ضرراً هو الرد الدبلوماسي، ومن خلاله تقوم موسكو بسحب سفيرها من أنقرة حتى تتلقى اعتذاراً رسميا من الأخيرة، لكن هذا الرد تأخر واحتمالات اتخاذه خلال الفترة المقبلة ستكون مستبعدة.
وتمتلك موسكو العديد من أوراق الضغط الأخرى والقدرة على توجيه رد انتقامي علني أو خلف الكواليس، وهو ما يدفع بعض المراقبين إلى انتظار إمكانية أن تشهد الفترة القادمة هجمات سيبرانية روسية، قد تصيب أنقرة بالشلل على العديد من الأصعدة، لو وضع في الاعتبار أن هجمات من هذا النوع كانت السلاح الروسي الأول حين احتدمت الخلافات بينها وبين كل من جورجيا وإستونيا قبل سنوات.
ففي نيسان/ أبريل 2007 تعرضت الشبكات الحكومية في إستونيا لهجوم سيبراني، تسبب في حجب الخدمة، في أعقاب النزاع مع روسيا حول إزالة نصب تذكاري للحرب. فيما شهد شهر آب/ أغسطس 2008 اختراق شبكات الكمبيوتر في جورجيا، خلال فترة الصراع القصير مع روسيا، وبالتزامن مع العمليات العسكرية الروسية، ما تسبب في ضغوط سياسية على الحكومة الجورجية، فيما تردد وقتها أن الهجمات السيبرانية الروسية أصبحت تكتيكا ثابتا يصاحب العمليات العسكرية أو الخطوات العقابية.
تبعية تركية للغاز الروسي
وتتعلق ورقة الضغط الأكثر خطورة بملف الغاز الطبيعي، حيث تعتبر روسيا المورد الأول للغاز الطبيعي بالنسبة لتركيا، وتلبي أكثر من نصف احتياجاتها من الغاز، وكان من المفترض أن تصل واردات الغاز الروسي إلى تركيا هذا العام قرابة 30 مليار مترا مكعبا، بعد أن وصلت العام قبل الماضي إلى نحو 27 مليار مترا مكعبا.
ويصل الغاز الروسي إلى تركيا عبر أنبوبين، الأول يسمى “السيل الأزرق” ويمر أسفل البحر الأسود، وينقل 50% من صادرات الغاز الروسي إلى تركيا، والثاني هو خط أنابيب البلقان البري، الذي يمر عبر أوكرانيا ومولدوفا ورومانيا وبلغاريا وصولا إلى تركيا.
ومع ذلك، أكدت وزارة الطاقة الروسية مواصلة تزويد تركيا بالغاز الطبيعي الروسي بحسب الالتزامات التعاقدية، وأشار “أناتولي يانوفسكي” نائب وزير الطاقة الروسي، أمس الثلاثاء، إلى أن إمدادات الغاز الروسي لتركيا مستمرة. فيما يرى المراقبون أن قرارا بشأن إمدادات الغاز الروسي لتركيا لا يمكن اتخاذه بشكل متسرع، أو ردا على واقعة من هذا النوع، إنما يمكن أن يأتي حال تفاقمت الأوضاع.
ضرب السياحة التركية
ومع ذلك، وجهت الإجراءات الروسية الأكثر سرعة إلى قطاع السياحة في تركيا، حين أبلغ اتحاد السياحة الروسي الشركات العاملة في قطاع السياحة، بوقف بيع تذاكر الرحلات السياحية إلى تركيا، فيما أعلنت كبريات شركات السياحية الروسية، إيقاف بيع تذاكر الرحلات السياحية إلى تركيا ابتداءً من يوم أمس، وذلك في أعقاب نداء وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف” للمواطنين الروس بوقف رحلاتهم إلى تركيا ومغادرتها على الفور.
وتتسبب تلك الخطوة في خسائر مباشرة للاقتصاد التركي، حيث تعد السياحة في تركيا أحد ركائز الاقتصاد، ولا سيما السياحة الروسية (زار تركيا العام الماضي قرابة 4.5 مليون سائحا روسيا).
تعزيز التواجد الروسي
وعدا الخطوات العسكرية والاقتصادية والسياسية، وتتمثل الأخيرة في إلغاء وزير الخارجية الروسي زيارته، والتي كان من المزمع أن يقوم بها اليوم الأربعاء، ليشارك في الاجتماع الخامس لـ (الجنة الروسية – التركية المشتركة للتخطيط الاستراتيجي) في إسطنبول، من المنتظر أن تتسبب واقعة إسقاط المقاتلة في تعزيز التواجد الروسي في المنطقة، بصورة ربما يتبين أنها لم تكن لتتم لولا حادثة من هذا النوع.