“سيلفيا بلاث”.. وحياو مليئة بالنجاح
تحل اليوم ذكرى وفاة الكاتبة والشاعرة الأمريكية الشهيرة سيلفيا بلاث، التي كانت واحدة من أشهر الأدباء الأمريكيين، والتي عاشت حياة مليئة بالمعاناة والاضطراب، انتهت بأن أنهت حياتها بنفسها عقب مجموعة من الصدمات المتكررة، ولكنها تركت أعمال عدة منحت بعد وفاتها جائزة بوليتزر في الأدب.
ولدت بلاث خلال فترة الكساد الكبير في السابع والعشرين من أكتوبر عام 1932 في بوسطن، لأم من أصول نمساوية، وأب ألماني عمل أستاذ للأحياء واللغة الألمانية في جامعة بوسطن، كان فارق العمر بينهما واحد وعشرون عاماً؛ لتنشأ الفتاة على حب الأدب، ونشرت قصيدتها الأولى في سن الثامنة في مجلة بوسطن هيرالد في القسم المخصص لأطفال، وبالإضافة إلى الكتابة، أظهرت سيلفيا مهارات جيدة في الرسم خاصة بعد فوزها بجائزة في فن الكتابة والفن عام 1947؛ وأيضاً في سن الثامنة توفي والدها بعد أسبوع ونصف من عيد ميلادها، ورغم نشأتها المسيحية، لكن بعد وفاة والدها فقدت إيمانها وظلت متناقضة حول الدين طوال حياتها.
كتبت بلاث من سن الثامنة، حيث ظهرت القصيدة في مجلة “بوسطن ترافلر”، في الوقت التي سجلت في جامعة سميث كادت أن تكتب أكثر من خمسين قصة قصيرة ونشرت في مجموعة من المجلات، وفي الجامعة تخصصت في اللغة الإنجليزية، وفازت بجميع الجوائز الكبرى في الكتابة والبحوث العلمية، وقامت بتحرير مجلة الجامعة “مادموزيل” وعند تخرجها فازت بجائزة لكتاباتها “المحبوبان” و”المتجول على البحر”، وفي وقت لاحق نشرت مجموعتها الأولى “العملاق وقصائد أخرى” في بريطانيا في أواخر الستينيات، وكانت على قائمة أصغر منافسة لكتاب الشعراء في جامعة ييل، وطبعت أعمالها في مجلة هاربر، وفي الملحق الأدبي لمجلة تايمز.
كانت حياة بلاث عبارة عن ومضة عابرة من الحزن والألم، لذلك كانت كتابتها الشعرية أشبه بحالة من النزيف المتواصل على أوراق الأيام، وفي المملكة المتحدة، تعرفت على زوجها شاعر البلاط الملكي “تيد هيوز”، والذي أنجبت منه فريدا ونيكولاس، وأدى هذا الزواج إلى اضرابات عقلية بعد خيانات زوجها المتكررة، فكانت بلاث تتناول مضادات الاكتئاب قبل بضعة أيام من وفاتها وصفها طبيب هو في الوقت نفسه صديق مقرب لها؛ وفي الساعة التاسعة صباح الحادي عشر من فبراير عام 1963 ذهبت ممرضة لمساعدة بلاث في رعاية أطفالها، وعند وصولها لم تستطع دخول الشقة، وفي النهاية حصلت على المساعدة من عامل ليجدا جثة بلاث التي ماتت أثار التسمم بأول أكسيد الكربون بعد أن انتحرت عندما حشرت رأسها في الفرن ووضعت مناشف مبللة تحت الأبواب لتكون حاجزاً بين المطبخ وبين غرف أطفالها، و كان عمرها آنذاك ثلاثين عاماً.
عاشت بلاث المأساة قبل أن تكتبها متأثرة بالشاعر ييتس، الذي كان يرى أن الإنسان لا يعيش الحياة إلا إذا خبر مآسيها، واستخدمت في كتاباتها أكثر الصور سوداوية كالتعذيب والاختناق والتلاشي والدمار، فصورت بطلة روايتها “الناقوس الزجاجي” مسجونة تحت هذا الناقوس الذي يكشف ضعفها ويخنقها؛ كما كتبت قصائد تعكس خبرتها الشخصية مثل “السيدة لازاروس” التي استلهمتها من محاولاتها المتكررة للانتحار، و”زنابق التوليب” التي صورت فيها أيامها في المستشفى بعد خضوعها لعملية جراحية، كما كتبت عن هوايتها في تربية النحل التي ورثتها عن والدها في “لقاء النحل” و”وصول علبة النحل”، وكتبت أيضاً تصف الطبيعة المحيطة بمنزلها الريفي في “رسالة في نوفمبر”، وهناك قصائد أخرى كتبتها لطفليها بأسلوب مؤثر وبعاطفة جياشة مثل قصيدة “أغنية الصباح”، وقد نُشر الكثير من قصائدها بعد موتها في مجموعات مثل “عبور المحيط” وآخر مجموعاتها “أشجار الشتاء”؛ وقد جمع زوجها أهم قصائدها وقدمها في “مجموعة قصائد” نُشرت في عام 1981 ونالت عليها جائزة بوليتزر. كما اشتهر “كتاب السرير”، وهو قصص مرحة للأطفال اختلف فيه أسلوبها عن قصائدها السوداوية.