شوبنهاور.. فيلسوف المتشائمين

 

 

أرتور شوبنهاور (1788 – 1860 م) فيلسوف ألماني، معروف بفلسفته التشاؤمية يرى في الحياة شراً مطلقاً، فهو يبجل العدم وقد كتب كتاب العالم فكرة وارادة الذي سطر فيه فلسفته التي يربط فيها العلاقة بين الإرادة والعقل فيرى أن العقل أداة بيد الإرادة وتابع لها.

 

 

 نظرًا للتأثير الكبير الذي تركه " شوبنهور " على " نيتشه " الذي تتلمذ على كتبه وأفكاره، وهو ما أنتقل بالتبعية إلى " هتلر " والنازية، وما نجم عنها من مآسي خلال الحرب العالمية الثانية لذلك تجدني مضطرًا لفرد مساحة أكبر لشوبنهور، ذلك الفيلسوف المُلحد، لنتحدث قليلا عن حياته، وإلحاده وازدراءه بالدين، وتشاؤمه ومخاوفه، وفلسفته، وتناقضه مع نفسه، وبعض أقواله، وموته. ولك يا صديقي أن تلاحظ أفكار شوبنهور تنتقل إلى تلميذه نيتشه، وتسري أفكار نيتشه المسممة في عروق هتلر، وهذا يدعونا للتدقيق في أي فكر يُعرَّض علينا، ولا نقبل الأفكار بسهولة، ولا ننقل الأفكار الهدَّامة.

 

 

 

أرتور شوبنهاور (1788 – 1860 م) فيلسوف ألماني، معروف بفلسفته التشاؤمية يرى في الحياة شراً مطلقاً، فهو يبجل العدم وقد كتب كتاب العالم فكرة وارادة الذي سطر فيه فلسفته التي يربط فيها العلاقة بين الإرادة والعقل فيرى أن العقل أداة بيد الإرادة وتابع لها.

 

 

 نظرًا للتأثير الكبير الذي تركه " شوبنهور " على " نيتشه " الذي تتلمذ على كتبه وأفكاره، وهو ما أنتقل بالتبعية إلى " هتلر " والنازية، وما نجم عنها من مآسي خلال الحرب العالمية الثانية لذلك تجدني مضطرًا لفرد مساحة أكبر لشوبنهور، ذلك الفيلسوف المُلحد، لنتحدث قليلا عن حياته، وإلحاده وازدراءه بالدين، وتشاؤمه ومخاوفه، وفلسفته، وتناقضه مع نفسه، وبعض أقواله، وموته. ولك يا صديقي أن تلاحظ أفكار شوبنهور تنتقل إلى تلميذه نيتشه، وتسري أفكار نيتشه المسممة في عروق هتلر، وهذا يدعونا للتدقيق في أي فكر يُعرَّض علينا، ولا نقبل الأفكار بسهولة، ولا ننقل الأفكار الهدَّامة.

 

 وُلِد الفيلسوف الألماني " آرثر شوبنهَور " في مدينة " دانزج " في 22 فبراير سنة 1788م، وكان والده ثريًا وصاحب مصرف كبير، فعاش آرثر حياة الرفاهية التي ربما لم تتاح لعباقرة التاريخ، وكان والده يحب الترحال، وكان معجبًا بالفيلسوف الفرنسي " فولتير"، ولم يكن مقتنعًا بالتعليم المدرسي لذلك كان يصبو إلى أن يكون ابنه من رجال الأعمال، وعندما كان آرثر في سن الخامسة أصطحبه والده في رحلة إلى إنجلترا، وفيها ألتحق هذا الطفل بمدرسة داخلية لمدة ثلاثة أشهر، وكان ناظر المدرسة قسًا، يبالغ في ممارسة الطقوس مما جعل " آرثر " أن ينفر من الممارسات الدينية.

 

 وفي سن السابعة عشرة مات والد آرثر منتحرًا، كما أُصيبت جدته لأبيه بلوثة عقلية، ربما بسبب حزنها المُفرط على ابنها المُنتحر، وانقلبت حياة آرثر إلى حياة شقاء بعد أن فقد أبيه، وأيضًا بسبب خلافاته المستمرة مع أمه الروائية التي كانت تعشق الأدب، وقد افتتحت صالونًا أدبيًا يؤمه كبار رجال الأدب، مثل أستاذه " جوته"، وعاشت الأم حياة التحرُّر من كل قيود الفضيلة، فكان الابن دائم الخلاف معها، وفي إحدى المرات تشاجر معها فدفعته على درج السلم فسقط بعض الدرجات، فقاطعها ولم يرها ثانية حتى موتها، وربما ما عاناه من هذه الأم التي لم تحتويه بعد موت أبيه، جعله يعزف عن الزواج نهائيًا.

 

 وحاول " آرثر شوبنهَور " العمل بالتجارة كما كان يرغب أباه فالتحق بمكتب تجاري لمدة عامين، إلاَّ أن هذا العمل لم يستهويه، فتركه وأتجه لدراسة اللغتين اليونانية واللاتينية، والتحق بمدرسة " جوثا " ولكن بسبب تعاركه مع أحد المدرسين تعرَّض للطرد من المدرسة، فالتحق بجامعة جوتنجن لدراسة الطب، وأمضى بها عامين (1809-1811) فلم توافق ميوله أيضًا فتركها، واتجه إلى جامعة برلين لدراسة الفلسفة، فدرس أفلاطون، وعمانويل كانط وتأثر بهما، ورأى أن الإنسان يجب أن يتحرَّر من قيود الدين وهو يدرس الفلسفة، وفي سنة 1813م حصل على درجة الدكتوراه تحت عنوان " الأصول الأربعة لمبدأ السبب الكافي " وقصد بالسبب الكافي علاقتنا مع العالم الخارجي، وقصد بالأصول الأربعة العلاقة بين المبدأ والنتيجة، وبين العلة والمعلول، وبين الزمان والمكان، وبين الداع والفعل، والصور الثلاث الأولى تخص التطوُّر النظري، أما الرابعة فتخص العمل والفعل، وطبع الرسالة على نفقته، وقدم لها الفيلسوف الألماني " جوته " ومع ذلك فإن الكتاب لم يلاقي نجاحًا، وكان كثيرًا ما يحتقر "شوبنهَور" أساتذته في الفلسفة، وهم بدورهم وصفوه بالكبرياء والغرور.

 

والواقع أن ثروته العائلية ساعدته في اكتساب المعارف والعلوم وتعلم اللغات من دون أن يكون مضطرا للعمل وكسب الرزق كما حصل لهيغل مثلا أو لمعظم الكتاب والمثقفين. فالذين ولدوا في عائلات غنية نادرون في تاريخ الفكر والأدب. معظم المشاهير أبناء فقراء أو عائلات متواضعة. ولهذا السبب استطاع شوبنهاور، منذ نعومة أظفاره، أن يسافر إلى البلدان الأوروبية على هواه. واستطاع أن يتفرغ لتعلم اللغات الأجنبية، خاصة الإنجليزية والفرنسية. فقد أقام في فرنسا ردحا من الزمن وكذلك في إنجلترا. وكان أبوه يغنجه ويصرف عليه الكثير؛ لأنه ابنه الوحيد.

 

بعد انتهائه من سفرته الطويلة في أنحاء أوروبا كلها عاد شوبنهاور إلى منزله العائلي وراح يساعد والده في العمل بالمخزن. ولكن في عام 1808 حصل حادث مفجع أودى بوالده. فقد سقط من مكان عال في النهر الذي يمر خلف البيت ومات. وقد حزن عليه شوبنهاور كثيرا؛ لأنه كان طفله الأثير الذي يغدق عليه المال والعواطف الأبوية الصادقة.

 

والبعض يقول إنه لم يسقط عفويا في النهر وإنما انتحر؛ لأنه لم يكن سعيدا مع زوجته. والبعض الآخر يصل به الأمر إلى حد القول إن زوجته هي التي دفعته حتى سقط في الماء وغرق. ولهذا السبب حمل شوبنهاور على أمه حملة شعواء لاحقا وراح يكرهها ويكره النساء كلهن من خلالها. أصبحت المرأة صنوا للخيانة والغدر في نظره وفلسفته كلها، والواقع أن أمه، بعد أن مات والده، سرعان ما باعت المخزن وذهبت بالثروة المتجمعة لكي تعيش عيشة الأميرات في مدينة فايمار، العاصمة الأدبية لألمانيا في ذلك الزمان.

 

وهناك فتحت صالونا لاستقبال الأدباء والشعراء والعشاق، بل أصبحت كاتبة روائية ونالت نجاحا لا يستهان به. وكانت تستقبل كبار أدباء ألمانيا في بيتها وعلى رأسهم غوته. وهناك تعرف الصبي شوبنهاور، لأول مرة، إلى أديب ألمانيا الشهير.

 

بعد أن أنهى شوبنهاور دراسته الجامعية الأولى في مدينة غوتنغين ذهب إلى العاصمة برلين لتحضير شهادة الدكتوراه. وكانت أشهر جامعة في ذلك الزمان. والواقع أنه ذهب إلى هناك خصيصا للاستماع إلى فيخته وحضور دروسه. ومعلوم أنه كان أهم فيلسوف في ألمانيا بعد موت أستاذه الكبير كانط. وكان فيخته مشهورا بأنه خطيب مفوه؛ فكتابه «خطاب موجه إلى الأمة الألمانية» هز النخب السياسية والثقافية هزا. ولكن شوبنهاور بعد أن تعرف إليه وسمع محاضراته زهد فيه لأسباب عدة، أولها، حسب رأيه: أنه دوغمائي متعصب أكثر من اللزوم لفلسفته.

 

وفي عام 1814 اختلف شوبنهاور مع أمه وقرر الانفصال عنها والعيش وحيدا في بيت خاص به. وكما ذكرنا فإنه كان يكرهها ويشك أنها كانت وراء موت أبيه غير الطبيعي، والأنكى من ذلك أنه راح يشك في نساء العالم كلهن! ثم عاش فترة من الزمن في مدينة دريسدن قبل أن يستقر في برلين؛ حيث كلفوه بإلقاء بعض الدروس الفلسفية. وهناك التقى هيغل الذي كان يسيطر على جامعة برلين، خاصة كلية الفلسفة، بعد موت فيخته. وكان درس هيغل يجذب إليه الطلاب من كل حدب وصوب بالمئات والآلاف.

 

 

 

 

ولد في الثاني والعشرين من شهر فبراير لسنه 1788 م درس الفلسفة بجامعة جوتنجن بين عامي 1809 و1811، ثم انتقل إلى جامعة برلين (1811 – 1813م) حيث ختم دراسته بحصوله على الدكتوراةعن رسالته التي دونها تحت عنوان :(الأصول الربعة لمبدأ السبب الكافي) وهي رسالة في العقل وصلته بالعالم الخارجي , و قد كان تلميد لكانط . مات أبوه منتحرا وهو في السابعة عشرة (1805م) عاش بعد ذلك حياة شقية تعيسة بسبب خلافه مع أمه بسبب حياة التحرر من كل قيود الفضيلة التي عاشتها أمه بعد أبيه، وقد انتهى الخلاف بينهما إلى قطيعة كاملة حتى ماتت ولم يراها، وقد سبب سلوك أمه شعورا عنده بالمقت الشديد للنساء لازمه طوال حياته، فلم يرتبط بامرأة حتى مات. قام بالتدريس بجامعة برلين (1820 – 1831م) ولم يكن موفقا ولا مقبولا من الطلاب، وقد عزا ذلك هو إلى غيرة الأساتذة الآخرين منه، وتآمرهم ضده ولم تكن كتبه تلقى رواجا مما سبب له إحساسا مضاعفا بالشقاء والتعاسة، لكن في أخرىات حياته، بدأت كتبه تروج والإقبال عليها يتزايد، فشعر بالسعادة والرضا. كان له بعض المال الذي ورثه عن أبيه، مكنه استغلاله لهذا المال من الحصول على غرفتين بإحدى الفنادق المتوسطة، عاش فيها طوال الثلاثين عاما الأخيرة من حياته، عاش هذه السنين في هاتين الحجرتين، وحيدا بلا أم ولا زوج ولا ولد ولا أسرة ولا وطن، ولا صديق، سوى كلبه الذي أطلق عليه اسم (أطما)، وهو اسم يطلق على روح العالم، أو الروح الكلي لدى البراهمة، ولكن سكان الفندق والقريبين من شوبنهاور كانوا يسمون الكلب :(شوبنهاور الصغير).[بحاجة لمصدر]

 

غريب أمر الفلاسفة فهم يهيمون في كل شيء ويفرطون فيه حتى إن كان هذا الشيء متعلق بالتشاؤم لكن الأغرب من ذلك أن لهم أحبة ومريدين يتناقلون ما يكتبون، ويبالغون هم أيضاً فيه، وهذا على سبيل المثال مع شوبنهاور.. فيلسوف المتشائمين.

لكن في البداية دعونا نذكر لمحات عن الفيلسوف والغامض وأبرز المحطات في حياته.

 

 

أرتور شوبنهاور (1788 – 1860 م) فيلسوف ألماني، معروف بفلسفته التشاؤمية يرى في الحياة شراً مطلقاً، فهو يبجل العدم وقد كتب كتاب العالم فكرة وارادة الذي سطر فيه فلسفته التي يربط فيها العلاقة بين الإرادة والعقل فيرى أن العقل أداة بيد الإرادة وتابع لها.

 

 

 نظرًا للتأثير الكبير الذي تركه " شوبنهور " على " نيتشه " الذي تتلمذ على كتبه وأفكاره، وهو ما أنتقل بالتبعية إلى " هتلر " والنازية، وما نجم عنها من مآسي خلال الحرب العالمية الثانية لذلك تجدني مضطرًا لفرد مساحة أكبر لشوبنهور، ذلك الفيلسوف المُلحد، لنتحدث قليلا عن حياته، وإلحاده وازدراءه بالدين، وتشاؤمه ومخاوفه، وفلسفته، وتناقضه مع نفسه، وبعض أقواله، وموته. ولك يا صديقي أن تلاحظ أفكار شوبنهور تنتقل إلى تلميذه نيتشه، وتسري أفكار نيتشه المسممة في عروق هتلر، وهذا يدعونا للتدقيق في أي فكر يُعرَّض علينا، ولا نقبل الأفكار بسهولة، ولا ننقل الأفكار الهدَّامة.

 

 وُلِد الفيلسوف الألماني " آرثر شوبنهَور " في مدينة " دانزج " في 22 فبراير سنة 1788م، وكان والده ثريًا وصاحب مصرف كبير، فعاش آرثر حياة الرفاهية التي ربما لم تتاح لعباقرة التاريخ، وكان والده يحب الترحال، وكان معجبًا بالفيلسوف الفرنسي " فولتير"، ولم يكن مقتنعًا بالتعليم المدرسي لذلك كان يصبو إلى أن يكون ابنه من رجال الأعمال، وعندما كان آرثر في سن الخامسة أصطحبه والده في رحلة إلى إنجلترا، وفيها ألتحق هذا الطفل بمدرسة داخلية لمدة ثلاثة أشهر، وكان ناظر المدرسة قسًا، يبالغ في ممارسة الطقوس مما جعل " آرثر " أن ينفر من الممارسات الدينية.

 

 وفي سن السابعة عشرة مات والد آرثر منتحرًا، كما أُصيبت جدته لأبيه بلوثة عقلية، ربما بسبب حزنها المُفرط على ابنها المُنتحر، وانقلبت حياة آرثر إلى حياة شقاء بعد أن فقد أبيه، وأيضًا بسبب خلافاته المستمرة مع أمه الروائية التي كانت تعشق الأدب، وقد افتتحت صالونًا أدبيًا يؤمه كبار رجال الأدب، مثل أستاذه " جوته"، وعاشت الأم حياة التحرُّر من كل قيود الفضيلة، فكان الابن دائم الخلاف معها، وفي إحدى المرات تشاجر معها فدفعته على درج السلم فسقط بعض الدرجات، فقاطعها ولم يرها ثانية حتى موتها، وربما ما عاناه من هذه الأم التي لم تحتويه بعد موت أبيه، جعله يعزف عن الزواج نهائيًا.

 

 وحاول " آرثر شوبنهَور " العمل بالتجارة كما كان يرغب أباه فالتحق بمكتب تجاري لمدة عامين، إلاَّ أن هذا العمل لم يستهويه، فتركه وأتجه لدراسة اللغتين اليونانية واللاتينية، والتحق بمدرسة " جوثا " ولكن بسبب تعاركه مع أحد المدرسين تعرَّض للطرد من المدرسة، فالتحق بجامعة جوتنجن لدراسة الطب، وأمضى بها عامين (1809-1811) فلم توافق ميوله أيضًا فتركها، واتجه إلى جامعة برلين لدراسة الفلسفة، فدرس أفلاطون، وعمانويل كانط وتأثر بهما، ورأى أن الإنسان يجب أن يتحرَّر من قيود الدين وهو يدرس الفلسفة، وفي سنة 1813م حصل على درجة الدكتوراه تحت عنوان " الأصول الأربعة لمبدأ السبب الكافي " وقصد بالسبب الكافي علاقتنا مع العالم الخارجي، وقصد بالأصول الأربعة العلاقة بين المبدأ والنتيجة، وبين العلة والمعلول، وبين الزمان والمكان، وبين الداع والفعل، والصور الثلاث الأولى تخص التطوُّر النظري، أما الرابعة فتخص العمل والفعل، وطبع الرسالة على نفقته، وقدم لها الفيلسوف الألماني " جوته " ومع ذلك فإن الكتاب لم يلاقي نجاحًا، وكان كثيرًا ما يحتقر "شوبنهَور" أساتذته في الفلسفة، وهم بدورهم وصفوه بالكبرياء والغرور.

 

والواقع أن ثروته العائلية ساعدته في اكتساب المعارف والعلوم وتعلم اللغات من دون أن يكون مضطرا للعمل وكسب الرزق كما حصل لهيغل مثلا أو لمعظم الكتاب والمثقفين. فالذين ولدوا في عائلات غنية نادرون في تاريخ الفكر والأدب. معظم المشاهير أبناء فقراء أو عائلات متواضعة. ولهذا السبب استطاع شوبنهاور، منذ نعومة أظفاره، أن يسافر إلى البلدان الأوروبية على هواه. واستطاع أن يتفرغ لتعلم اللغات الأجنبية، خاصة الإنجليزية والفرنسية. فقد أقام في فرنسا ردحا من الزمن وكذلك في إنجلترا. وكان أبوه يغنجه ويصرف عليه الكثير؛ لأنه ابنه الوحيد.

 

بعد انتهائه من سفرته الطويلة في أنحاء أوروبا كلها عاد شوبنهاور إلى منزله العائلي وراح يساعد والده في العمل بالمخزن. ولكن في عام 1808 حصل حادث مفجع أودى بوالده. فقد سقط من مكان عال في النهر الذي يمر خلف البيت ومات. وقد حزن عليه شوبنهاور كثيرا؛ لأنه كان طفله الأثير الذي يغدق عليه المال والعواطف الأبوية الصادقة.

 

والبعض يقول إنه لم يسقط عفويا في النهر وإنما انتحر؛ لأنه لم يكن سعيدا مع زوجته. والبعض الآخر يصل به الأمر إلى حد القول إن زوجته هي التي دفعته حتى سقط في الماء وغرق. ولهذا السبب حمل شوبنهاور على أمه حملة شعواء لاحقا وراح يكرهها ويكره النساء كلهن من خلالها. أصبحت المرأة صنوا للخيانة والغدر في نظره وفلسفته كلها، والواقع أن أمه، بعد أن مات والده، سرعان ما باعت المخزن وذهبت بالثروة المتجمعة لكي تعيش عيشة الأميرات في مدينة فايمار، العاصمة الأدبية لألمانيا في ذلك الزمان.

 

وهناك فتحت صالونا لاستقبال الأدباء والشعراء والعشاق، بل أصبحت كاتبة روائية ونالت نجاحا لا يستهان به. وكانت تستقبل كبار أدباء ألمانيا في بيتها وعلى رأسهم غوته. وهناك تعرف الصبي شوبنهاور، لأول مرة، إلى أديب ألمانيا الشهير.

 

بعد أن أنهى شوبنهاور دراسته الجامعية الأولى في مدينة غوتنغين ذهب إلى العاصمة برلين لتحضير شهادة الدكتوراه. وكانت أشهر جامعة في ذلك الزمان. والواقع أنه ذهب إلى هناك خصيصا للاستماع إلى فيخته وحضور دروسه. ومعلوم أنه كان أهم فيلسوف في ألمانيا بعد موت أستاذه الكبير كانط. وكان فيخته مشهورا بأنه خطيب مفوه؛ فكتابه «خطاب موجه إلى الأمة الألمانية» هز النخب السياسية والثقافية هزا. ولكن شوبنهاور بعد أن تعرف إليه وسمع محاضراته زهد فيه لأسباب عدة، أولها، حسب رأيه: أنه دوغمائي متعصب أكثر من اللزوم لفلسفته.

 

وفي عام 1814 اختلف شوبنهاور مع أمه وقرر الانفصال عنها والعيش وحيدا في بيت خاص به. وكما ذكرنا فإنه كان يكرهها ويشك أنها كانت وراء موت أبيه غير الطبيعي، والأنكى من ذلك أنه راح يشك في نساء العالم كلهن! ثم عاش فترة من الزمن في مدينة دريسدن قبل أن يستقر في برلين؛ حيث كلفوه بإلقاء بعض الدروس الفلسفية. وهناك التقى هيغل الذي كان يسيطر على جامعة برلين، خاصة كلية الفلسفة، بعد موت فيخته. وكان درس هيغل يجذب إليه الطلاب من كل حدب وصوب بالمئات والآلاف.

 

 

 

 

ولد في الثاني والعشرين من شهر فبراير لسنه 1788 م درس الفلسفة بجامعة جوتنجن بين عامي 1809 و1811، ثم انتقل إلى جامعة برلين (1811 – 1813م) حيث ختم دراسته بحصوله على الدكتوراةعن رسالته التي دونها تحت عنوان :(الأصول الربعة لمبدأ السبب الكافي) وهي رسالة في العقل وصلته بالعالم الخارجي , و قد كان تلميد لكانط . مات أبوه منتحرا وهو في السابعة عشرة (1805م) عاش بعد ذلك حياة شقية تعيسة بسبب خلافه مع أمه بسبب حياة التحرر من كل قيود الفضيلة التي عاشتها أمه بعد أبيه، وقد انتهى الخلاف بينهما إلى قطيعة كاملة حتى ماتت ولم يراها، وقد سبب سلوك أمه شعورا عنده بالمقت الشديد للنساء لازمه طوال حياته، فلم يرتبط بامرأة حتى مات. قام بالتدريس بجامعة برلين (1820 – 1831م) ولم يكن موفقا ولا مقبولا من الطلاب، وقد عزا ذلك هو إلى غيرة الأساتذة الآخرين منه، وتآمرهم ضده ولم تكن كتبه تلقى رواجا مما سبب له إحساسا مضاعفا بالشقاء والتعاسة، لكن في أخرىات حياته، بدأت كتبه تروج والإقبال عليها يتزايد، فشعر بالسعادة والرضا. كان له بعض المال الذي ورثه عن أبيه، مكنه استغلاله لهذا المال من الحصول على غرفتين بإحدى الفنادق المتوسطة، عاش فيها طوال الثلاثين عاما الأخيرة من حياته، عاش هذه السنين في هاتين الحجرتين، وحيدا بلا أم ولا زوج ولا ولد ولا أسرة ولا وطن، ولا صديق، سوى كلبه الذي أطلق عليه اسم (أطما)، وهو اسم يطلق على روح العالم، أو الروح الكلي لدى البراهمة، ولكن سكان الفندق والقريبين من شوبنهاور كانوا يسمون الكلب :(شوبنهاور الصغير).[بحاجة لمصدر]

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...