غير مصنف

صالح وايران والانتماء القبلي ثالوث ينذر بالمخاطر على اليمن

_189006_moncef1

عندما وقعت اشتباكات في قاعدة الفرقة الأولى المدرعة بوسط العاصمة اليمنية صنعاء وصل اللواء علي محسن الأحمر في موكب الى مقر رئاسة هيئة الأركان ودخل المبنى وهو يصيح “خيانة.. خيانة”.

وقال مسؤول بوزارة الدفاع إن الأحمر أخذ بعض الوثائق من على مكتب وغادر في عجلة. وبعدها بنصف ساعة ظهر قائد اللواء الرابع حماية رئاسية وركب سيارته وانطلق بها مسرعا.

وقال الضابط الذي طلب عدم نشر اسمه “علمت حينها أن صنعاء قد سقطت وأن الأمر انتهى”.

وتابع “كان اللواء الأحمر غاضبا وشعر بالخيانة”.

ورغم أن الغموض لايزال يكتنف الكثير من تفاصيل استسلام العاصمة التي كان بها مئة ألف من رجال الحرس الجمهوري أمام خمسة آلاف مقاتل من الحوثيين يوم 21 سبتمبر/أيلول فإن الطريقة التي سقطت بها صنعاء لا تبشر بالخير فيما يتعلق بسيطرة الرئيس عبدربه منصور هادي على السلطة.

ويقترب اليمن من أن يصبح دولة فاشلة بسبب المناورات التي يقوم بها الرئيس السابق علي عبد الله صالح من وراء الكواليس وكذلك إيران.

وبدأ الفساد والانقسامات الداخلية والولاءات لأطراف متنافسة داخل الجيش قبل الإطاحة بصالح إثر احتجاجات حاشدة على حكمه عام 2011 لكنها بلغت الآن مرحلة حرجة.

وترجع هذه المشاكل لأسباب من بينها الانقسامات القبلية والطائفية والمحلية في اليمن الى جانب تاريخ من المشاحنات بين اللاعبين ذوي النفوذ على الساحة السياسية التي بلغت ذروتها خلال موجة انتفاضات الربيع العربي.

وقال المحلل اليمني عبدالغني الإرياني عن سقوط صنعاء إن ما حدث لم يكن بسبب سوء إدارة هادي، لكن نتيجة تقويض جوهر الدولة اليمنية خلال حكم صالح على مدى الأعوام العشرين الماضية.

انقسام الولاءات

شكل صالح قاعدة سياسية منافسة عندما عين اللواء الأحمر – وهو حليف وثيق لحزب الإصلاح فرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن – ليتولى مسؤولية الحملة التي استمرت بين عامي 2004 و 2010 ضد المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون الآن على معظم محافظات اليمن.

وعندما اندلعت الاحتجاجات الشعبية الحاشدة في 2011 انحازت قوات الأحمر للمتظاهرين وبينهم أنصار حزب الإصلاح واشتبكت مع وحدات من الجيش موالية لصالح الذي اضطر للتنحي ليتولى المسؤولية نائبه هادي الذي لم تكن له قاعدة سياسية خاصة به.

وحاول هادي توحيد الجيش في عام 2012 وعزل الأحمر من قيادة الفرقة الأولى المدرعة وعينه مستشارا عسكريا. لكن مصادر مطلعة قالت إن على مستوى الجنود ظلت الفرقة موالية لقائدها القديم بينما احتفظت فرق أخرى بعلاقاتها بالرئيس السابق.

وبرز الحوثيون في أوائل العقد الماضي ليطالبوا بالمزيد من الحقوق لنحو خمس سكان اليمن الذين يتبعون المذهب الزيدي الشيعي. وصوروا نفسهم منذ ذلك الحين على أنهم حركة ثورية وطنية وقاتلوا الجيش ست مرات بين عامي 2004 و2010.

ويقول محللون إن هناك تطورين مهمين ساعدا على صعودهم للسلطة وهو التحالف التكتيكي مع صالح بالاضافة للعلاقة الاستراتيجية مع دولة إيران الشيعية.

وسعى الحوثيون لإعادة انتاج الاستراتيجية التي اتبعتها جماعة حزب الله اللبنانية الشيعية وهي حليف وثيق لإيران فاستغلت التأييد الشعبي بين الزيديين بالاضافة لاستعراض القوة العسكرية للهيمنة على المشهد السياسي.

وتنفي إيران تدخلها في السياسة اليمنية. لكن مسؤولا إيرانيا اقرّ أن طهران “لطالما دعمت الحوثيين”.

وفي الوقت الذي بدأ فيه الحوثيون تقدمهم جنوبا من قاعدة نفوذهم في أقصى الشمال العام الماضي فانهم خاضوا معظم معاركهم ضد كتائب من الجيش ومقاتلين من رجال القبائل موالين للأحمر وحزب الإصلاح بينما أحجم باقي الجيش عن المشاركة.

وقال أحد مستشاري هادي “عندما يتم إرسال القوات لمحاربة تنظيم القاعدة تقاتل ببسالة لكن وبسبب الانتماء القبلي والمناطقي لغالبية الوحدات ترفض القتال عندما تصدر لها اوامر لقتال الحوثيين”.

واضاف أن الجيش رفض مرارا قتال الحوثيين كان أولها في يوليو/تموز عندما أمر الرئيس بإرسال تعزيزات للقوات التي كانت تقاتل مسلحي هذه الجماعة في محافظة عمران الشمالية.

وعزا المستشار ترددهم إلى ولاءات محلية وقبلية لكن السياسة ربما لعبت دورا أيضا.

طائرة مخطوفة

يقول مسؤولون يمنيون إن صالح المعروف بمناوراته السياسية التي قارنها مرة بالرقص على رؤوس الأفاعي كان يريد التخلص من الإسلاميين الذين يرى أنهم السبب في سقوطه بعد 33 عاما في السلطة.

ووفقا لوثيقة حكومية أميركية اطلعت عليها فإن الأنباء ترددت عن أن صالح “أصبح أحد الداعمين الرئيسيين لتمرد الحوثيين” على أمل أن يفسح عدم الاستقرار المجال أمامه للعودة للسلطة عن طريق انقلاب.

وقال مسؤولون يمنيون إن الجنود والضباط الموالين لصالح والذين سرحهم هادي أثناء إعادة هيكلة الجيش منذ 2012 انضموا للجان الشعبية التي شكلها الحوثيون للسيطرة على صنعاء والحفاظ على النظام في المدينة.

كما لعب القتال خلال انتفاضة 2011 بين وحدات الجيش الموالية لصالح وتلك الموالية للأحمر دورا.

وقال شايف محمد وهو ضابط في قوات الحرس الجمهوري وقع معسكره تحت حصار من قبل الفرقة الأولى المدرعة الموالية للأحمر “كيف يتوقع منا نجدة من قاتلوا ضدنا وحاصرونا حتى ضد الحوثيين؟”.

ويقول الحوثيون إن أفراد الجيش اليمني وقوات الأمن الذين ضاقوا ذرعا بالفساد وسوء الإدارة اختاروا أن يكونوا على الحياد.

وقال مساعد لهادي طلب عدم نشر اسمه إن الضباط المسؤولين عن القوات الخاصة التي تؤمن جنوب صنعاء أجبروا قائدهم على توقيع اتفاق عدم اعتداء مع القائد الميداني للحوثيين عشية المعركة للسيطرة على العاصمة.

وأضاف أن هادي قرر في نهاية الأمر أن أي محاولة للتصدي للحوثيين ستسفر عن كارثة أكبر وقارن بين مهمة الرئيس ومهمة قائد طائرة مختطفة.

وقال “اليمن اشبه بطائرة مخطوفة وعلى القائد أن يظل في غرفة القيادة و يعمل على أن تهبط بسلام بدلا من الذهاب للعراك مع الخاطفين حتي لو قتل بعض الركاب”.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...