في ذكرى ميلاده الـ 84 .. «صلاح جاهين» فيلسوف الفقراء
أنا اللي بالأمر المحال اغتوى .. شفت القمر نطيت لفوق في الهوا.. طلته ماطلتوش إيه أنا يهمني .. وليه .. مادام بالنشوة قلبي ارتوى … عجبي !
صلاح جاهين .. الشاعر ورسام الكاريكاتير والممثل والمؤلف الذي اغتوى بالمحال .. عشق الصعب وطوع المستحيل، فرسم بكلماته وإيقاع صوته بسمةً تلامست والقلوب، وضحكةٍ طالت الروح، فلُقب بشاعر الثورة وفيلسوف الفقراء .
ولد محمد صلاح الدين بهجت أحمد حلمي، المعروف بـ صلاح جاهين، في الـ 25 من ديسمبر عام 1930م، درس “جاهين” الفنون الجميلة، ولكنه لم يكملها حيث درس الحقوق .
«جاهين» بين الزواج والصداقة
تزوج صلاح جاهين مرتين، قرانه الأول كان عام 1955م على “سوسن محمد زكي”، الرسامة بمؤسسة الهلال، والتي أنجب منها أمينة جاهين، وابنه الشاعر بهاء جاهين، ثم تزوج من الفنانة “منى جان قطان”، عام 1967م، وكانت تجمعهما صداقة استمرت مدة ثلاث سنوات قبل قرار الزواج، لينجبا أصغر أبنائه، وهي سامية جاهين، عضو فرقة إسكندرية الموسيقية.
صلاح جاهين
صلاح جاهين
«جاهين» والصحافة والكاريكاتير
اشتغل “جاهين” بالصحافة، حيث عمل محررًا في عددٍ من المجلات والصحف، وقام برسم الكاريكاتير في مجلة روز اليوسف وصباح الخير، ثم انتقل إلى جريدة الأهرام، وكان كاريكاتير صلاح جاهين يُتابع بقوةٍ، وظل بابًا ثابتًا حتى اليوم، لتميزه بخفة الدم المصرية، والقدرة على النقد البناء .
«جاهين» بين الإنتاج والتمثيل
وفي مجال السينما، أنتج العديد من الأفلام التي اعتبرت خالدة في تاريخ السينما الحديثة، ومنها :” أميرة حبي أنا، وفيلم عودة الابن الضال”، ويذكر أن لعبت زوجته الثانية أدوارًا في بعض الأفلام التي أنتجها.
كتب ” جاهين”، سيناريو فيلم خلي بالك من زوزو، والذي يعتبر أحد أكثر الأفلام رواجًا في السبعينيات، حيث حقق نجاحًا منقطع النظير، إذ تجاوز عرضه حاجز الـ 54 أسبوع متتالي، وللفيلم حكاية تقول بأن صلاح جاهين أراد تقديم زوجته ‘منى قطان’ ببطولة خلي ابلك من زوزو، فقدمها للمخرج حسن الإمام ، وبيد أن المخرج لم يجامل الشاعر الكبير على حساب فنه، وأقنع “جاهين” بأن البطلة المناسبة لهذا الدور هي السند ريلا “سعاد حسني”، بينما وضع منى قطان في دور الممثلة المساعدة لها إلى أن يتعرف الجمهور عليها، ثم يقدمها في دور رئيسي في الفيلم السينمائي التالي .
كما كتب أيضًا أفلام كان منها:” أميرة حبي أنا، شفيقة ومتولي والمتوحشة”،
ولم تقف إبداعات “جاهين” عند حد الكتابة، حيث قام بالتمثيل في ”شهيد الحب الإلهي”، عام 1962 م،و”لا وقت للحب” عام 1963 م، و”المماليك”1965م، و”اللص والكلاب” 1962م .
ورغم ما حققته أعماله السالفة الذكر من نجاحات إلا أن قمة أعماله كانت “الرباعيات”، التي تجاوزت مبيعات إحدى طباعات الهيئة المصرية العامة للكتاب لها أكثر من 125 ألف نسخة في غضون بضعة أيام، هذه الرباعيات التي لحنها الملحن الراحل سيد مكاوي، وجسدها الفنان علي الحجار بصوته، وينظر البعض إلى “جاهين” على أنه متبني علي الحجار، أحمد زكي وشريف منير.
يذكر أن قام صلاح جاهين، بتأليف مايزيد عن 161 قصيدة، منها قصيدة “على اسم مصر”، وقصيدة “تراب دخان” التي ألفها بمناسبة نكسة يونيو 1967، وكان مؤلف “أوبريت الليلة الكبيرة” أشهر أوبريت للعرائس في مصر.
صلاح جاهين والفنانة سعاد حسني
صلاح جاهين والفنانة سعاد حسني
«جاهين والسندريلا»
ارتبط اسم صلاح جاهين بالراحلة سعاد حسني، فكان أول لقاء بينهما عام 1972م أثناء علاجه بمستشفى موسكو، وكانت “سعاد” تصور فيلم «الناس والنيل» مع يوسف شاهين، ومنذ يومها أصبح جاهين الأب الروحي لسعاد، وتبناها فنيّا وروحيّا، وتوجت هذه العلاقة بنجاحات مشتركة فكتب لها كلمات أغاني «خلي بالك من زوزو»، فضلًا عن استعراضات فيلم «أميرة حبى أنا».
وشارك فى كتابة سيناريو فيلم «الكرنك» وفيلم «شفيقة ومتولى» هذا الفيلم الذي يحمل رقم 70 في قائمة أفضل 100 فيلم في السينما المصرية، ثم كتب أغاني مسلسل هو وهي، وكان آخر ما كتبه جاهين لسعاد حسنى أغنية «صباح الخير يا مولاتي» بمناسبة الاحتفال «بعيد الأم» للتليفزيون عام 1986.
download (100)«النكسة وجاهين»
كان تاريخ النكسة تاريخًا فاصلًا في حياة “جاهين”، حيث كانت حركة الضباط الأحرار، وثورة 23 يوليو 1952م، مصدر إلهام لجاهين، فقد قام بتخليد جمال عبدالناصر فعليًا بأعماله، مسطرًا عشرات الأغاني، لكن هزيمة 5 يونيو 1967م، وخاصةً بعد أن غنت أم كلثوم أغنيته ”راجعين بقوة السلاح” عشية النكسة، أدت إلى إصابته بكآبة، لتكون النكسة بمثابة الملهم الفعلي لأهم أعماله “الرباعيات”، والتي قدمت أطروحات سياسية تحاول كشف الخلل في مسيرة الضباط الأحرار، والتي يعتبرها الكثير أقوى ما أنتجه فنان معاصر.
كما كانت وفاة الرئيس عبدالناصر، هي السبب الرئيسي لحالة الحزن والاكتئاب التي أصابته، حيث لازمه شعور بالانكسار لأنه كان الملهم والبطل والرمز لكرامة مصر، لم يستعد بعدها “جاهين” تألقه وتوهجه الفني الشامل كما قبل.
وتوفى شاعر الثورة وفيلسوف الفقراء في الـ 21 من إبريل عام 1986، عن عمر يناهر الـ 55، تاركًا من المؤلفات ما له نفس الآثر الذي اعتاد إحداثه في النفوس .
مقطع من رباعيات صلاح جاهين بصوته