في عيد ميلاد مبارك الـ 89 نرصد رحلته إلى القصر الجمهوري
لأسرة فقيرة يعمل فيها الأب كاتبًا بإحدى المحاكم، ولد الطفل "محمد حسني مبارك" في يوم 4 مايو من عام 1928 بكفر "مصيلحة" بمحافظة المنوفية، تلك القرية الفقيرة التي تميزت بارتفاع نسبة المتعلمين بها، فكانت بوابة لا بأس بها كي ينطلق الطفل في مشوار الألف ميل،
لأسرة فقيرة يعمل فيها الأب كاتبًا بإحدى المحاكم، ولد الطفل "محمد حسني مبارك" في يوم 4 مايو من عام 1928 بكفر "مصيلحة" بمحافظة المنوفية، تلك القرية الفقيرة التي تميزت بارتفاع نسبة المتعلمين بها، فكانت بوابة لا بأس بها كي ينطلق الطفل في مشوار الألف ميل، إلى أن حطّ رحاله في القصر الجمهوري.. محطات عديدة قد تكون غير منطقية في تسلسلها، ولكنها قادت صاحبها إلى عرش مصر بين ليلة وضحاها. "التحرير لايف" يرصد لكم في التقرير التالي جوانب من حياة الرئيس المصري الأسبق، محمد حسني السيد مبارك. الكلية الحربية.. طوق النجاة لم يجد "محمد" في غير الكلية الحربية سبيلًا لانتشاله من حياة الفقر التي عاشها في كنف والده، إلا ان الالتحاق بها لم يكن أمرًا مضمونًا، فمن ناحيته استغل الوالد معارفه في العمل من قضاة ومستشارين لتسهيل دخول ابنه للكلية الحربية، وذلك في الوقت الذي تقدم فيه "محمد" بأوراقه للالتحاق بكلية التجارة في جامعة القاهرة، حتى لا يفقد فرصته في دخول الجامعة إذا ما فشلت مساعي الوالد. وما إن علم "مبارك" بقبوله في الكلية الحربية، حتى حزّم حقائبه وانطلق إلى القاهرة سريعًا، ولا يذكر أنه قد عاد إلى قريته منذ ذلك الحين، والسبب في ذلك كان سوء علاقته بأعمامه وأخواله، كما أنه لم محبًا لقريته من الأساس، وفقًا لما أوضح الكاتب الصحفي مصطفى بكري، في فيلم وثائقي بعنوان "مبارك والعائلة". زواجه من سوزان ثابت في عام 1949 تخرج "مبارك" من الكلية الحربية ملازمًا في اللواء الثالث مشاة، وقبل تخرجه ببضعة أشهر أعلنت الكلية الجوية عن قبول دفعة جديدة من المتدربين، فتقدم "مبارك" لأداء الاختبارات ونجح، وسرعان ما تخرج وعُين في السلاح الجوي الملكي، وفق ما أوضح هو في لقاء تليفزيوني عام 2006 مع الصحفي الفرنسي "كريستيان ملار". كلاسيكيته وتشبثه بتقاليده الأكاديمية التي تعلمها، أهلته لتعيينه مدرسًا بالكلية الجوية في الفترة ما بين 1952 وحتى عام 1959، وخلال تلك الفترة تخرجت على يديه دفعات كثيرة، ومن بينها كان تلميذه "منير ثابت". وذات يوم في عام 1958 دعا "منير" أستاذه "محمد حسني مبارك" للاحتفال بتخرجه مع عائلته في نادي "هليوليدو"، فلبى "مبارك" دعوته، وهناك قابل شقيقته "سوزان" بملامحها الأوروبية التي ورثتها عن والدتها البريطانية، ولأن "سوزان" كانت لاعبة جمباز وسباحة، تمكنت من لفت نظر الضابط الرياضي أيضًا. وبعد عام من التعارف، تزوج "مبارك" الذي كان يبلغ من العمر حينها 31 عامًا، من "سوزان"، وقت أن كان عمرها 18 عامًا، وعاشا معًا في شقة بمنطقة مصر الجديدة إيجارها 18 جنيهًا، ورزقهما الله بـ "علاء" في عام 1960 و"جمال" في عام 1963. شاهد أيضا بالفيديو والصور.. علاء مبارك يلعب «طاولة» على مقهى بإمبابة فيديو| شاهين: «مبارك من اللي ضحوا في حرب أكتوبر» عبد المنعم: «مبارك من رفع العلم على أرض سيناء ولا يجب أن نمحو تاريخه» «جمال لم يكن معهم».. الديب: هؤلاء استقبلوا مبارك في «فيلا مصر الجديدة» حياة الأسرة المنعزلة لم تكن أسرة "مبارك" منفتحة في تعاملاتها الاجتماعية، طبقًا لما ذكره جاره في منطقة مصر الجديدة أستاذ الطب النفسي "أحمد عكاشة"، الذي قال: "كنت أراه كل صباح وأنا متجه إلى الجامعة، فألقي عليه السلام فقط.. ولم يكن هناك تزاور بينه وبين أحد مثل باقي الأسر". أما عن حياة الأسرة الاقتصادية، فقد سردها الرئيس الأسبق في فيلم تسجيلي عرضه التليفزيون المصري قبل سنوات، وفيه قال: "عندما تزوجت كنت صاغ، وكان راتبي 70 جنيهًا"، وتابعت سوزان: "كنت باخد 30 جنيهًا لاحتياجات البيت والريس كان بيدفع إيجار الشقة والكهرباء". بدأت حياته الاجتماعية تتحسن تدريجيًّا بعد سفره في أول بعثة إلى روسيا، وعندما عاد اشترى سيارة ثمنها 270 جنيهًا، وعنها قال الرئيس الأسبق: "كانت سيارة اقتصادية نروح بيها إسكندرية وعلاء وجمال كانوا بيركبوا في الصندوق وكنا مبسوط بيها أوي". مبارك الرئيس لم يكن يتخيل يومًا أن يصبح رئيسًا لمصر، بل إن أمر دخوله السلك السياسي لم يكن مطروحًا على الإطلاق، إلى أن جاء اليوم الذي انقلبت فيه حياة "مبارك" حينما استدعاه الرئيس الراحل أنور السادات في منزله بالقناطر، وحينها ظن "مبارك" أن الرئيس سيمنحه مكافأة تقديرًا لمجهوداته الحربية، ولكن سقف طموحه لم يتجاوز منصب وزير الطيران، أو سفير مصر في لندن كما كانت تحلم زوجته "سوزان" بحكم نشأتها في مدينة ويلز البريطانية. وبعد جلسة استغرقت 3 ساعات في منزل "السادات"، أخبره الأخير بأنه استقر على اختياره كنائب لرئيس الجمهورية، فكانت المفاجأة عليه ثقيلة، وكذلك على كل المحيطين بالرئيس، فلم يكن "مبارك" يفقه شيئًا في ألاعيب السياسة، لذا بدأ منذ اليوم الأول عقب توليه منصب نائب الرئيس في حضور كل لقاءات "السادات"، حتى يفهم طبيعة التعاملات مع قادة الدول، وفق ما أوضح هو في لقائه مع الصحفي الفرنسي "كريستيان ملار". وعلى حد قول "مبارك"، كان يخطط لترك المجال السياسي فور رحيل "السادات" عن منصبه كرئيس للجمهورية، ولكن حادث اغتياله في المنصة يوم 6 أكتوبر 1981، أجبره على تحمل المسؤولية، وسرعان ما وجد نفسه رئيسًا للجمهورية. ولكن تلك الرواية التي سردها "مبارك" لا تتطابق مع ما ذكره الفقيه الدستوري ونائب رئيس الوزراء الراحل يحيى الجمل في فيلم وثائقي بعنوان "مبارك والعائلة.. ضربة حظ"، حيث أوضح أن "مبارك" انتابته فرحة عارمة بمجرد أداء اليمين الدستورية كرئيس للجمهورية، وقال: "كنا في قصر العروبة وبيوصلني للباب واحنا خارجين بعد حلف اليمين، وقعد يرقص بدراعه ويقول أنا بقيت رئيس.. أنا بقيت رئيس، والباب كان مفتوح، يمكن لو حد واقف كان شافه.. مكانش مصدق نفسه". انقطاع صلته بعائلته وروى "حسني مبارك" ابن عم الرئيس الأسبق في حوار تليفزيوني مع برنامج "الحياة اليوم"، أن صلة ابن عمه انقطعت بالعائلة بمجرد ذهابه إلى القاهرة، بل كان يرفض مقابلته كلما ذهب إليه، وعن ذلك قال: "عندما تخرجت في كلية الشرطة ذهبت له كي أطلب منه الانتقال لشرطة الحرس الجمهوري ولكنه كان يرفض مقابلتي دائمًا بحجة أنه مشغول"، كما أقسم بأنه لا يمتلك رقم تليفون ابن عمه، وأن كل علاقته به بعد توليه الرئاسة انحصرت في حضور بعض المناسبات الاجتماعية.