غير مصنف

كيف سيبدو شكل البشر خلال الأعوام الألف القادمة؟

عملية التطور لا تتوقف في الكائنات الحية. لا نقصد هنا بالطبع التطور الخاص بتحول نوع من الكائنات الحية إلى نوع آخر تمامًا كما استنتجت نظرية داروين للتطور، لكننا نقصد تطور الكائن الحي وتغير بعض الصفات الظاهرية فيه على مر الزمن.

عملية التطور لا تتوقف في الكائنات الحية. لا نقصد هنا بالطبع التطور الخاص بتحول نوع من الكائنات الحية إلى نوع آخر تمامًا كما استنتجت نظرية داروين للتطور، لكننا نقصد تطور الكائن الحي وتغير بعض الصفات الظاهرية فيه على مر الزمن.

القاعدة العلمية الشهيرة في علم البيولوجيا تقول إن العضو المستخدم ينمو ويتطور، بينما العضو غير المستعمل يضمحل ويختفي. الفكرة هنا أن تغير الزمن والتقدم العلمي الكبير الذي نشهده وانعكاساته على حياتنا وعاداتنا اليومية، سيكون له تأثير على خصائصنا وأجسامنا مع مرور الزمن، وقد نشرت الصفحة التكنولوجية لموقع «بيزنس إنسايدر» فيديو مثيرًا للاهتمام، يشرح لنا التوقعات المتعلقة بالشكل الذي سيكون عليه البشر خلال ألف سنة من الآن. إذن ما هي الاحتمالات؟

الطول

هناك احتمالات أننا سنكون أطول، سيزداد متوسط الطول بين البشر عما هو عليه الآن، وقد شهد البشر بالفعل طفرة في الطول على مدى السنوات الـ 130 الماضية. في عام 1880 كان متوسط طول الذكور الأمريكيين – على سبيل المثال – 170 سم، بينما اليوم يبلغ متوسط طول الشعب الأمريكي 177 سم.

الآلات

من الممكن أن يندمج البشر أيضًا مع الآلات التي يمكن أن تعزز لدينا حاسة السمع والبصر، والصحة، وأكثر من ذلك بكثير. الآن، هناك بالفعل تلك الآلات التي تمكنك من تسجيل الأصوات، وتوليد الضوضاء البيضاء (ويقصد بها تحويل الأصوات ذات الترددات المختلفة إلى صوت ذي شدة ثابتة، حتى لا يعاني الشخص من الضجيج). التوقعات في هذا الشأن تقول إن مثل هذه الآلات السمعية يمكن أن تأتي حتى مع هاتف ذكي مدمج بها.

مثال آخر في هذا الشأن، هو فريق من جامعة ولاية أوريغون الأمريكية الذي تمكن من تطوير عيون إلكترونية يمكن أن تساعد المكفوفين على الرؤية. هنا نشير إلى نقطة مهمة، فليس من المستحيل تصور أن مثل هذه التكنولوجيا يمكن أن تصبح أداة لرؤية ما كنا نعتبره حاليًا غير مرئي، مثل طاقات مختلفة من الضوء كالأشعة تحت الحمراء والأشعة السينية.

التوقعات تصب أيضًا نحو الأطراف الاصطناعية التي لن تقتصر فقط على الأشخاص متحدي الإعاقة باعتبارها بديلًا لأطرافهم المفقودة، لكنها ستصبح متوافرة حتى للبشر العاديين.

وأوضحت الكثير من الأبحاث الحديثة أننا أصبحنا على أعتاب ما يسمى الكائن السيبراني أو «السايبورغ». و«سايبورغ – cyborg» وهي كلمة مختصرة لمصطلح كائن سيبراني «cybernetic organism»، إشارةً إلى الكائنات التي تمتلك أجزاءً عضوية وأخرى بيوميكاترونيك (أي دمج عناصر ميكانيكية وأخرى إلكترونية وثالثة حيوية)، وقد أُطلق هذا المصطلح لأول مرة عام 1960 من قبل مانفريد كلاينس وناثان كلاين.

مصطلح «سايبورغ» أو «الكائن السيبراني» ينطبق على كائن حي في الأساس، استطاع استعادة وظيفته أو تعزيز قدراته، من خلال دمج بعض المكونات الاصطناعية، أو بعض التكنولوجيا، على نوع معين من ردود الفعل. هذه التكنولوجيا هي التي نتحدث عنها في تجربة ساتو ورفاقه.

ولا يشترط أن يكون الكائن السيبراني بشريًا أو ثدييًا؛ إذ يشمل المصطلح أي نوع من أنواع الكائنات الحية، ويعتقد العلماء أن تكنولوجيا السايبورغ هذه ستكون جزءًا من ثورة ما بعد البشرية، حين يُعزز البشر بشكل صناعي من خلال منحهم بعض القدرات المميزة والخاصة.

الجينات

مع كل ما سبق، فإنه ليس فقط مظهرنا الخارجي هو الذي سيتغير على الأرجح، لكن سوف تتطور جيناتنا أيضًا على المستويات المجهرية للمساعدة على بقائنا.

على سبيل المثال، اكتشفت دراسة قادتها جامعة أكسفورد أن مجموعة من الأطفال المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية «HIV» في جنوب أفريقيا يعيشون حياة صحية. اتضح لفريق الباحثين أن هؤلاء الأطفال لديهم دفاع مدمج ضد فيروس نقص المناعة البشرية، الذي يمنع الفيروس من التقدم إلى أن يتحول إلى مرض الإيدز.

ومع أدوات تحرير الجينات مثل «كريسبر»، قد نتحكم في نهاية المطاف في الجينات والحمض النووي، لدرجة تجعل أنفسنا في مأمن من المرض وحتى إمكانية عكس آثار الشيخوخة. و«كريسبر – CRISPR» هو عبارة عن قطع من الحمض النووي موجودة بداخل الكائنات الحية بدائية النواة، وتتميز باحتوائها على قطع صغيرة من التكرارات لتسلسلات القواعد النووية والتي تستخدمها الكائنات البدائية مثل البكتيريا في الدفاع عن نفسها بآليات معينة.

المريخ

هناك طريقة أخرى للقفز بعملية تطور البشر ووضعها على مسار مختلف تمامًا، تتمثل في نقل بعض البشر إلى كوكب المريخ، وبسبب الظروف المناخية والطبيعية المختلفة الموجودة على سطح المريخ، يتلقى المريخ 66% ضوءًا أقل من ضوء الشمس الذي تتلقاه الأرض على سبيل المثال، وربما سيبدأ الجسم البشري في التكيف تدريجيًا على مستوى الخلايا والصفات الخارجية مع البيئة الجديدة.

وهو ما قد يعني أن البشر على سطح المريخ قد يتطور بؤبؤ العين لديهم لتصبح أكبر حجمًا حتى يمكن أن يستوعبوا المزيد من الضوء لكي يتمكنوا من الرؤية، وبما أن الجاذبية على كوكب المريخ تمثل 38% فقط من جاذبية كوكب الأرض، فالناس الذين سيولدون على سطح المريخ قد يكونون في الواقع أطول من أي شخص على كوكب الأرض.

في الفضاء، تتوسع السوائل التي تفصل بين فقراتنا، وهو ما أدى بمهندس الفضاء الأمريكي، روبرت زوبرين، أن يقترح أن الجاذبية المنخفضة للمريخ يمكن أن تسمح للعمود الفقري البشري بالاستطالة الكافية لإضافة بضع بوصات إضافية إلى طولنا.

ولو عدنا قليلًا إلى الجزئية الخاصة بتعديل البشر في جيناتهم، فإنه من بين الحلول المقترحة كي يتأقلم البشر الأوائل الذين سيجري إرسالهم إلى المريخ – عام 2025 طبقًا لخطة إيلون ماسك – هو عملية تعديلات جينية، وطبقًا للورقة البحثية التي نشرها العالم المعرفي كونراد زوسيك من جامعة تكنولوجيا المعلومات والإدارة في بولندا، فإنه لا توجد أدنى فرصة للبشر بخصوص إمكانية النجاة عند العيش على المريخ لفترة طويلة، فقد ذكر أنه لا توجد أي عمليات محاكاة طويلة الأمد للعيش على الكوكب الأحمر تجري على الأرض أو عمليات بقاء طويلة على متن محطة الفضاء الدولية (ISSS) يمكن أن تعد رواد الفضاء البشريين للتحديات التي من شأنها أن تظهر عند استعمار المريخ.

وقال زوسيك: «لا يمكننا محاكاة الظروف المادية والبيئية نفسها لإعادة بناء بيئة المريخ في معاملنا الأرضية، أعني سمات مثل الجاذبية الصغرى للمريخ أو التعرض للإشعاعات الكونية، وبالتالي، لا يمكننا التنبؤ بالآثار الفيزيائية والبيولوجية للبشر الذين يعيشون على سطح المريخ»، واقترح أن البشر يستطيعون البقاء على الكوكب الأحمر واستعماره إلا في حالة إجراء تغييرات على أجسادنا لمساعدتنا على التكيف بسهولة أكبر مع بيئة المريخ.

الخلود

وعلى الرغم من ضخامة الخطوة الخاصة بالانتقال للعيش على سطح المريخ فيما يتعلق بعملية التطور البشري، مع ذلك، لا يمكن لهذه الخطوة أن تعبر عن أكبر تغير في التطور البشري الذي قد يكون لدينا في السنوات الألف المقبلة بحسب بعض الباحثين، نحن نتحدث هنا عن الخلود.

في هذا المجال نحن نتحدث عن طريقين، الطريق الأول هو المتعلق بتأخير عملية الشيخوخة وموت الخلايا. المثال هنا هو ما حدث في شهر أبريل (نيسان) 2016، عندما توصل العلماء لأول علاج جيني ناجح ضد شيخوخة الإنسان. حيث جُرّب العلاج على امرأة أمريكية، فأصبح سنها أصغر.

فقد أصبحت إليزابيث باريش، الرئيس التنفيذي لشركة بيوفيفا (Bioviva) الأمريكية، أول إنسان يُجدد شبابه بنجاح، بعلاج جيني. باريش هي الرئيس التنفيذي لنفس الشركة التي أنتجت هذا العقار التجريبي، الذي تمكن من إنقاص العقد الجينية (تيلومير)، بمقدار 20 عامًا كاملة، ورغم أن العلاج لم يتحول إلى علاج معترف به وعدم اكتمال الأبحاث بشأنه، إلا أنه يعد بداية مهمة في هذا الطريق.

أما عن الطريق الثاني، وهو الأكثر غرابة وجدلًا، فهو المتعلق بالطريق إلى الخلود الذي يتطلب من البشر تحميل وعيهم في آلة معينة، عبر عمل نقل لكامل وعيك إلى آلة.

في الوقت الحالي، يقوم العلماء في إيطاليا والصين بعمليات زراعة الرأس على الحيوانات لتحديد ما إذا كان بإمكاننا نقل الوعي من جسم إلى آخر، وذكروا أن الخطوة الكبيرة التالية هي زرع رؤوس البشر.

في النهاية، فإن كل ما سيحدث في السنوات الألف القادمة – سواء جرى دمجنا مع الآلات أو تحولنا نحن إلى آلات – شيء واحد هو المؤكد: أن النوع البشري يتغير دائمًا – وكلما تغيرنا بسرعة وانتشرنا عن الأرض، كان لدينا فرصة أفضل للابتعاد عن الانقراض.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
غير مصنف

كيف سيبدو شكل البشر خلال الأعوام الألف القادمة؟

 

عملية التطور لا تتوقف في الكائنات الحية. لا نقصد هنا بالطبع التطور الخاص بتحول نوع من الكائنات الحية إلى نوع آخر تمامًا كما استنتجت نظرية داروين للتطور، لكننا نقصد تطور الكائن الحي وتغير بعض الصفات الظاهرية فيه على مر الزمن.

 

القاعدة العلمية الشهيرة في علم البيولوجيا تقول إن العضو المستخدم ينمو ويتطور، بينما العضو غير المستعمل يضمحل ويختفي. الفكرة هنا أن تغير الزمن والتقدم العلمي الكبير الذي نشهده وانعكاساته على حياتنا وعاداتنا اليومية، سيكون له تأثير على خصائصنا وأجسامنا مع مرور الزمن، وقد نشرت الصفحة التكنولوجية لموقع «بيزنس إنسايدر» فيديو مثيرًا للاهتمام، يشرح لنا التوقعات المتعلقة بالشكل الذي سيكون عليه البشر خلال ألف سنة من الآن. إذن ما هي الاحتمالات؟

 

الطول

 

هناك احتمالات أننا سنكون أطول، سيزداد متوسط الطول بين البشر عما هو عليه الآن، وقد شهد البشر بالفعل طفرة في الطول على مدى السنوات الـ 130 الماضية. في عام 1880 كان متوسط طول الذكور الأمريكيين – على سبيل المثال – 170 سم، بينما اليوم يبلغ متوسط طول الشعب الأمريكي 177 سم.

 

 

 

الآلات

 

من الممكن أن يندمج البشر أيضًا مع الآلات التي يمكن أن تعزز لدينا حاسة السمع والبصر، والصحة، وأكثر من ذلك بكثير. الآن، هناك بالفعل تلك الآلات التي تمكنك من تسجيل الأصوات، وتوليد الضوضاء البيضاء (ويقصد بها تحويل الأصوات ذات الترددات المختلفة إلى صوت ذي شدة ثابتة، حتى لا يعاني الشخص من الضجيج). التوقعات في هذا الشأن تقول إن مثل هذه الآلات السمعية يمكن أن تأتي حتى مع هاتف ذكي مدمج بها.

 

مثال آخر في هذا الشأن، هو فريق من جامعة ولاية أوريغون الأمريكية الذي تمكن من تطوير عيون إلكترونية يمكن أن تساعد المكفوفين على الرؤية. هنا نشير إلى نقطة مهمة، فليس من المستحيل تصور أن مثل هذه التكنولوجيا يمكن أن تصبح أداة لرؤية ما كنا نعتبره حاليًا غير مرئي، مثل طاقات مختلفة من الضوء كالأشعة تحت الحمراء والأشعة السينية.

 

التوقعات تصب أيضًا نحو الأطراف الاصطناعية التي لن تقتصر فقط على الأشخاص متحدي الإعاقة باعتبارها بديلًا لأطرافهم المفقودة، لكنها ستصبح متوافرة حتى للبشر العاديين.

 

وأوضحت الكثير من الأبحاث الحديثة أننا أصبحنا على أعتاب ما يسمى الكائن السيبراني أو «السايبورغ». و«سايبورغ – cyborg» وهي كلمة مختصرة لمصطلح كائن سيبراني «cybernetic organism»، إشارةً إلى الكائنات التي تمتلك أجزاءً عضوية وأخرى بيوميكاترونيك (أي دمج عناصر ميكانيكية وأخرى إلكترونية وثالثة حيوية)، وقد أُطلق هذا المصطلح لأول مرة عام 1960 من قبل مانفريد كلاينس وناثان كلاين.

 

مصطلح «سايبورغ» أو «الكائن السيبراني» ينطبق على كائن حي في الأساس، استطاع استعادة وظيفته أو تعزيز قدراته، من خلال دمج بعض المكونات الاصطناعية، أو بعض التكنولوجيا، على نوع معين من ردود الفعل. هذه التكنولوجيا هي التي نتحدث عنها في تجربة ساتو ورفاقه.

 

 

 

ولا يشترط أن يكون الكائن السيبراني بشريًا أو ثدييًا؛ إذ يشمل المصطلح أي نوع من أنواع الكائنات الحية، ويعتقد العلماء أن تكنولوجيا السايبورغ هذه ستكون جزءًا من ثورة ما بعد البشرية، حين يُعزز البشر بشكل صناعي من خلال منحهم بعض القدرات المميزة والخاصة.

 

الجينات

 

مع كل ما سبق، فإنه ليس فقط مظهرنا الخارجي هو الذي سيتغير على الأرجح، لكن سوف تتطور جيناتنا أيضًا على المستويات المجهرية للمساعدة على بقائنا.

 

على سبيل المثال، اكتشفت دراسة قادتها جامعة أكسفورد أن مجموعة من الأطفال المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية «HIV» في جنوب أفريقيا يعيشون حياة صحية. اتضح لفريق الباحثين أن هؤلاء الأطفال لديهم دفاع مدمج ضد فيروس نقص المناعة البشرية، الذي يمنع الفيروس من التقدم إلى أن يتحول إلى مرض الإيدز.

 

ومع أدوات تحرير الجينات مثل «كريسبر»، قد نتحكم في نهاية المطاف في الجينات والحمض النووي، لدرجة تجعل أنفسنا في مأمن من المرض وحتى إمكانية عكس آثار الشيخوخة. و«كريسبر – CRISPR» هو عبارة عن قطع من الحمض النووي موجودة بداخل الكائنات الحية بدائية النواة، وتتميز باحتوائها على قطع صغيرة من التكرارات لتسلسلات القواعد النووية والتي تستخدمها الكائنات البدائية مثل البكتيريا في الدفاع عن نفسها بآليات معينة.

 

المريخ

 

هناك طريقة أخرى للقفز بعملية تطور البشر ووضعها على مسار مختلف تمامًا، تتمثل في نقل بعض البشر إلى كوكب المريخ، وبسبب الظروف المناخية والطبيعية المختلفة الموجودة على سطح المريخ، يتلقى المريخ 66% ضوءًا أقل من ضوء الشمس الذي تتلقاه الأرض على سبيل المثال، وربما سيبدأ الجسم البشري في التكيف تدريجيًا على مستوى الخلايا والصفات الخارجية مع البيئة الجديدة.

 

 

 

وهو ما قد يعني أن البشر على سطح المريخ قد يتطور بؤبؤ العين لديهم لتصبح أكبر حجمًا حتى يمكن أن يستوعبوا المزيد من الضوء لكي يتمكنوا من الرؤية، وبما أن الجاذبية على كوكب المريخ تمثل 38% فقط من جاذبية كوكب الأرض، فالناس الذين سيولدون على سطح المريخ قد يكونون في الواقع أطول من أي شخص على كوكب الأرض.

 

في الفضاء، تتوسع السوائل التي تفصل بين فقراتنا، وهو ما أدى بمهندس الفضاء الأمريكي، روبرت زوبرين، أن يقترح أن الجاذبية المنخفضة للمريخ يمكن أن تسمح للعمود الفقري البشري بالاستطالة الكافية لإضافة بضع بوصات إضافية إلى طولنا.

 

ولو عدنا قليلًا إلى الجزئية الخاصة بتعديل البشر في جيناتهم، فإنه من بين الحلول المقترحة كي يتأقلم البشر الأوائل الذين سيجري إرسالهم إلى المريخ – عام 2025 طبقًا لخطة إيلون ماسك – هو عملية تعديلات جينية، وطبقًا للورقة البحثية التي نشرها العالم المعرفي كونراد زوسيك من جامعة تكنولوجيا المعلومات والإدارة في بولندا، فإنه لا توجد أدنى فرصة للبشر بخصوص إمكانية النجاة عند العيش على المريخ لفترة طويلة، فقد ذكر أنه لا توجد أي عمليات محاكاة طويلة الأمد للعيش على الكوكب الأحمر تجري على الأرض أو عمليات بقاء طويلة على متن محطة الفضاء الدولية (ISSS) يمكن أن تعد رواد الفضاء البشريين للتحديات التي من شأنها أن تظهر عند استعمار المريخ.

 

وقال زوسيك: «لا يمكننا محاكاة الظروف المادية والبيئية نفسها لإعادة بناء بيئة المريخ في معاملنا الأرضية، أعني سمات مثل الجاذبية الصغرى للمريخ أو التعرض للإشعاعات الكونية، وبالتالي، لا يمكننا التنبؤ بالآثار الفيزيائية والبيولوجية للبشر الذين يعيشون على سطح المريخ»، واقترح أن البشر يستطيعون البقاء على الكوكب الأحمر واستعماره إلا في حالة إجراء تغييرات على أجسادنا لمساعدتنا على التكيف بسهولة أكبر مع بيئة المريخ.

 

الخلود

 

وعلى الرغم من ضخامة الخطوة الخاصة بالانتقال للعيش على سطح المريخ فيما يتعلق بعملية التطور البشري، مع ذلك، لا يمكن لهذه الخطوة أن تعبر عن أكبر تغير في التطور البشري الذي قد يكون لدينا في السنوات الألف المقبلة بحسب بعض الباحثين، نحن نتحدث هنا عن الخلود.

 

في هذا المجال نحن نتحدث عن طريقين، الطريق الأول هو المتعلق بتأخير عملية الشيخوخة وموت الخلايا. المثال هنا هو ما حدث في شهر أبريل (نيسان) 2016، عندما توصل العلماء لأول علاج جيني ناجح ضد شيخوخة الإنسان. حيث جُرّب العلاج على امرأة أمريكية، فأصبح سنها أصغر.

 

فقد أصبحت إليزابيث باريش، الرئيس التنفيذي لشركة بيوفيفا (Bioviva) الأمريكية، أول إنسان يُجدد شبابه بنجاح، بعلاج جيني. باريش هي الرئيس التنفيذي لنفس الشركة التي أنتجت هذا العقار التجريبي، الذي تمكن من إنقاص العقد الجينية (تيلومير)، بمقدار 20 عامًا كاملة، ورغم أن العلاج لم يتحول إلى علاج معترف به وعدم اكتمال الأبحاث بشأنه، إلا أنه يعد بداية مهمة في هذا الطريق.

 

أما عن الطريق الثاني، وهو الأكثر غرابة وجدلًا، فهو المتعلق بالطريق إلى الخلود الذي يتطلب من البشر تحميل وعيهم في آلة معينة، عبر عمل نقل لكامل وعيك إلى آلة.

 

في الوقت الحالي، يقوم العلماء في إيطاليا والصين بعمليات زراعة الرأس على الحيوانات لتحديد ما إذا كان بإمكاننا نقل الوعي من جسم إلى آخر، وذكروا أن الخطوة الكبيرة التالية هي زرع رؤوس البشر.

 

في النهاية، فإن كل ما سيحدث في السنوات الألف القادمة – سواء جرى دمجنا مع الآلات أو تحولنا نحن إلى آلات – شيء واحد هو المؤكد: أن النوع البشري يتغير دائمًا – وكلما تغيرنا بسرعة وانتشرنا عن الأرض، كان لدينا فرصة أفضل للابتعاد عن الانقراض.

 

 

عملية التطور لا تتوقف في الكائنات الحية. لا نقصد هنا بالطبع التطور الخاص بتحول نوع من الكائنات الحية إلى نوع آخر تمامًا كما استنتجت نظرية داروين للتطور، لكننا نقصد تطور الكائن الحي وتغير بعض الصفات الظاهرية فيه على مر الزمن.

 

القاعدة العلمية الشهيرة في علم البيولوجيا تقول إن العضو المستخدم ينمو ويتطور، بينما العضو غير المستعمل يضمحل ويختفي. الفكرة هنا أن تغير الزمن والتقدم العلمي الكبير الذي نشهده وانعكاساته على حياتنا وعاداتنا اليومية، سيكون له تأثير على خصائصنا وأجسامنا مع مرور الزمن، وقد نشرت الصفحة التكنولوجية لموقع «بيزنس إنسايدر» فيديو مثيرًا للاهتمام، يشرح لنا التوقعات المتعلقة بالشكل الذي سيكون عليه البشر خلال ألف سنة من الآن. إذن ما هي الاحتمالات؟

 

الطول

 

هناك احتمالات أننا سنكون أطول، سيزداد متوسط الطول بين البشر عما هو عليه الآن، وقد شهد البشر بالفعل طفرة في الطول على مدى السنوات الـ 130 الماضية. في عام 1880 كان متوسط طول الذكور الأمريكيين – على سبيل المثال – 170 سم، بينما اليوم يبلغ متوسط طول الشعب الأمريكي 177 سم.

 

 

 

الآلات

 

من الممكن أن يندمج البشر أيضًا مع الآلات التي يمكن أن تعزز لدينا حاسة السمع والبصر، والصحة، وأكثر من ذلك بكثير. الآن، هناك بالفعل تلك الآلات التي تمكنك من تسجيل الأصوات، وتوليد الضوضاء البيضاء (ويقصد بها تحويل الأصوات ذات الترددات المختلفة إلى صوت ذي شدة ثابتة، حتى لا يعاني الشخص من الضجيج). التوقعات في هذا الشأن تقول إن مثل هذه الآلات السمعية يمكن أن تأتي حتى مع هاتف ذكي مدمج بها.

 

مثال آخر في هذا الشأن، هو فريق من جامعة ولاية أوريغون الأمريكية الذي تمكن من تطوير عيون إلكترونية يمكن أن تساعد المكفوفين على الرؤية. هنا نشير إلى نقطة مهمة، فليس من المستحيل تصور أن مثل هذه التكنولوجيا يمكن أن تصبح أداة لرؤية ما كنا نعتبره حاليًا غير مرئي، مثل طاقات مختلفة من الضوء كالأشعة تحت الحمراء والأشعة السينية.

 

التوقعات تصب أيضًا نحو الأطراف الاصطناعية التي لن تقتصر فقط على الأشخاص متحدي الإعاقة باعتبارها بديلًا لأطرافهم المفقودة، لكنها ستصبح متوافرة حتى للبشر العاديين.

 

وأوضحت الكثير من الأبحاث الحديثة أننا أصبحنا على أعتاب ما يسمى الكائن السيبراني أو «السايبورغ». و«سايبورغ – cyborg» وهي كلمة مختصرة لمصطلح كائن سيبراني «cybernetic organism»، إشارةً إلى الكائنات التي تمتلك أجزاءً عضوية وأخرى بيوميكاترونيك (أي دمج عناصر ميكانيكية وأخرى إلكترونية وثالثة حيوية)، وقد أُطلق هذا المصطلح لأول مرة عام 1960 من قبل مانفريد كلاينس وناثان كلاين.

 

مصطلح «سايبورغ» أو «الكائن السيبراني» ينطبق على كائن حي في الأساس، استطاع استعادة وظيفته أو تعزيز قدراته، من خلال دمج بعض المكونات الاصطناعية، أو بعض التكنولوجيا، على نوع معين من ردود الفعل. هذه التكنولوجيا هي التي نتحدث عنها في تجربة ساتو ورفاقه.

 

 

 

ولا يشترط أن يكون الكائن السيبراني بشريًا أو ثدييًا؛ إذ يشمل المصطلح أي نوع من أنواع الكائنات الحية، ويعتقد العلماء أن تكنولوجيا السايبورغ هذه ستكون جزءًا من ثورة ما بعد البشرية، حين يُعزز البشر بشكل صناعي من خلال منحهم بعض القدرات المميزة والخاصة.

 

الجينات

 

مع كل ما سبق، فإنه ليس فقط مظهرنا الخارجي هو الذي سيتغير على الأرجح، لكن سوف تتطور جيناتنا أيضًا على المستويات المجهرية للمساعدة على بقائنا.

 

على سبيل المثال، اكتشفت دراسة قادتها جامعة أكسفورد أن مجموعة من الأطفال المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية «HIV» في جنوب أفريقيا يعيشون حياة صحية. اتضح لفريق الباحثين أن هؤلاء الأطفال لديهم دفاع مدمج ضد فيروس نقص المناعة البشرية، الذي يمنع الفيروس من التقدم إلى أن يتحول إلى مرض الإيدز.

 

ومع أدوات تحرير الجينات مثل «كريسبر»، قد نتحكم في نهاية المطاف في الجينات والحمض النووي، لدرجة تجعل أنفسنا في مأمن من المرض وحتى إمكانية عكس آثار الشيخوخة. و«كريسبر – CRISPR» هو عبارة عن قطع من الحمض النووي موجودة بداخل الكائنات الحية بدائية النواة، وتتميز باحتوائها على قطع صغيرة من التكرارات لتسلسلات القواعد النووية والتي تستخدمها الكائنات البدائية مثل البكتيريا في الدفاع عن نفسها بآليات معينة.

 

المريخ

 

هناك طريقة أخرى للقفز بعملية تطور البشر ووضعها على مسار مختلف تمامًا، تتمثل في نقل بعض البشر إلى كوكب المريخ، وبسبب الظروف المناخية والطبيعية المختلفة الموجودة على سطح المريخ، يتلقى المريخ 66% ضوءًا أقل من ضوء الشمس الذي تتلقاه الأرض على سبيل المثال، وربما سيبدأ الجسم البشري في التكيف تدريجيًا على مستوى الخلايا والصفات الخارجية مع البيئة الجديدة.

 

 

 

وهو ما قد يعني أن البشر على سطح المريخ قد يتطور بؤبؤ العين لديهم لتصبح أكبر حجمًا حتى يمكن أن يستوعبوا المزيد من الضوء لكي يتمكنوا من الرؤية، وبما أن الجاذبية على كوكب المريخ تمثل 38% فقط من جاذبية كوكب الأرض، فالناس الذين سيولدون على سطح المريخ قد يكونون في الواقع أطول من أي شخص على كوكب الأرض.

 

في الفضاء، تتوسع السوائل التي تفصل بين فقراتنا، وهو ما أدى بمهندس الفضاء الأمريكي، روبرت زوبرين، أن يقترح أن الجاذبية المنخفضة للمريخ يمكن أن تسمح للعمود الفقري البشري بالاستطالة الكافية لإضافة بضع بوصات إضافية إلى طولنا.

 

ولو عدنا قليلًا إلى الجزئية الخاصة بتعديل البشر في جيناتهم، فإنه من بين الحلول المقترحة كي يتأقلم البشر الأوائل الذين سيجري إرسالهم إلى المريخ – عام 2025 طبقًا لخطة إيلون ماسك – هو عملية تعديلات جينية، وطبقًا للورقة البحثية التي نشرها العالم المعرفي كونراد زوسيك من جامعة تكنولوجيا المعلومات والإدارة في بولندا، فإنه لا توجد أدنى فرصة للبشر بخصوص إمكانية النجاة عند العيش على المريخ لفترة طويلة، فقد ذكر أنه لا توجد أي عمليات محاكاة طويلة الأمد للعيش على الكوكب الأحمر تجري على الأرض أو عمليات بقاء طويلة على متن محطة الفضاء الدولية (ISSS) يمكن أن تعد رواد الفضاء البشريين للتحديات التي من شأنها أن تظهر عند استعمار المريخ.

 

وقال زوسيك: «لا يمكننا محاكاة الظروف المادية والبيئية نفسها لإعادة بناء بيئة المريخ في معاملنا الأرضية، أعني سمات مثل الجاذبية الصغرى للمريخ أو التعرض للإشعاعات الكونية، وبالتالي، لا يمكننا التنبؤ بالآثار الفيزيائية والبيولوجية للبشر الذين يعيشون على سطح المريخ»، واقترح أن البشر يستطيعون البقاء على الكوكب الأحمر واستعماره إلا في حالة إجراء تغييرات على أجسادنا لمساعدتنا على التكيف بسهولة أكبر مع بيئة المريخ.

 

الخلود

 

وعلى الرغم من ضخامة الخطوة الخاصة بالانتقال للعيش على سطح المريخ فيما يتعلق بعملية التطور البشري، مع ذلك، لا يمكن لهذه الخطوة أن تعبر عن أكبر تغير في التطور البشري الذي قد يكون لدينا في السنوات الألف المقبلة بحسب بعض الباحثين، نحن نتحدث هنا عن الخلود.

 

في هذا المجال نحن نتحدث عن طريقين، الطريق الأول هو المتعلق بتأخير عملية الشيخوخة وموت الخلايا. المثال هنا هو ما حدث في شهر أبريل (نيسان) 2016، عندما توصل العلماء لأول علاج جيني ناجح ضد شيخوخة الإنسان. حيث جُرّب العلاج على امرأة أمريكية، فأصبح سنها أصغر.

 

فقد أصبحت إليزابيث باريش، الرئيس التنفيذي لشركة بيوفيفا (Bioviva) الأمريكية، أول إنسان يُجدد شبابه بنجاح، بعلاج جيني. باريش هي الرئيس التنفيذي لنفس الشركة التي أنتجت هذا العقار التجريبي، الذي تمكن من إنقاص العقد الجينية (تيلومير)، بمقدار 20 عامًا كاملة، ورغم أن العلاج لم يتحول إلى علاج معترف به وعدم اكتمال الأبحاث بشأنه، إلا أنه يعد بداية مهمة في هذا الطريق.

 

أما عن الطريق الثاني، وهو الأكثر غرابة وجدلًا، فهو المتعلق بالطريق إلى الخلود الذي يتطلب من البشر تحميل وعيهم في آلة معينة، عبر عمل نقل لكامل وعيك إلى آلة.

 

في الوقت الحالي، يقوم العلماء في إيطاليا والصين بعمليات زراعة الرأس على الحيوانات لتحديد ما إذا كان بإمكاننا نقل الوعي من جسم إلى آخر، وذكروا أن الخطوة الكبيرة التالية هي زرع رؤوس البشر.

 

في النهاية، فإن كل ما سيحدث في السنوات الألف القادمة – سواء جرى دمجنا مع الآلات أو تحولنا نحن إلى آلات – شيء واحد هو المؤكد: أن النوع البشري يتغير دائمًا – وكلما تغيرنا بسرعة وانتشرنا عن الأرض، كان لدينا فرصة أفضل للابتعاد عن الانقراض.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...