لماذا لا تجرؤ إسرائيل على ضرب مصر بالنووي؟.. قصة «فعنونو»

 

بالأمس، قدمت النيابة الاسرائيلية لائحة اتهام جديدة ضد مردخاى فعنونو، الملقب بـ«كاشف أسرار إسرائيل النووية»، بعد أن تبيّن أنه انتقل إلى منزل آخر دون تنسيق مع السلطات، وهو ما يخالف شروط إطلاق سراحه بعد 18 عامًا من الاعتقال.

 

هل تعرف من هو فعنونو؟

 

فعنونو هو عالم نووي إسرائيلي ولد في 14 أكتوبر 1954 بمدينة مراكش في المغرب، وبعد إنهائه الخدمة العسكرية، التحق بالعمل في مفاعل ديمونة كمتدرب وانتهى به المطاف في منشأة ماشون 2 المبنية تحت سطح الأرض والمخصصة حسب قوله لإنتاج مواد البلوتونيوم والليثيوم ديوترايد والبريليوم التي تدخل في صناعة القنابل النووية، وعمل في مركز البحوث العسكرية في ديمونة الواقعة في منطقة "بئر شفا" طوال تسعة أعوام.

 

كشف معلومات عن الأسلحة النووية الإسرائيلية علنا أمام وسائل الإعلام العالمية، وشعر العالم كله بالصدمة عندما نشرت صحيفة "صنداي تايمز" أسرار الترسانة النووية الإسرائيلية في الخامس من أكتوبر عام 1986.

 

فيلمان في غاية السرية

 

ترك عمله فى المفاعل في أواخر عام 1985 وتنقل بين دول الشرق الأقصى، واستولى قبل أن يترك وظيفته على فيلمين مصنفين تحت بند سري للغاية يشرحان جانبا من الأعمال التي تجري بمفاعل ديمونة والمعدات التي تستخدم هناك بما فيها المواد الخاصة باستخراج المواد الإشعاعية المخصصة للإنتاج العسكري ونماذج معملية للأجهزة النووية الحرارية.

 

ولم يكن واضحا ما إذا كان فعنونو يعتزم الكشف عن الأنشطة النووية السرية لإسرائيل بسرقته لهذين الفيلمين، إلا أنه انخرط في إحدى الجماعات المناهضة للأنشطة النووية في مدينة سيدني بأستراليا واعتنق المذهب الإنجيلي المسيحي، وهناك أقنعه أحد أعضاء المجموعة وهو أوسكار جويريري، صحفي حر، من أصول كولومبية بنشر صور ومعلومات تفصيلية عن ما يجري بمفاعل ديمونة الإسرائيلي.

 

وكان هذا القرار هو ما قاده للذهاب إلى لندن وتحديدا صحيفة «صنداي تايمز» ثم العاصمة الإيطالية روما ليختطفه هناك جهاز المخابرات الإسرائيلي «الموساد» لإعادته إلى إسرائيل والحكم عليه هناك بالسجن 18 عاما.

 

وبحسب تصريحاته، تم البث في القضية في ظروف غاية السرية، ووجهت إليه تهمة التجسس و الخيانة، قائلا عشت طوال 11 سنوات معزولا تماما في سجن انفرادي، وذلك بعدما طالب وزير العدل آنذاك «تومي لابيد»، بالحك عليه بالاعدام، لكن تم إطلاق سراحه يوم 21 أبريل 2004، عندما بلغ الخمسين.

 

خبايا مفاعل ديمونة

في أبز تصريحاته بخصوص ديمونة قال: «كنت أعرف تماما كمية المواد التي كانت تصنع، ونوع الأدوات التي كانت تستعمل ونوع القنابل التي كانت تنتج»، مضفيا أن إسرائيل كانت تنتج الكثير من المواد الإشعاعية التي في النهاية كانت تستعمل لتجهيز القنابل النووية و بكميات مهولة، حسبت في سنة 1986 أكثر من مائة قنبلة ذرية، حيث بدأوا وقتها في صناعة القنابل الهدروجينية قوية المفعول.

 

وأوضح أن المفاعل طور أكثر من مرة لزيادة قدرته الإنتاجية من مادة البلوتونيوم، وكان يستطيع المفاعل في عام 1985 إنتاج 1.2 كيلوجرام من البلوتونيوم أسبوعيا وهو ما يكفي لإنتاج 12 رأسا نووية سنويا.

 

وتابع انه لابد من إعادة النظر في التقديرات الخاصة بقدرات إسرائيل النووية التي كانت تشير إلى امتلاكها بضعة رؤوس نووية حيث أنها قد تكون على ضوء هذه المعلومات ما بين 100 و200 رأس نووية تتنوع ما بين الرؤوس النووية المخصصة للاستخدام في ميدان المعركة وتلك القادرة على إبادة مدن كاملة.

 

خداع أمريكا ومفاجأة مصر

 

كما ذكر فعنونو قصصا عن كيفية خداع خبراء أمريكيين كان قد سمح لهم بزيارة المفاعل في الستينيات حيث لم يلحظوا الحوائط الزائفة أو المصاعد المخفية، الأمر الذي جعلهم لا يدركون أن هناك ستة طوابق كاملة تحت الأرض في منشأة ماشون 2.

 

قال إنه من المستحيل أن تستعمل إسرائيل السلاح النووي ضد سورية أو مصر أو الأردن، لأن الانعكاسات الإشعاعية ستكون رهيبة على إسرائيل نفسها، أي قنبلة ستكون كارثة على إسرائيل، وهو السبب الذي يجعل الإسرائيليين لا يفكرون مجرد التفكير في مناقشة الأمر فيما بينهم.

 

كما صرح أن الولايات المتحدة وأوروبا، تغضان النظر عما في حوزة إسرائيل من أسلحة مدمرة، بل ويتم تقديم الدعم السري لها، مشيرا إلى أن هنالك تعاون سري بين إسرائيل و بريطانيا، فرنسا، و الولايات المتحدة، حيث قررت هذه الدول المساهمة في القوة النووية الإسرائيلية لأجل جعل إسرائيل دولة استعمارية في العالم العربي.

 

وقال: إنهم يساعدون إسرائيل كي تكون في خدمتهم كدولة استعمارية تسيطر على منطقة الشرق الأوسط، مما سيسمح لهم بالاستحواذ على المنابع البترولية و إخضاع العرب إلى التخلف و الصراعات الداخلية، هذه هي أسباب الدعم الذي يقدمونه لإسرائيل.

 

اغتيال الرئيس الأمريكي

 

صرح فعنونو، أن في عهد كينيدي كانت الولايات المتحدة تعارض البرنامج النووي الإسرائيلي، لقد حاول كينيدي وقف إسرائيل في هذا المجال، لكن اغتياله لم يسمح له بالاستمرار، مشيرا إلى أن سبب اغتياله مربوط بنشر السلاح النووي في إسرائيل و في دول أخرى، قائلا: إن أولئك الذين اغتالوه كانوا يريدون تكريس المسألة النووية و نشرها خاصة أن الرئيسين جونسون و نيكسون الذين حكا فيما بعد لم يعارضا ذلك، حيث تركا إسرائيل تمارس برامجها.

 

فرنسا ترد الجميل

 

قال فعنونو، إسرائيل ساعدت كل من فرنسا و بريطانيا في حملتهما العسكرية ضد مصر عام1956، و بعد عملية السويس، بدأت بريطانيا و فرنسا في التعاون مع إسرائيل في برنامجها النووي كوسيلة من وسائل الشكر على ما قدمته لهما هذه الأخيرة إبان تلك الحرب.

 

ومن هذا المنطلق توصلت إسرائيل إلى اتفاق سري مع فرنسا لبناء مفاعل ديمونة الذي يعتقد أنه بدأ في تصنيع مكونات الأسلحة النووية في الستينيات، واتبعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة سياسة «الغموض النووي» وكانت دائما تخفي أنشطتها خلف حجة مضللة وهي أنها لن تكون الدولة الوحيدة التي تسعى لامتلاك أسلحة نووية في الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...