لماذا يلجأ المنتجون الى تمصير الأعمال الدرامية
ظاهرة تمصير الأعمال الدرامية من الأمور التي يلجأ اليها المنتجون وصناع الدراما وذلك نظرا للنجاح الذي سوف تحققه تلك الأعمال حيث يقتبسون الفكرة ويطوعونها مع ما يناسب الشارع المصري والعربي.
ونوس
وكان مسلسل ونوس للنجم يحي الفخراني آخر تلك الأعمال التي قام صناع الدراما في شهر رمضان الماضي بتمصيرها|.
تشابه كبير يجمع بين الشيطان «ونوس» وشيطان «فاوست»، الشخصية الرئيسية في الحكاية الألمانية الشعبية للروائي جوتة، التي تحكي عن الساحر والكيميائي الألماني الدكتور يوهان جورج فاوست، الذي يُبرم عقداً مع معاون الشيطان كي يمنحه الثروة والخلود مقابل أن يبيع له روحه.
الكثير من الأعمال الدرامية سبقت «ونوس» في تقديم شخصية الشيطان الذي يأتي للإنسان، ولا شك أن فاوست كانت ملهمة للكثير من الأعمال الفنية المصرية، فعلي سبيل المثال فيلم سفير جهنم، والمفارقة أنه في أولى حلقات مسلسل ونوس أثناء تناول الأطفال العشاء كانوا يشاهدون فيلم «سفير جهنم»، ويتحدثون عن الشيطان قبل أن يطرق «ونوس» الباب، فمن الوهلة الأولي كان من السهل للمشاهد إدراك أنه هو الشيطان وأولاد «ياقوت» هم رمز للإنسان الذي يتبع الشيطان.
أفراح القبة
فالمشهد الأول من مسلسل أفراح القبة المأخوذة عن رواية الأديب الكبير نجيب محفوظ، اقتبس عن الفيلم الأمريكي "birdman"، حتى أنه صور بطريقة "one shot"، كما إن المشهدين، دارت أحداثهما داخل مسرح.
ومسلسل أفراح القبة تدور قصته حول إحدى الفرق المسرحية خلال حقبة السبعينيات، يعمل ممثلو الفرقة على المشاركة في مسرحية جديدة تحمل اسم "أفراح القبة"، حيث يكتشف الممثلون أن أحداث المسرحية تدور حول شخصياتهم الحقيقية في كواليس المسرح، وأن مؤلف المسرحية يعرض أمامهم أسرارهم المشينة التي حدثت بالماضي، ويسعى الممثلون لإيقاف هذه المسرحية الفاضحة لهم، لكن مالك الفريق يُصر على استكمال العمل لكي يتطهر من آثام الماضي، ويجد الممثلون أنفسهم مجبرين على الاستمرار في تمثيل أدوارهم الحقيقية.
الاقتباس منذ الثلاثينات
في مصر ومنذ ثلاثينيات القرن الماضي عمل صناع السينما على تمصير كثير من الأعمال الفنية العالمية، وكان أول فيلم ناطق أنتجته السينما المصرية عام 1932 بعنوان "أولاد الذوات" مقتبس من المسرحية الفرنسية "الذبائح" للأديب أنطون يزبك.
وما زالت هذه الظاهرة مستمرة حتى الآن، حتى بلغ عدد الأفلام المستنسخة يزيد عن المئتين عدا المسلسلات والمسرحيات، وأثارت في الفترة الأخيرة الظاهرة بعض الجدل حول مشروعية الاستنساخ واتهام الكثير من صناع الأفلام المصرية بالتقليد والنسخ المباشر فيما يشبه السرقة.
وكتب الكثير من النقاد عن أفلام من مثل: خليج نعمة، جوازة ميري، بنات العم، توم وجيمي، الهرم الرابع، الفيل الأزرق، وغيرها من الأفلام التي أنتجت منذ سنوات قليلة وأعادت الجدل إلى الساحة حول استسهال النقل بالتفصيل في بعض الأفلام دون إضفاء روح جديدة على العمل المقتبس، كما أشاد الكثير من النقاد بالمقابل بالكثير من الأفلام التي أبدعت في الاقتباس، وقدمت معالجات جديدة متقنة لأعمال عالمية.
وفي رمضان الفائت لفت مسلسل جراند اوتيل الأنظار حوله على الرغم من اقتباسه القصة من مسلسل اسباني بنفس الاسم، إلا أن المعالجة الدرامية التي قدمت الفكرة بالإضافة إلى الجو الكلاسيكي الذي تم تصوير الاحداث من خلاله في أماكن جميلة، وأداء الممثلين علاوة على الزمن الذي تناولته الأحداث البوليسية في خمسينيات القرن الماضي، وما لتلك الفترة من سحر في المكان وهدوء الحياة وجمال في الأزياء ورقي في التعامل، كل هذا جعل من عملية تمصير المسلسل الإسباني نقلا مبدعا ومبتكرا.
لكن التساؤل الذي يبرز فور الحديث عن الاقتباس أو التمصير أو الاستنساخ، أيا كانت المسميات: إلى أي مدى تنجح هذه الأعمال الفنية بكافة أشكالها، خاصة وأن في الأعمال الأصيلة المنقول عنها أحداثا وأفكار تعتبر دخيلة على مجتمعاتنا العربية، وكيف تعامل صناع الأفلام الممصرة مع هذا الجانب بالتحديد.
عالجت كثير من الافلام والمسلسلات هذا الاختلاف بمهارة النقل وحرفية الإبداع، حيث أخذت الفكرة فقط وتم البناء عليها في الشخصيات والأحداث بما يتناسب مع طبيعة المجتمعات العربية، ونجح الكثير منها مثل فيلم "الحرب العالمية التالتة" ومسلسل "هبة رجل الغراب" المأخوذ عن الفيلم الأجنبي "أغلي بيتي" الذي لاقى استحسان المشاهدين لمعالجته موضوعا يمس الوجدان، وهو موضوع الجمال الذي لا علاقة له بالشكل الخارجي.