لننظر إلى ذواتنا!

أن تترك التوترات المجتمعية الراهنة تستمر وتتصاعد دون سعى حقيقى للحد منها أو لاحتوائها، أن نمتنع عن البحث بجدية فى شروط إخراج الوطن من أزماته ونستسيغ وضعية انتظار «الفرج» دون كثير تفكير إلا فى الأمور الشخصية والحلول الفردية، أن نستهين بطاقاتنا مهما تواضعت وقدراتنا مهما واجهت من الصعاب والقيود دون أن ندرك التغيير الإيجابى الذى نستطيع إحداثه؛ جميع ذلك يتناقض مع صالح مصر ومع صالحنا العام.

أقطع أن واجبنا الأخلاقى والإنسانى يتمثل فى المقاومة السلمية للمظالم والانتهاكات، وفى إدانة ونبذ الإرهاب والعنف، وفى التحذير من التداعيات الكارثية لهذه الشرور.

أقطع أن واجبنا الأخلاقى والإنسانى يتمثل أيضا فى تجاوز المقاومة والإدانة والتحذير إلى الاشتباك الفعال مع القضايا الاقتصادية والاجتماعية والهموم المعيشية والأمنية للناس، وإلى المطالبة معهم فى مساحات واسعة إن أتيحت أو خانات صغيرة إن لم يكن لها من بديل بالتزام المؤسسات والأجهزة الرسمية بمبادئ الشفافية والمساءلة والمحاسبة فى صياغة وتنفيذ السياسات العامة وبالإعلان الصريح عن الأولويات والأهداف على أصعدة التنمية المستديمة والعدالة الاجتماعية، وإلى العمل معهم فى الحياة اليومية وسياقاتها المتنوعة على دفع القطاع الخاص أيضا إلى الالتزام بذات المبادئ والتعاطى بإيجابية مع الصالح العام الذى تعبر عنه التنمية المستديمة كما تجسده العدالة الاجتماعية.

أقطع أن واجبنا الأخلاقى والإنسانى يتمثل، ثالثا، فى احترام قيمتى التفانى والدقة فى العمل كل فى مجاله ــ ففى القيمتين طاقة تعويضية هائلة يمكن تفعيلها للتغلب على إحباطات الشأن العام، وفى التمسك كل فى مساحاته أو خاناته بقيم التضامن مع الآخر المجتمعى والمسئولية الجماعية والمشتركة لكى نضمد جراح الكثير من المواطنات والمواطنين الذين لحقت وتلحق بهم وبذويهم مظالم وانتهاكات أو استبيحت وتستباح دمائهم الطاهرة من قبل عصابات الإرهاب والعنف أو تعرضوا ومازالوا يتعرضون لأزمات اقتصادية واجتماعية ومعيشية تفوق قدراتهم على احتوائها، وفى تغليب ما يجمعنا من مشترك أخلاقى وإنسانى ووطنى على ما يفرقنا والمزج بين هذا النزوع العقلانى والرشيد الذى نستطيع أن ننزله واقعا معاشا فى حياتنا الشخصية والأسرية والمهنية وبين الدعوة إلى العمل على تمكين الوطن مواطنا ومجتمعا ودولة من البقاء والتقدم فى إطار من العدل والمساواة وسيادة القانون والسلمية.

شىء من التواصل مع الجسد الطلابى فى الجامعات المصرية الحكومية والخاصة، شىء من التواصل مع أصحاب الوعى والباحثين عن الأدوار الفعالة وعن الاشتباك الإيجابى عبر الأجيال المختلفة بعيدا عن الصخب والضجيج والإعلام المتهافت، هو كل ما تحتاجون للتيقن من أننا نقدر وسنقدر.

 الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...