حيوان يعيش في كهوف تحت الماء في البلقان وإيطاليا، وعادة ما يرتبط بالسلمندر، ويعيش حياته كاملة تحت الماء. وسط بيئة معروفة بشح مواردها من الطعام أو الأغذية غير الماء، ويمكن لهذا النوع من الحيوانات ألا يتناول الطعام لمدة 10 سنوات!
لا يوجد في العالم كله ما هو أصعب من إخراج عقل اعتاد الظلام إلى النور , و لا أعقد من تخليص أدمغة ترسبت فوقها طبقات الجهل الجيرية و نمت عليها طحالب الرطوبة و العفن الفكري , لكننا سنواجه حالة أصعب و أعقد عندما نعاين ثوار اليوم , فهؤلاء لم تعتد عقولهم الظلمة فحسب بل تكيفت معها تماماً كما تكيف نوع من أنواع السمندل المائي و يدعى ( الأولم ) مع بيئته .. إذ يعيش هذا البرمائي في المياه الجوفية و الكهوف حيث الظلام الدامس و انعدام الضوء ..و مع مرور السنين ضمرت عيناه و انتفت الحاجة لهما .. من هنا جاءت تسميته بالسمندل الأعمى…فما حاجته للعيون حيث لا ترى العيون؟
عقول الثورجيين تكيفت مع واقعها السيئ أبعد من ذلك , فلم تعد عيونهم ترى إلا ما تعرضه قنوات النفط و الغاز و لا آذانهم تسمع إلا فحيح شيوخ الدم و القتل و التكفير , و لا تستسيغ أفواههم سوى طعم البترول المسكر و لحوم البشر…فمهما وضعت أمامهم من حجج و دلائل و براهين عقلية لن تسمع منهم إلا هلوسات يرددونها ليل نهار كمن نوّم مغناطيسياً على وقع عبارات كـ ( النظام هو من يقف وراء التفجيرات..النظام هو من يقصف دمشق بالهاون..النظام سيسقط قريباً…الخ ) لتصبح أي مقاربة منطقية معهم إضاعة للوقت و فعلاً عبثياً بالمطلق!!
و الأنكى من ذلك أن خبثاء التضليل قد تمكنوا من إقناعهم أن تحقيق الانتصار العسكري على الجيش العربي السوري لا زال ممكناً لا بل هو قاب قوسين أو أدنى !!فتراهم غير مصدقين لما بين أيديهم من أخبار هزائمهم العسكرية المتوالية من باباعمرو إلى النبك مروراً بالقصير و الغوطة الشرقية و ريف حلب الشرقي وغيرها من الجبهات.. يساعدهم في ذلك آلة الحرب الإعلامية و النفسية و الاستخبارية النفطية التي ما فتئت ترسم لهم واقعاً وردياً لتبقي أبصارهم بعيدة عن رؤية الحقيقة , و ما بهلوانيات العصابات المسلحة و هجماتهم الاستعراضية في هذه المنطقة أو تلك إلا لإضفاء لمسة من الواقعية على هذا المشهد المزيف.
كل عاقل على هذا الكوكب يدرك اليوم أن جسد ( الثورة ) السورية بات يقبع في مشرحة التاريخ مطلقاً رائحة كريهة أزكمت أنوف من في واشنطن و لندن و غيرهما من عواصم الناتو, و فيما أعلن أطباء الأطلسي همساً وفاته سريرياً ..لا زال بيطريو آل سعود يضغطون لتأخير إعلان الوفاة رسمياً و يحاولون جاهدين إعادة الروح إلى هذا الجسد الميت..تارة بالتنفس الاصطناعي من خلال ( انتصارات ) خلّبية هنا و هناك و تارة بالصدمات المالية و التصريحات الرنانة! لكن من سواه يحيي العظام و هي رميم؟
و كل ذي عقل يعي أيضاً أن احتلال الأديرة و خطف الرهبان و تدمير الكنائس و الآثار في معلولا لن يعيد للتمرد ألقه و لن يردّ لشعارات الحرية بريقها , بل سيزيد جثة (الثورة) تفسخاً و يسرع تحللها ويطلق مزيداً من الروائح الكريهة التي ستزكم أنوف العالم كله قريباً و تجعله يبتعد أكثر فأكثر عن مصدر تلك الرائحة…لو كان هؤلاء يتمتعون بالحد الأدنى من الذكاء البشري لأدركوا قرب موعد سحق عظامهم على يد أبطال الجيش العربي السوري فوق صخور معلولا و بين ممراتها جزاء ما اقترفت أيديهم …لكن عقولهم ضمرت هي الأخرى كضمائرهم و عيونهم لانتفاء حاجتهم لها!!
———–
تشبه الحرب في نواح عديدة لعبة الشطرنج , فلاعب الشطرنج المحترف يعرف متى يكون الاستمرار باللعب أمام خصم خبير نجح بالسيطرة على الرقعة غير ذي جدوى و مضيعة للوقت , لذلك نجد أن أغلب لقاءات كبار اللاعبين لا تنتهي بـ ( كش مات ) بل باستسلام أحدهم للآخر!رغم أن الخاسر في العديد من الحالات لا يكون قد فقد أية قطعة بعد!! لكنه استشراف الهزيمة .. هذا ما يسميه البعض الواقعية الصرفة بينما يعتبره آخرون ( انهزامية ), لكن التاريخ يخبرنا عن حروب عديدة كان بإمكان الطرف المهزوم فيها استشراف هزيمته قبل أن تكتمل و التقليل من حجم خسائر بلاده البشرية و المادية لكنه أصر على متابعة القتال حتى اللحظة الأخيرة و لنا في أدولف هتلر مرّة أخرى أكبر مثال , فصحيح أن ألمانيا النازية استسلمت نهائياً في عام 1945 إلا أن جميع القادة و الخبراء العسكريين ( بما فيهم قادة ألمان ) كانوا قد استشرفوا هزيمتها منذ عام 1943 عندما سحق الجيش الأحمر السوفييتي جيوش هتلر على أبواب موسكو و كورسك…في وقت كانت فيه تنسيقيات ( غوبلز ) تبث الأغاني الحماسية و تقنع الألمان أن جيوشهم انسحبت ( تكتيكياً ) متوعدة النظام في موسكو ! لكن جنون العظمة و لا واقعية هتلر أطالتا أمد الحرب عامين آخرين سقط خلالهما ملايين القتلى الذين كان بالإمكان إنقاذ حياتهم فقط لو تحلى الفوهرر بقليل من العقلانية و اقتنع بهزيمته مبكراً!!
فهل يدرك من ظن في لحظة ما أنه قادر على إسقاط الدولة السورية و مواجهة الجيش العربي السوري و حلفائه أن هزيمته النهائية باتت مسألة وقت لا أكثر؟ هل من الممكن أن يمتلك هؤلاء واقعية لاعبي الشطرنج المحترفين أم أنهم سيستمرون في القتال العبثي الذي لن تكون نهايته بأحسن من نهاية جيوش ألمانيا بالنسبة لهم؟ أيعنيهم الحفاظ على أرواح ستزهق فيما إذا استمرت محاولاتهم الفاشلة أم أنهم فقدوا القدرة على قراءة الواقع بشكل تام و نهائي؟ شخصياً أتمنى أن يكونوا لا زالوا قادرين على الإتيان بفعل ينم عن رؤية صحيحة , لكني إنسان واقعي , و لا أتوقع أن يستعيد السمندل الأعمى في أيام ما سلبته إياه الطبيعة على مدى سنوات.