متى استخدم الجنيه الفلسطيني ؟ : تعرّف على تاريخ تطوّر “العملات” في فلسطين وصولاً الى الشيكل الاسرائي
"سيدة البخور" هكذا كانت تسمى غزة قديماً و ذلك لوقوعها وسط طرق التجارة ما بين جنوب شرق اسيا, الصين و الهند عبر الجزيرة العربية و منها الى موانئ بلاد الشام ومن ثم الى أوروبا, تعاقبت عليها العصور و الأزمات و بقيت غزة قديمة حديثة شامخة بكل ما فيها, فكيف تطورت العملة فيها وصولا الى الشيقل الجديد؟ و لماذا حتى الان لا عملة فلسطينية يتم التداول فيها؟
حول هذا الموضوع يقول سليم المبيض أستاذ التاريخ الفلسطيني, " كان النظام التجاري في غزة قديما يعتمد على نظام المقايضة ( بَيْعٌ بِالْمُبَادَلَةِ ، بِالْمُقابَلَةِ ، أَيْ تَبَادُلُ مَادَّةٍ بِمَادَّةٍ أُخْرَى مُعَادِلَةٍ لِثَمَنِهَا) و من ثم و تحديداً في القرن السابع قبل الميلاد ظهرت النقود حيث بدأ التداول بالعملة على مر الامبراطوريات التي حكمت غزة أو احتلتها مثل الحضارة الفرعونية و اليونانية و البيزنطية و الاسلامية و حتى نهاية حقبة الانتداب البريطاني عام 1948 ثم بدأ الاحتلال الاسرائيلي المستمر الى يومنا هذا".
و بشيء من التفصيل يضيف المؤرخ المبيض, " قبل عام 1917, كانت النقود السائدة في غزة هي العملة العثمانية و ما بين عام 1918 حتى عام 1927 كانت العملة السائدة هي العملة المصرية أما ما بين عام 1927 الى عام 1946 كانت النقود الفلسطينينة هي العملة السائدة و ما بين عام 1949 لغاية عام 1956 عادت العملة المصرية و من 2 نوفمبر عام 1956 حتى 7 مارس 1957 سادت العملة الاسرائيلية "العبرية" و من عام 1957 لغاية عام 1967 سادت العملة المصرية و أخيرا من عام 1967 حتى اليوم سادت عدة عملات في غزة مثل الدولار و الدينار بينما العملة السائدة هي الشيقل الجديد".
المبيض يركز في حديثه لدنيا الوطن على تبعات الاحتلال البريطاني البغيض و ما جر بعده من فكرة قيام الدولة الصهيونية اقتصاديا بقوله, "أولاً: بدأ اليهود بالتفكير في صك نقود منذ عام 1922 لا لشيء الا لاحياء اللغة العبرية المتحجرة الأمر الذي قام الشعب الفلسطيني ضده الا أن بريطانيا و من خلفها الصهيونية أصرت على صك تلك النقود و جعلها قابلة للتداول عام 1927".
و يضيف, " صكت تلك النقود في لندن و كانت تحمل ثلاث كلمات: فلسطين و أسفلها PALESTINE و أسفلها كلمة فلسطين بالأحرف العبرية و بين قوسين كتب الألف و اليود بالعبرية و تعني أرض اسرائيل (ايرتس). حين اكتشف الشعب الفلسطيني هذه الخدعة قام بثورته المعهودة و التي أطلق عليها ثورة النقود ضد ذلك العمل عام 1927".
"كانت تتألف هذه النقود من نقود معدنية و هي (ا مليم) و (2 مليم) و (5 مليم و تسمى تعريفة) و (10 مليم و تسمى القرش) و و عشرون مليم (قرشان) و خمسون مليم و تسمى شلن و 100 مليم من الفضة و تسمى بريزة. أما العملة الورقية فكانت تتالف من نصف جنيه ورقي (500 مليم) ثم الجنيه ثم الخمس جنيهات و العشر جنيهات و الخمسون جنيها و المئة جنيها و استمر هذا الصك من النقود حتى عام 1946", على حد قوله.
فيما يتعلق بالشيقل, " كان هناك فترة انتقال استخدموا فيها اليهود الطوابع و بعض الأوراق النقدية التي تكبر في مساحتها من مساحة طابع البريد و من ثم بدأوا في طباعة نقود ورقية تحمل فيها عنوان البنك الأنجلوفلسطيني و من فئات ورقية تحمل اسم الجنيه الفلسطيني و الخمسة جنيهات فلسطينية بتوقيع وزير مالية اسرائيل ثم بدأوا بصك نقود معدنية و ورقية تحمل صورو أسماء بعضمن تراهم قادة و مفكرين و علماء…. الخ. في ذلك الحين كانت العملة تحمل ألفاظ مثل كلمة "بروطه" انتقلت بعد ذلك الى ما يسمى الشيقل و من ثم الى مرحلة أصبح يسمى فيها الشيقل الجديد".
حول سبب عدم وجود عملة فلسطينينة حتى الان, يؤكد المبيض بأن, " وفق اتفاقية أوسلو منعت السلطة الفلسطينينة من صك النقود فنحن للأسف نبقى تابعين للاقتصاد الاسرائيلي و العلمة الاسرائيلية و من هنا نظل نعاني من تذبذب حركة التداول بالدينار و الدولار, فالنقد سمة من سمات الدولة و نحن لا دولة لدينا. صك العملة يحتاج الى اقتصاد و كل اقتصاد يجب أن يغطى بالذهب و اقتصادنا حتى الان مرتبط بالاقتصاد الاسرائيلي الذي يمارس اضعاف الاقتصاد الفلسطيني عن طريق شل مواد الخام التي تنشأ الاقتصاد مثل الزراعة و الصناعة و التجارة".
يذكر أن الاحتلال الاسرائيلي قام بما يسمى ب "خطة فك الارتباط" أو "خطة فك الارتباط أحادي الجانب" هو الاسم الذي اختارته الحكومة الإسرائيلية لخطة قامت بتنفيذها بصيف عام2005 وبحسبها قامت بإخلاء المستوطنات الإسرائيلية ومعسكرات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة و4 مستوطنات أخرى متفرقة في شمال الضفة الغربية.وانتشار قوات الجيش الإسرائيلية على الشريط الحدودي مع قطاع غزة وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون المبادر وقائد هذه الخطة. وكان يسكن في قطاع غزه عند القيام بالخطة 8.600 إسرائيلي.