من الرقة إلى حلب.. هل تتحقق طموحات أردوغان في سوريا؟

قال الكاتب الأمريكي نيكولا نورنبرج، المتخصص في شئون الشرق الأوسط وخريج جامعة جورج تاون، إن السلطات القوية التي حصل عليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد الاستفتاء الدستوري الأخير، قد أثارت مخاوف مبررة لدى المراقبين، ولكنه أشار إلى أن نتيجة التصويت تعكس الواقع الرسمي التركي في العقد الأخير فقط.

وأضاف الكاتب في مقال نشرته مجلة «ذي ناشيونال إنترست» الأمريكية، أن نتيجة الاستفتاء الأخيرة تقوض، إن لم تكن تدمر، الديمقراطية في تركيا. ولكن – وبحسب الكاتب أيضًا- فإن التغيير الحقيقي سيحدث في السياسة الخارجية التركية.

وقال الكاتب: «لقد شاهدنا أردوغان يرسي الأساس لهذا التغيير في علاقته المتنامية مع فلاديمير بوتين، وكان آخرها في أستانة. إن السيطرة المتزايدة التي خلفها الاستفتاء هي بالتحديد السيطرة على المؤسسة الأكثر أهمية في تركيا، وهي القوات المسلحة التركية. وتهدف عمليات هذه القوات في شمال سوريا إلى استهداف المقاتلين الأكراد المرتبطين بحزب العمال الكردستاني، وهو تمرد انفصالي في جنوب شرق تركيا. في أيدي أردوغان المحصنة حديثًا، أصبحت هذه العمليات وسيلة لتحقيق طموحاته الشخصية للتفوق على إرث مصطفى كمال أتاتورك، وإظهار نفسه على أنه صاحب الدولة العثمانية العائدة من جديد».

    إن السيطرة المتزايدة التي خلفها الاستفتاء هي بالتحديد السيطرة على المؤسسة الأكثر أهمية في تركيا، وهي القوات المسلحة التركية.

وتابع الكاتب بقوله إنه يتعين على المجتمع الدولي، ولا سيما حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أن يتعامل مع أردوغان بعناية لتجنب هذه النتيجة، وبالتأكيد بعناية أكبر من وضع الأسلحة الثقيلة في فنائه الخلفي.

ذكر الكاتب أن تركيا اتخذت منذ نتيجة الاستفتاء عدة إجراءات لتحسين وضعها في سوريا. استهدفت الغارات الجوية الكبرى في دريك وسنجار المقاتلين الأكراد. على الجبهة الدبلوماسية، تم اعتبار تركيا الضامن لمحافظة إدلب في اتفاق أستانة، الذي ينشئ مناطق آمنة في سوريا.

توجد اشتباكات متكررة في محافظة إدلب بسبب خضوع مناطق لسيطرة الجماعات المتمردة، ومقاتلين من الجيش السوري الحر، وقوات النظام. ومن شأن التصعيد أن يقدم ذريعةً لنشر القوات المسلحة التركية بشكل جماعي في إدلب، مما يسمح لتركيا بتوسيع موطئ قدمها الحالي في سوريا، وسد الفجوة مع المقاتلين التركمان الذين يتركزون حول اللاذقية التي يسيطر عليها النظام.

اقرأ أيضًا: مترجم: تركيا تعتزم غزو سوريا.. لردع الأكراد وليس داعش

طموحات تركية

Embed from Getty Images

بحسب الكاتب، فإن ضم سوريا الشمالية يتلاءم مع عدد من طموحات أردوغان، وتطلعات الجيش التركي في الانتشار. يسعى الجيش التركي إلى ضم أراضي الميليشيات الكردية، التي تعتبرها ملاذًا رئيسيًا لحزب العمال الكردستاني؛ إن ضم تلك الأراضي سيسمح للجيش التركي بمكافحة هذا التهديد.

    يشكل دمج شمال سوريا انتصارًا لأردوغان على أتاتورك، وسيدعم السرد العثماني الجديد الذي تبناه طوال فترة وجوده على المسرح الوطني.

وأوضح الكاتب أن لدى أردوغان كذلك أهدافًا شخصية، حيث سيسمح الاستيلاء على قطعة من الأراضي تمتد من حلب إلى الرقة للرئيس التركي أخيرًا بالتفاخر بإنجاز لم يتمكن أتاتوك من تحقيقه. في الواقع، خفض أتاتورك بحكمة خسائره في سوريا والعراق من خلال معاهدة لوزان لتأمين الحدود التي كان يملكها من دون توسيع. وقد بنى أردوغان مسيرته السياسية ضمنًا وبصورة علنية على ادعاء أتاتورك.

يشكل دمج شمال سوريا انتصارًا لأردوغان على أتاتورك، وسيدعم السرد العثماني الجديد الذي تبناه طوال فترة وجوده على المسرح الوطني. ومن المهم أيضًا أن نلاحظ أن الاستيلاء على هذه الأرض يمكن أن يدعم جهوده لكسب ود التركيبة السكانية العربية السورية المتزايدة، التي هي في طريقها إلى أن تصبح كتلة التصويت القوية، وفقًا لما أورده الكاتب.

وطالب الكاتب المجتمع الدولي، ولا سيما حلف الناتو، بألا يقلل من شأن طموح أردوغان، واصفًا إياه بأنه يمثل صورة للبراغماتية السياسية، ويظهر خلافه مع فتح الله كولن أنه لا يمكن لأي حليف، مهما كان مخلصًا، أن يشاركه في تسليط الضوء عليه.كما أن الرئيس التركي يفهم قاعدته السياسية، التي ظهرت بشكل واضح في مسيرة بثت على الهواء في ولاية طرابزون قبل التصويت على الاستفتاء. هذه القاعدة السياسية، التي ألهبتها وعوده بالقيادة القوية، واستعادة الأسبقية التركية، ستدعم العمل العسكري في سوريا، خاصة مع الرغبة في استعادة الأراضي العثمانية المفقودة، وحماية الأقليات التركية التي تعيش هناك.

اقرأ أيضًا: كيف غيَّر أكراد سوريا ساحة المعركة الآن؟

تأثير روسيا

Embed from Getty Images

وتابع الكاتب بقوله إنه وبغض النظر عن رفض بشار الأسد للاستجابة لمبادرات أردوغان الدبلوماسية في بداية الحرب الأهلية السورية، فإنه من غير المرجح أن يتخلى أردوغان عن فرصتة لتدعيم إرثه في التاريخ التركي عبر إذلال عدوه في دمشق. إن ضم سوريا الشمالية لا يتعارض بشكل مباشر مع أهداف بوتين في سوريا، ما دام أردوغان لم يعارض الأسد. وطالما كان الأسد هو الحاكم في دمشق، فإن أردوغان قد يمارس حرية التصرف في شمال سوريا، بإذن من بوتين، بحسب رؤية الكاتب

يبقى أكبر عائق أمام تقدم أردوغان – بحسب الكاتب- في شمال سوريا هو الالتزام الأمريكي بدعم مقاتلي حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي تعزز على مر السنين. ويمكن للولايات المتحدة الاستمرار في الإصرار على التزامها بدعم المقاتلين الأكراد، ولكن ذلك لن يمنع الجنود الأتراك من استهداف هؤلاء الأكراد.

وفي نهاية المطاف، فإن تركيا واثقة من تفوق موقفها كعضو في حلف الناتو، وحيازتها قاعدة إنجرليك الجوية. وما تزال تركيا حاسمة بالنسبة للعمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط وما وراءها، على الرغم من نتيجة الاستفتاء غير الديمقراطية، وفق وصف الكاتب. في ظل هذا الواقع، سوف يدفع أردوغان باتجاه بسط سيطرته على الأراضي حتى الرقة ربما.

    إذا كان حلف الناتو والولايات المتحدة يريدان حماية مصالحهما في شمال سوريا، وكبح طموح أردوغان، يجب أن يجدا نفوذًا متناسبًا مع مستوى مشاركة تركيا في المشهد السوري.

قال الكاتب إن وضع أسلحة أكثر تطورًا في أيدي الأكراد السوريين قد يدعم الهدف الضيق المتمثل في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ولكنه سيثير أيضًا مخاوف تركيا المبررة من أن تفقد الولايات المتحدة مسار تلك الأسلحة بعد سقوط الرقة. وهذا الغموض أكثر من كافٍ لدفع التصعيد التركي ضد الأكراد السوريين، في محاولة لتجنب نقل تلك الأسلحة الثقيلة إلى العناصر التابعة لحزب العمال الكردستاني.

واختتم بقوله إنه إذا كان حلف الناتو والولايات المتحدة يريدان حماية مصالحهما في شمال سوريا، وكبح طموح أردوغان، يجب أن يجدا نفوذًا متناسبًا مع مستوى مشاركة تركيا في المشهد السوري.

سيزور الرئيس التركي واشنطن العاصمة في الأسبوع المقبل، مما يتيح لترامب فرصة نادرة لمواجهته وجهًا لوجه. ويجب عليه أن يستغل هذه الفرصة بشكل كامل، من أجل مصلحة شركاء الولايات المتحدة الأكراد.

قال الكاتب الأمريكي نيكولا نورنبرج، المتخصص في شئون الشرق الأوسط وخريج جامعة جورج تاون، إن السلطات القوية التي حصل عليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد الاستفتاء الدستوري الأخير، قد أثارت مخاوف مبررة لدى المراقبين، ولكنه أشار إلى أن نتيجة التصويت تعكس الواقع الرسمي التركي في العقد الأخير فقط.

وأضاف الكاتب في مقال نشرته مجلة «ذي ناشيونال إنترست» الأمريكية، أن نتيجة الاستفتاء الأخيرة تقوض، إن لم تكن تدمر، الديمقراطية في تركيا. ولكن – وبحسب الكاتب أيضًا- فإن التغيير الحقيقي سيحدث في السياسة الخارجية التركية.

وقال الكاتب: «لقد شاهدنا أردوغان يرسي الأساس لهذا التغيير في علاقته المتنامية مع فلاديمير بوتين، وكان آخرها في أستانة. إن السيطرة المتزايدة التي خلفها الاستفتاء هي بالتحديد السيطرة على المؤسسة الأكثر أهمية في تركيا، وهي القوات المسلحة التركية. وتهدف عمليات هذه القوات في شمال سوريا إلى استهداف المقاتلين الأكراد المرتبطين بحزب العمال الكردستاني، وهو تمرد انفصالي في جنوب شرق تركيا. في أيدي أردوغان المحصنة حديثًا، أصبحت هذه العمليات وسيلة لتحقيق طموحاته الشخصية للتفوق على إرث مصطفى كمال أتاتورك، وإظهار نفسه على أنه صاحب الدولة العثمانية العائدة من جديد».

    إن السيطرة المتزايدة التي خلفها الاستفتاء هي بالتحديد السيطرة على المؤسسة الأكثر أهمية في تركيا، وهي القوات المسلحة التركية.

وتابع الكاتب بقوله إنه يتعين على المجتمع الدولي، ولا سيما حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أن يتعامل مع أردوغان بعناية لتجنب هذه النتيجة، وبالتأكيد بعناية أكبر من وضع الأسلحة الثقيلة في فنائه الخلفي.

ذكر الكاتب أن تركيا اتخذت منذ نتيجة الاستفتاء عدة إجراءات لتحسين وضعها في سوريا. استهدفت الغارات الجوية الكبرى في دريك وسنجار المقاتلين الأكراد. على الجبهة الدبلوماسية، تم اعتبار تركيا الضامن لمحافظة إدلب في اتفاق أستانة، الذي ينشئ مناطق آمنة في سوريا.

توجد اشتباكات متكررة في محافظة إدلب بسبب خضوع مناطق لسيطرة الجماعات المتمردة، ومقاتلين من الجيش السوري الحر، وقوات النظام. ومن شأن التصعيد أن يقدم ذريعةً لنشر القوات المسلحة التركية بشكل جماعي في إدلب، مما يسمح لتركيا بتوسيع موطئ قدمها الحالي في سوريا، وسد الفجوة مع المقاتلين التركمان الذين يتركزون حول اللاذقية التي يسيطر عليها النظام.

اقرأ أيضًا: مترجم: تركيا تعتزم غزو سوريا.. لردع الأكراد وليس داعش

طموحات تركية

Embed from Getty Images

بحسب الكاتب، فإن ضم سوريا الشمالية يتلاءم مع عدد من طموحات أردوغان، وتطلعات الجيش التركي في الانتشار. يسعى الجيش التركي إلى ضم أراضي الميليشيات الكردية، التي تعتبرها ملاذًا رئيسيًا لحزب العمال الكردستاني؛ إن ضم تلك الأراضي سيسمح للجيش التركي بمكافحة هذا التهديد.

    يشكل دمج شمال سوريا انتصارًا لأردوغان على أتاتورك، وسيدعم السرد العثماني الجديد الذي تبناه طوال فترة وجوده على المسرح الوطني.

وأوضح الكاتب أن لدى أردوغان كذلك أهدافًا شخصية، حيث سيسمح الاستيلاء على قطعة من الأراضي تمتد من حلب إلى الرقة للرئيس التركي أخيرًا بالتفاخر بإنجاز لم يتمكن أتاتوك من تحقيقه. في الواقع، خفض أتاتورك بحكمة خسائره في سوريا والعراق من خلال معاهدة لوزان لتأمين الحدود التي كان يملكها من دون توسيع. وقد بنى أردوغان مسيرته السياسية ضمنًا وبصورة علنية على ادعاء أتاتورك.

يشكل دمج شمال سوريا انتصارًا لأردوغان على أتاتورك، وسيدعم السرد العثماني الجديد الذي تبناه طوال فترة وجوده على المسرح الوطني. ومن المهم أيضًا أن نلاحظ أن الاستيلاء على هذه الأرض يمكن أن يدعم جهوده لكسب ود التركيبة السكانية العربية السورية المتزايدة، التي هي في طريقها إلى أن تصبح كتلة التصويت القوية، وفقًا لما أورده الكاتب.

وطالب الكاتب المجتمع الدولي، ولا سيما حلف الناتو، بألا يقلل من شأن طموح أردوغان، واصفًا إياه بأنه يمثل صورة للبراغماتية السياسية، ويظهر خلافه مع فتح الله كولن أنه لا يمكن لأي حليف، مهما كان مخلصًا، أن يشاركه في تسليط الضوء عليه.كما أن الرئيس التركي يفهم قاعدته السياسية، التي ظهرت بشكل واضح في مسيرة بثت على الهواء في ولاية طرابزون قبل التصويت على الاستفتاء. هذه القاعدة السياسية، التي ألهبتها وعوده بالقيادة القوية، واستعادة الأسبقية التركية، ستدعم العمل العسكري في سوريا، خاصة مع الرغبة في استعادة الأراضي العثمانية المفقودة، وحماية الأقليات التركية التي تعيش هناك.

اقرأ أيضًا: كيف غيَّر أكراد سوريا ساحة المعركة الآن؟

تأثير روسيا

Embed from Getty Images

وتابع الكاتب بقوله إنه وبغض النظر عن رفض بشار الأسد للاستجابة لمبادرات أردوغان الدبلوماسية في بداية الحرب الأهلية السورية، فإنه من غير المرجح أن يتخلى أردوغان عن فرصتة لتدعيم إرثه في التاريخ التركي عبر إذلال عدوه في دمشق. إن ضم سوريا الشمالية لا يتعارض بشكل مباشر مع أهداف بوتين في سوريا، ما دام أردوغان لم يعارض الأسد. وطالما كان الأسد هو الحاكم في دمشق، فإن أردوغان قد يمارس حرية التصرف في شمال سوريا، بإذن من بوتين، بحسب رؤية الكاتب

يبقى أكبر عائق أمام تقدم أردوغان – بحسب الكاتب- في شمال سوريا هو الالتزام الأمريكي بدعم مقاتلي حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي تعزز على مر السنين. ويمكن للولايات المتحدة الاستمرار في الإصرار على التزامها بدعم المقاتلين الأكراد، ولكن ذلك لن يمنع الجنود الأتراك من استهداف هؤلاء الأكراد.

وفي نهاية المطاف، فإن تركيا واثقة من تفوق موقفها كعضو في حلف الناتو، وحيازتها قاعدة إنجرليك الجوية. وما تزال تركيا حاسمة بالنسبة للعمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط وما وراءها، على الرغم من نتيجة الاستفتاء غير الديمقراطية، وفق وصف الكاتب. في ظل هذا الواقع، سوف يدفع أردوغان باتجاه بسط سيطرته على الأراضي حتى الرقة ربما.

    إذا كان حلف الناتو والولايات المتحدة يريدان حماية مصالحهما في شمال سوريا، وكبح طموح أردوغان، يجب أن يجدا نفوذًا متناسبًا مع مستوى مشاركة تركيا في المشهد السوري.

قال الكاتب إن وضع أسلحة أكثر تطورًا في أيدي الأكراد السوريين قد يدعم الهدف الضيق المتمثل في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ولكنه سيثير أيضًا مخاوف تركيا المبررة من أن تفقد الولايات المتحدة مسار تلك الأسلحة بعد سقوط الرقة. وهذا الغموض أكثر من كافٍ لدفع التصعيد التركي ضد الأكراد السوريين، في محاولة لتجنب نقل تلك الأسلحة الثقيلة إلى العناصر التابعة لحزب العمال الكردستاني.

واختتم بقوله إنه إذا كان حلف الناتو والولايات المتحدة يريدان حماية مصالحهما في شمال سوريا، وكبح طموح أردوغان، يجب أن يجدا نفوذًا متناسبًا مع مستوى مشاركة تركيا في المشهد السوري.

سيزور الرئيس التركي واشنطن العاصمة في الأسبوع المقبل، مما يتيح لترامب فرصة نادرة لمواجهته وجهًا لوجه. ويجب عليه أن يستغل هذه الفرصة بشكل كامل، من أجل مصلحة شركاء الولايات المتحدة الأكراد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...