نهاية مؤسفة للفنان عبد الفتاح القصري تنهى مشوار حياته

في الثامن من مارس 1964، خرج جثمانه من مستشفى المبرة، إلى مثواه الأخير، في جنازة لم يسر وراءها سوى 4 أشخاص، من بينهم الفنانة نجوى سالم، لترسم الجنازة المشهد التراجيدي الأخير في حياة الفنان الكوميدي عبد الفتاح القصري

 

في الثامن من مارس 1964، خرج جثمانه من مستشفى المبرة، إلى مثواه الأخير، في جنازة لم يسر وراءها سوى 4 أشخاص، من بينهم الفنانة نجوى سالم، لترسم الجنازة المشهد التراجيدي الأخير في حياة الفنان الكوميدي عبد الفتاح القصري.

لم يتخيل الجمهور الحاضر لإحدى مسرحيات الفنان إسماعيل يس الكوميدية، أن يشهد على بداية تراجيديا “القصري”، الذي أعياه المرض قبل صعوده على المسرح ليؤدي مشهده، لكنه تحامل على نفسه كي لا ينتظره جمهوره، أو تؤجل المسرحية، فيصعد على خشبة المسرح، ويصرخ برعب “مش شايف”، ليظنها الحضور مزحة فتتعالى أصوات ضحكاتهم عليها، إلا أن صديقه “إسماعيل يس”، يفهم الحقيقة، لعلمه بعدم وجود تلك الجملة في النص، فيأخذه داخل الكواليس، ليستفهم الأمر فيصرخ “القصري” باكيًا: “مش شايف… نظري راح يا ناس”، فينقله زملائه إلى المستشفى، ويتبين فقدان نظره بسبب ارتفاع نسبة السكر في الدم.

 

بعد عناء 3 أشهر مع العلاج، عاد نظر “القصري” جزئيًا، إلا أن حياته أظلمت بسبب صدمته من طلب زوجته الرابعة تطليقها، وزواجها من “صبي البقال” الشاب الذي كان يرعاه منذ 15 عامًا، ويعتبره ابنه الذي لم ينجبه، وأجبرته على التوقيع على أوراق بيع كل ممتلكاته، ليصاب بالاكتئاب، ويظل وحيدًا مريضًا في منزله.

 

أفقدت الصدمة “القصري” عقله، وأصيب بالهذيان، فعاشت معه أخته “بهيجة” لترعاه وتهتم به، وكانت تعمل في بيع الشاي والسكر في “قراطيس” لتوفر ثمن الطعام والشراب، إلا أن عسر الحال أصابهما، حتى قيل إن الفنان الراحل كان يقف في نافذته، حتى يسمع صوت أي طفل فيتوسل له أن يعطيه من طعامه.

 

استعرت أزمات “القصري”، فلم تكتفِ بالمرض والهجر والفقر، لتكتمل قصة مأساته بقرار المحافظة بهدم منزله، ليعيش في غرفة فقيرة “تحت بير السلم”، حتى تفاقم مرضه، وازدادت أوجاعه، وأقساها كان إصابته بتصلب في شرايين المخ، وفقدان الذاكرة، نقل على إثرها إلى مستشفى المبرة، ليخرج منها في نعشه، الذي لم يمشِ وراءه أحد سوى 4 أشخاص منهم شقيقته، والفنانة نجوى سالم.

 

ولد “القصري” في 15 إبريل 1905 لأب ثري يعمل في تجارة الذهب في الحسين وحارة اليهود، التحق بمدرسة رهبان ”الفرير”، وأتقن الفرنسية، إلا أنه أحب التمثيل خاصة دور ابن البلد، فداوم على ارتداء “الجلابية البلدي”، وحارب لدخول عالم الفن، ما جعل والده يقرر حرمانه من الميراث، ليقدم للفن ما يزيد عن 60 عملًا فنيًا، لعب فيها دور “السنيد”، وأضاف مدرسته الكوميدية الخاصة في التمثيل، والتي أثرت في الأجيال المتلاحقة إلى اليوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...