وصل صوتها إلى العالم العربي عبر ميكروفونات الإذاعات الأهلية المصرية قصة الشيخة منيرة عبده: فتوى منعت
الشيخة «منيرة عبدُه»، إحدى القارئات التى حاربت في زمنٍ مضى جملة «صوت المرأة عورة»، كانت تُرتل بصوتها كثيرًا، قبل أن يمنعوها من الترتيل، وتموت حزينة على ما أصابها، بعيدًا عن دولة تلاوة قراءة القرآن الكريم.
الشيخة «منيرة عبدُه»، إحدى القارئات التى حاربت في زمنٍ مضى جملة «صوت المرأة عورة»، كانت تُرتل بصوتها كثيرًا، قبل أن يمنعوها من الترتيل، وتموت حزينة على ما أصابها، بعيدًا عن دولة تلاوة قراءة القرآن الكريم.
لم تُحقق الشيخة منيرة عبده الشهرة التى وصلت إليها الشيخة كريمة العدلية، رغم وصول صوتها إلى العالم العربي، عبر ميكروفونات الإذاعات الأهلية المصرية، وعندما قرأت أول مرة عام 1920، كانت فتاة صغيرة في الثامنة عشرة من عُمرها، نحيفة وضعيفة وكفيفة، وفقًا لما أورده الكاتب الراحل، محمود السعدنى، في كتابه «ألحان السماء».
أحدث ظهور منيرة ضجة كُبرى في العالم العربى، ولم يمض وقت طويل حتى أصبحت الشيخة منيرة ندًّا للمشايخ الكبار، وذاع صيتها خارج مصر، وتهافتت عليها جميع إذاعات مصر الأهلية.
كانت ليالى المآتم آنذاك تُقام 3 أيام للرجال و3 للنساء، وفي البداية لم تكُن هؤلاء النساء يحترفن مهنة ترتيل القرآن، ولكنهن كنّ يحترفن مهنة النياحة، مثلما كانت تفعل المعددات، والتى كانت قادرة على أن تستدر الدمع من عيون الصخر، ثم احترفت قراءة القرآن فترة من الوقت.
بعد ذلك، انتشرت أصوات المقرئات خارج المآتم أيضاً، وقرأت مقرئات مثل كريمة العدلية القرآن عبر الإذاعة المصرية إلى جانب مقرئات أخريات قبل أن يتم إخماد أصواتهن. ففي عهد محمد علي، أحيت الشيخة أم محمد ليالي في قصور مسؤولي الدولة.
وهُناك قصة تُروى، أنه في عام 1925 عرض أحد التجار الأثرياء التوانسة على الشيخة منيرة إحياء شهر رمضان في قصره بصفاقس وبأجر ألف جنيه، وهو مبلغ قد يوازي بحساب النقد هذه الأيام مليون جنيه، إن لم يكن أكثر، ولكنها رفضت، فجاء الرجل إلى القاهرة، وقضى شهر رمضان في مصر.
وعندما أنشئت الإذاعة الرسمية في القاهرة، كانت الشيخة منيرة في طليعة الذين رتلوا القرآن من خلال موجاتها، كانت تتقاضى حينها 5 جنيهات، في الوقت الذى كان الشيخ رفعت يتقاضى 10 جنيهات، مع أن الشيخة منيرة عبده كانت على علاقة طيبة بكل القراء، إلا أنها كانت تفضل الشيخ محمد الصيفي، وكانت تعتبره شيخ القراء جميعًا.
وقبل الحرب العالمية، أفتى بعض المشايخ الكبار بأن صوت المرأة عورة، وعندها اختفت الشيخة منيرة من الإذاعة، وتوقفت إذاعتا لندن وباريس عن إذاعة أسطواناتها خوفًا من غضب المشايخ الكبار.
حينها، اعترض الشيخ شعيشع في التقرير ممن يرفضون عمل المرأة كقارئة قائلًا: «هذه رِدّة فكرية، فقد كانت هناك قارئات شهيرات يقرأن القرآن بالإذاعة، وبين العامة والحكام على وجه سواء».
والغريب أن يتم هذا في وقت كان محرّمًا على المرأة التعليم والعمل، وبرزت من الأصوات النسائية الطيبة التي تجيد تلاوة القرآن الكريم بالإذاعة أمثال الشيخة منيرة عبده التي بدأت القراءة وعمرها 18 عاماً، وكانت لها جماهيرية في العالم العربي لحسن أدائها».
اعترض المستمعون أيضًا كثيرًا على إبعاد الشيخة منيرة إلا أن الإذاعة لم تستطع أن تفعل شيئًا، فقد قُضِيَ الأمر بعد فتوى المشايخ الكبار، واعتكفت الشيخة منيرة في آخر أيام حياتها في بيتها، تجتر الذكريات، بعد أن عاشت تمارس هوايتها الوحيدة الاستماع لأصوات العمالقة.
وقبل موتها، كانت الشيخة منيرة تُردد أن الزمن يُفقد الأصوات بعض خصائصها الجميلة، ولذلك فهي تفضل الاستماع إلى أصوات المشايخ الكبار عندما كانوا في فترة الشباب.