يوم “الصدور العارية”… في لبنان فضيحة عربية بامتياز
يحتفل العالم غداً باليوم العالمي للـ Topless أو الصدور العارية. غريبة هذه الفكرة عن عالمنا العربي، حيث عريُ صدور النساء لا يكون سوى بين جدران أربعة. تخيّلوا ماذا يمكن أن يحدث لو تجرّأت امرأة واحدة على تعرية صدرها غداً، وخرجَت من منزلها للتنزّه على أوتوستراد ضبيه أو في وسط المدينة. ستوقِف السياراتُ سيرَها حتماً، وقد يكون توقّفها مفاجئاً لدرجة وقوع حوادث مدمّرة أو حتّى قاتلة!
وسيتهافت السائقون لتصويرها كونها ظاهرةً فريدة من نوعها، وينشر بعضهم صوَرها على حسابه الفيسبوكي. الصحافيّون سيُدهشون لرؤيتها، فهي تشكّل سكوبّاً يَجذب القرّاء إلى صفحات الوسائل الإعلامية الإلكترونية. وستحقّق صورها المنشورة إعلامياً كمَّاً هائلاً من المشاهدين لمجرّد وضعِ عنوان: “تتنزّه عارية الصدر في الشارع”.
عناصر إثارة
من الطبيعي في العالم أجمع أن يعرّيَ الرجل صدرَه ويتنزّه في حديقة منزله على مرأى من أعين الجيران، أو على الطريق تحت أنظار المارّة، وخصوصاً في المسابح، فلباسُ السباحة المخصّص له لا يغطي سوى أعضائه التناسلية، متناسياً الجهة العليا من جسده.
بالنسبة للمرأة، لا زال نهداها عنصرَ إثارة وعرضُهما خرقاً للمحرّمات وخدشاً للحياء العام. هي مدعوّة إلى تغطيتهما في معظم أنحاء العالم باستثناء بلدان معدودة، سمحت لها بالكشف عنهما في العلن.
وحتّى في تلك البلدان غالباً ما لا تمتلك المرأة الجرأة الكافية للخروج عارية الصدر في الأماكن العامة، باستثناء المسابح. فحتى لو قصدنا مدينة نيويورك الأميركية حيث يسمح القانون للمرأة بالخروج عارية الصدر، لن نجد نساءً يحتسين القهوة على شرفات المنازل وهنّ يعرضن المنطقة العلوية من أجسادهن للمارة.
هذا القانون الأميركي تمّ إرساؤه لمنح النساء حقّ تعرية الصدر أسوة بالرجال، ما يضمن لهنّ مزيداً من المساواة. من جهتها، انتظرت السويد حلول هذا الصيف لتسمح لمَن ترغب من النساء السباحة “توبلِس” في كلّ مسابح البلاد العامة. ولكن، في بلدان غربية عديدة لا زالت المرأة مجبورة على تغطية ثدييها في أيّ مكان عام، بينما لا يُفرض على زوجها الأمر نفسه.
تطلبن المساواة
من خلال اليوم العالمي للـ “توبلس” تطالب النساء حول العالم وخصوصاً الأنغلوسكسونيات منهن، بحقهن بالتعرّي اجتماعياً كما الرجل، فيضمنَّ أنّ خلع حمالة الصدر في أيّ مكان عام لن يعرّضهن للإهانة. وبرأي إحدى الناشطات: “حمالة الصدر اختراع جيد للنساء اللواتي يحتجنها في حياتهن اليومية، ولكن مَن قال إنها إجبارية؟”
للتظاهر ولفت النظر
إلى ذلك، لم يقتصر خلع النساء لقمصانهنّ والخروج عاريات في الشارع على تأكيد حريتهنّ ومساواتهن بالرجال، بل استخدمن العري للتظاهر أيضاً. فبعضهن هدفنَ إلى دعم قضايا اجتماعية، أو التنديد بأخرى، وأشهرُهنّ الناشطات الأوكرانيات في جمعية “فيمن”. أدرك هؤلاء النسوة أنّ عريهنّ يلفت الأنظار نحو أيّ قضية يناصرنها أو ينتقدنها.
ففور خروجهن إلى الشارع تلاحقهن الكاميرات الجائعة لتصوير تفاصيل الأجساد النسائية المكشوفة، فيجول عريهنّ الفاضح داعماً قضاياهن أمام العالم. العري رسالة بحدّ ذاتها، وأبلغ من مئات الكلمات… بعريهن يخضن المعارك، ويصدمن العالم المكبّل بالتابوهات ويرسلن بواسطة هذه الصدمة الرسائل التي تفيّدهن.
وقد تابع العالم أخيراً تظاهر 100 امرأة أميركية عاريات بالكامل للتنديد باستفزازت المرشح للرئاسة الأميركية دونالد ترامب بحق النساء، وأعطى تجردهنّ من الثياب زخماً لتظاهرتهن.
الإعلام يبحث دائماً عن العري وتتغذّى الصورة من الأجساد المثيرة المعروضة، حيث يحاول كلٌّ التجسّس على جسد غيره، بهدف الإستثارة، أو من باب الصدمة والانجذاب إلى غير المألوف.
ولكن يُذكر أنّ عرض النساء لسيقانهن في الأماكن العامة كان يُعتبر غير لائق في قرون خلت، أما لارتدائهنّ البنطلون وتوصلهنّ إلى الاقتراع فخضن معارك شرسة، إنما كان لتحقيق المساواة الكلمة الأخيرة. فهل يصبح عرض صدور النساء للعلن مسألة عادية كارتدائهن البنطلون وتصويتهن في الانتخابات؟