الصراعات الاعلامية والتمويلات الاجنبية ..هل ستجرفنا لثورة اعلامية ثالثة ؟
كتبت | مي حجي
الحاكم يضرب بالطبلة
وكل وزارات الإعلام تدق علي ذات الطبلة
وكل وكالات الانباء تضخم ايقاع الطبلة
والصحف الكبرى …والصحف الصغرى
تعمل أيضا راقصة في ملهي تملكه الدولة ….
لا يوجد صوت في الموسيقى
أردأ من صوت الدولة ! !
كلمات سطرها الشاعر المبدع “نزار قباني … ربما مر عليها سنوات ..لكنها الحقيقة التي قد ينكرها البعض ..ان الإعلام المصري سواء الورقي أو المرئي والمسموع عبر الفضائيات … يعتمد أساسه علي الشللية والمصالح الشخصية … فهناك اعلام يتحدث عن فلول مبارك واعلام يتحدث عن فلول الاخوان واعلام يتحدث عن اصحاب المصلحة والكل يتصارع في حلقة مغلقة بعيدا تماما عن مصالح الشعب .
دور الاعلام هو الكشف عن حقائق الأمور والإلمام بمختلف المظاهر والظواهر ،فكان لابد من إيجاد وسيلة مثلى يشبع من خلالها فضوله ويشفي بها غليله ،وهنا كان دور الألة الإعلامية أو وسائل الإعلام بمختلف أشكالها وأصنافها ، لكن الثورة الإعلامية أو تكنولوجيا الإعلام التي يشهدها العالم قد قلبت كل الموازين وأضحى الإعلام ركيزة أساسية في بناء الدولة بل بات يعتبر من مقومات ورموز السيادة الوطنية ، بحيث صارت أول خطوة في إنجاح أي فكرة لابد من الاستيلاء على مقر التلفزة والإذاعة ، ولان “الإعلام أداة فاعلة ومنظومة متكاملة ” ، فلا بد من تفعيل ادائه لترسيخ بناء الدولة وترسيخ الثوابت الوطنية لديها ولدى مواطنيها ، نعم بدأت الألة الاعلامية لتقدم هدف نبيل ينقل صوت ابناء الوطن ،وترصد انجازات وسلبيات الحكومات والمسئولين ،لكنه اليوم أصبح أداة خطيرة تستطيع قلب كل الأمور حسب رغبات القائمين عليها ،ربما تتستر علي تجاوزات وكوارث ،وربما تظهر ايجابيات وتضخم في قضايا وتخفي قضايا اخري ،والأكثر خطرا هو التمويل الأجنبي ،والذي كان يتم في الخفاء قبل ثورة يناير الا انه بعد الثورة اصبح يتم بشكل عني متبجح وصارخ سواء من دول عربية شقيقة تسعي جاهدة لنشر فكر معين في مصر باعتبارها قلب الوطن العربي ،أو تسعي لقلب نظام الحكم لإسقاط مصر ،أو دول أجنبية تحاول جاهدة التحكم في السياسة الداخلية .
وفي الوقت الذي يوجد بمصر 85 حزب ،90% منهم احزاب كرتونية لا يعرفها المواطن ولا يسمع عنها مطلقا ،تمول من الخارج بمبالغ كبيرة جدا ،وهذا ليس جديدا فكان يتم في عصر مبارك ،فيحكي أن مصطفي كامل مراد رئيس حزب الأحرار اتصل بالرئيس السابق حسني مبارك وأبلغه بأن أحمد قذاف الدم زاره وأعطي له مبلغ مالي كبير ،يأخذه أم لا ،في نفس اللحظة الذي كان بها أحمد قذاف في مجلس الاستقبال ،فإجابه مبارك قائلا : خذ الفلوس واكتب له كلمتين في صحيفة الأحرار .
وعن حصول بعض الصحف الحزبية في مصر علي تمويل من الدولة الليبية ،خلال حكم القذافي ،تردد أن الرئيس الاسبق حسني مبارك وقتها كان لا يعترض فكان يقول : رئيس الحزب هيشتري فلة وسيارة ويعين عمال وخدم و سفراجية وسائقين هيوفر فرص عمل للمصريين ،علما بأن رؤساء الأحزاب الذين تلقوا منح وهبات وتمويل من الخارج كان يبلغ الأجهزة الأمنية عنها في نفس الوقت ،لكن بعد الثورة زاد التمويل الأجنبي كثيرا جدا ،وبعد ان كان هناك تمويل الصحف فقط ،أصبح تمويل الفضائيات يأتي من كل مكان .
فقد جاءت زيارة مادلن أولبريت وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق الي مقر صحيفة المصري اليوم ، من خلال المركز الحقوقي ، والتقائها مع مجلس التحرير ،مثيرة جدا لدهشة الجميع وخاصة في هذا الوقت ، وسبق وزارت ايمن نور بحزب الغد ،وهما مثالين واضحين للتمويل الأمريكي بمصر ، وأحمد قذاف الدم منسق العلاقات المصرية الليبية خلال حكم القذافي بليبيا والذي كان يزور رؤساء الأحزاب في بيوتهم بالقاهرة ويسلمهم مبالغ مالية كبيرة .
وايضا هناك صحف وقنوات كثيرة لها تمويل سعودي ،واخري اماراتي ،وقطري ، ان هذه التمويلات سواء كان هدفها هو دعم موقف الحكومة المصرية أو ضد موقف الحكومة بهدف ارباك المشهد السياسي المصري سواء داخليا أو خارجيا ،هو أمر بالغ الخطورة ،فلا يمكن ان يسيطر علي وسائل الاعلام دول خارجية سواء عربية او خارجية ، فحجم المليارات التي دخلت مصر بعد ثورة يناير كبير جدا لدرجة مخيفة ،ما هدف تلك الدول من الاحداث السياسية التي حدثت بمصر بعد سقوط حكم الاخوان ومرورا بحكم الاخوان وبعد سقوطهم ،وما المصلحة وراء تلك التمويلات … سواء كان الموقف مؤيد او معارضة ،المؤكد أن تدخل اي دولة في الشأن المصري الداخلي وتغيير الوعي والثقافة السياسية والمجتمعية بالمجتمع المصري خطير جدا ، فالإعلام أسقط دول ،وأيضا ساعدت أنظمة فاسدة علي البقاء علي عروش دول .
وعادت المعارك الساذجة بين الإعلاميين تفرض نفسها على الساحة وعاد التراشق على الفضائيات وصفحات الجرائد وعادت الاتهامات تطل من جديد .. والأسوأ من ذلك كله ان أمراضنا القديمة وأخطرها الشللية كادت أن تدمر كل شي
بالفعل هناك محاولات اقصاء مقصودة على طريقة الأخوان المسلمون الذين تخلصنا منهم بمعجزة إلاهية أن اخطر أمراض الوسط الصحفى والاعلامى هو الانقسامات التاريخية بين حملة الأقلام .. ومن يتابع برامج الفضائيات سوف يكتشف حجم الكارثة ما بين العهود المختلفة ترتفع الاصوات دفاعا وهجوما وادانة .. الناصريون والساداتيون والمباركون وثوار يناير وثوار يونيه وجماعات رجال الأعمال وجماعات الشعارات وفلول الأخوان وفلول الحزب الوطنى والسلفيون وغير السلفيين هذه القوى المتصارعة فى المصالح ولا اقول الافكار هم الذين يديرون المعارك الآن ..
هناك القوى القديمة التى تتمسك بمصالحها وتتربص بكل قادم جديد .. وهناك جماعات الحنجوريين كما كان يسميهم الراحل الكبير محمود السعدنى .. وهناك بوتيكات الفساد وفيها كل أنواع الدجل والتحايل والشعوذة .. إننا نعلم أن مأساة الانقسامات واحدة من اخطر وأسوأ الظواهر فى مصر الآن بعد ثورتين وخلع رئيسين الا أن المأساة الأكبر ان تطيح هذه الانقسامات بالوسط الاعلامى وهو ما يحدث الآن .. إن الصراعات والمعارك بين الإعلاميين انعكست على الشارع المصرى فقد تحول الإعلام إلى وسيلة ضغط على السلطة وأصحاب القرار وما يتابع لغة بعض الإعلاميين الذين تحولوا إلى زعماء يدرك أن ما نراه ليس إعلاما ولكنه نوع من الفوضى حين يمارس الانسان حقا ليس له فى إرهاب الناس وتخوينهم والأخطر ما يقال الآن عن مؤسسات إعلامية تم انشاؤها أو التوسع فيها من وراء الشعب والدولة والحكومة ودون ان يسأل احد اصحاب هذه المؤسسات من اين لكم هذه الملايين إن للإعلام رسالة سامية وليس دوره ان يقسم طوائف الشعب او ان يكون معاول هدم ..