كيف سيكون تاريخنا الآن “كعرب” ان كانوا هؤلاء هم من انتصروا بهذه الحروب؟! – تقرير
أثرت الحربان العالميتان الأولى والثانية بشكل كبير في تاريخنا ووجودنا، فحالنا الآن لن يكون كحالنا ان انتصر هتلر في الحرب العالمية الثانية وقام بغزو البلاد العربية واحتلالها على سبيل المثال.
على الرغم من الواقع المُزري الذي نعيش به الآن، وسط انعدام الثقافة والأخلاق والتطور وكثرة القتل والذبح، قد تُصدم عندما تعلم أن هذه الفترة هي من أكثر الفترات سلاماً واستقراراً لجميع الدول على مر التاريخ، فالتاريخ القديم والمعاصر لم يخلو من الحروب التي ذهب ضحيتها الآلاف وربما الملايين.
خاض الوطن العربي في تاريخه القديم والحديث الكثير والكثير من الحروب، خسر بعضها وانتصر بأخرى، تم استعماره واحتلاله لقرون وعاد لحريته مرة أخرى.
في الجزء الأول من التقرير “كيف سيكون التاريخ الآن إن كانوا هؤلاء هم من انتصروا بالحروب؟!” تناولنا ثلاثة من الحروب التي غيرت مجرى التاريخ وهما الحرب الأهلية الأمريكية والحربان العالميتين الأولى والثانية، في الجزء الثاني سنتناول ثلاثة حروب أخرى ولكن هذه المرة عربية، وكيف سيكون تأثيرها علينا وحالنا الآن إن انتصرت الأطراف الخاسرة بها..
حرب فلسطين 1948
أسبابها
#حتى عام 1914 كانت فلسطين ضمن حدود الدولة العثمانية، ولكن بعد خسارتها في الحرب العالمية الأولى خسرت جميع اراضيها لصالح بريطانيا وفرنسا، فكانت فلسطين من نصيب بريطانيا وخضعت للانتداب البريطاني حتى عام 1948.
#عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية شجعّت انجلترا والولايات المتحدة الهجرة اليهودية إلى الأراضي الفلسطينية تمهيداً لقرار تقسيم فلسطين، إلى أن تم صدور القرار في نوفمبر 1947 ويتم بموجبه تقسيم الأراضي الفلسطينية الى دولة عربية وأخرى يهودية بنسبة 56% لليهود و 43% للعرب، والـ 1% هي منطقة القدس وهي منطقة دولية وضعت تحت الانتداب.
#عدم قبول الدول العربية لهذا القرار واتحاد كل من ( المملكة المصرية، مملكة الأردن، مملكة العراق، سوريا، لبنان، والمملكة العربية السعودية ) ضد الميليشيات الصهيونية المسلحة في فلسطين.
أبرز الأحداث
#بعد انتهاء الانتداب البريطاني في فلسطين واعلان دولة اسرائيل، قام الرئيس الأمريكي هاري ترومان بالاعتراف رسمياً بدولة اسرائيل، ومن هنا بدأت الجيوش العربية أولى حملاتها داخل فلسطين، بدأها الجيش المصري في 14 مايو 1948 بدخوله الى حدود فلسطين والهجوم على المستعمرات اليهودية في غزة، بالإضافة الى الغارات الجوبة على تل أبيب.
حيث أرسلت المملكة المصرية في ذلك الوقت تحت حكم الملك فاروق 10 آلاف جندي بقيادة اللواء أحمد علي المواوي.
#بنفس التوقيت قامت القوات السورية بقيادة العقيد عبد الوهاب الحكيم والتي تألفت من أكثر من 1800 جندي بعبور الحدود داخل فلسطين ومحاصرة بعض المستعمرات، وتبعتها القوات الأردنية والتي تألفت من 4500 جندي وقامت بالاستيلاء على القدس القديمة.
#دخول الجيش اللبناني والسعودي بالحرب، حيث أرسل الملك عبد العزيز آل سعود فرقة سعودية إلى فلسطين بالطائرات والسفن، وكانت المعركة الأولى للجيش السعودي في بيت حانون.
#بدء الهدنة الأولى بين اسرائيل والجيوش العربية في 11 يونيو 1948، وفي هذه الأثناء أبدت الجيوش العربية تفوقاً ملحوظاً، فتمت السيطرة على بعض المناطق مثل خان يونس، دير البلح، غزة، بيت حانون، بير سبع، دير سانيد، وبيت لحم.
#بعد الهدنة الأولى استعادت القوات الصهيونية قوتها بسبب الامدادات التي وصلتها من الخارج، والاستمرار في اختراق الهدنة والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وطرد الأهالي منها، بالإضافة الى تخاذل القوات الأردنية وانسحابها من مواقعها بسبب الاتفاق السري الذي تم بين قيادة الجيش الأردني بقيادة غلوب باشا الانجليزي وقيادة الجيش الصهيوني مما تسبب في تصدّع الجبهة العربية خاصة أن الجيش الأردني كان من الجيوش ذات الأدوار المركزية في الحرب.
#بعد استيلاء اليهود على العديد من المناطق الفلسطينية تم تجديد الهدنة في 18 يوليو 1948 ولكن هذه الهدنة كانت دماراً على الجيوش العربية، حيث استمرت القوات اليهودية في الاختراق والسيطرة على الأراضي دون ردع يذكر.
#منذ ذلك الوقت وحتى بداية عام 1949 استمرت القوات الصهيونية فرض سيطرتها على الاراضي الفلسطينية بدعم شامل من انجلترا والولايات المتحدة، واستمرار تعرض الجيوش العربية لسلسلة هزائم، وتحول مسمى حرب إلى نكبة للجيوش العربية.
#انتهاء القتال في 7 يناير 1949 وبدء مفاوضات جزيرة روديس اليونانية بين الجيش الصهيوني والدول العربية المُشاركة في الحرب، وتوقيع اتفاقيات الهدنة الأربع بتوسيط من الأمم المتحدة بين 24 فبراير و 20 يوليو 1949، إلى أن تم تحديد الخط الأحمر الفاصل بين الأراضي الاسرائيلية المحتلة والأراضي الفلسطينية، وضم اسرائيل كعضواً كاملاً في الأمم المتحدة في 11 مايو 1949.
كانت حرب فلسطين واحدة من أسوأ النكبات على مر التاريخ، حيث مازال يعاني العرب من آثارها حتى الآن –أو يعاني الفلسطينيين فقط من تأثيرها حتى الآن دون أي تقدم عربي ملحوظ في القضية منذ ذلك الوقت حتى الان- لذا دعونا نضع أيدينا على أبرز أسباب هذه الهزيمة..
- فارق الخبرة العسكرية والعتاد بين الجيش الصهيوني والجيوش العربية، حيث كانت تتسم مخابرات وأجهزة الجيوش العربية بالضعف الشديد أمام حِنكة انجلترا والولايات المتحدة، بالإضافة الى عدم مشاركة أغلب الجيوش العربية في الحروب لفترة طويلة.
- الاتفاق السري الذي دار بين قيادة الجيش الأردني والجيش الصهيوني وانسحاب القوات الاردنية من مواقعها بأوامر من قيادتها السياسية المتواطئة مع الانجليز واليهود، حيث أدت إلى خسارة فادحة في الأراضي الفلسطينية لصالح اليهود وتصدع الجبهة العربية.
- تحكم انجلترا في توريد الأسلحة والمعدات للدول العربية، حيث استمرت انجلترا في مد الجيش الصهيوني بالأسلحة والعتاد في حين قطعتها تماماً عن الجيوش العربية، بالإضافة إلى قِدم الأسلحة المستخدمة من الجيوش العربية من مخلفات الحرب العالمية الثانية.
نتائجها
#هزيمة الجيوش العربية هزيمة ساحقة، واستيلاء الجيش الصهيوني على فلسطين بالكامل عدا غزة والضفة الغربية والقدس.
#استمرار اليهود في التوغل داخل الأراضي العربية وخاصة صحراء النقب وإقامة ميناء إيلات في العقبة.
#اعتماد حدود اسرائيل الجديدة من قِبل الولايات المتحدة وفرنسا وانجلترا عام 1950.
#تشريد أكثر من 2 مليون فلسطيني خارج أراضيهم، ورفض الدول العربية الاعتراف بدولة اسرائيل.
في عالم موازي
العالم الموازي لهذه الحرب تحديداً من شأنه إعادة تدوين تاريخ العرب بالكامل مرة أخرى، وبالأخص تاريخ فلسطين، فكانت فلسطين حالها مثل حال العرب قبل حرب 1948 من سيطرة عثمانية إلى احتلال بريطاني، لكن لسوء الحظ اختصتها انجلترا والولايات المتحدة لهحرة اليهود إليها وتقسيمها.
لن أتحدث عن الدول العربية في هذه الحرب وعن حالها، لكن سأكتفي بالحديث عن الفلسطينيين فقط.. بالتأكيد سيصبح حال الفلسطينيين كما حال العرب الآن إن استطاعت الجيوش العربية تحقيق الانتصار في الحرب وخاصة مصر والأردن.
#كانا مصر والأردن من أكبر الجيوش المتحاربة في حرب فلسطين، وكلا الجيشين أبدا ضعفهما الشديد تجاه الجيش الصهيوني، لدرجة أن الملك فاروق والقيادة السياسية في مصر لم تكن على علم بما ستفعله بعد انتهاء الانتداب البريطاني وتقسيم فلسطين، ولم يكن عندهم أي خطة واضحة..
بالإضافة الى تخبط آراء الساسة في مصر حول تدخل مصر عسكرياً أم لا وهنا بدأت حيرة الملك فاروق بين موافقة رأي القيادة السياسية في مصر وعلى رأسهم إسماعيل صدقي والنقراشي باشا أم الانضمام الى الجيوش العربية بتشجيع من المملكة العربية السعودية والعراق.
مما أدى إلى دخول الملك فاروق الحرب غير مستعداً وبمعدات فاسدة من مخلفات الحرب العالمية الثانية وتمت هزيمة الجيش المصري، حيث أدت هذه الهزيمة بعد ذلك الى تكون حركة الضباط الأحرار بقيادة جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر ويوسف صديق وغيرهم التي ثارت على الملك فاروق في 23 يوليو 1952 والغاء النظام الملكي بمصر، حيث لمس هؤلاء الضباط المشاركين في حرب فلسطين ضعف الملك فاروق وضعف حيلته والجيش المصري.
لكن ماذا لو كان الملك فاروق على حِنكة شديدة وقام بوضع خطط سرية بمساعدة قياداته السياسية لاختراق فلسطين بمساعدة الدول العربية والاستمرار في هزيمة الجيش الصهيوني وسيطرة الجيوش العربية على فلسطين الى ان يتم تحريرها من اليهود؟!
#أما من الجانب الأردني، وتواطؤ قياداته السياسية بقيادة الانجليزي غلوب باشا مع الجيش الصهيوني، بالتأكيد سكيون حال الحرب غير الحال ان لم يتواجد هذا التواطؤ وانسحاب القوات الأردنية ووقوف الملك عبد الله ملك الأردن آنذاك في وجه الانجليز.
كان توحد الجيش المصري والأردني من شأنه انقلاب موازين الحرب 180 درجة لصالح الجيوش العربية، وارغام انجلترا والولايات المتحدة والأمم المتحدة على جلاء اليهود من الأراضي الفلسطينية وقفا لحمام الدم تجاه اليهود، ولعادت فلسطين بكاملها للعرب.