كاتب سعودي: الملك سليمان ليس إخوانيا كما يزعمون
فلذلك تجد السعودي الإخواني سلفي في الشئون الفقهية، ولا يقبل أي مرونة فقهية، وبالذات في شئون المرأة وأمور اجتماعية أخرى، لدرجة أن إخوان الخارج يتعجبون من جمود إخوان السعودية ولكن لا استبعد تفهمهم لمواقف فروخهم وجيوبهم الزئبقية.
وفي الاتجاه الآخر تجده إخواني الهوى في الشأن السياسي والحركي! ويحاول إحراز النقاط والتكسب سياسيا من خلال استخدام الدين، فالدين كما هو ملاحظ أنه المحرك الرئيسي للمجتمعات المحافظة كالسعودية، ومن خلاله يتم إقناع الجماهير بالأجندة السياسية السرية والمخفية وراء الأقنعة الدعوية السرورية.
إمساك السعودية لخيوط التيارات لا يعني بالضرورة تبنيها لإحداها، وذلك ما لم يستوعبه أفراد الإخوان السعوديين الذين يعيشون حاليا أسوء مراحلهم الحزبية بعد أن أسقطوا أقنعتهم بأنفسهم أمام الجماهير خلال فترة الربيع العربي أو ما أفضل تسميته بالجحيم العربي.
من الواضح أن حزب الإخوان وصل إلى أدنى درجة مرحلية في مقرهم الرئيسي في جمهورية مصر العربية، التي كانت بين قوسين أو أدنى من الدخول تحت المظلة الإيرانية الثورية. فقد كانت مصر معرضة لخطر قومي ووجودي ومهدد لهويتها العربية والعقائدية بعد أن تلاقت “مصر المرشد” مع “إيران الفقيه” في الكثير من النقاط وبعد أن تم توقيع اتفاقيات اجتماعية وسياحية واقتصادية بين مصر وإيران وكلنا نعلم أن التفاهمات الإجتماعية الإيرانية هي في الأصل مذهبية التوجه وثورية الهوى.
هذا ما ثبت بعد أن تم إركاع مفاصل المناعة السيادية لدى مصر لأول مرة لإملاء إيران الفقيه في فترة حكم حزب الإخوان البائد. فإيران اعتبرت مصر المرشد أفضل حليف مرحلي لتصدير ثورتهم ومذهبهم السياسي المتمثل بعقيدة الولي الفقيه، والعمل على ذلك بهدوء كما تم مع السودان واليمن، حتى تم سحب البساط الشيرازي من تحت أقدامهم من قبل حزم الملك سلمان بن عبدالعزيز.
فحينما كان معظم أفراد الشعب المصري يتضور جوعا ومحروم من أبسط حقوقه وبمستوى أمية قارب الـ40 في المائة نجد حكومة مصر المرشد المتوشحة بلباس الديموقراطية المنسوجة بخيوط الثيوقراطية تغير هوية الدستور وتطوع نظام القضاء لمصلحتها، وتطعّم البرلمان بمن يتماشى مع توجهاتها ولو كانوا من الأحزاب الأخرى، ثم بعد كل هذه الخروق اللاديموقراطية نجدها تمد يدها اليمنى واليسرى وقلبها وعقلها لإيران الفقيه بكل صفاقة لاستفزاز معظم دول الخليج وفرض واقع جديد في الشرق الأوسط.
وبالإضافة لكل هذا لم تمر عدة أسابيع بعد دعم الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمصر بـ3 مليارات ريال حتى قامت حكومة مصر المرشد بتحريك جيوبها المتقنعة بالدعوة الإسلامية خصوصا في كل من السعودية والإمارات والأردن والكويت لتقوية عملائهم المتأخونين من الشق السياسي والعسكري والدعوي لاستخدامهم كأوراق سياسية مستقبلية.
الأمثلة على ذلك متعددة وأوضح من قرص الشمس في السماء الصافية ساعة الظهيرة. فكلنا سمعنا صراخ الحركيين في المنابر وهم ينادون بالخلافة وكلنا قرأنا تغريداتهم المسمومة ومقالاتهم وبياناتهم المنادية بتبني هذا الفكر الحركي، وكلنا أيضا شهدنا كيف أنهم حاولوا تقزيم أدوار أوطانهم وبعضهم وصل به الأمر لتكفير وطنه وولاة أمرة بنعتهم بالصهينة والخيانة والعمالة سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وبالإضافة لكل ذلك نجدهم يعيثوا ويغالوا في تعظيم أساطينهم القديمة، كسيد قطب وغيره ممن لم يتورعوا في التكفير الأعمى للأمة ورجالها وعلمائها، فقط لإبراز حزبهم الهش كالممثل الحقيقي والوحيد للإسلام.
باختصار، من المهم ذكر أنه من الملاحظ أن الكثير من السعوديين بدأوا استيعاب مخططات الإخوان أكثر من أي وقت مضى. فالشعب السعودي واع ولا يتسامح فيمن يستخدمه كوسيلة ضغط على قيادات وطنه، وهو حتما ليس ساذجا لدرجة أن يختزل الدين الإسلامي العظيم في حزب سياسي كالإخوان المسلمون كما يريد المنتمون لهذا الحزب تصديره بفكرة أن موقفك من الإخوان يحدد موقفك من الإسلام.
في الفترة الراهنة يجب التعويل على حجم الاستثمارات التعليمية في المواطن السعودي الذي أصبح واعيا بمن يستخدم الدين لأهداف حزبية ضيقة، والتعويل الأخر هو في الحراك الفكري السعودي المعتدل وفي وجود الرغبة لدى الشعب والقيادة لتحسين وتطوير الخطاب الديني والاجتماعي لتقوية لحمة وترابط هذا المجتمع الذي يأبى أن يتم اختطافه من قبل الأحزاب السياسية المتأسلمة.
وباختصار أشد، أرى أنه مخطئ من يعتقد، أن للإخوان عودة حقيقية إلى دائرة الثقة السياسية السعودية، حتى وإن ظهر ما يشبه عكس ذلك من خلال تعامل المملكة الاحتوائي مع ملفات خارجية وإقليمية كجماعة الإصلاح في اليمن أو حماس في غزة. قلب المملكة كبير ولكن رحمتها لا تعني نسيان المتسببين بالتهديدات الوجودية لكيانها في أي حال من الأحوال، وعلى ذلك أراهن!