غير مصنف

أسباب التخلف الذي أصاب العالم العربي في العهد العثماني

 

كثيراً ما يتهم العرب الأتراك بأن أجدادهم العثمانيون هم السبب الرئسيي في التخلف الذي كانت عليه العواصم العربية إبان حكمهم، باستثناء القاهرة في عهد محمد علي.

ومن جانبهم يرفض الأتراك هذه الإتهامات جملة وتفصيلاً بإدعائهم أنهم أصحاب فضل على الحضارة العربية، وأن الحضارة العربية انتهت بنهاية حكم العباسيين.

ورداً على إتهاماتالركود والتدهور والتراجع والتخلف الذي أصاب العواصم العربية في العهد العثماني (النمو الحضري)
يقول المؤرخ أندريه ريمون :”تميز إنشاء الإمبراطورية العثمانية بنمو شبه عام في جميع مدن العالم العربي الكبرى، من الصحيح أن بعض هذه المدن توقفت عن كونها عواصم دول وانتقص من قدرها لتصبح مجرد مدن رئيسة في ولايات، الأمر الذي قد يتسبب في تدهورها، ولكن العوامل العامة السابق ذكرها (تنوع السكان، الحج، النمو الاقتصادي، عودة الأمن) عوضت هذا الجانب السلبي الذي لم يؤد دوراً حقيقياً إلا بالنسبة للقاهرة، إن تونس والجزائر مثلاً سرعان ما عادتا لتصبحا من جديد عاصمتين لدولتين شبه مستقلتين، أما بالنسبة لدمشق وحلب والموصل وبغداد فقد بقيت جميعها عواصم لولايات وهو الأمر الذي كان قائماً من قبل الفتح العثماني” المدن العربية الكبرى في العصر العثماني، دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع، القاهرة، 1991، ص 44.
والخلاصة إن أي تراجع لم يحدث في مكانة المدن العربية إلا في المكانة السياسية للقاهرة وهو ما تم تعويضه بعوامل الازدهار التي جاء بها الانضمام إلى دولة جديدة واسعة ومتنوعة وآمنة أصبحت فيها القاهرة المدينة التي تلي عاصمة الدولة مباشرة، ومصر هي الولاية الأولى في الدولة والتشريفات السلطانية، مقدمة على أوروبا العثمانية التي احتلت المكانة الأولى فيما سبق، ومقدمة حتى على الأناضول نفسه، وقد استمر النمو الحضري حتى آخر أيام الخلافة حين سمعنا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر عن نشوء مدن جديدة كالناصرية والعمارة في جنوب العراق لأجل توطين العشائر البدوية التي كانت أمثالها تعاني الإبادة في نفس الفترة في الولايات المتحدة، وعن نشوء مدينة بئر السبع في فلسطين في وقت متأخر جداً (1900) رغم ضعف الدولة وإفلاس الخزينة وذلك لغرض مزدوج هو توطين العشائر البدوية والتصدي للتمدد الاستعماري البريطاني الذي يحتل مصر، وعمرت كثير من المواقع الفلسطينية لمواجهة الأطماع الصهيونية والغربية، هذا بالإضافة إلى انتعاش المدن العربية على طول خط الحجاز كما سبق ذكره، والانتعاش الذي كان ينتظر الحواضر العربية كالكويت الواقعة على خط بغداد لولا التآمر الاستعماري البريطاني.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...