بعد هجمات ألمانيا وفرنسا.. أمن أوروبا أصابه العجز
أمن القارة العجوز أصابه العجز أيضا، هذا ما يمكن أن نصف به الحالة المتردية التي وصلت لها الأجهزة الامنية في أوروبا، فالقارة التي كانت تعرف بقوة أجهزتها الأمنية أصبحت الآن هشة للغياة ولا تقوى على مواجهة التنظيمات الإ{هابية المتطرفة التي نفذت سلسلة كبيرة من الهجمات في بريطانيا وفرنسا بدء من مجزرة "ارلي إبدو" وستاد فرنسا وهجوم مدينة نيس، وحادث "الفأس" في ألمانيا وأخيرا قتل مراهق لـ9 مدنيين في مدينة ميونخ.
قال اللواء محمود زاهر الخبير الأمنى، إن "التهديد الإرهابى يتطور بسرعة كبيرة، والذى كان آخره فى باريس وبروكسيل، وعلينا أن نتوقع أى شىء فى الأيام المقبلة".
وأوضح زاهر، أن تنظيم داعش يتصرف فى أوروبا فى 3 خطوات "هجمات متطورة مثل باريس وبروكسيل، بقيادة مباشرة من قبل قيادتها فى سوريا، أو من خلال خلايا محلية يتم تفعلا من إرهابيين أوروبيين تدربوا فى سوريا أو العراق، أو جهات فاعلة منفردة، مؤكدا أن الدول الأوروبية تشارك بالفعل فى الكثير من المعلومات لمكافحة الإرهاب.
وأشار الخبير الأمنى، إلى أن هجمات باريس، كشفت أن تنظيم داعش حسن قدرته فى تنفيذ عمليات إرهابية، وأصبح الأمر يحمل مخاطر عالية على الدول الأوروبية، مؤكدا أن هجمات داعش أصبحت متطورة للغاية ومدبرة بشكل جيد، كما أنه لديه القدرة على تنفيذ هذه العمليات بشكل دقيق.
الإعلام الأمريكي يسخر
الكاتب ديفد إغناشيوس قال في مقال له بواشنطن بوست إن هذه الأحداث أظهرت عجزا "مريعا" في نهج أوروبا تجاه أمنها، ووصف التهديد الأمني الذي تواجهه حاليا بأنه غير مسبوق في تاريخها الحديث، في وقت تعاني فيه أزمات تتعلق بالعملة الموحّدة واللاجئين والسيطرة على حدودها البينية ومع الدول المجاورة لها.
وذكر أن الاتحاد الأوروبي يجب عليه إعادة إنشاء نظامه الأمني من أجل تسهيل تبادل المعلومات ومراقبة الحدود وحماية مواطنيه. وقال إن موجة "الجهاديين" العائدين إلى أوروبا مذهلة إذ تقدر الاستخبارات الأميركية في تقاريرها أن أكثر من 38 ألف مقاتل أجنبي سافروا إلى العراق وسوريا منذ 2012، منهم خمسة آلاف على الأقل من أوروبا وحدها.
أكثر خطرا
وقال إن من مظاهر الفشل الأمني الأوروبي أن بلجيكا التي تضم أكبر عدد من "الجهاديين" بالنسبة لتعداد سكانها، سمحت ببقاء حي مولنبيك ملاذا لهم حتى أصبح أكثر خطرا عليها من مناطقهم في سوريا والعراق وليبيا.
"ديفد إغناشيوس:من مظاهر الفشل الأمني الأوروبي أن بلجيكا التي تضم أكبر عدد من "الجهاديين" بالنسبة لتعداد سكانها سمحت ببقاء حي مولنبيك ملاذا لهم حتى أصبح أكثر خطرا عليها من مناطقهم في سوريا والعراق وليبيا"
وذكر أيضا أن أوروبا تطلب من أميركا المزيد من مخرجات الاستخبارات، لكنها لا تنفذ ما يتوجب عليها من جمع المعلومات، وأن الطرفين يعملان في بعض الأحيان وكأنهما فريقان مختلفان.
وأشار إغناشيوس أيضا إلى أن الأساليب الأمنية التي كانت تعامل بها أوروبا تنظيم القاعدة لا تفيد في التعامل مع تنظيم الدولة، وأن الأخير يتطلب المزيد من الجهد والذكاء البشري والجواسيس على الأرض.
النزعة الانعزالية
ونشرت الصحيفة نفسها تقريرا من لندن عن تنامي النزعة الانعزالية لدى الدول الغربية، أورد أن حزب الاستقلال البريطاني المناهض للوحدة الأوروبية أعلن أن حدود أوروبا المفتوحة "تهديد لأمن بريطانيا"، رغم أن المملكة المتحدة ليست عضوا في معاهدة شنغن للحدود الأوروبية، وأن كاتب عمود بصحيفة ديلي تلغراف البريطانية وصف بروكسل بأنها "عاصمة أوروبا الجهادية" وسخر من الداعين للبقاء بالاتحاد الأوروبي من أجل أمن بريطانيا.
وقال التقرير إن السبيل الوحيد لهزيمة "الإرهاب" هو الإبقاء على التحالفات العسكرية والاقتصادية والسياسية القائمة والكف عن الترويج للانعزال.
ثغرات كبيرة
ونشرت نيويورك تايمز مقالا عن عدم جاهزية الأجهزة المعنية بالأمن لأداء مهامها على الوجه الأكمل، وقالت إنه ورغم ما تبذله السلطات البلجيكية عقب هجمات شارلي إيبدو بفرنسا العام الماضي، فإن هناك ثغرات كبيرة مثل عدم سد النقص الكبير في قوات الشرطة بحي مولنبيك وفي أجهزة إعمال القانون بجميع أنحاء البلاد وكسر الحواجز البيروقراطية بين مختلف أجهزة الاستخبارات.
وأضافت الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي بأكمله بحاجة إلى تحسين أمنه. وقالت إن منسق الاتحاد لمكافحة "الإرهاب" أعلن أن هناك العديد من دول الاتحاد لا ترتبط إلكترونيا بالشرطة الدولية (إنتربول) في جميع معابرها الحدودية، وأن تبادل المعلومات غير كاف، وعلى سبيل المثال تظهر سجلات الاتحاد 2786 مقاتلا من أوروبا في صفوف تنظيم الدولة، بينما تقول التقديرات شبه المؤكدة إن أكثر من خمسة آلاف من مواطني أوروبا انضموا للتنظيم بسوريا والعراق "وأسوأ من ذلك أن أكثر من 90% من التقارير عن المقاتلين المذكورين وردت من خمس دول أعضاء فقط".