قصة «جزيرة يوم القيامة»: اختفت آخر شجرة وانقرضت جميع الحيوانات
تعتبر جزيرة القيامة أو جزيرة عيد الفصح Easter Island، من أكثر الجزر عزلة في العالم، وهي جزيرة ثلاثية الشكل وتقع في جنوب المحيط الهادي وتبعد عن تشيلي غربًا مسافة 3600 كم، وتعود ملكيتها لها.
أطلق عليها الأميرال الهولندي جيكب روجيفين، في عام 1722، اسم جزيرة «القيامة» حيث وصل إليها في «يوم القيامة» أو ما يعرف بـ«يوم عيد القيامة»، وفي عام 1866 وصلت إليها المسيحية، وفي عام 1996 أعلنت جزيرة القيامة كموقع أثري عالمي من قبل منظمة اليونسكو، بحسب ما نشره موقع «اليونيسكو».
تبلغ مساحة جزيرة القيامة 163.6 كيلومتر مربع، وعدد سكانها في عام 2002 بلغ 3791 نسمة، وغالبيتهم يقطنون في العاصمة هانغاروا.
ما تتميز به جزيرة القيامة، التماثيل الغريبة التي تحيط بها، وهي تماثيل صخرية عملاقة، متقنة الصنع، ويعود تاريخ تلك التماثيل الحجرية الضخمة إلى زمان بعيد، حيث قدم إلى الجزيرة عدد من البحارة، وتتعدد الروايات حول أصل هؤلاء البحارة، فهناك من يعتقد أنهم من البيرو في أمريكا الجنوبية، وهناك من يعتقد أنهم بحارة قدموا إلى جزيرة القيامة من بولينيسيا شرق أستراليا، بحسب موقع «history».
ما حير علماء الآثار، هو كيفية نحت تلك التماثيل في الصخور؟ وكيف تم نقلها وتوزيعها في شتى أنحاء الجزيرة؟ وما الهدف منها؟ فبعض تلك التماثيل يصل وزنها إلى أكثر من 200 طن بارتفاع يتجاوز 21 مترا، إلا أن في عام 1914، زار الجزيرة فريق بحث بريطاني، ثم تبعه فريق بحث فرنسي عام 1934، وأظهرت نتائج الأبحاث أن الجزيرة كانت مأهولة بالسكان من شعب غير محدد من العصر الحجري الأخير، أى منذ حوالي 4500 عام قبل الميلاد، وأنهم قاموا في القرن الأول الميلادي بصنع التماثيل الصغيرة التي في حجم الإنسان، ثم بعد ذلك بقرون أمكنهم صنع هذه التماثيل الضخمة.
ويدل التاريخ أن كارثة رهيبة أصابت الجزيرة عام 1680، فتوقف العمل في التماثيل فجأة ورحل الجميع عن الجزيرة أو اختفوا تمامًا، ثم جاء بعدهم شعوب أخرى من جزر «ماركيز» الفرنسية، والتي على بعد 5 آلاف كيلومتر ليستقروا في الشمال الغربي من جزيرة القيامة، وهم الآن سكانها الحاليين ويطلقون على تلك التماثيل اسم «مواي».
مع بداية اكتشاف الجزيرة في العصر الحديث، لم يكن معروفًا السرعة التي تدمرت بها الجزيرة، ولكن يبدو أن السبب كان عاملاً بيئيًا، حيث وجد العلماء أنه تم تقطيع الملايين من أشجار النخيل في الجزيرة، ويعتقدون أن ذلك كان بغرض الحصول على الأخشاب للحرائق، أو أن انتشار الفئران أدى لقيامهم بأكل بذور الأشجار مما شجع على تدميرها.
وفي عام 1955، قام العالم النرويجي ثيور هايردول، بأول دراسة جادة لآثار الجزيرة، وأشار إلى أن في البداية كان سكانها يعيشون سعداء وفي رغدٍ من العيش، فقد كان عددهم قليلاً وكانت الجزيرة مغطاة بالغابات وتضم أعدادًا كبيرة من الطيور وحيوانات الصيد.
يضيف العالم النرويجي، أنه بعد 600 عام من التناسل ارتفع عدد السكان بشكل كبير، وشحت موارد الجزيرة بشكل خطير، فقلع الأشجار كان يتم بلا حساب، واصطياد الحيوانات فاق قدرتها على التعويض والاستمرار، وبحلول عام 1400م اختفت آخر شجرة على الجزيرة، وبحلول عام 1450م انقرضت جميع الحيوانات والطيور، وفي عام 1500م اختفت الزواحف وانجرفت التربة ولم يبق للناس غير صيد السمك.
وفي كل الأحوال، أدى فقدان الأشجار إلى تعرية التربة البركانية، وعندما وصل الأوروبيون للجزيرة في عام 1722 وجدوا أن معظم أراضي الجزيرة جرداء، وعدد سكانها قليل للغاية.