غير مصنف

بالفيديو| فندق “صوفر الكبير” بلبنان.. التاريخ “نزيل” غرفه

يكاد لا تخلو مخيلة السائح العربي، الذي كان حريصاً على زيارة لبنان، لا سيما في أربعينات القرن الماضي وحتى السبعينات، من فندق "صوفر الكبير"، شرقي العاصمة بيروت.

 

فالفندق، الذي يحمل اسم المنطقة، التي شيد بها (صوفر)، كان أحد معالم العاصمة، قصده الملوك والرؤساء، واستضاف الاجتماعات التي مهدت لقيام جامعة الدول العربية عام 1945، كما غنى على مسرحه أشهر المطربين العرب، وبينهم كوكب الشرق أم كلثوم.

 

ورغم أن الفندق تحول إلى عقار مهجور، لم يبق منه اليوم سوى شكله الخارجي، غير أن التاريخ يبقى "نزيل" حجراته، التي تحتضن الكثير من القصص والأسرار.

 

وينتظر الفندق، الذي توارثته عائلة مؤسسه إبراهيم سرسق، فرصة لاسترداد أمجاده التي عاش فيها ردحاً من الزمن.

 

بدأت ورشة إعمار فندق "صوفر الكبير" في عهد الخلافة العثمانية للبنان وسوريا، وتحديداً في العام 1885 ليكون من بين أوائل وأقدم الفنادق في لبنان والدول العربية.

 

شيده إبراهيم سرسق، ابن العائلة المرموقة والإقطاعية، والذي ربطته علاقات صداقة متينة مع رجال الدولة العثمانية وكذلك الدولة الفرنسية، فاختار تصميم فندقه على الطراز الإيطالي.

 

فاستقدم بغية ذلك مهندسين من إيطاليا إلى جانب مهندسين لبنانيين، كذلك استورد الرخام الإيطالي الفاخر في ورشة البناء.

 

فعلى مساحة شاسعة تم بناء الفندق، الذي تحيط به حديقة واسعة للغاية، وقبالته يقع وادي "لامارتين" الخلاب والذي ورد اسمه في كتابات الأدباء الفرنسيين.

 

احتوى الفندق على خمسة طوابق فارهة مع تخصيص الطابق الأخير للغرف الملكية، أما الطوابق الأربعة الأخرى فقد ضمّت حوالي 100 غرفة بمساحات متنوعة، يميزّها المحفورات في أسقفتها وجدرانها كذلك المنحوتات والتماثيل التي تزيّن بهو الفندق وأبهية الغرف.

 

عاش "صوفر الكبير"، الذي يقع في وسط جبل لبنان في قضاء عاليه (من أهم المصايف) شرقي مدينة بيروت، المرحلة الذهبية في حقبة الأربعينات إذ كان أول فندق وأفخمها في لبنان ويأتي بعده مباشرة فندق "القاصوف" في بلدة ضهور شوير بالعاصمة.

قصده مشاهير من العرب والأجانب وشهدت مسارحه الفارهة أهم حفلات أم كلثوم، أسمهان، محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، فيروز كذلك الفنانة صباح، خلال خمسينات وستينات القرن الماضي.

 

ويقول عضو بلدية "صوفر" والمؤرخ هشام شيا، في حديث للأناضول، إن الدخول إلى هذا الفندق كان ممنوعاً إلا بالملابس الرسمية، وشغله أشهر السياسيين اللبنانيين، وبينهم الرؤساء السابقين إميل إده، بشارة الخوري، فيليب تقلا، كميل شمعون، وبهيج تقي الدين وغيرهم.

 

كما نزل فيه كذلك العاهل الأردني الراحل الملك حسين، والعديد من الأمراء والفنانين العرب، وذلك منذ أربعينات القرن القرن الماضي وحتى السبعينات، وقبلهم حل فيه ضيفا الزعيم المصري سعد زغلول، خلال عشرينات القرن الماضي.

 

ويضيف أن رغم كل تلك السنوات، لكن يبقى هذا الفندق، صامداً بواجهته الخارجية الرائعة، فناً وتراثاً ومنمنات وعظمة بناء، تقارب ما هو قائم في العواصـم الأوروبية العريقة، وشبه المهدمة من الجهة الخلفية.

 

وعن الجوانب التاريخية للفندق، يوضح أنه شهد حدثاً عربياً مهماً، ربما يفوق في أهميته القمة العربية التي انعقدت في بيروت (2002)، فاستضاف الاجتماع العربي الذي انبثقت عنه اللجنة العربية العسكرية المشتركة العام 1944، والتي شكلت النواة أو المقدمة الموضوعية لقيام "جامعة الدول العربية" في العام التالي، بحسب شيّا.

 

ويشير إلى أنه لو قدر لجدران الفندق وبقايا الأعمدة الشاخصة، رغم سنوات الحرب والإهمال أن تنطق، لجادت بتفاصيل ومعلومات، عما دار في أروقته من أحاديث، ليس في الاجتماع الذي شهد ولادة اللجنة العربية المشتركة وحسب، وإنما في اللقاءات الكثيرة التي جمعت الرؤساء والملوك العرب على مدى خمسين عاماً.

 

ويوضح أن "فندق صوفر الكبير"، كان واحداً من الأماكن القليلة في العالم العربي، المجهزة لاستضافة المؤتمرات ولقاءات القمة على المستويين العربي والدولي.

 

وبحسب بعض المصادر التاريخية فإن "أوتيل صوفر الكبير"، هي تسمية لسلسلة فنادق حول العالم من مصر إلى اليابان، شيدها كذلك سرسق وعائلته، وهي موثقة بكتب التاريخ اللبناني والتي تضم معلومات وصوراً، حول هذه الفنادق التي اشتهرت في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...